أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن مدن - طبائع الإستهلاك














المزيد.....

طبائع الإستهلاك


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7230 - 2022 / 4 / 26 - 13:48
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مضى الزمن الذي كنا نستهلك فيه السلع تلبيةً لاحتياجات معينة كالأكل والشرب والملبس والزينة. نحن اليوم لا نستهلك السلع كسلع وإنما نستهلكها كماركات مسجلة، فحين نعطش، مثلاً، نُقبل على شراب معين بعينه لا بوصفه مشروباً لذيذاً فحسب، وإنما لقناعة تسربت إلى نفوسنا واستوطنتها بأن هذا المشروب، كونه ماركة معروفة يروي الظمأ أكثر ما يفعل الماء العذب الزلال.

وحين نستخدم نوعاً معيناً من الصابون ونحن نستحم، فإننا لا نستخدمه بوصفه صابوناً فقط، وإنما لانطباعٍ تشكل لدينا بأنه يجعل ملمس الجسد بعد الحمام ناعماً وعطراً أكثر مما يفعله صابون آخر لا يحظى بنفس الشهرة، أو أنه لا يحمل اسماً، فقد يكون محض صناعة منزلية بسيطة نتيجة خلطة للمواد التي منها يتكون الصابون.

وما يقال عن الصابون ينطبق على ماركة بعينها من «الشامبو» تجعل الشعر كالحرير، أو على تلك الماركة من المعجون التي تجعل الأسنان ناصعة البياض تفوح منها رائحة النعناع، أو على هاته الفرشاة بالذات دون سواها لأنها تتوغل في ثنايا الأسنان واللثة، وتنتزع منها بقية الطعام كما لا تفعل أنواع الفرشات الأخرى.

يصح الأمر كذلك على طراز من السيارات نتوهم أنها دون سواها، من يقتحم البراري الشاسعة ذات الكثبان الرملية ومراعي الغزلان، وقس على هذا في جميع أدوات التجهيز المنزلي وأجهزة التلفزة والفيديو والثلاجات، وأنواع الهواتف النقالة.

ظاهراً، توفر المجتمعات الحديثة حرية الاختيار، فهناك وفرة غير مسبوقة في السلع وتنوع كبير فيها، غير مسبوق أيضاً، يوسع من خيارات المستهلك، لكن يمكن نفي هذه الحرية حين تفلح إحدى السلع في إقناع المستهلكين بأنها الأصلح والأجدى والأكثر فاعلية، ما يؤدي إلى نفي السلع المشابهة أو تهميشها، لأنها تخلق انطباعاً لدى المستهلك بأنها الأجدر باهتمامه حتى لو كان سعرها أعلى، وفق قناعة سائدة بأن الجودة تفرض ثمناً أعلى، فالمواصفات التي يفلح منتجو ومروجو هذه السلعة في إقناع المستهلك بوجودها فيها لا تتوفر في السلع الأخرى، سواء كان ذلك صحيحاً أم أنه مجرد إيحاء.
ووجد أحد الباحثين في سلاسل المفاتيح التي لا تباع وإنما تُهدى للمشتري والتي تحمل شعار ماركة مسجلة ما مظهراً من مظاهر هذا النجاح في تماهي المستهلك مع السلعة التي استحوذت على رضاه.

في النتيجة هناك واقع جديد يتشك ولا ينحصر في منطقة بعينها أو قارة لوحدها، إنما يعم العالم كله، يشكل طبائع جديدة للاستهلاك لم تعهدها الأجيال السابقة التي ألفت الندرة في السلع، وكان عليها أن تجترح شتى الطرق للتغلب على تلك الندرة وتدبر أمور العيش، ويأتي هذا في سياق ما اصطلح الباحثون التقدّميون على وسفه ب"نمط الحياة الإستهلاكي" الذي عملت وتعمل الرأسمالية على تعميمه، من أجل تعظيم أرباحها، وإغراق الناس في التفاهة والمظهرية، وإبعادهم عن الحقيقي والجوهري في معنى الحياة ومغزاها الإنساني.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطيب صالح كاتباً للمقال
- في صورة المدينة الخليجيّة
- أدبنا في اللغات الأخرى
- النساء هنّ من قررن
- العدالة الاجتماعيّة وشروطها
- التقدّم أم التوحش
- زوجة طه حسين
- الفرق بين الحشود والجماعات
- ما بعد العولمة
- خصوصيّات الأمم
- عالم جنّ جنونه
- خالد الشيخ
- كسر التحيّز
- احمد الخطيب
- -سويفت- وخلافه
- لغة المستعمر.. غنيمة أم منفى؟
- صينيون وعرب
- الاستبداد كما رآه عبدالرحمن الكواكبي
- -فوبيا- التكنولوجيا
- البانوراما والتفاصيل


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن مدن - طبائع الإستهلاك