أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد محمد الزنتاني - إجماع دولة السويدان















المزيد.....

إجماع دولة السويدان


خالد محمد الزنتاني
كاتب

(Khaled M. Zentani)


الحوار المتمدن-العدد: 7219 - 2022 / 4 / 15 - 11:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت أظن أن سلسلة طارق السويدان (الدولة التي أحلُم بها) ستجيب عن أسئلة مهمة حول مفهوم الدولة الإسلامية التي يدعو إليها وبالتالي سنستفيد منها في تحريك عربة فكر جماعات الإسلام السياسي المعطلة منذ أكثر من نصف قرن لتدشين حقبة من الواقعية السياسية تشتبك مع العصر وتنخرط في تفاعل حضاري بشكل أكثر صراحة ودينامية.


لكن خيبة الأمل تكشف لنا كل مرة أننا أمام واقع لا يمكن تجاوزه، واقع يستمر فيه اللعب على المصطلحات ويظهر إهتمام هذه الجماعات بالشكليات والإنتصار للمفردات اللغوية أكثر من التركيز على لب المشروع الحقيقي وهو صياغة وعي إسلامي يتخطى فكرة الوكالة الحصرية للدين ويقدم مشروع حكم بشري يتصالح مع المفاهيم السياسية الحديثة للديمقراطية وتداول الحكم دون إقحام التجربة الإسلامية الأولى وشخوصها بإعتبارها حالة إستثنائية لا يمكن تكرارها أو العودة إليها


عندما يتكلم طارق السويدان المعروف بقربه من تنظيم الإخوان فهو لا يعبر فقط عن وجهة نظر شخصية وإنما يقدم حصيلة لما تم بلورته والإتفاق عليه داخل سراديب هذا التنظيم، وأعتبره شخصيا أحد الذين يُوكل اليهم طرح مايعتقدونه مبادرات ومراجعات عقائدية بسبب ما يحوز عليه من إعجاب وتأثير على عقول الشباب العربي.


يُعرٌف السويدان الدولة الإسلامية التي يحلم بها بأنها "دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية!!" ويتابع : (هي الدولة التي يحكمها الناس، ويختار حكامها الشعب، وتدار بالفكر البشري، لكن هناك جزء هو الذي يجعلها إسلامية هذا الجزء هو إحترامها للإجماع ! لكنها في نفس الوقت لا تجبر الناس على دين ! ولا على فكر! في ظل إحترام الإسلام لحرية العقيدة) !
إنتهى الإقتباس ..

أولا :

بغض النظر عما تحمله كلمة (إجماع) في سياق الحديث إلا أنها كلمة فضفاضة لا تشترط التقيد بأي عدد أو تفرض مواصفات معينة يمكن على أساسها تفريق الثوابت المُجمع عليها من غيرها، لكن يظل هناك سؤال أهم يفرض نفسه : أي نوع من الإجماع يقصده السويدان لبناء الدولة الإسلامية الحديثة؟ هل نبنيها على إجماع السُنة أم إجماع الشيعة؟ وإذا إخترنا إجماع السُنة بإعتبارنا مسلمين سُنة فهل يعني هذا إجماع الأشاعرة ام إجماع الماتردية؟ إجماع السلفية ام إجماع المرجئة؟ إجماع المعتزلة ام الجهمية؟ إجماع الإخوان ام الصوفية؟ ومع أن البعض قد يقلل من أهمية بعض هذه الطوائف في الوقت الحاضر فنحن نمتلك من التجارب التاريخية مايكفي للتأكيد على أن وحدة الإجماع عند دولة الصحابة الأولى رضي الله عنهم لم يمنعها من الإنجراف وراء صراع دموي على السلطة رفعت فيه المصاحف على أسن الرماح نسميه حتى اليوم بالفتنة الكبرى! حدث هذا وجماعة المسلمين لديهم مرجعية واحدة ولم تظهر بعد الطوائف والمذاهب والفرق والمصالح السياسية فمنذ أول حادثة إنتقال للسلطة في التاريخ الإسلامي إنقسمت جماعة المسلمين ذات الإجماع الواحد إلى دولتين واحدة في الشام وأخرى في المدينة ومن يومها كل تجارب نقل السلطة في عالمنا الإسلامي تسبقها مذابح وفظاعات تقشعر لها الأبدان (الحالة العربية الراهنة ومنها الحالة الليبية أقرب مثال)


ثانيا :

ماذا لو قال الشيعة نحن لا نتفق مع إجماع دولة السُنة ونريد إجماع نخص به دولتنا الإسلامية الشيعية فهل يقوم الإجماع الشيعي على الشيعة الإمامية ام على الشيعة الإسماعيلية؟ الشيعة الزيدية ام العلوية؟ ام بإجماع طائفة الدروز؟


تبقى نقطة أخرى لا تقل أهمية وهي ماذا إذا توفق العالم الإسلامي في الوصول إلى إجماعين واحد سُني وآخر شيعي، ونتج عن هاذان الإجماعان، دولتان إسلاميتان، فعلى أي أساس تكون العلاقة بينهما؟ هل تكون وفق المعاهدات الدولية وميثاق الأمم المتحدة؟ أم ندخل في حروب وإبادات نستدعيها من تاريخ حافل بالخلافات والفتن ومليء بالإنسداد التاريخي والتدافع الصفري؟ .. هذه تساؤلات تحتاج إلى إجابة قبل الشروع في وضع أسس الدولة التي تحلم بها جماعة السويدان فالمسألة لها علاقة مباشرة بحياة الشعوب وليست مجرد كماليات ورفاهية فكرية ..


ثالثا :

يجب أن توضح فلسفة وروح الإجماع الجديد كيف ستعيش الأقليات المسلمة في ظل الإجماعين السُني والشيعي؟ هل ستعيش كما عاش الشيعة تحت حكم صدام؟ ام كما يعيش السُنة اليوم في إيران؟ فالعالم الإسلامي اليوم في ظل مايعيشه من تشرذم وإنهزام هو في أمس الحاجة للبحث عن مشتركات فكرية يقوم على أساسها الإجماع السياسي وهذا لا يتأتى إلا بتشكيل وعي جديد يفتح الباب أمام ممارسة ثقافة الإعتراف بالخطأ وأن تكون لدينا الشجاعة اللازمة في القول أننا فشلنا بكل صراحة وعلى الملأ ومن ثم الإتجاه إلى قابلية الإنفتاح على أفكار وثقافات الغير والسعي بكل جدية إلى النهل من حصيلة تجارب الأمم التي سبقتنا دون شروط مع التوقف عن إستخدام الخداع البصري وتقديس الإسهامات البشرية في التراث لدرجة مساواته بنصوص القرآن والإدعاء على الدوام بأننا نسبق العالم ونتقدم عليه في كل شيء مع أن كل أحوالنا تقول عكس ذلك وتعبر عن وصولنا إلى مستويات من التقهقر والإنحطاط ما سبقنا إليها أحدا من العالمين


نعرف ان الظروف الحالية تجعل من تحقيق هذه المتطلبات دفعة واحدة مهمة شبه مستحيلة والسبب هو وقوع العقل الجمعي تحت سلطة القدسية التاريخية للإسهامات البشرية في التراث الإسلامي، وهذه السلطة المعنوية بالذات هي التي تقيد العقل وتحد من حريته على التفكير والتغيير ولهذا نلاحظ الدكتور السويدان عندما تعرض في حديثه لكلمة (مدنية) قام بإفراغها من محتواها الأصلي ونزع عنها كل ماتحمله الكلمة من حياد إيجابي ووصف بها دولة تناقض توجهاتها كل ما يعرفه العالم عن قيم الدولة المدنية، ولا ندري هل السويدان قام بهذه العملية عن عمد ام مجرد مداعبة لعقول الأتباع وكأنه يقول لهم فكرنا ليس جامد كما يتهموننا وها نحن جددنا وأعدنا الكرة إلى ملعبهم من جديد!





يتضح من اللغة التي استخدمها الدكتور طارق في حديثه أنه كان مشوش ومرتبك وهو يبالغ في منجزات هي بلا شك ليست من نتاج أبو الأعلى المودودي وهو يرى أن مجرد التأكيد اللفظي على حرية العقيدة وعدم مسؤولية "الدولة التي يحلم بها" عن إيمان الأفراد هو فتح مابعده فتح، مع ان هذه القيم أصبحت في دساتير معظم الشعوب ركن من أركان الحريات لا يستغنى عنها دستور ولا يستقيم نظام سياسي بدونها

ليته صارح الناس بشكل مباشر وأكثر صدقية عن معنى المدنية والفارق بين مدنية الدولة كما تدرجت في الفكر الإنساني عبر العصور وبين مدنية الخلافة بدل ن ينفق كل هذا الوقت والجهد يتعمد لي عنق التفسيرات لأجلها.


المختصر المفيد في هذا الموضوع وليعذرني القاريء الكريم على الإطالة أن هذه السلسلة بعد أن شق عليها القول أنها تستعير خلاصة الفكر الأوروبي قامت بتحميل أهم منتجات الحضارة الغربية من حرية فكر ومعتقد وإجتهاد وحرية رأي وحرية نشر وصحافة حرة وألبستها ثوب إسلامي شرقي عروبي تصيب الناظر إليها بالإستغراب إلا أن الواضح أنها حركة إستباقية ضد تغييرات متسارعة بدأت تتشكل ملامحها وفق منظور مايسمى رؤية 2030، والتي لا يخفى على المراقب أنها تسير بآلية تم التعبير عنها بمنهجية شعار (سوف ندمرهم!) دون الإعلان عن فكر بديل يحل محل هؤلاء الموعودين بالتدمير! وأغلب الظن أن ما يجري العمل عليه ما هو إلا عملية إستلاب وتشويه للهوية وإنتقال بمجتمعاتنا الساكنة الوادعة من صفر التجمد إلى درجة الغليان مجتمعات محافظة لم تمتلك بعد أدوات التحول التدريجي الآمن الذي يضمن لها إنتقال سلس إلى دولة المنطق وتحقيق مقاصد هذا المنطق وتجعل منها كيانات ممسوخة تنعدم فيها الخصوصية الثقافية، والخوف أننا كمجتمعات تابعة لا حول لها ولا قوة لن يكون لنا رأي في ذلك إلا الإستسلام والوقوع تحت تأثير هذه الرؤيا الجهنمية فنحن في مجتمعنا الليبي إعتدنا على إستيراد المعلبات الجاهزة والإنبطاح للهيمنة الثقافية والإنبهار بالعناوين الجذابة والإطمئنان إليها حتى فقدنا جراء ذلك الكثير من التسامح والوسطية والمدنية التي كانت تميزنا والتي نستعد الآن إلى تعلمها من جديد على يد صناع ثقافة العنف والتطرف وفي القريب عندما تكتمل ملامح الطبعة التي سيظهر عليها التراث الديني الموعود عندها سيكون لكل حادث حديث.



#خالد_محمد_الزنتاني (هاشتاغ)       Khaled_M._Zentani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتنبي الكبير - المهدي المنجرة
- الطريق إلى ماريوبل
- -وكان الإنسانُ أكثر شيء جدلا- ...
- في فقه الثورات - لماذا فشلت 17 فبراير الليبية؟
- إشكالات الوعي الفيدرالي العربي
- نظرة تحليلية إلى خطاب الدكتور مصطفى محمود
- جردل الرئيس ترومان وجردلنا - دراسة مقارنة
- عالم قديم جديد .. وبعد
- عودة وعي توفيق الحكيم وإنتصار العقل
- تركيا الموجودة على الأرض
- سمفونية الديناصور الرائع
- الهروب من أنظمة التفاهة
- بين جمال الماضي وقبح الحاضر وغموض المستقبل الدهشة لاتزال مست ...
- هل يجوز لسيف الإسلام التمتع بالديمقراطية؟
- كوريا الجنوبية - نظرة من الداخل
- نقطة نظام
- بين الروح والعقلانية - ثقافة البحث عن السبب
- ليلة سقوط الفنتازيا
- تصحيح مفاهيم تاريخية خاطئة
- ليبيا وسنوات التمرغ في الوحل


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد محمد الزنتاني - إجماع دولة السويدان