أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - أفكار فوضوية دون باكونين














المزيد.....

أفكار فوضوية دون باكونين


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 6858 - 2021 / 4 / 3 - 14:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يجب الإشارة ان المفكر الروسي ميشال باكونين Michel bakounine(1814-1876) مؤسس الفوضوية مجهول بشكل كبير في منطقتنا على عكس رواد الإشتراكية الكبار كماركس وأنجلس ولنين وغيرهم، كما أن فكرة الفوضوية مقرونة عند الكثير من العامة الغير العارفين بها بالعنف ورفض الدولة، وهو ما يناقض رغبة شعوب المنطقة وغيرها من شعوب العالم بالنظام والقانون الذي يضمن لهم الأمن والسلام، فهل من المعقول ان تقبل شعوب منطقتنا فكرة الفوضوية لباكونين وهي التي حلمت بسبب الإستعمار في إنشاء دولة وطنية محرومة منها طيلة عقود إن لم نقل قرون، لكن هل فعلا باكونين هو ضد إقامة الدولة كما يشاع عنه؟
ان باكونين هو في الحقيقة إشتراكي مثل ماركس، ويتبنى كل تحاليله للتطور الرأسمالي، إلا ان الخلاف بينهما يكمن في أن ماركس ثم أتباعه كلنين يرفضون إلغاء الدولة قبل إلغاء الملكية الفردية التي سينجر عنها نهاية الطبقية التي هي المنتجة للدولة كأداة في يد الطبقة المسيطرة لإستغلال الطبقات المستغلة، ولهذا طالبوا بدكتاتورية البروليتاريا كمرحلة قبل الوصول إلى الشيوعية، وقد ناقش لنين المسألة بإستفاضة كبيرة في كتابه الذي لم يتممه والمعنون ب"الثورة والدولة" أين يتحدث بناء على أنجلس بما أسماه ب" خبو الدولة تدريجيا كلما تطورت الإشتراكية وتم إلغاء نهائي للملكية الفردية المنتجة للطبقية التي تحول بدورها الدولة إلى اداة للإستغلال".
لكن الخلاف بين باكونين وماركس يكمن في أن باكونين يخشى أن تتحول ديكتاتورية البروليتاريا إلى دولة متغولة، وتتحول هذه الطبقة ذاتها إلى برجوازية بيروقراطية توظف اجهزة الدولة لخدمة مصالحها، فيحدث عكس ماتريده الثورة الإشتراكية، فبدل تحقيق إلغاء الطبقية نخلق طبقة أخرى، أليس ما ذكره باكونين هو الذي حصل فيما بعد في الإتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية بظهور ما يسمى ب"البرجوازية البيروقراطية"، مما أدى في الأخير إلى فشل الثورة الإشتراكية.
كما نشير أيضا إلى أن باكونين لايرفض الدولة نهائيا كما يشيع البعض عنه، بل هو يرى تخفيف سلطتها، وهو ما يذهب إليه المفكر اليساري الأمريكي نعوم تشومسكي الذي يقول أن فوضوية باكونين ليس معناها إلغاء الدولة، بل تخفيف وطئتها وهو ما يسميه ب"الإشتراكية التحررية" أين تسود الحريات والتخلص من نفوذ أجهزة الدولة، نعتقد ان هو نفس الأمر الذي يذهب إليه ميشال فوكو في فرنسا عندما يتحدث عن طغيان أجهزة الدولة وتحكمها في كل صغيرة وكبيرة من حياة الأفراد، خاصة بسبب التطور التكنولوجي او ما يسميها الرقابة على الفرد.
يجرنا ذلك على ما يشير إليه الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة بعد خروجه من السجن في 1980 عندما صرح في حوار طويل جدا، بأنه ندم عندما لم يحل حزب جبهة التحرير الوطني بعد إسترجاع الإستقلال، ويعوضه بتنظيمات التسيير الذاتي في المزارع والمصانع أين يحكم ويسير كل مواطن شؤونه الخاصة بحرية وإستقلالية عن الدولة، فنحن نعلم ان الصراع الذي وقع في الجزائر ين بن بلة وبومدين هو حول دور الدولة، فبن بلة يريد إعطاء نفوذ للحزب على عكس بن بومدين الذي يريد إعطاء نفوذ للدولة التي يجب ان تكون قوية، وتضرب بيد من حديد، وهو ما أنتج رأسمالية الدولة تحت غطاء إشتراكي، لكن تطور بن بلة فيما بعد إلى الدعوة حتى لإلغاء حتى الحزب وتعويضة بتنظيم الشعب ذاته في المزارع والمصانع بتسييره وسائل الإنتاج، فهذه في الحقيقة هي نفس فكرة باكونين فيما بعد التي هي ليست إلغاء للدولة، بل تحرير العمال من سيطرتها وتغولها على المواطن.
نعتقد ان الواقع قد أثبت لنا أن الحزبية سواء كانت حزبا واحدا أو تعددية كما هو في الأنظمة الديمقراطية البرجوازية لم تكن أبدا في خدمة البسطاء والتوزيع العادل للثروة، بل هي في الحقيقة كما قال المفكر سوريل ب"أن الأحزاب هي صراع بين نخب حول مناصب في الدولة تدر عليه بالمنافع المادية بمعزل عن خدمة المجتمع ومصالحه، بل هي أداة إستغلال"، وسنعود إلى هذا الموضوع في مقالة أخرى، وبالتالي فالمجتمع يجب أن ينتظم في مختلف المؤسسات الإنتاجية والإدارية ليسير نفسه بنفسه في إطار تسيير ذاتي مستقل عن أجهزة الدولة وتغولها، وهذا ما دعا إليه باكونين.
لم تسمع شعوب منطقتنا كثيرا بباكونين، بل لم تول له أهمية الكثير من الشعوب في العالم بإستثناء فرنسا كما يقول الفيلسوف البريطاني برتراند رسل في كتابه حول الأفكار الإشتراكية الذي ألفه في 1919 بطلب من درا نشر أمريكية، لكن الغرابة هو عدم إختصار برتراند رسل الخلاف بين ماركس وباكونين حول دور الدولة كما سبق ان أشرنا إلى ذلك من قبل، بل ذهب إلى أنه صراع شخصي بينهما، ثم أعطاه طابع صراع قومي بين السلافي باكونين والألماني ماركس، ثم فرنسي- ألماني، حيث وقف باكونين الذي هرب من سجون روسيا، فأحتضنه الفرنسيون طيلة عقود، فتأثروا بأفكاره ليس لأنها أحسن من أفكار ماكس، لكن بسبب مواقفه ضد الألمان على عكس ماركس، ولهذا فباكونين معروف في فرنسا بقوة على عكس الدول الأخرى، خاصة أنه لم يترك كتبا كثيرة مثل ماركس بإستثناء كتابه الشهير" الله والدولة"، فباكونين معروف بشارحه المتمثل في تلميذه بروكتكين kropotkine الذي روج لأفكاره، خاصة في فرنسا.
صحيح لم تنتشر أفكار باكونين بقوة في منطقتنا كما قلنا سابقا، لكن علينا الإشارة إلى وجود فوضويين يحملون أفكاره في المنطقة سواء بعلمه بباكونين أم لا، ففي الجزائر مثلا توجد شخصية مجهولة سواء للعامة أو الخاصة، بل حتى عند جل المؤرخين، وهي شخصية محمد سعيل الذي عاش في فرنسا في عشرينيات القرن20، وكان من أشد المؤمنين بافكار باكونين، لكنه بالغ في معاداته للدولة وللدين، مما صعب عليه نشر تلك الأفكار التي يستحيل أن يعتنقها شعب جد متدين، ويحلم بدولة وطنية جزائرية أغتصبها منه الإستعمار الفرنسي في 1830.





#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخريف العربي والحراك الجزائري-أوجه التشابه والإختلاف-
- دعوة لربط تجريم الإستعمار بالقضاء على نظام إقتصادي عالمي مجح ...
- قراءة في المشروع التمهيدي لقانون الإنتخابات الجزائري-المساوا ...
- أي دور للزراعة في تحقيق الإقلاع الإقتصادي؟
- الديمقراطية والرأسمالية بين التناقض والترابط
- موريس جولي والتأسيس للميكيافيلية الناعمة
- الإستعانة بمالك بن نبي لقراءة تصريحات ماكرون الأخيرة
- من أجل هدف إستراتيجي أعلى ومحركات لتحقيقه
- ما وراء التصعيد المغربي الأخير في الصحراء الغربية؟
- هل الديمقراطية حتمية تاريخية؟
- ما وراء الإستفتاء على الدستور في الجزائر؟
- نحو المطالبة الشعبية ب-الدولة العلمية-
- مقاربة لتوطين الديمقراطية في منطقتنا
- شروط أساسية لبناء دولة ديمقراطية وحديثة في منطقتنا
- نحو حرب طائفية شاملة في الشرق الأوسط
- توظيف بن خلدون لإحداث قطيعة مع عصره
- رسائل سياسية من خلال حوار رئاسي
- عرض جماجم مقاومين في المتاحف -صورة عن الجرائم الإستعمارية-
- المستقبل الديمقراطي بين التغيير السلس والفوضى
- ما وراء الصعود التركي؟


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - أفكار فوضوية دون باكونين