أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - هل ستتحطم روسيا بتكرار حرب يوغوسلافيا في أوراسيا؟















المزيد.....

هل ستتحطم روسيا بتكرار حرب يوغوسلافيا في أوراسيا؟


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 7203 - 2022 / 3 / 27 - 15:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتذكر الجميع ما وقع في يوغوسلافيا في تسعينيات القرن الماضي من حرب دموية بين الصرب الأرثوذكس والكروات الكاثوليك والبوسنيين المسلمين وغيرهم من المقدونيين والسلوفانيين والجبل الأسود، وقد ركزت عمدا على إضافة صفة دينية لكل شعب من هذه الشعوب التي كانت تشكل يوغوسلافيا في عهد الماريشال تيتو الذي عمل بكل ما في وسعه للحفاظ على وحدة هذه الدولة التي يرى الكثير من الباحثين أن تشكلها غير طبيعي، فهؤلاء في أغلبيتهم يعتبرون أن أغلب دول العالم التي شكلتها قوى إستعمارية هي غير طبيعية لأنها بنيت على خليط من قوميات وإثنيات وقبائل متصارعة كي تبقى دول هشة، ويسود عدم الإستقرار فيها، ويسمح لهذه القوى الإستعمارية بالتدخل كلما أرادت ذلك لخدمة مصالحها وإستراتيجياتها، فمن أبرز هؤلاء نجد الروسي ألكسندر دوغين القريب من بوتين، والذي يقترح في كتابه الشهير "أسس الجيوبولتيكا- مستقبل روسيا الجيوبولتيكي-" نظاما عالميا جديدا مبني على إعادة تشكيل الدول على أسس قومية وإثنية، خاصة في أوراسيا كي يسود السلام والإستقرار في نظره، ولايسمح للغرب بإستغلال مختلف التناقضات القومية والإثنية والقبلية الداخلية للدول لإثارة الفوضى، وهو ما يعطينا فكرة عن ما يمكن حدوثه في حالة تحقيق روسيا سيطرة أو سيادة عالمية بعزلها أمريكا بعد سيطرتها التامة على أوراسيا.
لايمكن لأي كان أن ينفي بأن الحرب التي عرفتها يوغوسلافيا في تسعينيات القرن الماضي قد أخذت طابعا دينيا كغطاء أو كمخيال إجتماعي لتحريك العامة والبسطاء- حسب مصطلحات محمد أركون-، كما كانت هذه الحرب عاملا أساسيا في دفع الأمريكي صموئيل هنتنغتون إلى القول بفكرة صدام الحضارات في حينها، ولو أن هنتنغتون في الحقيقة كان يرسم إستراتيجية أمريكية جديدة مبنية على خلق عدو جديد لأمريكا وللغرب بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي كي يحافظ على وحدة الغرب الرأسمالي، ولا يدخل في صراع داخلي مدمر له التي هي طبيعة القوى الرأسمالية، فكلما غاب العدو والخطر عليها تآكلت فيما بينها، ويتمثل هذا العدو الجديد حسب هنتنغتون في ما سماه التحالف الإسلامي- الكونفوشيوسي أي تحالف الحضارتين الإسلامية والصينية ضد الغرب المتكون من أمريكا وغرب أوروبا، وهدفه من ذلك كله الحفاظ على التحالف الأوروبي-الأطلنطي الذي يمكن أن ينتهي بنهاية الخطر السوفياتي، وهو ما يفسر إلى حد ما تزايد الإرهاب المتستر بالدين الإسلامي آنذاك، والذي كانت تغذيه أمريكا بعدة أشكال، كما كان الحديث عن خطر حضاري إسلامي هو ذريعة للقيام بحروب وقائية ضد دول وشعوب مسلمة بنشر فكرة إذا لم تسبق على ضربهم سيضربونك عندما يصبحون أقوياء، لكن في الحقيقة الهدف من ذلك كله هو الإستيلاء على مواقع إستراتيجية ومراكز الطاقة العالمية التي يعد العالم الإسلامي من البلدان الأكثر غنى في ذلك سواء في الخليج أو شمال أفريقيا أو أندونيسيا، وخاصة جمهوريات آسيا الوسطى التي كانت تابعة للإتحاد السوفياتي سابقا، وهو ما يفسر إنتشار الإرهاب المتستر بالإسلام بالقرب من المناطق الغنية بالطاقة، كما أستخدم هذا الإرهاب لإضعاف دول ولإقلاق روسيا وغرب أوروبا، خاصة دول شمال البحر الأبيض المتوسط.
فبعد ما شرحنا أهداف هنتنغتون من فكرة صدام الحضارات، فإننا نلاحظ اليوم تراجع الإرهاب المتستر بالإسلام، ولم يسأل أي أحد لماذا؟، ولم يسأل البعض لماذا تخلت السعودية مؤخرا عن الوهابية المنتجة للإرهاب بعد إعتراف محمد بن سلمان ذاته بأن الوهابية كانت أداة يستخدمها الغرب لخلق الفوضى ولخدمة إستراتيجياته الكبرى، ونتساءل هل لازال الغرب، وعلى رأسها أمريكا يحتاج إلى توظيف الدين اليوم أم هو في غنى عنه؟.
لعل يتساءل البعض ما علاقة حرب يوغوسلافيا في التسعينيات مع ما يحدث اليوم بين روسيا وأوكرانيا، قبل الإجابة عن ذلك علينا الإشارة إلى التكرار القوي لمصطلح "البلقان الأوراسي" في كل كتابات بريجنسكي المستشار القومي للرئيس كارتر، والذي كان وراء فكرة توظيف الدين الإسلامي في القضاء على الإتحاد السوفياتي، فيجب أن نعلم، ونوضح أن يوغسلافيا تشبه إلى حد كبير أوراسيا أو بتعبير آخر هي صورة مصغرة لأوراسيا، فصربيا تشبه روسيا تماما جغرافيا ودينيا، فهم أرثوذكس، وكرواتيا وسلوفينيا تشبه دول غرب أوربا كفرنسا وألمانيا وغيرها جغرافيا ودينيا، فهم أيضا كاثوليك وبروتستانت، أما البوسنة، فهي تشبه إلى حد ما مسلمو أسيا الوسطى في الإتحاد السوفياتي سابقا، فكما كان البوسنيين أثناء حرب يوغسلافيا منقسمون في ولاءاتهم بين ثلاث قوى مسلمة، وهي تركيا وإيران والسعودية، فنجد نفس الأمر تقريبا في آسيا الوسطى وما جاورها من أفغانستان والباكستان.
نعتقد أن أمريكا والغرب قد رسموا إستراتيجية جديدة أوحي بها بريجنسكي منذ مدة وقبل وفاته، وتتمثل في القضاء على روسيا نهائيا كي تسيطر على أوراسيا كلها، ويضمن السيادة العالمية لأمريكا، أي دفع روسيا إلى الإنهيار كما أنهارت ألمانيا في غرب أوروبا واليابان في المحيط الهادي بعد الحرب العالمية الثانية، وبذلك ستضمن أمريكا سلطتها النهائية، ولم يبق لها إلا الصين لإخضاعها، وكل ذلك في إطار المشروع الأمبرطوري الأمريكي.
قد قلنا سابقا في عدة مقالات بأن روسيا تم إستفزازها، ولم يترك لها أي إختيار، فاندفعت في حرب ضد اوكرانيا، فأعادت بذلك وحدة الغرب الرأسمالي من جديد بعد ما كان في طريق الإنهيار، وستتعرض لحصار عالمي من كل الجهات، بل ستؤدي حربها على أوكرانيا إلى تدخلات شبيهة بما وقع في يوغسلافيا أين حوصر الصرب الذين أرتكبوا مجازر ضد مسلمي البوسنة، وتم ضربهم على يد قوات الحلف الأطلسي، فاليوم الذين وقفوا مع كرواتيا وسلوفينيا آنذاك هم أنفسهم الذين يقفون مع أوكرانيا والدول المجاورة لروسيا من الناحية الغربية لها، فلم تبق إلا خطوة واحدة لتكرار نفس حرب يوغسلافيا، وذلك بتحريك بعض مسلمي آسيا الوسطى ضد روسيا، وهم يشبهون في ذلك مسلمي البوسنة في يوغوسلافيا سابقا، فهناك إحتمال وقوع مجازر ضدهم نتيجة لذلك كما وقع ضد مسلمي البوسنة، فيندفع العالم الإسلامي كله ضد روسيا كما وقع في أفغانستان في بدايات ثمانينات القرن الماضي الذي كان أحد الأسباب، وليس الوحيد طبعا الذي كان وراء إنهيار الإتحاد السوفياتي.
ان آسيا الوسطى الغنية بالطاقة هي موالية في الحقيقة لتركيا، وتحت تأثير تركي خاصة، وكذلك إيراني وسعودي، لكن بشكل أقل، فالتأثير التركي هو الأقوى بحكم الدين، فهم سنة من جهة وكذلك العرق من جهة ثانية، كما كان للأتراك تأثيرا كبيرا أيضا على مسلمي البوسنة، وقد قلنا عدة مرات في مقالات سابقة بأن التوجه الديني لتركيا لم يكن إلا إستغلالا له في إطار مخطط غربي كبير، وهو جلب وكسب مسلمي العالم كي تصبح قائدتهم وجعلهم يقفون إلى جانب أمريكا في مخططاتها فيما بعد، وقد كتبها هنتنغتون صراحة في كتابه "صدام الحضارات"، فتركيا عضو في الحلف الأطلسي وفي عداء إستراتيجي مع روسيا التي تستهدف منذ قرون الوصول إلى القسطنطينية، ومنها إلى مضايق البوسفور والدردنيل للوصول إلى المياه الدافئة، وهو الهدف الإستراتيجي لكل حكام روسيا منذ بطرس الأكبر مرورا بكل القياصرة وبالإتحاد السوفياتي ونهاية ببوتين، فأغلب الحروب التي خاضتها الدولة العثمانية كانت ضد روسيا، ومن أشهر هذه الحروب حرب القرم في منتصف القرن19 أين ساعدتها بريطانيا وفرنسا ضد روسيا، وشاركت فيها العديد من الشعوب المسلمة بدعوى الجهاد وبتجنيد بريطاني وفرنسي لها، لكن هدف بريطانيا وفرنسا هو منع روسيا من الوصول إلى المياه الدافئة وإبعادها من الصراع حول آراضي وممتلكات الدولة العثمانية الذي كانت تسميه ب"الرجل المريض"، والتي كانت تحضر نفسها لإلتهامها في الوقت المناسب، وهو ما تم فيما بعد.
أنه من مصلحة تركيا إضعاف روسيا، أي بتعبير آخر التقت مصالح تركيا مع الغرب في هذا المجال، كما أن إضعاف روسيا معناه تزايد النفوذ التركي في آسيا الوسطى، وممكن حتى ضمهم إليها بحكم التقارب الديني والعرقي دون أن ننسى تسهيل تمرير أنابيب الغاز والنفط من آسيا الوسطى عبر تركيا ثم البحر المتوسط، فتتحكم بذلك في تزويد أوروبا بالطاقة، خاصة أن هناك مخططات أمريكية أخرى لتمريرها عبر أفغانستان والباكستان إلى المحيط الهندي، لكن تصر روسيا على عرقلة ذلك وتمريرها عبر آراضيها كي تبقى متحكمة في هذه الأنابيب، فكم من دماء تسيل في هذه المناطق بسبب الطاقة، وهو ما يتحدث عنه الباحث وخبير الأمن الدولي الأمريكي مايكل كلير بشكل جلي في كتابه "دم ونفط- أمريكا وإستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟-".
نعتقد أن روسيا تدرك ذلك جيدا، ولهذا عملت منذ سقوط الإتحاد السوفياتي على التحكم في آسيا الوسطى بالعمل من أجل أن لا تمر أنابيب النفط والغاز في آسيا الوسطى إلا على الآراضي الروسية لجعلها تابعة لها ومتحكمة فيها، كما كانت تتدخل في هذه الدول مثلما تتدخل في أوكرانيا ودول البلطيق وغيرها، لكن مع المخطط الإستراتيجي الغربي للقضاء على روسيا ستتدخل تركيا ضد روسيا، ويتم محاصرتها من الغرب ومن الجنوب، ولعل سيستغرب البعض ان قلت أنه يمكن أن تنضم حتى الصين إلى الغرب ضد روسيا كي يسكت الغرب عنها، ويتركها تتوسع إقتصاديا، إضافة إلى رغبتها في إضعاف جار مقلق لها، ولو أن سقوط روسيا معناه صدام مباشر بين الصين من جهة والغرب وأمريكا من جهة أخرى، لكن فلنعلم أن الصين عادة ما أستخدمت ضد روسيا حتى في خضم الحرب الباردة، وكلنا يعلم ما قام به كيسنجر في السبعينيات، بل بدات تنكشف اليوم الكثير من الأسرارن ومنها التي تقول بأن النمو الإقتصادي الصيني قد جاء بناء على إتفاق لها مع الغرب، ومنها مجموعة اللجنة الثلاثية (La Trillaterale) التي تضم مفكرين وسياسيين من أوروبا واليابان وأمريكا، ومنهم كيسنجر وبريجنسكي، والتي من مهامها رسم الإستراتيجيات وتنفيذها بهدف إقامة دولة عالمية رأسمالية، فقد أقنع هؤلاء الصين بضرب الإتحاد السوفياتي مقابل نمو إقتصادي رأسمالي، فالصين اليوم لايختلف توسعها الإقتصادي تماما عن التوسع الرأسمالي الغربي، فحتى هي تبحث عن توسيع أسواقها ومناطق للإستثمار وضمان للمواد الأولية، خاصة الطاقة التي يمكن أن تضمنها في آسيا الوسطى كجائزة لها لو شاركت في تدمير روسيا، وهو ما من شأنه عدم إتكال بلدان العالم الثالث على الصين لمساعدتها ضد الإستغلال الرأسمالي الغربي الذي هو لب الصراع العالمي منذ بدايات التوسع الرأسمالي منذ قرون، فالصين في الحقيقة تستهدف نفس التوسع على حساب شعوب العالم الثالث، وإن أتخذ طابع مختلف في شكله وأساليبه، وليس في عمقه وجوهره، كما أن أغلب دول العالم اليوم بدأت تشعر بضغط غربي عليها لإتخاذ مواقف ضد روسيا لعزلها بتوظيف عدة أوراق ومنها التهديد العسكري، وكذلك الطاقة وبشكل أكبر قضية الغذاء، وعلى رأسها القمح الذي قل إنتاجه بشكل مرعب بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، وهو ما ينذر بإنتفاضات المجاعة في عدة دول في منطقتنا خاصة، وهو ما يجعل أنظمتنا سترضخ للغرب خوفا من هذه الإنتفاضات أو تضطر أن تبذل مجهودا لإيقاف هذه الحرب، لكن من سيسمعها عندما يكون الأمر هو شأن كبار العالم، وليس صغاره.
لكن الأخطر في محاصرة روسيا من كل الجهات كما حوصرت صربيا أثناء حرب يوغسلافيا هو إدخال روسيا ذاتها في حرب أهلية لأن فيدرالية روسيا تتكون أيضا من شعوب ذات أعراق وأديان متعددة، ويشكل هؤلاء حوالي 30% من سكان فيدرالية روسيا، فمثلا عدد المسلمين فيها يتجاوز الأربعين مليون اليوم، فبذلك تنتهي روسيا، وتسيطر أمريكا ووراءها الغرب على كل أوراسيا، ومن يمتلك أوراسيا سيسيطر على العالم كله كما قال ماكيندر في مقالته الشهيرة "المحور الجغرافي للتاريخ" في 1904.
فلنلاحظ أن أمريكا تطورت في إستراتيجيتها من أجل السيطرة على العالم، فبعد ما سيطرت على القارة الأمريكية بموجب مبدأ مونرو في بدايات القرن19 الذي يمنع عن كل من هو خارج هذه القارة التدخل فيها، فإنها انتقلت بعد الحرب العالمية الثانية إلى مبدأ ترومان1947، وهو حماية ما تسميه بالعالم الحر أي الغرب الرأسمالي، ولتحقيق ذلك أنشأت الحلف الأطلسي بناء على مفكرها الإستراتيجي نيكولاس سبيكمان الذي قال في كتابه " جغرافية السلام" في 1944 أنه لمنع أي سيطرة على أوراسيا يتطلب ضرورة السيطرة على حوافيها أي السواحل الكبرى لمحاصرة الإتحاد السوفياتي، فمن هذه الفكرة جاءت فكرة إنشاء الحلف الأطلسي المبني على دعم بناء قوة بحرية تتشكل من الأساطيل بناء على أفكار مفكر إستراتيجي أمريكي آخر هو ألفريد ماهان، ثم شرعت أمريكا منذ إنهيار الإتحاد السوفياتي إلى إنشاء الأمبرطورية الأمريكية، فكل كتب بريجنسكي وكيسنجر وغيرهم تنظر لكيفية تحقيق ذلك، ويبدو أنها اليوم دخلت في مرحلة جديدة ومخطط آخر موسع يقضي بالتخلص النهائي من روسيا ثم الصين فيما بعد، فتفرض سيادتها العالمية.
نرجوا أن يدرك الروس هذا المخطط، ولا يقعون في الفخ المنصب لهم بإحكام في أوكرانيا لأن تحقيق هذه المشروع الأمبرطوري الأمريكي الذي لخصه فرانسيس فوكوياما بنهاية التاريخ ومعناه السيطرة النهائية للرأسمالية العالمية على كل العالم المتسم بالإستغلال والبؤس لشعوبنا سيكون كارثة أكبر علينا نحن أيضا، فلا نجد أي وسيلة ولا قوة نستند عليها لمواجهة ذلك، فهي في الحقيقة عودة للإستعمار بأشكال أخرى، وإن كان البعض يعتقد ان الإنتصار الرأسمالي العالمي سيخدم شعوبنا، فهو لايفهم أي شيء لا في العلاقات الدولية ولا في الأنظمة الإقتصادية، فالرأسمالية العالمية نظام إستغلالي بشع مبني على الدم والدمار من أجل المال، فإن يعتقد البعض بأنها قد حققت بعض المكاسب الإجتماعية في أوروبا وغيرها، فذلك لم يقع إلا على حساب شعوبنا بإستغلال ثرواتنا وربط إقتصادياتنا بهذه المراكز الرأسمالية المتمثلة في امريكا وبريطانيا وفرنسا، فأبقتنا في تخلف مزمن لايمكن التخلص منه إلا بفك إرتباطنا بهذه المراكز الرأسمالية العالمية كما وضحتها بالتفصيل في الكثير من كتبي، وبسطتها في عدة مقالات سابقة، كما تحققت أيضا البعض من هذه الرفاهية في اوربا خوفا من إنتشار الأفكار الإشتراكية أين حاول الرأسماليون إرشاء الشعوب كي لاتنجر وراء هذه الأفكار، فتثور ضد الأنظمة الرأسمالية، وهو ما سماه الأمريكي مارشال بتجفيف منابع الشيوعية في أوروبا آنذاك، لكن عندما لا يجد الرأسماليون الذين يسعون اليوم لإنشاء أمبرطوريتهم العالمية أو كما سماهم السويسري جون زيغلر ب"سادة العالم الجدد" من سيقف في وجههم، ويهدد مصالحهم، فإنهم سيمتصون دماء شعوب الضعفاء دون رحمة ولا شفقة، فهو نظام توسع بالدماء وإمتصاص عرق ودماء الشعوب، لكن علينا أن نزرع الأمل، فإن عانينا من عالم أحادي القطبية بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي، فإننا سنعاني أكثر في حالة إنتصار هذا المشروع الأمبرطوري الأمريكي، إلا أن التاريخ قد علمنا بظهور قوى جديدة لم تكن في الحسبان لمواجهة أي أخطارمحدقة بالضعفاء، كما سنتساءل هل ستصمت أوروبا والصين واليابان في حالة نجاح هذا المشروع الأمبرطوري بعد تدمير روسيا أم أن العالم سيدخل في صراعات أخرى، وهو ما سيعطي فرصة للضعفاء لإستغلال مختلف هذه التناقضات والصراعات لصالحهم للتخفيف من ضغط الأفعى الرأسمالية التي ستحيط بهم من كل جانب؟.



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل وقع بوتين فعلا في فخ أمريكي؟
- موقع أوكرانيا على رقعة الشطرنج الكبرى
- كيف تجسست المخابرات الصهيونية على قمم عربية وإسلامية؟
- هل ناقض مالك بن نبي الآيات القرآنية والطرح الخلدوني حول البد ...
- توسيع عملية التمدين لإضعاف العصبيات الخلدونية
- معضلة الإقلاع الإقتصادي في منطقتنا بين الوطنية الإشتراكية وا ...
- ماذا بقي من -علم الإستغراب- لحسن حنفي؟
- هل سار ماكرون على نفس خطى جيسكار ديستان؟
- هل الشمولية الإلكترونية هو الخطر القادم؟
- مقاربة جديدة للحد من تكرار أحداث تونس أو غيرها
- الحل الأمثل للدفاع عن الإنسان في فلسطين
- عرقلة حركة التاريخ بغطاء ديني
- أفكار فوضوية دون باكونين
- الخريف العربي والحراك الجزائري-أوجه التشابه والإختلاف-
- دعوة لربط تجريم الإستعمار بالقضاء على نظام إقتصادي عالمي مجح ...
- قراءة في المشروع التمهيدي لقانون الإنتخابات الجزائري-المساوا ...
- أي دور للزراعة في تحقيق الإقلاع الإقتصادي؟
- الديمقراطية والرأسمالية بين التناقض والترابط
- موريس جولي والتأسيس للميكيافيلية الناعمة
- الإستعانة بمالك بن نبي لقراءة تصريحات ماكرون الأخيرة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - هل ستتحطم روسيا بتكرار حرب يوغوسلافيا في أوراسيا؟