أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - لعنة الليل














المزيد.....

لعنة الليل


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7209 - 2022 / 4 / 3 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


العيون شاردة ضائعة ولفائف التبغ تحترق بين الانامل، والأفكار تنساح من الأدمغة مضطربة في غير تناسق. الكلمات تتدحرجُ موغلة في الغموض من بين الشفاه ،ولعنة السراب تطوق الأعناق المدينة تلبس عباءة حالكة ،وتهرق كؤوس فُجُورِها عند اقدام مومساتها وتعلن بداية الليل .
على الرصيف سار متخاذلا ، يحتضن جَسَدَهُ معطف ثَقيل. يَكُحُّ ويَبْصُقُ ..كَانَ مَزْكُوماً يَخنق السّعال صدره، وأنفاسه تتسارعُ يَقفُ على حين غَرَّة أمام مُلْصَق إعلاني لعلبة ليلية ،تَراقص عيناه الجَائعتانِ في مَحْجَريهما وهُما تقعان على صورة الرّاقصة التي تتوسط الملصق ،يلعق شفتيه بلسانه وهو يتأمل صَدرها العامر , ثم يتطلع الى بَاب العُلبة المُزيّن بمصابيح النّيون الملونة. تَتوقّف أمامه فجأة سيّارة سوداء فاخرة، يَترجَّل منها كُتْلَةٌ لحْمِيّة تَنِطُّ بَطنُه أمامه ،وترقصُ عجيزته خلفهُ. صَلعته تَلمع من أثرِ الدُّهن، وفي يده ينتحر سِيجارٌ ضخم ،تتبعه حسناء رشيقة القِوام يلُفّ جسدها ثوب من السَّتانِ الأَزرقِ, ويتدلى من شحمتي أذنيها قِرطان ذهبيان، ويحلي جيدها عقد لؤلؤيٌّ لَمّاع.
يَدلف الكتلة اللحمية صحبة الحسناء، إلى العلبة الليلية تحت نظَراته الجائعة. يقترب من السَّيارة الفارهة. ينظر باِنبهار إلى دواليبها المتينة ، ثم زُجاجها المُعتّم ويمضي يَدور حولها كإفريقي يمارس طقوسه الطُوطَمِيّة...
فجأة يحس بيد تُوضع على كَتفه،يَسْتدير بِسرعة لِيجد نفسه بمواجهة شرطي عابس, يسأله الشرطي :
-ماذا تفعل هنا ؟؟
يرد باضطراب:
-فقط اتأمل السيارة
-تتأملها أم تخطط لِسرقتها
يَعقد ما بين حَاجبيه ، ثم يقول: :
-حاشا يا سيدي ..انا لست لصا
-هل معك بطاقة تعريف
-نعم
يَمد للشُّرطي بِطاقة تعريفه والكُحّة تخنقه . يُلقي عليها الشرطي نظرة فاحصة ثم يتمتم:
حسنا لست محل ريبة أوشك ..لكن اِبتعد عن السّيارة
يبتعد بخطى متخاذلة ..ثم يعود الى السّير من جديد على الرَّصيف يَلفحُ وجهه نسِيم البحر الرطب. يقطع مسافة طويلة بين شوارع المدينة، شاردا تَعصفُ رياح التِّيه بِحبل أفكاره، والكُحّة تخنقه. ينتظر أن يحدث تَغْييرٌ في حالته النفْسِيّة ..يَتسرب الى أسماعه مواء القطط الضالة،وهي تعبث بصناديق القمامة ، فيشمئز ويقرأ البسملة.
حارة "لاحونا"1تبدو هادئة ، وقد اِستسلمت للعَتمة .يجد نَفسه وسطها وهو على مَرمَى حَجر من بَيته الوَضيع .
مَقْهى الأب جلول كالعادة تضيق بالرواد الذين يَحتسون الحريرة السَّاخنة ..يَدلف إلى الداخل يحتل مِنضدة مُتهالكة في رُكن قَصِي
يطلب زليفة من الحريرة وخبزة من الشعير، ثم يمضي يلتهم وجبته , وعَيناه تعانق الوجوه الكالحة المنتشرة في المقهى.. يتذكر الراقصة العارية والكتلة اللحمية والحسناء الفاتنة والسيارة الفارهة. تعلن تقاسيم وجهه عن إحساسه بالغبن والتقزز فيقول في نفسه : "رجا في الله"
16.09.1985



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة الفرح الأبيض
- زمن الفرح
- خريبكة المدينة الحلم
- وجود الشيّءو احتراقه !
- رواية خلف السراب الجزء الرابع والخامس
- خلوة
- رواية خلف السراب الفصل الأول
- خلف السراب الفصل الفصل الثاني والفصل الثالث
- موت سيدة من الزمن الماضي
- بين الأرض والسماء
- أوراق بلا تاريخ
- اللحظات الميتة
- الوجه الأخر
- سيدة القلب
- أوراق بلون القمر
- خريبكة مدينة خارج السياق 3
- حديث عينيك
- خريبكة مدينة خارج السياق (2)
- خريبكة ١مدينة خارج السياق
- حديث الأمس: مقتطف من رواية -هلوسة-


المزيد.....




- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...
- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
- الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...
- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - لعنة الليل