أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأدب والمعرفة في -مسامرات الأموات واستفتاء ميت- لوقيانوس السميساطي














المزيد.....

الأدب والمعرفة في -مسامرات الأموات واستفتاء ميت- لوقيانوس السميساطي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7199 - 2022 / 3 / 23 - 23:20
المحور: الادب والفن
    


الأدب والمعرفة في
"مسامرات الأموات واستفتاء ميت"
لوقيانوس السميساطي
ترجمة إلياس سعد غالي
الأدب يحمل أكثر من رسالة، فرغم أن الأدبية في النص ضرورية ويجب أن تكون ملازمة له، إلا أنه يحمل لنا ما كان عليه أحوال الآخرين، وكيف عاشوا، وما هي المشاكل التي عاناها الأفراد والمجتمع، وهذا ما يميز الأدب، تقديم معلومة/فكرة عن حالة/زمن/مكان/شخصيات معية من خلال النص الأدبي، وبما أن الأدب يحدث المتعة للمتلقي، فهذا يعطيه ميزة تضاف إليه، تقديم المعلومة/الفكرة بطريقة غير مباشرة.
في هذا الكتاب يطلعنا "لوقيانوس" على أحوال المجتمع في سميساط واللغة التي سادت في بداية التاريخ الميلادي 125، حيث اللغة السريالية لغة المخاطبة في ذلك المكان والزمان، وهذه اشارة إلى قوية اللغة المحلية (الآرامية) وعلى أنها لغة حية، كما أن هناك حوارات تبين أن الكلدان كانوا يمارسون الكهانة: "كأبناء الكلدانيين الذي يتكهون عن المستقبل بواسطة النجوم أو تفسير الأحلام" ص45، وإذا أخذنا موقف المتسامرون من "أرسطو" فإن هذا يجعلنا نعيد النظر فيما قدمه من فلسفة.
فهناك أن من مسامرة ذكرت أرسطو وفكره ونهجه بصورة سلبية، منها حوار الاسكندر مع ديوجين: "الاسكندر ـ الحكيم! .. إنه الأمهر الملاقين طرا، أنا الوحيد الذي أعرف أسطو وأعرف طلباته العديدة مني ومضمون رسالته لي، لقد استثمر حبي للعلم فتملقني وامتدح تارة جمالي كأنه جزء من الخير وطورا أعمالي وثروتي فعدها أيضا جمالة الخير لكيلا يخجل هو نفسه من أخذ حصته منها، ما كان هذا الرجل يا ديوجين إلا دجالا غرارا، لم استفد من فلسفته سوى الحزن على هذه الأشياء التي ذكرتها" ص75، وهذا ما يدفعننا في هذا الزمن إلى أعادة النظر فيما قدمه أرسطو من أفكار، فهل هو فعلا يعد أحد أعمدة الفلسفة اليونانية أم أنه مجرد متكلم ليس أكثر؟.
وفي مسامرة بين "مينيب وأياكس وبعض الفلاسفة" يقرن سقراط بأنه لم يقدم شيئا للفلسفة: " سقراط ـ ماذا يقال عني؟
ـ مينيب ـ أن يا سقراط لرجل سعيد في هذا الخصوص، الناس كلهم يعتقدون أنك كنت رجلا عجيبا وأنك كنت تعرف كل شيء، وأنا أضن، والحق يجب أن يقال، أنك ما عرفت شيئا.
سقراط ـ هذا ما كنت أنا نفسي أقوله لهم، أما هم فقد حسبوا ذلك هزلا" ص85و86، هذه المسامرة تمثل دعوة أخرى إلى أعادة النظر فيما قدمه سقراط من فكر، وهل فعلا كان منبع للفلسفة والفكر أم أنه مجرد شخص أخذ أكبر من حجمه؟.
وفيما يخص العلاقات التجارية وكيف يفكر التجار، يخبرنا في مسامرة بين "هرميس وخارون" عن قبح التجار وثرائهم على حساب أرواح الناس: "هرميس ـ ... ولكن متى تظن أنك ستدفع لي؟
ـ خارون ـ لا استطيع الآن أن أدفع إليك شيئا يا هرميس، ولكن إذا بعث الي الطاعون عددا من الناس اتمكن عندئذ من الدفع لأن دخلي يزداد بسبب كثرتهم وتلاعبي بأجور النقل.
هرميس ـ ليس لي إذن إلا أن انتظر واتمنى حلول أكبر المصائب لأستوفي الدين!؟" ص36 و37، هذا العقلية سادت في الماضي وما زالت سائدة حنى الآن، فالكاتب يؤكد أن هناك أشخاص/فئات لا يمكنها أن تفكر أو تتصرف بصورة سوية في المجتمع، وتسعى وتتمنى الخراب لتموا ثروتها، وكأنها الدود الذي يتغذى ويعيش على الجيف، هؤلاء هم التجار، منذ القدم وحتى كتابة هذا المقال.
وعن الطمع والرغبة في الثراء السريع، يقدم لنا هذه المسامرة بين "زينوفانت وكاليذيميذ":
" زينوفانت ـ كيف مت أنا يا كاليذيميذ؟
كاليذيميذ ـ هل تعرف بتيوذور العجوز؟
زيوفانت ـ ذاك الثري العاقر الذي كنت أراك اكثر الأوقات بصحبته؟
كاليذيميذ ـ هو نفسه، لقد اعتنيت به كثيرا بعد أن وعدني بثروته بعد موته، ولكن لما طال انتظاري وقد عمر أكثر من تيثون، وجدت طريقا أقرب للوصول إلى ثروته، فابتعت سما وتواطأت مع الساقي على أن يدس له السم في كوب مهيأ ويقدمه إليه حالما يطلب منه أن يشرب ـ وكان يشرب الخمرة غير ممزوجة ـ وأقسمت للساقي بأني سأعتقه إذا فعل.
زينوفانت ـ وماذا جرى بعد ذلك؟
كاليذيميذ ـ لما رجعنا من الحمام كان العبد الصغير يحمل كأسين الواحدة لبتيوذور وفيها السم والثانية لي، فلا أدري كيف أخطأ فأعطاني الكأس المسمومة وأعطى بتيوذور الثانية الخالية من السم، فشرب بكل طمأنينة وشربت أنا فسقطت حالا ميتا بدلا منه" ص42، هذه المسامرة وغيرها تبين أن مشاكل الناس على مر العصور واحدة، فالطمع، والخداع، والغش، والتآمر كلها مورست منذ القدم وما زالت حتى الآن، وبما أن الكاتب جعلت نهاية الخداع ترجع على فاعلها، فإن هذه دعوة ـ غير مباشرة ـ للمتلقين ليكون صادقين/أوفياء/أمناء لأصدقائهم.
الكاتب يحاول أن يعطي نصائح للأغنياء على ضرورة التمتع بالحياة وعدم انكبابهم على جمع الثروة، في المسامرة بين "ديوجين زبوليذيفكيس" نجد هذه النصيحة: "ديوجين ـ ..بلغ أيضا الأغنياء عني وقل لهم: أيها المجانين، لماذا تدخرون الذهب؟ ولماذا تعذبون أنفسكم بحسب ريع أموالكم وتكديسكم كنزا فوق كنز انتم الذي ستأتون إلى الهاوية بعد زمن قصير وليس معكم سوى أبول واحد؟" ص89، فالقيمة الأدبية لهذه المسامرات تتوازي مع القيمة الاخلاقية، فما قدمه "لوقيانوس" فيها يعد دعوة لاستخدام العقل/المنطق في كل شيء وفي كل مناحي الحياة، فهناك دعوة بعدم التسليم بما هو سائد، وعدم الأخذ بالتقليد أو الاعتماد عليه كمسلم صحيح/سليم.
وبما أن المسامرات جاءت قصيرة بحيث لا تتجاوز الأربع صفحات فإن هذا سهل تناولها وجعلها خفيفة الظل على القارئ، فكان أقرب إلى الفاكهة الأدبية منها إلى النصوص العسيرة الهضم.
الكتاب من منشورات اللجنة الدولية لترجمة الروائع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1967.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أم بنان البرغوثي في قصيدة -أمي
- السلطة والتاجر والحرب
- خريف المدن في قصيدة -على مقهى الصمت- علي المحمودي
- التمرد في قصيدة -من قبعة العدم- وجيه مسعود
- الارتباك في قصيدة -أمل حاف- القيس هشام
- مجموعة سر النشيج صبحي حمدان
- الرمز في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى موسى
- الأغاني الشعبية والأسطورة في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى مو ...
- السرد واللهجة المحكية في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى موسى
- الحزن والفرح في -قبر الماء- يونس عطاري
- المرأة في ديوان -نساء يرتبن فوضى النهار- نمر سعدي
- تنوع القص في مجموعة -الجرس- ناردين أبو نبعة
- قراءة في كتاب تأملات في الصوفية الجمالية للكاتب جواد العقاد
- ديوان تمسك بجناح فراشة حمدان طاهر
- الأفعال في قصيدة -صورة بالية- عمر أبو الهيجا
- الصورة الممتدة في ديوان - قيامة الأسوار- عبد الله عيسى
- الكتابة والطبيعة والمرأة في ديوان -حين أولد في المرة القادمة ...
- تقديم الأم عند -حمدان طاهر-
- ديوان -أنثى البنفسج- ندى محمد أبو شاويش
- ديوان -زفرات في الحب والحرب- 3- للشاعر هيثم جابر


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأدب والمعرفة في -مسامرات الأموات واستفتاء ميت- لوقيانوس السميساطي