أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هفال عارف برواري - فلسفة الأُضحية والقربان في القرآن















المزيد.....

فلسفة الأُضحية والقربان في القرآن


هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)


الحوار المتمدن-العدد: 6966 - 2021 / 7 / 22 - 20:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جاءت فلسفة الأضحية والقربان في الاسلام :
▪لتصويب التاريخ البشري في الأضحية
▪ولها بعد إلهي تحرري
▪مع التركيز على البعد الاجتماعي

1- البعد التاريخي
تتعلق بالتاريخي البشري منذ القدم والذين كان لهم معتقدات منحرفة متعلقة بحياتهم فكانوا يقدمون القرابين لنزول المطر من اجل زراعتهم أو تكفيراً لخطاياهم أو لإرضاء آلهتهم ومخافة من غضب الالهة عليهم أو كانت تقدم الذبائح لأرواحِ الموتى حتى تتّقي شرّها!!
وكان هذا متواجداً في أغلب الشعوب والقبائل من الشرق الى الغرب وصولاً الى اوروبا وامريكا اللاتينية واستراليا ووووو و
أو كانوا يقدمون قرابين بشرية كما كان يفعل القدماء كالسومريين و المصريين الذين كانوا يقدمون قرابين بشرية لكي يفيض النيل أو لتجنب الفيضانات!
وكانت إراقة الدم الحيواني على العموم يرمز لعنصر الحياة وللاستمرارية في الحياة ....

2- البعد الديني بينه القرآن في بدايات الديانات التوحيدية في قصة ولدي آدم
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}
ثم تم تحريف شعيرة القرابين في الديانة التوراتية التوحيدية واقتربت من الوثنية وأعتمدت القرابين على
مبدأ التكفير عن الخطايا والذنوب، وعلى طلب العون من الرب، فلم يختلف مضمون الذبيحة عندها عن مضمون الأضحية والقرابين لدى الأديان الوثنية والبدائية
أما في الديانة المسيحية فكانت فكرة الذبيحة تجسَّدت في المسيح المصلوب، فالتكفير عن الذنوب والخطايا والتقرّب من الرب وطلب الغُفران، لا يتأتّى من خلالِ تقديم أضحية حيوانية، وإنما هي مُجَسَّدة في يسوع الذي يَفْتَدي أتباعه بدمه، ويتحمَّل عنهم خطاياهم...
وهم يحتفلون بمناسبة تقديس القربان المتمثل بالعشاء الأخير في حياة المسيح قبل صلبه، حين كسر الخبز وغمسه بالخمر حسب معتقدهم وطلب من تلاميذه تكرار الفعل ذاته باعتبار الخبز والخمر جسد ودم المخلّص!

3-جاء الاسلام بفلسفة القربان والأُضحية
لتصحيح البعد التاريخي والديني
فالقرآن مزج بين الارض والسماء وبين الروح والمادة وبين الدنيا والآخرة في إحياء شعيرة القربان والأُضحية
وكل العبادات الاسلامية تدور حول هذه الركيزتين أي أن الشعائر الاسلامية تراعي الفطرة البشرية!
ففلسفة القربان والأضحية في الاسلام جاء لتصويب فكرة التاريخ البشري والديني التوحيدي عن مراد الله من القربان

أولاً / البعد الإلهي الروحي التحرري

فنظرة الاسلام الى الحياة الدنيا ترتكز على أنها دار أختبار وأبتلاء وأمتحان
فالاموال والاولاد فتنة في أصلها يتشبث بها الانسان إن لم يتم ضبطهما و الانسان بطبعه سينحرف عن مساراته السليمة وسيستعبد غيره في سبيل النفس والمال والاولاد والذرية !!
ولكي يتحرر الانسان من كل هذه القيود ويكون عبداً لله وحده فقد أبتلى رمز البشرية والانسانية المتمثل بالانبياء بالتجرد والتحرر الكامل من كل قيود التشبث بالنفس والاولاد والأموال
وقد جعل الله كلا من (إبراهيم وولده إسماعيل) عليهما السلام نموذجاً للتجرد لله يوضح اختبار الله للبشريّة.....
وهذه الآيات من سورة الصافات تبين ذلك الجوهر الذي تتجلى فيه ألوهية الله مستعلية على كل شيء من قصة ذبح إبراهيم لولده اسماعيل في الرؤية التي رآها ( لاحظ هو رأى مناماً ولم يوحى إليه من قبل جبريل !)فاقدم على تنفيذ أمر الله مقاوماً نفسه صابراً على البلاء، وقد بيّن القرآن هذه القصة الخالدة

{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ *وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ }

إن الله تعالى قد كرّم الإنسان على سائر مخلوقاته فما كان الذبح إلا اختبار وابتلاء، والله قد فدى إسماعيل بذبح عظيم لتكون تلك السنة ماضيّة وتؤدي هذه النسك لله وحده وعلى الناس أن يذبحوا ضحاياهم وهم مستحضرون لهذا البعد الإلهي الفريد بعد التحرر من كل شهوة تتعلق بها النفس والتطهر والتقوى لله، فليس لله غرض في نيل لحومها ولا دمائها لكنه يريد منا تقواه وذلك لا يضره إن لم يحدث بل ينفعنا نحن ، كما قال الله
{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }سورة الحج

وكما قلنا سابقاً إن منسك المؤمن ينبغي أن يكون لله خالصاً كما تكون الحياة كلها موجهة إليه ماضية لرضوانه
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }سورة الأنعام
فالقرآن قام بتصويب الفلسفة التاريخية للقرابين وفلسفة التوجيه والغاية والتركيز على فلسفة التوحيد المجرد من كل المتشبثات الدنيوية
والغاية أيضاً من الاُضحية والهدف هو أن يجتاز المسلمون مراحل التقوى ليبلغوا الكمال ويتقرّبوا إلى الله(تعالى)
كالإيثار والتضحية والسماح والاستعداد للجهاد والشهادة في سبيل الله

ثانياً / البعد الأجتماعي الأرضي
فالأضحية بما لها من نسك لله وتجرد
لكن فيها أيضاً بعد آخر يتمثل في حاجة الفقراء والمساكين وإطعامهم منها
كما بيّنه القرآن {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} سورة الحج
وهنا تمتزج عبادة الروح مع حاجة المجتمع، فليس الإسلام دين مجرد عن مجتمع البشر ومشكلاتهم بل قرن الله بطاعته والتصدق على الفقراء اختباراً وأمتحاناً أيضاً للنعم وابتلاءً في الرخاء!

ففلسفة الأضحية هي في ذاتها امتزاج بين حاجة الإنسان الروحيّة وحاجته الماديّة ففيها
1-إطعام
2-وفيها تطهير للنفس من الشح
3-وفيها توجه روحيّ لله عبر استحضار القربان لله وعبر استحضار قصة إبراهيم وابتلائه العظيم بذح ابنه إسماعيل
وعليه فالأضحية تمثل البعد الممتزج بين عالمي الأرض والسماء وحاجة المجتمع والفرد
وأما الغاية من الأضحية فهي الغاية من كل عمل عبادي وهي التقوى
{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ..}
فالله هو الغني وهو ليس بحاجة إلى لحوم الأضاحي،ولا بحاجة إلى أي شيء، بل إنه هو الذي أوجد كل وجود......



#هفال_عارف_برواري (هاشتاغ)       Havalberwari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضل10 ذي الحجة هي في الحقيقة13يوم وليلة
- الشيخ_سعيدالنورسي_الكردي ,,, الملقب ب (بديع الزمان )[1877-19 ...
- المناضل الكوردي الشجاع الفدائي الشهم ( سمكو شكاك )
- التدرج سنة قرآنية دون نسخ الآيات ( الصيام - الخمر ) نموذجاً
- مشروع_إخصاءالشعوب
- لماذا لم يذكر أسم فرعون والانبياء على النقوش والمخطوطات الأث ...
- هل يريدون تغييرالنظام الاقتصادالعالمي بمبرر فايروس الكورونا
- مدينة حلبجة ،، مأساةالعصر
- الوحدانية لله أم للحكام!
- حجاب المرأة
- إشكالية الحركات الإسلامية
- سقوط ترامب وظهور الترامبينزم !
- إطلالة على البلدان والأمم قبل البعثة النبوية في القرن السادس ...
- فكر مالك بن نبي الذي مازال حبيس رفوف المكتبات!
- مصطفى العقاد وصلاح الدين الأيوبي!
- الملاذات الآمنة لتهريب أموال الدولة! (سويسرى نموذجاً)
- من المستفيد من تدمير التراث في الشرق ....من وراءه؟
- هل ما قام به المسلمون في التوسع هو إستعمار !
- أبو بكرالصديق القائد الضرورة
- نحو تقدم تكنلوجي لا حدود له ودون منظومة عالمية تضبطه !!


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هفال عارف برواري - فلسفة الأُضحية والقربان في القرآن