أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الرمز في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى موسى















المزيد.....

الرمز في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى موسى


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7194 - 2022 / 3 / 18 - 08:51
المحور: الادب والفن
    




رغم أن الرواية تتناول أحداثا واقعية، إلا أن السادر ضمنها شيئا من الرمز، فتحدث عن قتال لأخوة بهذه الطريقة: "نمضي ونمضي ليطلع علينا سيدنا الخضر...بان علينا المقام وبانت خلفه بيوت بيت رأس.
بان في الصفحة الأولى للتلة المنحوتة في الصخر منذ الرومان كمن يقرأ في جريدة في الصفحة الأولى عن جريمة ارتكبها طفل أخضر بقتله أخر لونه أبيض والسبب في القتل وتسيح الدم أن الأم التي ولدت الاثنين من زاويتين في رحمها أحدهما زيتونة والأخرى تينها ما زال عجرا وبحليب أبيض يقطر ويدبق على الاصابع.
الأم ظلت مجهولة الحسب والنسب حتى تاريخ تحرير هذه السطور وحتى تاريخ تنضيدها وطباعتها، أكثر من ذلك حتى تاريخ قراءتها" ص 114، الجميل في هذا المقطع أن القارئ ـ أي قارئ، وفي أي مكان أو زمان ـ يمكن أن يأخذه ويسقطه على واقعه أن كان هناك حروب أهلية، أو قتال بين الأشقاء، أن كانوا افرادا أم جماعات.
ونلاحظ أن السادر تناول مكان القتل بقدسية، قدسية تاريخية "من أيام الرومان" وقدسية اجتماعية/إنسانية "الخضر" وكأنه يذكر المتقاتلين بهذا الأمر كي يتوقفوا عن اقتتالهم، من هنا تكمن جمالية تقديم الرمز.
وهناك رمزية مذهلة متعلقة بفلسطين: "كتب الساهي حروف فلسطين متقطعة وراح يبدل حرفا بحرف، ويقدمه ويؤخره على الحروف الأخرى وفي كل مرة ظل اسمها ومعناها هو هو لم يختلف ولم يتغير ولم ينقلب إلى أي شيء آخر من جراء التبديل والتقديم والتأخير.
نهض واقفا عندما انتهي من الرسم بالعود فوق التراب وتطلع كرسام إلى مربع الحروف الذي شكله.
قال: حتى بتقطيعها جميلة، جميلة مقطعة وجميلة موصولة ولم يكن يدرك معنى التقطيع والتقسيم بعد.
لو فهم معناه حتما سيأخذ قرره بالكتابة الموصولة ولن يعيد الكرة مرة ثانية في حياته" ص174، إذا ما توقفنا عند هذا المقطع سيأخذنا إلى ما حدث من تقسيم لفلسطين، فبعد عام 1948 أصبحت هناك ثلاث مناطق سياسية منفصلة عن بعضها، الضفة الغربية، غزة، فلسطين المحتلة، ومع هذا كان كل قسم منها جميل وفيه ما يجذب الانظار إليه ويدعو للتمسك به.
وعندما تناول السارد وحدتها، أكد على جمالها/أهميتها وعلى ضرورة أن تكون كيان واحد، رغم الجمالية التي في الأجزاء/الأقسام، وكأنه يريد أن يجمع الجمال ويلمه في كيان واحد، بحيث لا يوزع المشهد/المتلقي على عدة أقسام/اماكن بل سيجد غايته في مكان واحد، فلسطين التاريخية.
المكان
السارد يركز على قرية إجزم قضاء حيفا في الرواية، فرغم تناوله للعديد من الأمكن، إلا أن إجزم كانت الأكثر تناولا وحضورا في الرواية: "اجزم
قرية من قرى قضاء حيفا، طيرة حيفا منها،...جنوب حيفا يتفرع من طريق حيفا يافا إلى الشرق حوالي 16 كيلو متر ويدخل البلد، كما تدخل الصنورية، فارع دارع.
تجلس اجزم فوق تلة وسط جبال الكرمل" ص23، نلاحظ أن السارد لا يتحدث مباشرة للقارئ، رغم أنه يقدم معلومات دقيقة عن اجزم، فمن خلال إدخال "الصنورية" وكيف تدخل البيت تحرر المقطع من المباشرة، وأكد أن الحديث موجه إلى أحد الشخصيات في الرواية، وهذا ما يجعل النص الروائي يجمع بين المعلومة وبين جمالية تقديمها.
والجميل في تناول المكان أنه ربطه بالإنسان: "لعلمك يا عبد الله ربحي المهيوب شوفير الباص جزماوي من اجزم" ص140، بمعنى أنه لا يتحدث عن مكان بصورة مجردة، بل من خلال علاقته الاجتماعية/الاقتصادية: "أبو خلف جمال من ها الجمالة إللي بحملوا ع جمالهم كل ما بيجي من غلة من حوران من قمح وعدس وحبوب، بحماوها لحيفا، لتجار الحبوب الذين يشترون هذه الغلال من الميناء ويصدرونها لبره للبنان ولفرنسا.
يجتمع الحمالة، أربعون خمسون يجامعون بالجرينة مطرح ما بنزلوا حملهم، يسهرون وينامون قبل أن يرجعوا إلى أهاليهم" ص258.
ونجد السرد يتغنى بالمكان ويقدمه بصورة أدبية رائعة: "...السهول الشمالية لأربد وهي تموج كلما هبت ريح من الغرب وكلما خفت حركة الريح تعود أربد لتلتزم بسكونها، سكون العراء والفلاء وتلتزم بنظافة تربتها الحمراء البنية.
أنه تراب الحمار، الأرض الحمار، حمرية
أنها أرضك يا أربيلا الكتب. هيا مدي ذراعك الأيمن كي نسمع خفق السهول، وهات ذراعك اليسرى لتضم راحة يدك خصلة من خصل السابلة على الوجه.
أرفعي أربيلا الذراع حتى أقصى الهواء ولوحي ثم لوحي وأنت تودعينها وأنثري نباتات الخصلة البرية خلفنا كأنها لحظة اللقاء.
أولادك الجدد من زوجك الكنعاني يتشتتوت فيك، فكوني أمهم الرؤوم، ها هم يستيقظون بعدما سلبهم النوم على ركبتيك أو تحت إبطك. ودعينا يا أمنا الرؤوم على أطراف كشكشك حتى حدود التنتنة وأتلي دعاء السلامة ورقي الوداع" ص86و87، مخاطبة المكان على أنه كائن حي، يشير إلى للعلاقة الجامعة بين الإنسان والمكان، فهو ليس مجرد مكان، بل هو جزء من كيانية الإنسان، كما أنه يمثل حاجة أساسية له، لهذا خاطب السارد "أربد" وكأنها أم، وعند نقول أم، فهذا يعني أنهم الأكثر اهتماما/عطاءا/حرصا على الأبناء.
وإذا ما توقفنا التغني الذي جاء واصفا "لأربد" نتأكد على أن هناك علاقة ابن بأمه، لهذا قدمها بصورة بهية، خالية من الشوائب/السلبيات، فكان التقدم يجمع بين الخير المادي "السهول الشمالية" وبين الجمال الروحي، فبدت كائن نقي، صافي، معطاء، حنون.
الطرح السياسي
هناك قاعدة أدبية تقول كلما ابتعد الأديب/الكاتب عن المباشرة انعكس ذلك على جمالية النص، وهذا ما يجعله أكثر قبولا من المتلقي، وهذا ما كان في رواية "حنتش بنتش" فالسارد يتناول عقم النظام الرسمي العربي بطريق غير مباشرة، من خلال حدث يبين تماثل أعماله مع العدو: "يلعن أبو العكسر، قالتها الحجة فرحة عندما دق رهط منهم، ممن يرتدون البساطير وخوذا تشبه طاسة الفاصوليا الناشفة، على باب الزينكو.
لا لم يدقوا بل دعروا الباب دعرا...شدت زنارها إلى وسطها ووقفت الحجة كشجرة السنديان في وجه العسكر.
يكسرك ويكسر إللي وداك يا بعيد.
شو بتقولي؟
قوله تقولك
..هرعت حافية وتناولت من فورها يد الهاون، ثبتت قدميها الحافيتين في الأرض ورفعت يد الهاون وصرخت، والله لأفغر رأسه إللي بسترجي يقدم، الدار كلها حريم يا أولاد النجسة.
أرتعد العسكري وتصاعد الدم الفاسد إلى خوذيته...
قال بصوت مرتجف: وين أبنك أحمد
خفظت الحجة ذراعيها بسرعة خاطفة فطرقت يد الهاون ركبتها، آلمها لكنها لم تصرخ، ضحكت وقالت كنكم زلام روحوا جيبوه من عند اليهود، أحمد أخذوه اليهود.
رفس الباب برجله وعدل خوذته بغضب" ص90و91، بهذا الشكل يقدم السارد تحالف/توافق النظام الرسمي مع الاحتلال، فهما يقومان بعين العمل، مطاردة المتمردين/المعارضين/الرافضين لما هو موجود، رغم أهميه ما قدمه من أفكار/مضمون إلا أن الأهم طريقة التقديم، فنجده يجعل الحجة/العجوز تقاوم العسكر بطريقة منظمة ومنطقية، وتتحمل الألم بعد أن أصابت يد الهادون ركبتها، ومع هذا تستمر في مخاطبة العسكر بالمنطق العسكر، فمن خلال قولها "أخذوه اليهود" أهانتهم وأهانت (شرفهم) العسكري، وكأنها تقول لهم: "إذا كانت جنودا مقاتلين، فذهبوا وآتوا بأحمد من عند اليهود" وهذا من المستحيل القيام به، لأنهم منقادين لقيادة تخضع لما يملا عليها من الخارج.
ولكي يقنع السارد القارئ بما يقدمه من أحداث فقد (نقل) ما قالته "الحجة فرحة" بلهجتها هي، ولم يتدخل في نقل ما جارى، فكان الحدث والحديث دقيق ومقنع للمتلقي.
اشارة إلى تتابع وتواصل الظلم الواقع على الفلسطيني، وعلى أنه مطلوب من كل الأنظمة التي فرضت على فلسطين، يقدم لنا هذه الحدث: "المعلم كان يخيفنا ويرعبن أكثر من أمهاتنا وآبائنا.
مدرسة لا يحكم نظام تدريسها غير مدرس ويدرس ورأسه مرفوع إلى سقف القصب، فلسطين عربية وأننا لعائدون وأبن أخته الأستاذ أبو قطمة الذي لم يخرج عن مهنة التدريس إلى أي تهمة سياسية إذ لم يذكر فلسطين على لسانه، رغم ذلك كان أول المساقين للتفتيش في ساحة الحارة، المقبرة، بعد أن فتشوا دار أهله، كما كان جده القطمة الأكبر من قبله أول المساقين إلى السفر برلك.
تروي أم عمر وهي بعين واحدة أن الجند قد فتشوا تنكات الريحان المزروعة في قاع الدار وأصابهم الهلع لأنهم لم يجدوا فيها أو يعثروا على أثر ولا مثر الأسلحة أو المنشورات السرية.
قال أن عمر، خرج العسكر بخوذهم من قاع الدار وفاحت رائحة الريحان كما لم تفح بزمانها.. من يومها وهي تشتله وتزرعه في تنكات سمنة الكيكوز وعلب الحليب التي يوزعها مركز وكالة الغوث للاجئين...من يومها وأم عمر توزع ما تزرعه من الريحان على جاراتها لاعتقادها بأن الريحانة هي الرائحة الزكية المقدسة التي حمت أبنها عمر" ص115و116، نلاحظ أن الحدث قدم بلغة السارد وليس بصوت "أم عمر" على النقيض من الحدث السابق الذي روته "الحجة فرحة" وهذا يستعدي التوقف عنده، فالحدث الأول كان (واقعي)، فأراد تجميله من خلال اللهجة المحكية، بينما في هذا المشهد الذي يحمل (شيئا من الرمزية) التي نجدها في رائحة الريحان بعد خروج الجنود، كانت كافية لإضفاء لمسة جمالية عليه، وجعله يخرج من ثوب الواقع، فبدا السارد وكأنه يقدم الأحداث بشكل متساوي/متوازن الجمال، فيعمل على الخروج من (الواقعية) بأكثر من طريقة/شكل، وهذا العناية بجمالية التقديم هي من تجعل القارئ يستمع بما يُقدم له.
الرواية من منشورات اللجنة الشعبية الأردنية لدعم الانتفاضة، عمان، الطبعة الأولى 1995.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغاني الشعبية والأسطورة في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى مو ...
- السرد واللهجة المحكية في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى موسى
- الحزن والفرح في -قبر الماء- يونس عطاري
- المرأة في ديوان -نساء يرتبن فوضى النهار- نمر سعدي
- تنوع القص في مجموعة -الجرس- ناردين أبو نبعة
- قراءة في كتاب تأملات في الصوفية الجمالية للكاتب جواد العقاد
- ديوان تمسك بجناح فراشة حمدان طاهر
- الأفعال في قصيدة -صورة بالية- عمر أبو الهيجا
- الصورة الممتدة في ديوان - قيامة الأسوار- عبد الله عيسى
- الكتابة والطبيعة والمرأة في ديوان -حين أولد في المرة القادمة ...
- تقديم الأم عند -حمدان طاهر-
- ديوان -أنثى البنفسج- ندى محمد أبو شاويش
- ديوان -زفرات في الحب والحرب- 3- للشاعر هيثم جابر
- المرأة في رواية -فوانيس المخيم- سليم النفار
- المكان في رواية -فوانيس المخيم- سليم النفار
- البراءة والمجتمع في رواية -جمعة لقفاري- مؤنس الرزاز
- الشكل والمضمون في رواية متاهة الأعراب في ناطحات السراب مؤنس ...
- الحلول في المكان/حوارة عند وجيه مسعود
- أمي مريم الفلسطينية رائد محمد السعدي
- ديوان هدنة لمراقصة الملكة سلطان القيسي


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الرمز في رواية -حنتش بنتش- محمود عيسى موسى