أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - سدّ االرمق














المزيد.....

سدّ االرمق


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7215 - 2022 / 4 / 11 - 23:21
المحور: الادب والفن
    


الطفلة تبتسم وتنظرالى أمها، سائل المخاط ملتحم بشاربها، ثيابها الرثة تحمل أثر التراب، يدها تحك رأسها الأشعث المقمل ، أمهامدفونة الجسد في ثوب وسخ، ملفوفة في نصف ملاءة قديمة، تنتعل حذاء بلاستيكيا يطفح بالرائحة الكريهة. .الطّفلة والأم تتجولان بين جماعات المسافرين الواقفين على رصيف المحطة الأم تَمُدّ يدها المشققة:
-صدقة على الله والوالدين يا أولاد الحلال

تقتربان من شاب مُكرفط وفتاة متبرجة تَصحبه، تنظر الطفلة الى ساقي الفتاة الممتلئتين مستنشقة ذرات العبير المنبعثة من جسدها..
الأم تمد يدها قائلة :
-صدقة يا أولاد الحلال الله يحفظكم
يرد الشاب متأففا:
- ابتعدي يا امرأة الله يعفو عليك وعَليّ.
تقول الفتاة مزدرية :
-"كثرتم الله يحضر السلامة ".
.تبتعد الأم وطفلتها، الطّفلة تنحني على الأرض، تلتقط علبة رايب فارغة ،تبدأ .
بِلحس بقاياها ..الأم تتكئ على حائط أحد شبابيك التذاكير تحسب السنتيمات التي جَمعتها منذ الصباح الباكر. مُنبهات الحافلات تحطم سكون المكان ، ترمي الطفلة علبة الرايب بعد ان فرغت من لعقها .ماسح أحذية شاب جالس على الارض أمامه علبته ، في يده اليمنى خرقة مخضبة بغراء السلسيون يشمها بنشوة ،عيناه مقلوبتان ، شفتاه زرقاوان ، الطفلة تُبحلق فيه ، يبدو غريبا الأُمّ غَيرُ مكترثة بأمره ، لها مشاكلها الخاصة ،يقترب كَهل مكتنز من ماسح الأحذية يضع قدمه على خشبة العلبة . يشتغل الماسح .تجر الأم طفلتها وتتركان مكانهما . صرخة نِسوية تُردّد صداها فجأة جُدران المحطة ، تلتفت الأم وطفلتها ، اِمرأة عجوز تَسَللت خُصل من شعرها الأبيض عبر المنديل الذي تشد به رأسها تصيح وتصرخ :
-"سرقوني يَالْخّوت ضربوا لي الجيب ..خطفوا لي رزقي يخ من المدينة يخ من المدينة."
بعض أبناء الحلال يحاولون زَرع السكينة في نفسها , آخرون يَهبونها نُقُوداً .
شَمْس الربيع تنثر أَشعتها الدافئة ،رياح شمالية تَهُبّ منعشة ، الأم وابنتها تغادران المحطة , تَعِنّان على السويقة ، تشتري الأم خبزة ودرهماً زيتوناً تجُران أقدامهما عبر شوارع المدينة، بعد حين تصبح دُورها وعماراتها خلف ظهريهما
وبمواجهتهما مدينة القصدير، ضجيج الأطفال يتهادى الى أسماعهما كلما تقدمتا . تَصِلانها. الطفلة تبتسم لمجموعة من البنات المتسخات مثلها يلعبن بالحبل ، الأم تهز رأسها مُسلمة على كهلة ضامرة العود تقف قرب باب برّاكة. .
عند مدخل برّاكَتهما اقتعد الأب صخرة متوسطة الحجم , موجة من دخان الكيف ترتفع من شقف السَّبسي الذي يدخنه ..الطفلة تهرول نحوه مقبلة خده الممتقع، ترتسم على شفتيه الذابلتين ابتسامة لاهثة ، الأم تقترب منهما . يرفع الأب رأ سه نحوها :
- "لم أجمع اليوم الا سنتيمات قليلة ، رواد السوق البلدي كانوا قلة وأكثرهم من الشباب وانت تعرفين أولاد اليوم"
- المحطة كانت مكتظة لكن بَركة هذا الصباح كانت قليلة المُهم ان نسد الرمق ونعيش.
يدلف الثلاثة الى داخل البراكة .تَضع الأم حبات الزيتون في طبق قصديري ، يجتمعون حوله جالسين على حصيرة مهترئة .
خريبكة 1987



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحت المطر
- صالح
- زمن الإشراق ..زمني
- سيد زمانه
- لحن حزين على أوتار مستعارة
- عريس الألم
- لعبة الحياة
- هذه حياتي
- ملاذ الشهداء
- لعنة الليل
- رحلة الفرح الأبيض
- زمن الفرح
- خريبكة المدينة الحلم
- وجود الشيّءو احتراقه !
- رواية خلف السراب الجزء الرابع والخامس
- خلوة
- رواية خلف السراب الفصل الأول
- خلف السراب الفصل الفصل الثاني والفصل الثالث
- موت سيدة من الزمن الماضي
- بين الأرض والسماء


المزيد.....




- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...
- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...
- تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك ...
- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - سدّ االرمق