|
الحرب الروسية الاوكرانية
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7205 - 2022 / 3 / 29 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحرب ميل ثابت من ميول الاقتصاد الرأسمالي . وتاريخ اوربا الرأسمالية هو تاريخ حروب لا تاريخ تعاون وسلام ، وحين اصبح الشرق الاوسط رأسمالياً امتلأت مدنه بالميليشيات وبالمسلحين ، وقامت الحرب الطويلة ببن ايران والعراق وتلتها حروب غزو الكويت والحرب مع امريكا ، ثم انتفضت الشعوب على ذاتها في حروب أهلية ما زالت مستمرة ، وما زال التدخل الخارجي في شؤون العراق وباقي الدول العربية قائماً من قبل تركية وايران والخليج .
لا تستطيع الرأسمالية ان تركن الى ما لديها من مصادر محلية داخلية . الخارج بالنسبة اليها امتداد للداخل لا بد لها من الزحف اليه : بالجيوش او بالشركات او برؤوس الأموال . لقد انطلقت الثورة الصناعية بالرأسمالية من افق الحضارة الزراعية الضيق - الى فضاء الحضارة الصناعية الرحب وجعلت : من الخارج امتداد لها كسوق لعرض منتجاتها لا نهاية لطوله ، وكمخزن احتياطي تفتحه في الوقت الذي تشاء وتتزود منه حاجاتها من المواد الخام .
لا تقوى هذه التشكيلة الاقتصادية التي قامت على انقاض الاقطاع والكنيسة ، ان تتستر على دهشتها وهي تبصر دولها : تمد بأذرعها الاخطبوطية وتقتل بعضها البعض ، بمختلف صنوف أسلحة حديثة تقوم على مبدأ القتل عن بعد بالبارود وبالنووي . لقد فشلت آليات اشتغال هذه التشكيلة الاقتصادية - التي تقوم على المنافسة - ان تصل بالبشرية الى اعتاب الحلم الانساني العظيم ، حلم ان تعيش الشاة الى جانب الذئب بأمان ( وهذا الحلم وارد في احدى قصائد الشعب السومري ، وهو شعب غير سامي ) . بمعنى ان المطلوب من البشرية - التي مرت بمراحل معروفة واهمها مرحلة سيطرة الامبراطوريات الدينية التي ما زلنا نسمع دوي معاركها الطاحنة الى الآن ، ويتلذذ باستعادة ذلك الدوي والإشادة به عتاة المتعصبين الدينيين والقوميين - المطلوب من البشرية اليوم البحث الدائب عن اكتشاف تشكيلات اقتصادية جديدة لا تعمل آليات اشتغالها على انتاج المنافسة وبالتالي الحروب ( وانا ادعوا الجميع الى التزود بالمنهج النقدي الذي يساعد الباحثين على تجنب مطبات الأهواء والرغبات الشخصية التي تطالعهم بها : مفاهيم المقدس والأصالة )
الرئيس الروسي بوتين يعيد الى الرأسمالية سيرتها الاولى ، لكن بتأويل المفكر الروسي : الاكسندر دوجين ، صاحب التأثير القوي على فكر بوتين الاستراتيجي عن طريق نظريته " الاوراسية " أو ما تسمى بالنظرية الرابعة . بوتين لا يقر بأن الآليات الرأسمالية هي التي ساقته سوقاً لخوض حربه الاوكرانية بحثاً عما يديم اشتغال آلياتها لدى الشعوب الاخرى ، إنما يتحدث عن رسالة ودور عالمي لروسيا في قيادة العالم بالشراكة مع الصين .
الرأسمالية في روسيا او اليابان او بريطانيا او امريكا او السعودية او ايران : تصرخ وهي تشن الحرب على احدى الدول : كوني انا وتخلي عن ذاتك ، فأنا لا وجود لي بجانبك ، كوني حكيمة وانصاعي الي . هذا هو منطق الرأسمالية الأشد وحشية : إلغاء الآخر في الوقت نفسه الذي تنادي فيه : بضرورة وجود الآخر واحترام كينونته .
حتى والرأسمالية تنتج دولتها القومية ، وتمنح للأمم تعريفاً جديداً ارتفع بها الى مساواة أفرادها امام القانون ، والعبور بهم من : صفة الرعية الى صفة المواطنة ، ومنحتهم على مدار العام ما يقوي مناعتهم ضد فايروسات الأمراض المعدية ، وضد اذلال الفقر والبطالة وضد تسلط واستغلال الاقوى : الا ان الرأسمالية لم تطمئن الى ذاتها الا بالتطلع الى ترسيخ هيمنتها في الخارج . ذلك هو الجوهر الرأسمالي الذي انتجته ظروف اجتماعية وثقافية وعلمية خاصة ، وهي تختلف جذرياً عن ظروفنا الجديدة التي يبرز فيها " الحس الانساني " ويسود وعي الناس العام ، هذا الحس اذا ما تعزز : سيلغي حجة بوتين بان روسيا لا تستطيع ان تكون روسيا بوجود أوكرانيا ، ويلغي الحجة الامريكية التي تقول : بأن امريكا لا تستطيع الاستمرار بوجودها كامريكا ، اذا ظلت الصين تمارس صعودها الاقتصادي ، كما ويلغي حجة السعودية وايران على انهما لا يستطيعان التعايش مع بعضهما البعض ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لم استطع دخول حفلة أنغام .. فكتبت
-
عضلات ايران البالستية
-
آلهة البدو / الجزءالثاني / 5من 5
-
آلهة البدو الجزء الثاني ، 4 من 5
-
آلهة البدو : الجزء الثاني 3 من 5
-
1 و 2 من 5 / من مقال آلهة البدو - الجزء الثاني ،
-
أوكرانيا - العراق
-
آلهة البدو
-
حفلات رئيس الوزراء البريطاني وقوانين محاربة - كورونا -
-
محطات
-
هي التي لا يحدها اسم إشارة
-
من يجدد وحدة العراق ؟؟؟
-
مجلس الامة واكفان مقتدى الصدر
-
احذروا هذه الظاهرة
-
هل ستنبت لي اجنحة ؟
-
عبور الازمنة
-
من - ديوجين - الى شنور
-
خطاب وزير المالية البائس
-
الفنان محمد رمضان وموسم كشف الصدور في العراق
-
على طريقة المتنبئين
المزيد.....
-
-جمال بنت السعودية-.. الأميرة رجوة تثير تفاعلا بأحدث ظهور
-
مصر.. فيديو تبثه فتاة -خادش للحياء- يثير تفاعلا والداخلية تر
...
-
إعادة انتخاب نجيب بوكيلة رئيسا للسلفادور للمرة الثانية
-
الشرطة الأمريكية تعتقل خمسة صينيين بسبب -آيفون-
-
ليندسي غراهام: على بايدن توضيح أن مقترح وقف النار لن يمنع من
...
-
كندا تعرب عن رغبتها بالتعاون مع -أوكوس- في تطوير التقنيات ال
...
-
الصين تعرض صورا فريدة التقطها مسبار -تشانغ آه-6- على الجانب
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: برلين ستتقارب مع موسكو وستبتعد عن
...
-
بعد اتهامات بـ-مهاجمة مصالح إسرائيل بعصابات-.. إيران تستدعي
...
-
السعودية تبدأ تطبيق عقوبة -الحج بلا تصريح- بغرامات وسجن وترح
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|