أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - موت سيدة من الزمن الماضي














المزيد.....

موت سيدة من الزمن الماضي


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7202 - 2022 / 3 / 26 - 00:31
المحور: الادب والفن
    


نهاية سيدة من الزمن الماضي

ماتت الغالية بوادي زم .
عاد المكي إلى برشيد نقل الخبر لأمه "لا لا فنيدة ".
سألته:
-متى وقع ذلك ، وكيف؟
رد المكي بصوت حزين :
-منذ يومين..ماتت في دار الحاجة السالكة، كنت حاضرا أنا والمَعطي زوج ابنتها مرَّ ذلك
كنا نشرب الشاي، فجأة داهمها ألم شديد في صدرها، صرخت ،ثم خرت ساقطة بسرعة فحصناها كان قلبها قد توقف عن النبض.
بكت الأم وقالت للمكي :
-علي القيام بالواجب،غدا نذهب أنا وأنت لتقديم واجب العزاء، وزيارة ضريحها
نظر إليها المكي مليا ،زَوّى ما بين حاجبيه ثم تمتم:
-أنت مريضة ،وصحتك ضعيفة.
قَاطَعته بصوت حاد:
-لا تقل شيئا ، واستَعد للسّفر يومَ غدٍ ،نحن مُسلمون ، والعزاء يفقد قيمته إذا تأخر.
في صباح اليوم الموالي، ركبا الحافلة المتجهة لبني ملال ، كانت لالا" فنيدة "سعيدة ،وحزينة في الوقت نفسه ،سعيدة لأنها ركبتْ " الكار الأحمر" كما يحلو لها أن تُسَميه بعد طول غياب ، وحزينة لأن صديقتها الغالية، ورفيقة دربها ،فارقت الحياة ،طيلة الطريق استعادت الكثير من ذكرياتها مع المرحومة ،جمعتهما أيام جميلة عندما كانتا "شيختان كبيرتان"1، يُقام ويُقعد لِفرقتهما التي ذاع صيتها في ربوع البلد ، لم تَكن الأعراسُ تحلو إلا بوجود لالا "فنيدة" وصِنوتها الغالية حتى لُقّبتا بِملكتي العَيْطَة ، لكن الزّمن دَوّارٌ ،والسّاعات تَتغيّر ،والحياة قاعدتها الأساسية هي الغَدر بمن يثق فيها ،وهي لا تملك إلاّ أنْ تَحمد ربّها ، الذي جعل التُراب سَترا لِعيوب البَشر وضُعفهم ،أَخْرجَها صَوْتُ اِبنِها المَكّي من رِحْلة ذكرياتِها، وهو يَهْتِفُ بصوته الأجش :
لقد وَصَلنا إلى محطّة خُريبكة ، سأنزل لأشتري قارورة ماء ،هل تريدين شيئا ؟
ردّت بِصَوْتٍ خَافِتٍ :
-نَعم .." بْغيتْ قَرعة2 ديال المُونادة حَمرة وشي مَادْلين هشيشة الله يرضي عليك "
نزل المَكّي ،عادت لذكرياتها دون أن تَهتَمّ بضجيج مُنبّهات الحافلات ، وأصوات المُسَافِرين المُرتفعة ، تَذّكَرت لاَزمة "خريبكة عَجبتنِي رَاهَا سَايْرا تَبنِي " كانت تُردّدها مراراً في الأعْراس التي أحيَتْهَا بهذه المدينة ، كانت أَيام خيْرٍ وبركات بحقّ ، النّاس طيّبون ولا مكان للحقد في القلوب ،كانت " الفْراجة" ذات قيمة ،لم تكن هناك لا" تراكس" ولا" تسونامي"3 ، بل كانت هناك : فاطمة الزحافة ، خربوعة ومحمد العواك ، والغَالية ، وطبعا لالا فنيدة " زينة التحَنْحِينات"،الله الله عليك يا زمن ،كيف يمكن للعقل أن ينساك؟ .
عاد المكي ، قَدّم لها قِنّينة المشروبِ الغازيّ وعلبة الكيك ، وهو يقول :
-تفضلي باسم الله "ألميمة"
ضَحكَت وردّت :
-الله يرضي عليك ..أنت سَندي الوحيد بعد الله
ابتسم المكي وقال :
-"راك عزيزة ألميمة ربي يخلّيك لينا"
دارت عجلات الحافلة ،ومعها دار شريط الذكريات، يا زمن خُنت العهد ،وَهَنَ العظمُ وشَاب الرّأس ، والأحبة يرحلونَ في صمت،هاهي الغالية سيدة قريناتِها تَترَجّل بهدوء بعد أن خَذلتها الأيام وطَالها النّسْيان ،"لالا فنيدة " لا تتأسف اليَومَ على شيء وتحمد الله بُكرة وأصِيلا ،فقد وهبها المكّي يَبَرّها ويشد عَضُدها،وهي غير خائفة من تقلّبَات الحياة ،وما يريده الله هي راضية به .
هتف بها المكّي مرّة ثانية :
-لقد وصلنا إلى "بيرمزوي" ولم يبقَ إلا القليل لنصل مدينة وادي زم .
ردّت وقد ترقرقت عيناها بالدموع :
-رحِمَ الله أختي الغالية ، كلامها كان عَسلا وَعَيبها بَعيد .
لاحت بعد حين مشارف مدينة وادي زم ،تململت لالا فنيدة في مكانها وسرحت بنظرها عَبر زجاج النافذة محدقة في مقبرة سيدي عبد العزيز ثم قالت:
-"شَايْلَاه أرجال لبلاد، الله ينفعنا ببركة سيدي عبد العزيز"
علّق المكّي على قولها :
-لقد دفنا أمي الغالية بهذه المقبرة، كانت جنازتها مَهيبة وحَضرها الكثير من الناس ،رحمها الله.

05 نونبر 2018

1راقصتان شعبيتان
2قارورة
3لقب لمطربتين شعبيتين جديدتين

-
-



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الأرض والسماء
- أوراق بلا تاريخ
- اللحظات الميتة
- الوجه الأخر
- سيدة القلب
- أوراق بلون القمر
- خريبكة مدينة خارج السياق 3
- حديث عينيك
- خريبكة مدينة خارج السياق (2)
- خريبكة ١مدينة خارج السياق
- حديث الأمس: مقتطف من رواية -هلوسة-
- الفرصة الأخيرة
- للزمن حكايات أخرى
- العذراء والدم
- أناديك يا زمن الفرح!
- وجود الشيء واحتراقه!
- العجوز و الموت
- لقاء
- تذكرة سفر نحو المجهول
- زمن البرشمان


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - موت سيدة من الزمن الماضي