أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - ما جدوى تدريس الفلسفة في الجزائر؟














المزيد.....

ما جدوى تدريس الفلسفة في الجزائر؟


حميد زناز

الحوار المتمدن-العدد: 7212 - 2022 / 4 / 7 - 01:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"لا أفهم لماذا يختار أبناء فقراء ومن الريف دراسة الفلسفة؟ "، هكذا فاجأنا أستاذ الفلسفة الغربية ذات عام في جامعة الجزائر، الفيلسوف محمد الزايد صاحب "المعنى والعدم: بحث في فلسفة المعنى". قال الدكتور الفلسطيني ذلك وفي الجزائر كلية فلسفة واحدة، فماذا عساه ان يقول اليوم وفي كل قرية كلية تدعي تدريس الفلسفة في هذا البلد؟ طبعا لم نستحسن آنذاك كلام أستاذنا المحبوب فحسب، بل اعتبرناه رجعيا طبقيا، نحن الذين كنا في أغلبنا نتعاطف مع اليسار ومن طبقات فقيرة وريفية نحلم ساذجين بالإطاحة بالرأسمالية وتغيير العالم نحو الأفضل.

تمر الأيام وتصبح الجامعة الجزائرية "تصنع" كل عام عشرات البطالين المتحصلين على شهادات الليسانس والدكتوراه في الدراسات الفلسفية في جامعات كثيرة منتشرة عبر كل الوطن. ولكن إن كانت الفلسفة إعمال للعقل وانتهاج للشك فلا أثر لتلك الشهادات العليا في الحياة الثقافية الجزائرية والسياسية إذ تبقى العقلانية شبه غائبة والشك من المحرمات. ويعود ذلك أساسا الى طبيعة برامج التعليم بما فيها برامج الفلسفة إذ لا تشجيع ولا تثمين فيها للشك المنهجي إذ في عرف الأغلبية لا حاجة الى عقول تتساءل فكل من تمنطق تزندق وما التفكير النقدي إلا التيه في متاهات الشك والشك مفتاح الشرك كما جاء في الأثر غير القابل للنقد.

في الحقيقة يدرس الطلاب في المدارس الثانوية والجامعات الجزائرية شيئا يسمى رسميا فلسفة وما هو بالفلسفة. كيف يمكن ربط الفلسفة بدين ما ونقول إنها فلسفة إسلامية أو يهودية أو مسيحية؟ ونحن نعلم علم اليقين أن كل الديانات التوحيدية قد جعلت الفكر عموما والفلسفة بشكل أخص في خدمة الفقه. ألم يكن مشروع ابن رشد ذاته جعل الفلسفة خادمة للدين والعقل خادما للوحي؟ هل يمكن عقد تصالح بين العقل والوحي؟ هل هناك رابطة يمكن أن تربط بين الفلسفة والشريعة ؟

هما خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا لأن الدين يهدف الى خلاص الانسان بينما تفتح الفلسفة للإنسان طرقا شتى ليتدبّر أمره. لقد حوصر الفكر العقلاني الحر في الجامعات الجزائرية وباتت العلاقة المزعومة بين العقل والايمان زيجة رسمية / شرعية سيقف امام المحاكم كل من سولت له نفسه الامارة بالعقل التشكيك في شرعيتها.

لا جدوى من آلات الكومبيوتر يقول الرسام بيكاسو، فهي لا تقدم سوى أجوبة. وتلك هي حال المدرسة الجزائرية إذ لا أثر فيها للنظر الفلسفي الشامل إذ تبقى الفلسفة الحقة فريضة غائبة في مجمل أطوار التعليم فهي أقرب إلى دروس في عقلنة اللامعقول منها إلى حب الحكمة واستعمال العقل. أدت سيطرة الدين ثقافيا الى تعليم مناقض للفلسفة تماما هو تعليم التسليم بالحقيقة الجاهزة وهو تعليم يحرم المتعلمين من نعمة ممارسة التفكير النقدي والتساؤل المستمر حول الحقيقة والحياة والمصير وهكذا يخّيل إليه مع الأيام أنه يملك الحقيقة المطلقة المنزلة. ومع مرور الزمن يريد فرضها بالقوة عند المقدرة ومن هنا يتسرب فكر الجهاد المؤجل الى عقول الأغلبية والجهاد الآني الى الاقلية.

هل وقفت الفلسفة حاجزا منيعا أمام استمرار توالد المسلمات وتقوقع الذات الثقافية وتوالي الانحدار نحو التعصب وصعود معاداة الصيرورة؟ هل أصبح كرسي الجامعة هو قبر الفلسفة، هل هو موت كل فكر حيّ؟ هل هو العقل في حالة حداد، كما يقول الفيلسوف إميل سيوران؟ هل من قبيل المصادفة ان يتعاقب على رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى في غضون عشرية واحدة دكتوران درسا الفلسفة في الجامعة الجزائرية بل كانا على رأس معهد الفلسفة؟ هل من المنطق ان يترأس اليوم جمعية العلماء المسلمين أستاذ قضى حياته كلها مدعيا تدريس الفلسفة في جامعة الجزائر وكرئيس للمعهد في فترات كثيرة؟

تحاول الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية بقيادة الدكتور عمر بوساحة جاهدة وبوسائل متواضعة تحريك الركود الفلسفي في البلد، كما نجح بعض الشبان المتمردين على الامر الواقع في فرض ممارسة موازية للفلسفة الجامعية تمظهرت في مجال النشر، حاولت أن تستعمل المطرقة لإذابة الجليد ولكن تبقى محاولات معزولة ومُحاربة من طرف الأصوليين المتخفين تحت جلد أساتذة فلسفة في الجامعات والثانويات.

إذا كانت مهمة الفلسفة هي مد الانسان بالشجاعة الفكرية فقد أخفقت في الجزائر إخفاقا ذريعا. لم تُعد النظر لا في النظام الاجتماعي ولا الأخلاقي ولا الروحي. ولم تقلق طيلة ما يقارب الستين عاما النظام القائم ولا الأصوليين الإسلامين الذين يتخذهم كفزاعة. لا يمكن أن تكون الفلسفة شيئا آخر غير انتفاضة راديكالية ضد كل من يريد ممارسة سلطة على وعينا، ضد أن نكون مراقبين، مُفتٌّشين، مأمورين، كما تقول عبارة الفيلسوف برودون الخالدة.



#حميد_زناز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أصبح الجهاد الافتراضي بديلا عن ساحات المعارك؟
- ماذا يدور في عقل بوتين؟ هل أصيب بالجنون؟
- إيريك زمور.. الشبح المرعب الذي يحوم حول الإليزيه!
- لماذا فشل الغربيون في فهم التطرف الاسلاموي ؟
- إلى متى يحارب الخطاب النسوي العقلاني في الثقافة العربية؟
- -البلاك بلوك- يدمرون حق التظاهر في فرنسا
- السلطات الاوروبية متهاونة مع الاسلام السياسي و الاخوان المسل ...
- هل يستقيل جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي بباريس لأسباب أخل ...
- حينما تتفاوض الجمهورية الفرنسية على هويتها
- من يحكم في الجزائر؟
- ظهر تبون.. فهل طمأن الجزائريين أم أقلقهم؟
- هل يعود الغرب إلى القرون الوسطى بسبب تساهله مع الإسلاميين؟
- نساء داعش.. أمهات الأيديولوجيا المتطرفة
- في أوروبا ينشر الإخوان سمومهم عن طريق مدارسهم
- أكذوبة التدخل الخارجي في الجزائر
- و تغرق الجزائر في شعبوية دينية شمولية
- متى تقال حقيقة تطرف الإخوان كاملة للفرنسيين
- رئيس بلدية فرنسية مصنف رسميا إرهابيا محتملا
- هل التشاؤم مهنة الفيلسوف؟
- الجزائريون يبحثون عن رئيسهم


المزيد.....




- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - ما جدوى تدريس الفلسفة في الجزائر؟