أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - التنمية والنمو وما بينهما














المزيد.....

التنمية والنمو وما بينهما


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7199 - 2022 / 3 / 23 - 17:19
المحور: الادب والفن
    


كان الحديث قبل صدور تقارير الأمم المتحدة الإنمائية ينصبّ على النمو الاقتصادي بالدرجة الأساسية، ثم تطوّر الأمر فشمل "التنمية البشرية" بمختلف جوانبها، وفي التسعينيات أصبح المقصود بذلك "التنمية المستدامة"، أي الانتقال من تنمية الرأسمال البشري إلى الرأسمال الاجتماعي، وهو ما أُطلق عليه "التنمية الإنسانية الشاملة"، أي أنها لا تقتصر على الاقتصاد وحسب، بل تشمل جميع الحقول السياسية والاجتماعية والثقافية والقانونية والتربوية والصحية والبيئية والنفسية، بما فيها الحقل الديني والروحاني.
وقد تجاوز المفهوم الجديد للتنمية المفهوم الضيّق السابق الذي اقتصر على النمو الاقتصادي، خصوصاً شموله مسألة الحكم وشرعيّته (أي رضا الناس) ومشروعيته (أي حكم القانون) والعلاقة بين الناس والإدارة ودرجة التمثيل الشعبي ومشاركتهم في اختيار الحاكم بانتخابات دورية وتغييره، والمساءلة والشفافية، كما شمل الإدارة الرشيدة التي هي من عوامل نجاح التنمية فلا تنمية ناجحة دون إدارة مقتدرة، والتنمية أولاً وقبل كلّ شيء "توسيع خيارات الناس".
ولا يمكن للتنمية أن تحقق أهدافها القريبة المدى أو المتوسطة، إضافة إلى البعيدة، إلّا في ظلّ الاستقرار والسلام، فلا تنمية مع الحروب ولا تنمية مع النزاعات المسلحة والاحترابات الأهلية، وبالطبع لا تنمية حقيقية في ظلّ غياب الحقوق والحريات أو تقليصها.
وحتى يتحقّق ذلك فلا بدّ من اعتماد مبادئ المواطنة السليمة المتكافئة والمتساوية وأساسها الحرية والمساواة والعدالة، وخصوصاً الاجتماعية، فلا تنمية حقيقية مع الفقر، ولعلّ قفزة الصين التنموية الأساسية كانت بإخراج حوالي 400 مليون إنسان من دائرة الفقر، وحسبنا هنا أن نستذكر تجربتي ماليزيا وسنغافورة الناجحتين في سياق التجارب التنموية المتقدّمة.
ولا بدّ من تأكيد مبادئ الشراكة والمشاركة كركن رابع للمواطنة الحيوية، وهو ما أكّدت عليه تقارير الأمم المتحدة منذ العام 1990، حيث وضعت معايير لذلك أساسها الحكم الصالح واحترام حقوق الإنسان، منذ أن دخل مفهوم التنمية في جدول أعمال لجنة حقوق الإنسان الدولية.
وقد طرح مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الإنسان في العام 1993 أسئلة التنمية كرديف للجيل الثالث لحقوق الإنسان، اعتماداً على قرار تصفية الاستعمار (الكولونيالية) الصادر عن الأمم المتحدة العام 1960؛ وكان صدور "إعلان الحق في التنمية" العام 1986 نقطة تحوّل مفصليّة تاريخيّة في مسار عملية التنمية على المستويين الفردي والجماعي، وهو الأمر الذي يحتاج إلى توطينه أو تبيئته عربياً ليدمج الخصوصية بالكونية، أي يراعي الشروط العامة للتنمية مع تأكيد الخصوصية الوطنية والمحلية.
جدير بالذكر أن مفهوم التنمية واجه تحديات عديدة بسبب مركزية الدولة الشديدة الصرامة، حيث حذت العديد من البلدان العربية التي أطلق عليها "بلدان التحرّر الوطني" طريق التوجّه الاشتراكي أو ما سُمّيَ "التخطيط الموجّه" بتغليب الأهداف الاجتماعية على الأهداف المدنية والسياسية، وخصوصاً تلك التي لها صلة بالديمقراطية السياسية والحريّات، إضافة إلى ضعف المشاركة الشعبية من جانب قطاعات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي لم تستطع أن تتحوّل إلى قوة اقتراح وشريك للدولة في عملية التنمية المستدامة، خصوصاً في ظلّ احتكار العمل السياسي والنقابي والمهني من الجهات الحاكمة، ولاسيّما في مصر وسوريا والعراق والجزائر وليبيا واليمن والسودان وغيرها، فضلاً عن ضعف القطاع الخاص بسبب التضييقات التي وُضعت في طريقه لاعتبارات أيديولوجية.
وثمّة معوّقات أخرى للتنمية منها الحروب الخارجية، والصراعات الداخلية الإثنية والطائفية، والنزاعات الأهلية المسلّحة، فضلاً عن الإرهاب والإرهاب الدولي، خصوصاً حين يكون مصحوباً بتدخلات خارجية إقليمية ودولية، وقد دخلت الجزائر في التسعينيات في هذا النفق المظلم لنحو عشر سنوات، وعانى منه العراق بعد الاحتلال العام 2003 مع إفرازات نظام المحاصصة والتقاسم الوظيفي القائم على الزبائنية السياسية، وهو نسخة ثانية للنموذج اللبناني الذي عطّل هذا البلد الجميل المتنوّع لدرجة الشلل، ، ولم تكن ليبيا واليمن وسوريا بعيدة عن الاحترابات التي تستمر منذ نحو عقد من الزمن غذّتها قوى إقليمية هدفها فرض الهيمنة.
ولذلك تلكأت وتعثّرت وتدهورت وتراجعت عملية النمو الاقتصادي التي بدأت بتجربة تصنيع وتراكم لرأس المال وتوسيع القطاع العام وتحسين ظروف العمل والعمال ومستوى المعيشة بشكل عام وانعاش الدورة الاقتصادية، لكن ذلك كان لأجل قصير، سواءً في بلدان اليسر أو في بلدان العسر، أي الدول النفطية الغنية، كما هي العراق والجزائر وليبيا، أو في البلدان الفقيرة مثل مصر والسودان واليمن وسوريا.
وبسبب اختلال عملية التنمية وانغلاق الآفاق والتخبّط في المجالات المختلفة، ولاسيّما شحّ الحريّات، فإن الأمر قاد إلى اندلاع ظواهر التعصّب ووليده التطرّف ونتاجهما العنف، وهذا الأخير إذا ما ضرب عشوائياً يتحوّل إلى إرهاب وحين يكون عابراً للحدود ويهدف إلى إرعاب المجتمع والدولة والفرد فإنه يصير إرهاباً دولياً.
ومن ذيول التعصّب والتطرّف نمت الطائفية بأنواعها المختلفة، خصوصاً في ظلّ غياب السلم الأهلي والمجتمعي وتقهقر تجارب النمو الاقتصادي التي حقّقت بعض النجاحات في الستينيات والسبعينيات. وقد قاد ذلك إلى المزيد من الحروب والنزاعات والتوترات المجتمعية والاحتقانات الطائفية والدينية والاثنية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين العقل وفقه الواقع في مناظرة بين د. عبد الحسين شعبان والس ...
- عبدالله النيباري الجوهر والرؤية
- عمر زين حين يكون -الشيخ- شابًا
- الحق في التربية
- نصري الصايغ و غواية الحروف
- رسالة عزاء برحيل الدكتور أحمد الخطيب
- الدين والاستخدام السياسي
- مقالتان في تقريض كتاب د. شعبان -دين العقل وفقه الواقع-
- الأب سهيل قاشا : الرّافديني المسكون بهاجس الحضارة
- أوكرانيا والبطن الرخوة
- لإمام علي فلسفة الحق والعدل: مقاربة حداثية راهنة
- الرئيس عون يستقبل وفد جامعة اللّاعنف
- أحمد بن بلّة الطهرّية الثورية
- في الطريق إلى مؤتمر السلام
- زرياب: الموسيقى والإتيكيت
- فاطمة أحمد ابراهيم وشيوعية الوجدان
- الجزائر وفرنسا: الذاكرة المشتركة
- لؤي أبو التمن وتراجيديا العزلة الذهبية
- فتاة النابالم واللّاعنف
- تدوير الأزمة العراقية حكومة توافقية أم أغلبية سياسية؟


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - التنمية والنمو وما بينهما