أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - رمضان كريم … والهدرُ غيرُ كريم














المزيد.....

رمضان كريم … والهدرُ غيرُ كريم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7212 - 2022 / 4 / 6 - 12:23
المحور: المجتمع المدني
    



هذا رمضانُ الكريم يزورُنا في ظلِّ موجة غلاء عالمية كاسحة؛ سببتها جائحة كورونا العالمية، وما ترتب عليها من تداعيات أدت إلى حالات من التضخم الاقتصادي الذي تنوء تحت ثِقَله أغنى بلاد العالم. ولا سبيل أمامنا كشعوب ناهضة لمقاومة الغلاء إلى بترشيد الاستهلاك والاستغناء عن كل ما ليس ضروريًّا يفيضُ عن الحاجة. في أول رمضان زارنا في عهد الرئيس السيسي، دُعيتُ إلى "إفطار الأسرة المصرية”. وأنا في الطريق إلى هناك، كنتُ أدعو الله أن تكون الوليمةُ الرئاسية بسيطةً كما يليق بدولة تتعافى بعد ثورتين نالتا منها كل منال. ولم يخِب ظنّي الحَسََن. كانت المائدةُ غنيةً بتقشُّفها، أنيقةً ببساطتها، كريمةٌ بما تحملُ من قليلٍ يسدُّ رمقَ الصائمين ويُرطّب ظمأهم؛ فتأكدتُ أن يدًا حكيمة تُدير دفّة مصر. وتكررت تلك الفلسفةُ الرفيعة حينما دعانا الرئيسُ "عبد الفتاح السيسي"، نحن وفدَ الأدباء والكتّاب، إلى لقاءه بالقصر الرئاسي بالاتحادية. جاءنا النادلُ وأخبرنا أن لكلِّ منّا "مشروبًا واحدًا فقط”: شاي أو قهوة. التقت نظراتُنا وابتسمنا ابتسامةَ رضا؛ تحملُ الأملَ في المستقبل.
منذ يومه الأول يقدّمُ لنا الرئيسُ السيسي رسائلَ عمليةً في كيف ننهضُ بمصر إلى مصافِّ الدول الأولى. ومن بين تلك الرسائل الوعي في الاستهلاك والكفّ عن الهدر. الهدرُ وعدم تنظيم الاستهلاك طامةٌ كبرى، إن إُضيفت إلى طامة عدم تنظيم الإنجاب، حُكِم على المجتمع بالسقوط.
تقول الإحصاءاتُ الدولية والمراقبون الاقتصاديون إن الدولَ الأكثرَ فقرًا هي ذاتُها الدولُ الأكثرُ هدرًا والأكثرُ إسرافًا في الإنفاق على الطعام غير الصحي. بينما الدول الغنية لا تعرفُ تلك الثقافات الشكلانية المرضية. مَن سافر إلى دول أوروبا وأمريكا وغيرها من دول العالم المتحضر، يعرفُ أن المواطن هناك يذهب إلى السوبر ماركت فيشتري احتياجاته التي يعرف أنه سوف يتناولها دون زيادة. عدد واحد ثمرة برتقال، عدد واحد عنقود عنب، عدد 2 شريحة بطيخ، ثلاث ثمرات خوخ، دون أدنى خجل من نظرة الكاشير وماذا سيقول لنفسه عن ذلك “الُمقتّر”! لن يقولَ الكاشيرُ شيئًا، لأنه مثله ينتهج السلوك المحترم نفسه، ولا يشتري إلا ما يحتاج إليه، وفقط.
(عاوزين تسيطروا على الأسعار؟ الحاجة اللي تِغلا متشتروهاش. الموضوع بسيط. ) هكذا أعلن الرئيس السيسي في معرض حديثه عن غلاء الأسعار العام الماضي، موضحًا أن انخفاض الحركة الشرائية لسلعة ما، يستوجبُ بالضرورة انخفاض سعرها، وهو الحلُّ الأمثل لمواجهة جشَع بعض التجار. وهذا حقٌّ. لأن وراء كلّ تاجرٍ جشِع، مُستهلكًا متواطئًا معه، مستعدًا لإشباع جشع التاجر بالشراء والاستهلاك والهدر. حقيقةٌ اقتصادية تاريخية وعالمية معروفة. كذلك تنظيمُ الإنجاب لا يمكن إغفاله ونحن نتكلم عن وطنٍ يُعادُ بناؤه من جديد على أسس سليمة وإنهاض حقيقي وتصحيح مسار في مجال الصحة والتعليم والطاقة وإعمار البنية التحتية وبناء مدن جديدة كاملة لسكان العشوائيات وغيرها من مجالات التنمية الحقيقية التي نشهدها بعيوننا كل يوم منذ سنوات، بعدما قضينا والحمد لله على غول الإرهاب الذي كان يضربُ مصر في جميع ربوعها منذ أسقطنا الإخوان الإرهابيين عام 2013.
عام 2015 أطلقت وزارة التموين بالتعاون مع القوات المسلحة مبادرة حضارية في توفير وجبات مدعومة، بسعر رمزي، تتكون من اللحوم والدجاج والخضر والأرز ومكونات السلاطة تكفي أسرة من أربعة أفراد. وكانت تلك المبادرة "رسالة وعي" أخرى يقدمها لنا الرئيس السيسي في بداية حكمة. راقت لي الفكرةُ كثيرًا ليس فقط لأنها تساعد البسطاء على الحياة الكريمة، وليس فقط لأن المبادرة تقدم وجبة بها كافة ما يحتاج إليه الجسمُ البشري من غذاء صحيّ يحوي البروتين والڤيتامين والنشويات بالنسب الصحية التي لا تضرُّ البدن، وليس فقط لأن تلك المبادرة الحكومية كانت بمثابة سيفٍ حاد مسلّط على أعناق التجار الجشعين الذين يثرون من سحق البسطاء ببيع السلعة بضعف ثمنها بقانون العرض والطلب الذي يتحكمون فيه، بل لأن تلك المبادرة سرّبت للمواطن المصريّ ثقافة التدبر والاقتصاد والتعقّل وشراء ما يحتاج إليه، وفقط. وكنتُ أُمنّي نفسي أن شيئًا فشيئًا سوف نتدرب على مكافحة غريزة الهدر المتجذّرة فينا بحكم التقليد الموروث.
فلسفةُ الترشيد في الإنفاق والتدبّر في المأكل والمشرب والملبس، هي ثقافةُ شعوب تقرر النهوض بحلِّ المشاكل من جذورها، بهدوء ووعي ودون شكوى ودون تبّرم. إنها ثقافة "الاستغناء" حين يعمُّ "الغلاءُ"، وثقافة "عدم الهَدر" حين تضيقُ ذاتُ اليد. قاوموا الغلاء بالاستغناء. وقاتلوا الجشعَ بالوعي الرفيع بقيمة المنح السماوية المُهداة لنا، وعدم إهانتها بالهدر. رمضان كريم والهدرُ بالتأكيد غيرُ كريم.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان كريم … في بلادي الجميلة
- الرئيس السيسي: المرأةُ المصرية … مفتاحُ حياة
- في حضرة الطيبات والطيبين ... المنسيين!
- ما هديتُك في عيد الأم؟
- الستّ نعيمة … مبسوطة جديدة ...تحسبُهم أغنياءَ!
- الشيخ طنطاوي … البابا شنودة … ذكرى طيبة
- ماعت المصرية … على منصّة القضاء
- جائزة صموئيل حبيب … سمفونية العطاء
- خرافةٌ اسمُها: قبولُ الآخر!
- معجزاتُ أجدادي
- نسورٌ كثيرةٌ … وفريسة!
- محمود أمين العالم… أمي خائفةٌ منك!
- أكاذيبُ زجاج الشرفة
- هابي فالنتين
- ياسر رزق … وسنوات الخماسين
- إصبعُك والثعبان … أصحاب ولا أعز
- العالمُ المخبَأ في ورقةٍ صفراءَ صغيرة
- معرضُ الكتاب … والشتاء وآلزهايمر
- عيدُ الغطاس … والقلقاسُ الأخضر
- رسالةُ سلام للعالم … من أرض السلام


المزيد.....




- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - رمضان كريم … والهدرُ غيرُ كريم