أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إبراهيم ابراش - ما خفي أعظم في الحرب الأوكرانية















المزيد.....

ما خفي أعظم في الحرب الأوكرانية


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 7181 - 2022 / 3 / 5 - 15:42
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


انطلاقا من القاعدة السياسية التي تقول بأن الدول الكبرى لا تُفصح عن كل أهدافها الاستراتيجية وخصوصا في وقت الحرب، فإن كل ما تقول به روسيا لتبرير غزوها لأوكرانيا وما يقول به الغرب لتبرير تجييشه وحشده لمواجهة الغزو الروسي لا يعبر إلا عن جزء من الحقيقة أو الجزء الذي يضفي طابعا أخلاقا وشرعيا على سلوكهم، فيما الحقيقة أعمق من ذلك بكثير، وعندما تأخذ الحرب بُعدا دوليا وتستقطب اهتمام كل الدول ووسائل إعلامها ومحلليها السياسيين تزداد القضية تعقيدا وغموضا وتصبح تداعيات الحرب والخوف من مآلاتها وخصوصا عند الحديث عن السلاح النووي أكثر أهمية وجذبا للاهتمام من الأسباب الحقيقية للحرب التي تتوارى خلف البروباغندا الإعلامية والمشاهد الإنسانية المؤلمة لضحايا الحرب.
أسباب الحرب في أوكرانيا عديدة ومتشابكة، يتداخل فيها الماضي مع الحاضر، السياسة مع الاقتصاد، العوامل المحلية مع التأثيرات الدولية. هناك ما له علاقة بخلافات حدودية بين روسيا وأوكرانيا وأخرى لها علاقة بخلافات عِرقية تتغذى من تجربة تاريخية تعود لمرحلة ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي وأخرى لها علاقة بتخوفات أمنية روسية من توسع حلف الأطلسي ليضم أوكرانيا ومرابطة قواته وصواريخه النووية على الحدود الروسية، وهي تخوفات مشروعة لأن بقاء حلف الأطلسي أو النيتو وتوسعه بالرغم من انهيار حلف وارسو مع انهيار المعسكر الاشتراكي ليس له تفسير إلا أن الغرب يهيئ نفسه لمواجهة عدو قائم أو محتَمَل والعدو في هذه الحالة هو روسيا والصين، وفي المقابل هناك تخوفات أوروبية وأمريكية من نوايا روسية بالتوسع وإعادة ضم دول كانت تابعة للاتحاد السوفيتي سابقاً وما جرى مع جورجيا والقرم يعزز هذه التخوفات الغربية.
لكن خلف كل ما يُقال يكمن التنافس الاستراتيجي الاقتصادي والعسكري بين روسيا والصين من جهة و الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وحلفائهما من ناحية أخرى، وتوترات بين روسيا والغرب عموماً تراكمت طوال العقود الثلاثة الأخيرة، فالاقتصاد والتطلع للهيمنة على الممرات التجارية والأسواق والمواد الخام هو المحرك الرئيس لهذه الحرب، لذا، فإن ما هو مُعلن وما يجري على الجبهة الأوكرانية هو الشجرة التي تخفي الغابة وستكون أوكرانيا ضحية هذا الصراع.
انطلاقا مما سبق يمكن تفسير شدة ردة الفعل الغربية. فقبل بدء الحرب كان المعسكر الغربي ضعيفاً وفي حالة تفكك وخصوصاً بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والخلافات الأمريكية الغربية في عهد الرئيس الأمريكي ترامب ولكن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا أعاد التحالف الغربي تماسكه وربما للمرة الأولى بعد نهاية الحرب الباردة يظهر فيه التحالف الغربي بهذه القوة والتماسك، وإلى الآن يبدو الغرب متماسكاً وناجحاً في الظهور موحداً في مواجهة روسيا، وما كان موقف الغرب ليكون بهذا الشكل لو لم تكن هناك تهديدات حقيقية يتخوف منها الغرب وخصوصاً أمريكا .
إن كان من السابق لأوانه التنبؤ بمجريات الصراع إلا أنه من المتوقع أن تتوقف الحرب العسكرية الرسمية والمباشرة في أوكرانيا قريبا، ولكن الغرب سيعمل على استنزاف روسيا بمناوشات حدودية أو داخل حدوده، وستستمر حرب اقتصادية تجارية سيبرانية عالمية ستؤثر على كل دول العالم وستؤسِس لنظام دولي جديد تسوده حالة توتر وعدم استقرار وستندلع حروب أهلية في أكثر من دولة ومنطقة في العالم.
وفي اعتقادنا أن نهاية الأزمة لن تكون ربحاً خالصاً لأوكرانيا والغرب بالرغم من حالة الحشد والتجييش الغربي كما لن تكون ربحاً خالصاً لروسيا بالرغم من امتلاكها السلاح النووي والفيتو في مجلس الأمن، بل سيتم التوصل لتفاهمات حل وسط.
والسؤال الذي يفرض نفسه هل ستتطور الأمور إلى حرب عالمية ثالثة؟ في الإجابة عن هذا السؤال يجب الأخذ بعين الاعتبار أن أي حديث عن حرب عالمية ثالثة يجب أن يستبعد نمط الحربين العالميتين السابقتين، قد يصح تسميتها بحرب ثالثة من حيث عدد الدول المشاركة فيها والحرب الدائرة الآن ليس بين روسيا وأوكرانيا فقط بل بين روسيا وحلف النيتو بكامله وإن كان هذا الأخير يُقاتل حتى الآن عن بُعد وليس على أراضي دوله، ولكن دون ذلك ستكون الحرب العالمية الأولى في ظل عالم معولم أو العولمة التي حولت أو سعت لتحويل العالم لقرية كونية تقوم على الاعتمادية المتبادلة وتَدَاخُل العلاقات والمصالح والاقتصاد ، ومن حيث نوع الأسلحة المتوفرة عند الأطراف المتحاربة، وفي اعتقادنا أن روسيا لهذا السبب لا تسعى لتوسيع نطاق الحرب خارج أوكرانيا وأوروبا أيضاً لا تريد ذلك، أمريكا الدولة الوحيدة المعنية بتوسيع مجال الحرب لتكون عالمية لأنها بعيدة عن ميدان الحرب التي لا تجري على أراضيها، ومن مصلحة أمريكا إضعاف روسيا وإضعاف أوروبا. وحتى إن تم حصر ميدان الحرب العسكرية في حدود روسيا وأوكرانيا فإن حرباً عالمية ثالثة بدأت بالفعل ولكنها حرباً اقتصادية تجارية ومالية، وحرباً أمنية وسيبرانية ونفسية ودعائية.
تطور الأحداث يرتبط أيضاً بموقف الصين التي إلى الآن تقف محايدة بالرغم من الاتفاقات الاستراتيجية بينها وبين روسيا وهي تراقب بحذر مجريات الأمور، وإن بقيت على الحياد ولم تتورط به أو تستغله لشن حرب لاحتلال تايوان فستقل احتمالات الحرب العالمية الشاملة وستكون الصين الفائز الأكبر من الحرب، أما إن دخلت الصين الحرب إلى جانب روسيا أو غزت تايوان فهذا قد يجر الهند وكوريا الشمالية للتحرك وإن شارك هؤلاء في الحرب فستشارك فيها كوريا الجنوبية وأستراليا وباكستان الخ .
أما بالنسبة للتداعيات الإقليمية، فمنها ما ظهر منذ اليوم الأول للحرب من خلال التخوفات من الأضرار الاقتصادية التي ستتعرض لها الدول الصغيرة ومنها العربية التي تعتمد في غذائها على القمح الروسي والأوكراني كما أن الأضرار ستصيب قطاعات أخرى كالسياحة والخدمات والطاقة، وإن طال أمد الحرب ستجد بعض الدول نفسها مضطرة لاتخاذ مواقف لمناصرة هذا الطرف أو ذاك مما سيؤدي لردود فعل معادية من الطرف الثاني ، وهذا الأمر ينطبق على الدول العربية، أما إسرائيل فقد حددت موقفها بانحيازها للغرب حليفها الاستراتيجي الأول والدائم دون أن تتخذ مواقف عدائية صارخة تجاه روسيا.
ومن جهة أخرى فإن حرب أوكرانيا ترسل رسالة خطيرة مفادها أن العالم محكوم بالقوة وموازينها وبالمصالح، وأن لا قدرة للشرعية الدولية على كبح جماح أي دولة كبرى تسعى لتغيير الواقع بالقوة، وأن موازين قوى تفرضها الدول القوية وقد بان ضعف الأمم المتحدة في هذه الحرب الأخيرة، وبالتالي فكما أن روسيا تجتاح أوكرانيا وسبق ذلك اجتاحت القرم، وكما أن أمريكا اجتاحت أفغانستان والعراق، والجيش التركي دخل سوريا والعراق، والجيشان السعودي والإماراتي يقاتلان في اليمن، وقطاعات من الجيش والميليشيات الإيرانية متواجدة في اليمن والعراق وسوريا ... فما الذي يمنع إسرائيل أن تستغل الوضع الراهن لتقوم بعملية كبرى على الجبهات التي تعتبرها مصدر تهديد لها كإيران أو سوريا أو لبنان أو غزة، مستغلة انشغال العالم بما يجري في الغرب؟ وما سيشجعها على ذلك أنها احتلت الضفة وغزة والجولان في حرب يونيو 1967 وما زالت تحتلهم دون أن يردعها رادع؟ .
بالنسبة للدول العربية فحتى الآن تقف موقفا حذراً بالرغم من عدم تصويت الإمارات لصالح الغرب في الأمم المتحدة وموقف السعودية المتردد في الاستجابة لمطالب واشنطن بتعويض النقص في الغاز والنفط الذي قد ينتج عن توقف الإمداد الروسي، ونعتقد أن الحذر مطلوب لأن التجارب السابقة مع الحروب العالمية أو المواجهات بين القوى العظمى كانت مؤلمة على العرب، وكان هؤلاء يدفعون الثمن حتى دون أن يشاركوا فعلياً ورسمياً في الحرب، و يا ليت جامعة الدول العربية تدعو لاجتماع ولو على مستوى وزراء الخارجية لبحث التداعيات المحتملة للحرب على بلدانهم.
[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزو أوكرانيا يؤسس لنظام دولي جديد
- هل انتهت منظمة التحرير الفلسطينية كحركة تحرر وطني؟
- المناكفات حول المرسوم الرئاسي بخصوص تبعية المنظمة للدولة
- تداعيات حرب عالمية مُحتملة على جيوبولتيك الشرق الأوسط
- قيادات ال (الشو الإعلامي)
- خلافة الرئيس قضية وطنية عامة وليس فتحاوية
- المجلس المركزي الفلسطيني يربك المشهد السياسي
- يتباكون عليها ولا يريدونها
- واشنطن وازدواجية التعامل حتى مع حلفائها
- حول الجدل على عقد اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلس ...
- العنصرية الصهيونية مرة أخرى في دائرة الاتهام
- التباس شرعية ووظيفة الأحزاب والفصائل الفلسطينية
- تفاؤل الروح والإرادة وتشاؤم الجسد
- على الفلسطينيين الحذر من فشل حوارات الجزائر
- حوارات المصالحة الفلسطينية: لماذا في الجزائر ؟ولماذا الآن؟
- ما أشبه الليلة بالبارحة
- تكامل أدوار وليس صراع بدائل
- سلطة سياسية وليس حركة تحرر وطني ومقاومة
- ما هو أحطر من احتلال الأرض
- لماذا حركة فتح وليس غيرها؟


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إبراهيم ابراش - ما خفي أعظم في الحرب الأوكرانية