|
لم استطع دخول حفلة أنغام .. فكتبت
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7204 - 2022 / 3 / 28 - 08:43
المحور:
الادب والفن
تسلقت أنغام بتؤدة وأناة سلالم الطرب ، وجلست منذ زمن بعيد على قمة العزف والغناء ، واصبحت بلا منازع : حنجرة الوقت . عرف صوتها كيف يتلافى بمهارة سلسلة الممنوعات : أوامر ونواهي الصحراء دائمة الهبوب على تاريخ مصر ، وهذا ما ساعد صوتها على ان يشق طريقه الينا : ليروينا ، نحن العطاشى منذ زمن بعيد اليه .. الى ما ينفثه في وجداننا واحاسيسنا من حيوية وحياة .
اذ بدأ صوتها ، منذ بزوغه القوي على مسرح حياتنا ، يمسد أوجاعنا وهمومنا ، ويتمدد كغيمة ممطرة ويغسل قلق الجماعات الخارجة تباعاً من حصارات متنوعة : حصار كوبيد / 19 ، وقبلها الحصار الدائم للجماعات الرافضة لأسس الحياة الزراعية الموروثة ، أًو ما يتم تسميتهم عادة بالمهمشين والمنبوذين ، وحصار الرازحين تحت ثقل تناطح السياسات الإمبريالية وما أنتجه هذا التناطح من شعوب : نازحة ومهاجرة وماشية بغير بوصلة لا تدري الى اين ، تحفها : المجاعات والحروب والتضخم وفقدان الأمل . ولم ينس صوت أنغام الفارين من نيران تغير المناخ ، والمطاردين من مسدسات كواتم الصوت التي تنتشر كالفطر في ساحات ( الحرية ) في جميع عواصم البلدان الناطقة بلغة الاستبداد العربية ، ولم يتخلف صوتها عن مرافقة الباحثين عن ذواتهم - في زحام اصطراع الهويات - الى شواطئ الحرية المفتوحة على آفاق بلا حدود .
هذا هو صوت أنغام : الا تتذكرون نهر الفرح والدموع المنساب من حنجرة ستينيات القرن المنصرم وسبعينياته ، حيث تقف " ثومة " بشموخ الأهرام وقوة تدفق مياه النيل وهي تخاطبنا عن الحب والعمل ، وعن وحدتهما - نحن الذين كسر " فقهاء الظلام " ظهور شبابنا بفتاواهم عن بول البعير ونكاح الجهاد وولاية الفقيه وحرمة الموسيقى والغناء والرقص ؟ أم نسيتم كيف تدثر ذلك الوقت - الى جانب صوت ام كلثوم - بصوت عبد الباسط الذي حلمنا معه ، ونحن نستمع الى تفجر براكين صوته مع تدافع امواج نهر الغراف في أمسيات الشباب الحالم بالتحرر والانطلاق من عبودية : عمائم الشيعة وكشائد السنة وجنرالات الجيش ومختلف صنوف الزعامات الحزبية : التي أمعنت - بلا خجل - في سرقة قوتنا اليومي لاطعام كلابهم البوليسية النابحة على حدود احزابهم منعاً لها من دخول عالم النهضة والأنوار .
هذا هو صوت أنغام : يتحزم بقوة حريته ليكنس بقايا ما خلفه اشباح الظلام من قيود ونواه وحرمانات ، ويسافر بإصرار عجيب الى منازل " الثقوب السود " في جوف الصحراء : ليكنس عفونة ما أبقاه السلف ، وهم يتدفأون بنيران عظام بعضهم ، ويتلمضون مسرورين : بتبادل انتخاب دم بعضهم البعض في حروب " الفتنة الكبرى " .
أنغام تعني : الفرح كله والسرور كله والزهو كله والطرب كله .
هل حضرتم كما حضرت شخصياً - وانا في الطريق الى البحث عن ذاتي - " تكية " في احدى مدن النهرين ، وفيها رأيت : الرجال وحدهم يحملون الدفوف ويترنمون بقصائد العشق والهيام وهم يهزون اجسادهم ليوحوا بأنهم في حالة وجد . وحين غادرت المكان الى لا مكان لم تخلف " التكية " في ذاكرتي في سوى : شوارب الرجال ولحى الرجال وعيون الرجال المطبقة على حلم العروج والاتحاد ، الخالي تماماً من حضور المرأة ، وكل رائحة لأنثى ، رغم ان دشاديشهم منفوخة بأحلام التوق الى الحب ولقاء المرأة .
طرب أنغام لم ينفعل في أدائه ضد الذكورية ، وينفي الحضور الضروري للذكر رغم نفيه لها على طول تاريخ هيمنته كان طرب أنغام عاماً وشاملاً يتجاور في عزف آلات فرقتها : الذكر والأنثى ، وهما معاً : قد تقاسما الجلوس في قاعة المسرح الكبير في أوبرا القاهرة في يوم 21 - 3 - 2022 وتشاركا في لهفة الدخول الى عالم أنغام الطربي الذي : لا بداوة فيه ولا عزل ، ولا استئثار بالنغم ولا نهب ، ولا غزو ، ولا غنيمة ، ولا دفع لفاتورة الجزية ، ولا تفرقة بين : ذمي ومؤمن ،
كانا معاً : الذكر والأنثى يتجاوران في افق حرية صوت أنغام ، وكانا يبوحان لبعضهما وهما يشنفان السمع : انا وانت : وجها الحرية لا حرية للرجل الذي يحتل لوحده من غير أنثى وجهاها فاما ان يكون : الذكر والأنثى وجها الحرية .. أو لا تكون ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عضلات ايران البالستية
-
آلهة البدو / الجزءالثاني / 5من 5
-
آلهة البدو الجزء الثاني ، 4 من 5
-
آلهة البدو : الجزء الثاني 3 من 5
-
1 و 2 من 5 / من مقال آلهة البدو - الجزء الثاني ،
-
أوكرانيا - العراق
-
آلهة البدو
-
حفلات رئيس الوزراء البريطاني وقوانين محاربة - كورونا -
-
محطات
-
هي التي لا يحدها اسم إشارة
-
من يجدد وحدة العراق ؟؟؟
-
مجلس الامة واكفان مقتدى الصدر
-
احذروا هذه الظاهرة
-
هل ستنبت لي اجنحة ؟
-
عبور الازمنة
-
من - ديوجين - الى شنور
-
خطاب وزير المالية البائس
-
الفنان محمد رمضان وموسم كشف الصدور في العراق
-
على طريقة المتنبئين
-
البيت الشيعي العراقي
المزيد.....
-
اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
-
عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم
...
-
فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد
...
-
نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
-
الحرب والغرب، والثقافة
-
-الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي
...
-
مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي
...
-
والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب يكشف عن حالة نجله ب
...
-
تابع الحلقة الجديدة 28 .. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28
...
-
تابع عرض مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة عبر ترددات القن
...
المزيد.....
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
المزيد.....
|