أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد محمد الزنتاني - -وكان الإنسانُ أكثر شيء جدلا- ...














المزيد.....

-وكان الإنسانُ أكثر شيء جدلا- ...


خالد محمد الزنتاني
كاتب

(Khaled M. Zentani)


الحوار المتمدن-العدد: 7176 - 2022 / 2 / 28 - 23:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"وكان الإنسانُ أكثر شيء جدلا" ...
أكثر مايميز كتب التراث الإسلامي عبارتان - "متفق عليه" و "بإجماع الفقهاء!" - مع أننا لو تعمقنا في متابعة كافة الشؤون الفقهية المتعددة فلن نجد شيئا واحد متفق عليه بين الأئمة، فكلمة إتفاق أو إجماع رغم إستخداماتها الكثيرة إلا انها لا تعبر عن المعنى الحقيقي لواقع الحال، ولو كانت المسائل الدينية قد إتفق عليها بهذه البساطة، وهذا الإجماع، ما سمعنا عن عبارة أخرى شهيرة إقتحمت هي الأخرى مجال الأدبيات الفقهية تقول (إختلف العلماء!) وهي تأتي لتؤكد أن مسألة إجماع الأمة وإتفاقها ما هي إلا حلم قديم وأمل يحدو الجميع لكنه لم يتحقق على الأرض في يوم من الأيام.

تابعنا منذ يومين كيف تحولت (مسألة الإسراء والمعراج) إلى سجال وكر وفر على وقع قنبلة إعلامية ألقاها الكاتب المصري المثير للجدل إبراهيم عيسى في بِركة الحوار البيزنطي العربي الراكدة – وقد تعمدت قول (مسألة) وليس (معجزة) لأن هناك في إعتقادي إختلاف كبير بين المعنيين لا أرى بأس من الأخذ والرد وتقبل التصحيح حولها بكل تجرد وشفافية ونقد بناء!


يُعرٌف معجم المعاني في اللغة العربية كلمة معجزة على أنها "أمر خارق للعادة يظهره الله على يد نبي تأييدا لنبوته!" غير أن هذا التعريف قد أغفل شرطاً مهماً لإكتمال الصورة وهو "وجوب حضور من يرى هذه المعجزة ليكون شاهدا على حدوثها" .. وأعتقد بغير هذا الشرط لا أظن أن تعريف الإعجاز يصبح منطقيا، وإنما يمكن إدراجه تحت خانة الغيب، وبالتالي يصبح مساوٍ للعقائد الدينية من حيث إنقسام الناس حولها ما بين مصدق ومنكر، تارة يغلب عليهم الشك وتارة تُرجح كفة الإيمان، إلا أنها على المدى الطويل تبقى مثارا للخلاف والشقاق مثل أغلب المسائل الإيمانية الأخرى.



وعلى ذِكر عبارة "اختلاف العلماء" لا يفوتنا هنا ان نذكر في هذا المقام أن تاريخ حادثة الإسراء والمعراج قد ظل هو الآخر من بين القضايا التي لم يستقر فيها المؤرخين من أهل السير على رأي قاطع، وكلهم إختلفوا فيما بينهم في العام والشهر واليوم، فمنهم من قال أنها كانت قبل الهجرة بسنة ومنهم من قال بسنة ونصف ومنهم من قال في شهر ربيع الأول ومنهم من قال في ربيع الثاني ومنهم من جعلها في رمضان، أما الأيام فبين قائل في ليلة السبت وقائل في ليلة الجمعة وقول في ليلة الإثنين، ما يدل اننا أمام مسألة لم ترَ إجماعا حتى على وقت حدوثها فما بالك بالإتفاق على تفسير واحد للكيفية التي حدثت بها!


كل ما قرأناه وتعلمناه وعرفناه لا يدعم الرأي القائل أن الدين قام منذ اليوم الأول لظهوره على (الإعجاز المادي)، وهذا بشهادة القرآن نفسه الذي حرص في كثير من المواضع على تقديم القرائن المتكررة على بشرية النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأنه لا يحمل من رب العالمين سوى رسالة الهُدى والتوحيد وبعدها "من شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر!" وليس أدل من هذه الآيات التي وردت في سورة الإسراء من أية 90 حتى 93 على تأكيد خلو الدعوة الإسلامية من خوارق العادات حيث يقول الله تعالى : (( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الْأَرض ينبوعا(90) أوتكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا (91) أوتسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أوتأتي بالله والملائكة قبيلا (92) أويكون لك بيت من زخرف أوترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربّي هل كنت إلا بشرا رسولا (93))) صدق الله العظيم .

إن نبي الإسلام لو أراد "قصف جبهة" الكفار وإلجامهم في هذه الفرصة التاريخية، لما تردد لحظة أن يطلب من ربه تحقيق كل هذه الإعجازات دفعة واحدة حتى يوقف سخرية مكذبيه وتحديهم ولا أظن أننا نحتاج بعد هذا التوضيح الحرفي لهذه الآيات إلى إقحام الدين الإسلامي في منافسة مع معجزات أنبياء الرسالات الأولى، لأن الدين إجمالا ((في إعتقادي أيضا)) أنه دعوة لا يستطيع أحد تقديم دليل مادي ملموس على صحتها، كما لا يمتلك أحد من الجاحدين لهذا الدين في المقابل تقديم دلائل حسية مادية دامغة على بُطلانه، فالمسألة هنا مرهونة بالإيمان الغيبي فقط ولا شيء آخر ولن يكون للإيمان بالدين أي وزن أو معنى لو توفر أمام الإنسان الدليل القاطع والبرهان الساطع على صحته، لأن عند ذلك ستنتفي الحاجة إلى تبرير حالة الكرم الإلهي في الثواب والنعيم والجنة التي عرضها السموات والأرض، كما لن نستطيع بعد ذلك تفسير وفهم حالة العقاب والجحيم الأبدي الذي ينتظر الكافرين رغم كفرهم فترة زمنية محدودة هي كل ما عاشوه في هذه الدنيا والتي لا تقارن بفترة الخلود الطويلة التي تتحدث عنها آيات العذاب!

إن أفضل من قدم المثل الرائع عن التفاعل مع حادثة الإسراء والمعراج هو الخليفة أبوبكر الصديق رضي الله عنه، فقد ساقت لنا كتب التراث أن الرجل تعرض للمباغتة عندما سُئل فجأة عن رأيه في "قول صاحبه" فأجاب بكل هدوء وروية ومن غير أن يدخل في نقاشات حول شكل البُراق، وسرعة الضوء، وهل كان الإسراء جسدا أم روحا، يقظة أم حلماً، وإنما اجاب في جملة واحدة أقفل بها ملف القضية حين قال : "إن كان قال ذلك فقد صدق"!

هكذا بكل بساطة وعفوية فكك الصديق الحالة إلى مسألة إيمان بالغيب لا تقبل المراجعة ولا تحتمل عصر الأذهان ولي المصطلحات والإستعراض الجدلي السفسطائي العقيم، فأما الإيمان بالغيبيات التي تتجاوز الأفهام وتفوق قدرات البشر العادية، واما السقوط في دوائر الشك والبحث عن اليقين والأدلة التي ستنتهي إلى وقوع الإنسان في فخ تفسير الماء بالماء، لأن مانمتلكه نحن كبشر من أدوات وتصورات تتعلق بعالمنا المعاش تختلف كُليا عن العناصر والظروف والقوانين التي يشتمل عليها الغيب وتحكم عالم آخر مجهول ومغلف بالأسرار، نفتقر فيه إلى فهم كل ما بُني عليه من أسس لا تدخل في محيط معرفتنا العقلية المتاحة.



#خالد_محمد_الزنتاني (هاشتاغ)       Khaled_M._Zentani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فقه الثورات - لماذا فشلت 17 فبراير الليبية؟
- إشكالات الوعي الفيدرالي العربي
- نظرة تحليلية إلى خطاب الدكتور مصطفى محمود
- جردل الرئيس ترومان وجردلنا - دراسة مقارنة
- عالم قديم جديد .. وبعد
- عودة وعي توفيق الحكيم وإنتصار العقل
- تركيا الموجودة على الأرض
- سمفونية الديناصور الرائع
- الهروب من أنظمة التفاهة
- بين جمال الماضي وقبح الحاضر وغموض المستقبل الدهشة لاتزال مست ...
- هل يجوز لسيف الإسلام التمتع بالديمقراطية؟
- كوريا الجنوبية - نظرة من الداخل
- نقطة نظام
- بين الروح والعقلانية - ثقافة البحث عن السبب
- ليلة سقوط الفنتازيا
- تصحيح مفاهيم تاريخية خاطئة
- ليبيا وسنوات التمرغ في الوحل
- بعيدا عن كيس دراهم الخليفة الشعر يتنبأ
- تأملات في الحياة ..
- الإشتراكية أول الطريق نحو الإستبداد


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد محمد الزنتاني - -وكان الإنسانُ أكثر شيء جدلا- ...