أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - موقع أوكرانيا على رقعة الشطرنج الكبرى















المزيد.....

موقع أوكرانيا على رقعة الشطرنج الكبرى


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 7184 - 2022 / 3 / 8 - 12:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعددت النظريات بعد نهاية الحرب الباردة لتفسير مستقبل العلاقات الدولية، فإن كان فرانسيس فوكوياما قال ب"نهاية التاريخ" وبإنتصار نهائي للنموذج الغربي الديمقراطي- الرأسمالي من ناحية الأفكار والتنظيم السياسي-الإقتصادي، ولم يبق إلا إنتشاره عالميا، وذهب صموئيل هنتنغتون إلى القول بان الصراعات المقبلة ستكون صدامات حضارية، خاصة بين الحضارة الغربية من جهة وما سماه بالتحالف الكنفوشيوسي- الإسلامي(تحالف الحضارتين الإسلامية والصينية)، إلا أن هناك من عاد إلى القول بأن كل الصراع العالمي هو صراع من أجل السيطرة والنفوذ، وتحددة الجيويولتيكا الذي هو علم خاص فقط برجالات السلطة ومنظريهم، فكان من ضمن هؤلاء كيسنجر صاحب النظرية الواقعية في العلاقات الدولية، وكذلك زبغينيو بريجنسكي صاحب الكتاب الشهير "رقعة الشطرنج الكبرى "الذي أخذت منه عنوان مقالاتنا هذه، ويرى أن كل الصراع هو من أجل السيطرة على أوراسيا كما سنوضح ذلك فيما بعد.
ان إندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية جعل العالم يعيش على فوهة حرب عالمية ثالثة التي لايمكن وقفها إلا التلويح بإمكانية تحولها إلى حرب نووية كما يفعل بوتين من خلال عدة تصريحات وممارسات منه، وهو ما سيعيد إلى الأذهان الرعب النووي الذي ساد العالم طيلة الحرب الباردة التي بقيت باردة، ولم تتحول إلى ساخنة بين القوتين العظميين آنذاكبسبب هذا الرعب، فهذا التلويح اليوم سيدفع الجميع إلى التعقل والسعي بكل ما أوتوا من قوة لإيقاف هذه الحرب كما وقع أثناء الأزمة الكوبية1961 عندما نصب الإتحاد السوفياتي صواريخ في هذا البلد وعلى حدود الولايات المتحدة الأمريكية، فعاش العالم على أعصابه خوفا من حرب عالمية نووية بين القوتين العظميين آنذاك، لكن توصل كل من خروتشوف وكنيدي إلى إتفاق لتجنيب العالم الكارثة الكبرى، وبوضع خط هاتفي أحمر بينهما كي يحلان أي مشكل في أسرع وقت، وتتكرر نفس ظاهرة كوبا اليوم في أوكرانيا، لكن بشكل آخر، وذلك بمحاولات الغرب توسيع منظمة الحلف الأطلسي إلى أوكرانيا أي إلى حدود روسيا، وهو ما يعني تنصيب صواريخ نووية على حدودها، ولعل هذا ما يفسر التدخل الروسي في أوكرانيا إضافة إلى عوامل أخرى، كما علينا الإشارة إلى أن قرار توسيع الناتو شرقا الذي أتخذ في 1996 كان الهدف الغير معلن عنه هو محاصرة روسيا والسيطرة الأورو-أطلسية على أوراسيا التي سماها بريجنسكي ب"رقعة الشطرنج الكبرى" التي يدور حولها الصراع العالمي.
ان الحرب الروسية-الأوكرانية اليوم هي في الحقيقة إستمرار للحرب الباردة السابقة، لكن بأساليب وبعناوين أخرى، ولعل الغائب الوحيد اليوم هو الأيديولوجيتين الشيوعية والرأسمالية، ولايمكن لنا فهم خلفيات الصراع الروسي-الغربي إلا بالعودة إلى منظرين إستراتيجيين روس وأمريكان، فلعل المتتبعين للشؤون الدولية يتذكرون كتاب " رقعة الشطرنج الكبرى" الذي أشرنا إليه، ونشره زبغينيو بريجنسكي بعد نهاية الحرب الباردة، وهو أحد كبار منظري الإستراتيجية الأمريكية ومستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر، وهو الذي نظر، ووضع خطط تحويل أفغانستان إلى فخ للإتحاد السوفياتي، وأدرك أهمية إستغلال الدين سواء لتلك الحرب أو للسيطرة على شمال أفريقيا والشرق الأوسط قائلا بصريح العبارة "أن من يتمكن من إختطاف الدين وإستغلاله في هذ المنطقة، سيسيطر عليها"، وقد عانت منطقتنا، ولازالت تعاني من الإرهاب الذي أنتجته هذه السياسة، ولو أننا لاننفي ان الغرب، وخاصة أمريكا كانت تستخدم الدين لمواجهة الشيوعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ عهد إيزنهاور في بداية الخمسينيات بحكم تأثير الأخوين فورستر دالاس وزير خارجيته وألان دالاس مسؤول المخابرات المركزية الأمريكية بحم تأثرهما وتربيتهما الدينية القوية جدا.
ان كتاب بريجنسكي "رقعة الشطرنج الكبرى" هو إستراتيجية كاملة موضوعة من اجل الزعامة الأمريكية على العالم منطلقا من مبدأ وضعه البريطاني هيلفورد جورج ماكيندر في بدايات القرن العشرين في مقالته "المحور الجغرافي للتاريخ" يقول فيها بأن الصراع العالمي يدور على رقعة شطرنج هي منطقة أوراسيا، وختمه بالقول " أن من يحكم اوروبا الشرقية يسيطر على قلب اوراسيا، ومن يحكم منطقة القلب يسيطر على جزيرة العالم، ومن يحكم هذه الجزيرة سيسيطر على العالم كله"، ولم تكن الحرب الباردة إلا صراع على ذلك بغطاء أيديولوجي، وقد حدد ووضع بريجنسكي في كتابه هذا كل التحالفات والتحركات التي يجب ان تقوم بها أمريكا للسيطرة على أوراسيا بشكل غير مباشر كي تضمن زعامتها على العالم، وكي نفهم ما يحدث في أوكرانيا، فقد قال بريجنسكي صراحة منذ عقود أن روسيا ستموت، ويستحيل أن تتحول إلى أمبرطورية إلا بأوكرانيا بكل إمكانياتها البشرية والمادية وغيرها، وذلك ليس فقط لأن أوكرانيا تعد مدخلا روسيا إلى البحر الأسود عبر أوديسا التي تعد البوابة الحيوية لروسيا في التجارة مع البحر البيض المتوسط والعالم، بل أيضا لأن دون اوكرانيا تصبح روسيا غير أوروبية، ويورد بريجنسكي مقولات لإستراتيجيين وسياسيين روس يعتبرون أن إنفصال اوكرانيا مجرد موقف مؤقت، ويرون ضرورة إستعادة هذه الجمهورية بشكل أو بآخر، والتي تعد أكبر جمهورية في الإتحاد السوفياتي سابقا بعد روسيا، ولهذا يرى بريجنسكي ضرورة منع روسيا من الوصول إليها بعد ما تم فصلها عن الإتحاد السوفياتي بعد نهاية الحرب الباردة، ويعتبر بريجنسكي أوكرانيا كمحور جيوبوليتيكي، وإن سقطت في يد روسيا ستتحول بولونيا إلى محور جيوبوليتيكي، وكلنا يعلم أن بولونيا كانت نقطة بداية الحرب العالمية الثانية بغزو هتلر لها في سبتمبر1939 كما أخذ ستالين جزءها الغربي بموجب إتفاقية ميونيخ بين ألمانيا الهتلرية والإتحاد السوفياتيبقيادة ستالين في أوت، لكن في الوقت الذي فهم فيه ستالين ضرورة تحالف ألماني- سوفياتي للسيطرة على أوراسيا وعزل بريطانيا بحكم موقعها الجزيري في أوروبا التي جعل كل سياساتها هي العمل على منع أي سيطرة قارية على أوروبا والحفاظ على التوازن بين مختلف القوي في أوروبا، بل أكثر من ذلك فإن هذا التحالف اللماني-السوفياتي سيعزل الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد حتى هي جزيرية على المستوى العالمي مثل أنجلترا بالنسبة لأوروبا، ولهذا تعمل حتى هي من أجل منع أي سيطرة على أوراسيا وضرورة دق إسفين بين روسيا وأوروبا، لكن هتلر لم يأخذ بأفكار أستاذه الغير مباشرالألماني كارل هاوسهوفر صاحب فكرة "الحلف القاري" بتشكيل محور سوفياتي-ألماني، فكان خطأ هتلر هو مهاجمته الإتحاد السوفياتي بدل توطيد التحالف الذي عقده معه في 1939، وغرابة الأمر نجد نفس فكرة بناء هذا التحالف أو محوربرلين- موسكو تتكرر مع منظر إستراتيجي روسي ومستشار لبوتين هو ألكسندر دوغين صاحب كتاب "أسس الجيوبولتيكا- مستقبل روسيا الجيوبولتيكي-".
فإن كان كتاب بريجنسكي أخذ أبعادا إعلامية كبيرة في حينه، فإن هذا الكتاب لدوغين، فكتاب دوغين لايختلف كثيرا عن كتاب بريجنسكي سواء في منطلقاته حول أوراسيا وقلبها، وكذلك رسمه التحالفات والمناورات والتحركات التي يجب على روسيا القيام بها من أجل السيطرة التامة على أوراسيا وقلبها، وهو يدعو صراحة إلى إستعادة الأمبرطورية الروسية، ويرى أنه لا يمكن لروسيا أن تكون دولة عادية، بل دورها أمبرطوري، وهو نفس مايقوله منظري الإستراتيجية الأمريكية بالنسبة لأمريكا، وأن القرن الواحد والعشرين يجب أن يكون عصر السلام الأمريكي نقلا عن مصطلح السلام الروماني القديم في البحر المتوسط، أي بمعنى يجب ان يكون القرن21 هو العصر الأمبرطوري الأمريكي، ونلاحظ الإيحاءات الأمريكية دائما إلى روما كأنها وريثتها لأنها في الحقيقة تريد إخفاء أن وضعها الجغرافي شبيه بقرطاجة البحرية، وليس بروما القارية نسبة إلى الصراع بين البر واليابسة في البحر الأبيض المتوسط في العهد القديم، إلا أن دوغين قد خاض في مختاف النظريات الجيوستراتيجية والجيوبولتيكا، لكن في الأخير هم لم يقم إلا برسم الإستراتيجية الروسية للسيطرة على أوراسيا كما فعل بريجنسكي بالنسبة لأمريكا.
لم أخض في هذا الموضوع إلا لكي أشرح الموقف السليم الواجب غإخاذه من دول منطقتنا من هذا الصراع، فهو صراع من أجل السيطرة والنفود العالمي وبناء الأمبرطوريات بين القوى الكبرى، وهي امريكا ووراءها الغرب من جهة وروسيا ووراءها بعض القوى أيضا التي لم يتحدد موقفها بوضوح اليوم بناء على مبدأ "راقب وأنتظر"، فنحن بحاجة اليوم للعودة إلى فكرة الحياد الإيجابي، بل إعادة إحياء فكرة عدم الإنحياز كما كنا نفعل اثناء الحرب الباردة، فبودنا أن تتوقف هذه الحرب، ولاتتصاعد إلى حرب عالمية ثالثة مدمرة بسلاحها النووي وتأثيراتها الإقتصادية، خاصة الغذاء المتمثل في القمح حيث تنتج روسيا وأوكرانيا نسبة كبيرة من هذا القمح، ونقصه يمكن أن يؤدي إلى أزمة غذاء وفوضى في الدول التي تستورد هذا المنتوج، كما أن إعتماد أوروبا على الغاز الروسي سيجعلها تلجأ إلى دول قريبة لتغطية إحتياجاتها، لكن يجب ان نضع في الأذهان أنه يمكن لهذا الصراع أن يعيد ظاهرة الإستيلاء على أراضي بحكم موقعها الإستراتيجي في هذا الصراع العالمي حول منطقة أوراسيا والسيطرة على قلبها من أجل السيطرة على العالم، فللتاريخ فإن كانت روسيا سيطرت عبر تاريخها على جزء كبير من أوراسيا بحكم مساحتها الواسعة في آسيا وأوروبا، لكن لم تسيطر أي قوة على منطقة أوراسيا عبر التاريخ بإستثناء المغول بقيادة جنكيز خان بكل وحشيتهم وهمجيتهم.



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تجسست المخابرات الصهيونية على قمم عربية وإسلامية؟
- هل ناقض مالك بن نبي الآيات القرآنية والطرح الخلدوني حول البد ...
- توسيع عملية التمدين لإضعاف العصبيات الخلدونية
- معضلة الإقلاع الإقتصادي في منطقتنا بين الوطنية الإشتراكية وا ...
- ماذا بقي من -علم الإستغراب- لحسن حنفي؟
- هل سار ماكرون على نفس خطى جيسكار ديستان؟
- هل الشمولية الإلكترونية هو الخطر القادم؟
- مقاربة جديدة للحد من تكرار أحداث تونس أو غيرها
- الحل الأمثل للدفاع عن الإنسان في فلسطين
- عرقلة حركة التاريخ بغطاء ديني
- أفكار فوضوية دون باكونين
- الخريف العربي والحراك الجزائري-أوجه التشابه والإختلاف-
- دعوة لربط تجريم الإستعمار بالقضاء على نظام إقتصادي عالمي مجح ...
- قراءة في المشروع التمهيدي لقانون الإنتخابات الجزائري-المساوا ...
- أي دور للزراعة في تحقيق الإقلاع الإقتصادي؟
- الديمقراطية والرأسمالية بين التناقض والترابط
- موريس جولي والتأسيس للميكيافيلية الناعمة
- الإستعانة بمالك بن نبي لقراءة تصريحات ماكرون الأخيرة
- من أجل هدف إستراتيجي أعلى ومحركات لتحقيقه
- ما وراء التصعيد المغربي الأخير في الصحراء الغربية؟


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - موقع أوكرانيا على رقعة الشطرنج الكبرى