أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسن ابراهيمي - مطلب الديموقراطية وأسسها بالدول العربية .















المزيد.....



مطلب الديموقراطية وأسسها بالدول العربية .


حسن ابراهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 7181 - 2022 / 3 / 5 - 01:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


حينما فكرت في كتابة مقال حول الديموقراطية ، فكرت فيما يمكن لي أن أضيفه لهذا الموضوع على اعتبار أنه كان موضوع دراسات ، وأبحاث ، تناولها العديد من الدارسين ، من منطلقات تختلف باختلاف مرجعياتهم الفكرية ، والسياسية ، ذلك أنها كانت موضوع دراسة عند العديد من علماء الاجتماع ، وغيرهم .
أيضا طرحت إشكالية تحديد المصطلحات التي يمكن لي توظيفها لمعالجة الموضوع ، ففكرت في توظيف المصطلحات القانونية ، على اعتبار كون الموضوع معالج من قبل العديد من المختصين في القانون ، غير أن هذه المصطلحات تتطلب التدقيق ، وضبط السياق المعرفي الأصل في التطور التاريخي لها لمعالجة الموضوع .
على هذا الأساس سوف أركز في هذا المقال على التطور التاريخي للديموقراطية من خلال ما وفرته لي بعض المراجع من معلومات تتقارب في كثير من الأحيان في توظيف المصطلحات ، و التركيز على محطات تاريخية عرفت فيها الديموقراطية تطورا انعكس ايجابا على جميع الميادين ذوات الصلة بالحياة العامة للمواطنين بفعل تدخلهم ، ونضالهم المستميت لإقرار الحقوق كانت مهضومة من قبل ، بدءا باثينا ، وصولا إلى ما تحقق بأوربا من منجزات كان من بين خلاصاتها عيش المواطنين الاروبين العيش حياة الرفاه .
وفقا لهذا سوف أضمن هذا المقال متطلبات الديموقراطية ، وأسسها بالدول العربية بقراءة مختصرة للأوضاع الاقتصادية ، الاجتماعية ، والثقافية للمواطنين ، حيث ينبغي التدخل لتحسين ظروف عيشهم ، وخلق شرط اندماجهم إيجابا في واقع جديد أساسه بناء مقومات النموذج التنموي الجديد ، على اعتبار فشل النموذج التنموي القديم بهذه الدول ، وعدم تحقيقه لإنتظاراتهم .
تعريف الديموقراطية .
وردت العديد من تعاريف الديموقراطية بالعديد من المصادر ، والمراجع الأجنبية ، والعربية، ولعل الاختلاف السائد بينها تبرره العديد من القضايا منها كما قلت الاختلاف السائد على مستوى المرجعيات ، وكذا التطور التاريخي للعلوم التي ينهلون منها .
ومن بين التعاريف التي نود الاستعانة بها ضمن هذا المقال نذكر ما يلي
لقد عرفها موريس د فرجيه ًبانها حرية المجتمع ...وأنها النظام الذي يختار فيه المحكومون الحاكمين عن طريق الانتخابات الصحيحة ً. 1
أيضا فإن ً الديموقراطية تعبير عن تركيز السلطة بين الشعب أولا ، ثم ضمان حقوق الأفراد، وحرياتهم ً 2
أيضا عرفها عبد الرحمان منيفً بحق الفرد ، والمجتمع معا في الحرية ، والمساواة ، والحق في التعبير ، والمشاركة ، والحق في اختيار شكل النظام ، ورموزه ، والحق اخيرا في تعديله،
أو تغييره ً . 3
من خلال هذه التعاريف نستنتج أن تعارضا كان قائما بين الشعب ، والحاكم تاريخيا ، هذا التعارض يجد تفسيره في الصراع القائم بين السلطة السياسية التي تدار من قبل الحاكمين لحماية مصالح طبقية ، و الطبقات الاجتماعية المفقرة التي تدافع على مصالحها من منطلق احتكار الطبقات البرجوازية للثروة والسلطة في أوربا ، و وعي الشعوب الاوربية نفسها المتنامي بفعل التطور التاريخي اتجاه اقرار الحقوق ، والحريات على اساس كونها مصدر السلطة .
من خلال ما سبق نستنتج أن الصراع اتخذ ثلاثة مستويات ، الصراع المادي بين من يمتلكون الثروة ، ومن لا يمتلكونها : اي الصراع بين الطبقات التي تمتلك الثروة ، والطبقات التي لا تمتلكها ، كل ذلك من خلال التطور التاريخي للديموقراطية نفسها ، وتدخلها لصالح التوزيع العادل للثروة ، بسبب احتكارها من طرف طبقة اجتماعية بتحالف مع طبقات اجتماعية أخرى ، وما يترتب عن ذلك من تهميش للطبقات الاجتماعية المتضررة بفعل هذا الاحتكار. .
المستوى الثاني لهذا الصراع وهو المستوى السياسي باحتكار طبقة اجتماعية للسلطة من أجل الاستمرار في احتكار الثروة ، وما تطلبه ذلك من ممارسة الصراع في شقه السياسي .
المستوى الثالث وهو ما يصطلح عليه بالمستوى الايديولوجي حيث تلتجئ الطبقة الاجتماعية المحتكرة للثروة ، والسلطة الى التضليل بواسطة مؤسساتها ، من أجل منع تنامي الوعي عند الشعوب ، ومنع المطالبة بإقرار الحقوق في اطار تنزيل مقومات الديموقراطية بشكل تدريجي. .
ومن حيث التطور التاريخي للديموقراطية فمن المعلوم أن تاريخها يؤكد أن اتينا المدينة اليونانية كانت سباقة لها ، حيث أصبح للشعب دور مهم في إقرار السياسات التي تنهجها ، ومع ذلك فكانت هذه الديموقراطية ناقصة باستبعاد العبيد عن المواطنة ، النساء ، والاجانب .
بعد ذلك انتقلت إلى الولايات المتحدة الامريكية حيث اتصف النظام السياسي بها ، بعد الثورة التي اندلعت بها .
لتنتقل بعد ذلك الى فرنسا التي اندلعت بها الثورة سنة 1789 م 4
كما عرفتها باقي دول أوربا .
تبين من خلال قراءتنا للعديد من المراجع أن الديموقراطية انتزعت من قبل الشعوب بفعل نضالها المستميت ضد السلطة السياسية ، أيضا وقفنا عند كون إقرارها تم بشكل تدريجي ، بخوض مختلف الاشكال النضالية للحد من تغول السلطة السياسية ، بممارسة الضغط عليها لفرض المساواة في ابعادها المختلفة ، وبذلك لم تتخذ الديموقراطية شكلها الشبه المكتمل باوربا الا في نهاية القرن 19 بممارسة الضغط على السلطة السياسية لتنفيذ التزاماتها في اطار تعاقد جمع شعوبها بها ، حيث أصبح الشعب بدول أوربا يمارس حقوقه ، بعد تهميشه كما كان الأمر من قبل .5
لقد تحققت المساواة فيما يتعلق بالتوزيع العادل للثروة ، كما تحققت المساواة بين الجنسين ، في كل ابعادها الاقتصادية ، الاجتماعية ، الثقافية ، والسياسية .
وبالتالي تغيرت السياسات التي كانت تنهجها السلطة السياسية بهذه الدول ، وأصبحت بالفعل موجهة للطبقات الاجتماعية المتضررة في هذه المجتمعات ، ومن تم أصبحت المؤسسات بها متعاقدة مع الشعوب الاوربية على أساس برامج سياسية ، وانتخابية مصدرها هذه الشعوب نفسها ، وبشكل تدريجي تحقق التداول على السلطة ، وسنت قوانين تقرر حقوق الطبقات المستضعفة حتى تحقق الرفاه لكل المواطنين .
بمعنى أن عدم المساواة التي سادت تاريخيا أوروبا على مستوى توزيع الثروة ترتب عنها عدم المساواة في الحياة العامة للمواطنين ، وبالتالي تمظر ذلك في عملية الاستغلال التي سادت هذه المجتمعات سنينا طويلة ، بل قرونا ، حيث يجتمع ملاك ، ومحتكرو الثروة في أحياء فاخرة ، بينما يتكدس المحرومون في احياء شعبية تنعدم فيها شروط الحياة الكريمة ، أيضا من تمظهرات ذلك تخصيص بعض الوظائف لأبناء الطبقات الاجتماعية الميسورة .
وعموما فاللامساواة لها تمظهرات متعددة يمكن تلخيصها في عدم إقرار الحقوق والحريات لصالح الطبقات الاجتماعية المتضررة في هذه المجتمعات بفعل احتكار الثروة ، والسلطة .
وبالتالي كانت حكومات هذه الشعوب تمارس التسلط ،فيما يتعلق بتدبير الشأن العام حيث أتسمت مجمل قراراتها ببعدها عن الحريات ، والحقوق التي تم إقرارها في مراحل لاحقة بفعل النضال المستميت لهذه الشعوب ضد السلطة السياسية ، وارغامها على اتخاذ قرارات أساسها مصالح هذه الشعوب نفسها باعتبارها مصدر السلطة .
لقد كانت مؤسسات الدولة تشتغل بمنطق الحفاظ على هذه الاوضاع ، وبالتالي كان منطق الولاء سائدا قياسا لمنطق الكفاءة فيما يتعلق بكل عملية انتخابية ، وبالتالي كان تدبير الشأن العام غير مبني على النزاهة ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، اي : ان الفساد استشرى في كل مؤسسات الدولة ، وبالتالي عانى المواطنون الويلات بسببه .
وبالمحصلة فبسبب تنامي الوعي بأوربا بفعل تدخل التنظيمات السياسية اليسارية ، الديموقراطية، المجتمع المدني ، وبفعل تدخل المثقفين ، ومساهمات العديد منهم في تنوير مجتمعاتهم بخصوص تشريح واقع وصفنا البعض من تمظهراته سابقا ، بفعل ذلك تنامى الوعي عند هذه الشعوب بخصوص السبب في تردي أوضاعها الاقتصادية ، الاجتماعية ، والثقافية ،وفي اطار السيرورة التاريخية لتحولات تاريخية عرفتها المجتمعات بأوربا ، بفعل هذه التحولات تحققت الديموقراطية في أوروبا بعد قرون من النضال للحد من تدخل السلطة السياسية ، واقرار الحقوق ، والحريات .
في توصيف الأوضاع الاقتصادية ،الاجتماعية ،والثقافية بالدول العربية .
لعل أهم ما يميز الدول العربية هو أنها ما زالت تتخبط في مجالات تدبير الشأنين العامين الوطني ، والمحلي ، وبالتالي عدم قدرتها على الانخراط في نمودج تنموي جديد يمكنها من الاجابة على سؤال التنمية بهذه الدول ، أقصد بذلك تأهيل الموارد البشرية ، وتوظيفها في بناء اقتصاد وطني ، يمكن هذه المجتمعات من الحسم مع التخلف .
إلى جانب عدم قدرتها على بناء اقتصاد وطني ، أيضا لم تستطع الحسم بشكل نهائي مع الفساد
الشيئ الذي يمنع مؤسساتها من أن تنخرط بشكل سليم في هذا النموذج التنموي الجديد، ويمنعها من خلق شرط الانتقال الديموقراطي .
إذا كان ذلك مؤطرا في ما يمكن الاصطلاح عليه بالعامل الداخلي ، فمن جهة أخرى هناك عامل خارجي صنفه بعض الباحثين فيما سموه بالتبعية ، حيث اتخذت اسواق هذه المجتمعات أسواقا استهلاكية للمنتوج الأوربي ، الشيئ الذي يعوق إمكانية تطوير قدرات الموارد البشرية، هذا فظلا على اعاقة تطور الاقتصاد بهذه الدول .
ولهذ ين الشرطين تمظهرات في كل البنى ، وفي كل العلاقات داخل هذه المجتمعات ، حيث سيادة التخلف ، والاستهلاك ، بعيدا عن الإنتاج .
الشيئ الذي يفسر عدم قدرة حكومات هذه الدول على تقديم اجابات للحسم مع كل الاشكالات المطروحة داخل هذه المجتمعات ، رغم تدخلاتها ، اثناء تدبير الشأنين العامين الوطني ، والمحلي .
وبالتالي الشيئ الذي يفسر تنامي نسبة ظاهرة البطالة ، التي تفاقمت في صفوف الشباب حاملي الشهادات ، إذ على الرغم من تدخل الحكومات في هذه الدول لإيجاد حلول لهذه المعظلة ، الا انها تجد نفسها عاجزة عن ايجاد حلول ناجعة لها ،وبالتالي تزداد نسبة البطالة سنة بعد سنة ، وما يترتب عن ذلك من مشاكل يمكن اعتبار البطالة هي الاصل في ظهورها، وتفاقم البعض منها ،من ذلك الهجرة السرية لاوربا للبحث عن لقمة العيش ،ما دامت حكومات هذه الدول عاجزة عن توفيرها للمواطنين ،من ذلك أيضا تراجع نسبة الزواج في أوساط الشباب ، بسبب عدم قدرتهم على إعالة اسرهم .
وبشكل مجمل يجد الشباب نفسه مجبرا على الانخراط في علاقات تنعدم فيها الفاعلية .
إلى جانب ذلك أيضا هناك إشكالات تواجهها منظومة التعليم بهذه الدول بسبب ضعف الاعتماد المخصص لها ، بسبب عدم قدرة حكومات هذه الدول على الانخراط ، وبناء اقتصادات وطنية منتجة، الشيئ الذي ترتب عنه عدم القدرة على الاجابة على اسئلة ذوات الصلة ، وعليه فمازالت مجانية التعليم مطروحة بهذه الدول ، وكما تطرح اشكالية مجانية التعليم بهذه الدول ، أيضا ما زالت اشكالية البنية التحية مطروحة ، بمعنى أن سؤال الأولويات مازال مطروحا ، ذلك أن عدد المدارس غير كاف لاستيعاب اعداد المتعلمين المتزايدين سنة بعد سنة ، كذلك يتفاقم سؤال جودة التعليم ، وما يترتب عنه من تراجع مستويات العديد من المتعلمين خاصة في بعض المواد .
وكما طرحنا اشكالية التعليم بهذه الدول ، أيضا هناك اشكالية الصحة ، حيث بسبب ضعف الاعتماد المخصص لها ترتب عن ذلك العديد من المشاكل لها تمظهرات في عدم بناء المستشفيات في بعض المناطق النائية ، عدم توفير الأطباء المختصين في بعض المستشفيات ، أيضا عدم توفير الأدوية مجانا للمواطنين ، وعدم تجويد الخدمات الصحية بشكل عام .
في نفس الإطار أيضا لابد من الاشارة باقتضاب الى إشكالية السكن اللائق ، اذ بنفس المنطق ، ومن منطلق عدم تخصيص اعتمادات كافية له تتضح تمظهرات سؤاله من حيث معاناة الطبقات الاجتماعية المتضررة داخل هذه المجتمعات .
حيث مازالت العديد من الأسر تعيش داخل أحياء الصفيح ، وما يترتب عن ذلك من تربية التنشئة داخل ظروف تنعدم فيها شروط الحياة الكريمة .
وعموما فهذا التخلف المادي الذي له تمظهرات في الحياة العامة ، والخاصة للمواطنين ، نجد له تمظهرا أيضا على مستوى التشريع ، حيث ما زلنا نحتكم لترسانة من القوانين ورثناها عن الاستعمار .
أسس ومرتكزات الانتقال الديموقراطي.
اعتقد بان المفتاح الاساسي الذي يضمن نجاح الانتقال الديموقراطي المنشود بالدول العربية هو الرهان على تأهيل الموارد البشرية ، ويتعلق الأمر بتمكينها ماديا ، ومعرفيا .
كل ذلك للحسم مع تدبير الشأنين العامين الوطني ، والمحلي وفقا لما خلفه تدبير هذين الشانين من نتائج لم تفض إلى تحقيق انتظارات المواطنين من منطلق انتشار الامية ، ونسبتها المرتفعة في بعض الدول .
ومن أجل ذلك ينبغي إعادة النظر في السياسة التعليمية ، والنظام التعليمي بها ، ولعل القاعدة المادية التي تضمن نجاح السياسة التعليمية ، والنظام التعليمي المراد اتباعهما هي تخصيص ما يكفي من الدعم المادي لهما ، على اعتبار أن أغلب المشاكل المطروحة ضمن هذا الإطار أساسها مادي .
إن الرهان على نجاح الانتقال الديموقراطي يتطلب الوعي بمرتكزاته ، التي منها الحسم مع مصادر التربية الكلاسيكية ، بالتخطيط لمشروع مجتمعي جديد قوامه التفكير بمقومات العلم ، والمعرفة ، والانخراط في بناء المجتمع بهذه الدول وفقا لهذا الأساس .
ومن أجل جعل مقومات العلم والمعرفة أساس التفكير في المجتمع المنشود ينبغي التركيز على أهمية البحث العلمي ، بتوفير شروط نجاحه ، وتخصيص دعم مادي كاف له ، وخلق شرط الاشتغال للكفاءات العربية ، وتوفير كل الامكانيات التي تمنعها من الهجرة الى خارج أرض الوطن .
ومن منطلق كون الثقافة تلعب دورا مهما في بناء الشخصية الوطنية أعتقد أنه ينبغي تخصيص الدعم المادي الكافي لها ، لتمكين وزارة الثقافة بهذه الدول من القيام بدورها دون أي إكراه ، إذ على هذا الأساس تتمكن من الانفتاح على كل شرائح الشعوب ، وتمكينها من القيام بدورها في سياق انتاج ثقافة تمكن هذه المجتمعات من الانخراط في شرط يضمن لها هذا الانتقال ، كما يضمن لها المساهمة ، والانخراط في عملية الانتاج بما يضمن الحفاظ على خصوصيات الأقليات ، بالانخراط التدريجي في العمل من أجل الحسم مع التمييز ، ونبذ العنف ، وكذلك الحسم مع مخلفات التعصب الذي يعتبر العرق من بين أسسه ، أيضا ضمن نفس الإطار ينبغي الاشتغال لضمان القضاء على التعصب الديني ، لوضع حد لظاهرة الإرهاب بالتأسيس لمشروع ديني قوامه الوسطية ، والاعتدال ، مع ما يتطلب ذلك من تأطير عمل المتنورين على ضوء مستجدات العلمانية ، والدولة المدنية . .
وكما يعتبر تأهيل الموارد البشرية أساسا من بين أسس نجاح الانتقال الديموقراطي ، أيضا يعتبر تأهيل الاقتصاد أساسا من بين هذه الأسس ، إذ ينبغي بناء اقتصاد وطني بهذه الدول قوامه الاعتماد على الرأسمال الوطني ، والحسم مع كل أشكال التبعية كمخلفات الاستعمار ، أو ما يصطلح عليه بالاستعمار الغير المباشر.
ضمن نفس الاطار ينبغي تحديثه بربط مكوناته بالصناعة ، إذ على هذا الأساس تم بناؤه بالديموقراطيات بالعالم ، إذ تتعذر إمكانية تحديثه دون ربطه بالصناعة .
ضمن نفس الاطار ينبغي ربط برامج التعليم بهذه المكونات ، والعمل على ردم الهوة بينهما ، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات ، وحاجات هذه المكونات وادراجها ضمن برامج التعليم ، اي ينبغي للسياسة التعليمية التدخل ضمن نفس الاطار لتأهيل هذه المكونات ، بالبحث المتواصل عن حاجيات الاقتصاد في برامج التعليم ، والعمل على تطويرها في إطار مستجدات العلم ، والمعرفة .
لذلك ينبغي تخصيص تمويل يناسب البحث العلمي ، وفتح المجال أمام الكفاءات من أجل الابداع ، للرهان على عملية الانتقال الديموقراطي السلس ، وتحويل المجتمع بهذه الدول من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج .
على هذا الأساس يأتي التوزيع العادل للثروة ضمن هذا المشروع ، وضمان تحقيق المساواة ، والعدالة الاجتماعية ، باقتصاد يفتح أبوابه للجميع ، وفي إطار تحقيق عدالة مجالية تمكن كافة المواطنين من الإنتاج خارج الفوارق المجالية .
أيضا هناك معضلة كثيرا ما تشير لها بعض الدراسات ، والأبحاث ، ويتعلق الأمر بظاهرة الفساد التي تنخر هذه المجتمعات ، إذ ينبغي على حكومات هذه الدول التدخل للحسم معه ، ببذل المزيد من المجهودات من حيث التشريع ، وتعبئة المؤسسات من خلال اتخاذ العديد من الاجراءات التي سوف تضع حدا لها .
إن القطع مع الماضي يتطلب إرادة سياسية ، ووعيا مجتمعيا ، ومن أجل ذلك اعتقد بأن اليسار بهذه الدول ملزم بإعادة النظر في الأسس التي يتم الاعتماد عليها في بناء التنظيمات السياسية ،و في تنظيم ، وتأطير المواطنين ، ومن بين هذه الأسس العمل على الحسم مع قراءات سادت في الماضي تأسست على ضوء واقع ظل يتجدد ، بينما مجموعة من القراءات ظلت جامدة ، وبالتالي كثيرا ما يتم الاحتكام لها ، خارج الاحتكام للمنهج ، إذ هو الأساس الذي ينبغي أن يؤطر هذه القراءات ، وبالتالي أعتقد بأن عملية التثقيف ينبغي أن تنصب على هذا المعطى، أكثر من غيره .
أيضا هناك ظاهرة لابد من الإشارة لها أيضا ويتعلق الأمر بضرب الديموقراطية في بعض التنظيمات السياسية ، الشيئ الذي أضر بالعمل السياسي ، وخلف انطباعا عند المواطنين مفاده أن التنظيمات السياسية في البلدان العربية تتشابه من حيث أدائها ، وبالتالي لا يعول عليها في تدبير المرحلة لضمان خلق شرط الانتقال الديموقراطي ، ولذلك ينبغي على كوادر هذه التنظيمات الحسم مع كل مخلفات الماضي ، التي اضرت بها ، وأضرت بعلاقتها مع الجماهير ، وبالتالي ينبغي العمل على تأسيس وعي جديد أساسه التدبير الديموقراطي ، وذلك بإعادة النظر في موقف بعض القيادات ، ودفعها لبناء الديموقراطية داخل هياكل تنظيمات اليسار ، ومن تم الانتقال بهذا الشرط لدمقرطة المجتمع ، وايضا دمقرطة تدبير الشأنين العامين الوطني ، والمحلي .
إن النضال من أجل ضمان حرية التعبير بهذه المجتمعات لا يمكن إلا أن يتأسس على ضوء فرض حرية التعبير داخل هذه التنظيمات ، وبالتالي جعل قراراتها تشارك في بنائها القواعد ، وعليه فالحسم مع التد مر، والاحباط السائدين عند العديد من منخرطي هذه التنظيمات ، وعند غيرهم يتطلب بناء الديموقراطية داخلها ، ومن مهام هذه القواعد المزيد من النضال لضمان هذا الشرط .
معنى هذا أن سؤال بناء الديموقراطية بهياكل اليسار يطرح سؤالي التمثيل السياسي ، وعدم قدرة هذه التنظيمات على إفراز حكومات تضمن إقرار الحقوق ، في ابعادها الاقتصادية ، الاجتماعية ، الثقافية ، والسياسية ، أي عدم إفراز حكومات تستجيب لإنتظارات المواطنين ، وتلبية حاجياتهم في مختلف الميادين ذوات الصلة بالحياة العامة لهم ، وما يترتب عن ذلك من تعطيل قدراتهم ، ومنعهم من الانتاج ، والاستفادة من خيرات بلدانهم ،
إن هذا المعطى يترتب عليه أزمة المشاركة السياسية ، والعزوف السياسي السائد ين بهذه الدول، وبالتالي فعدم الاقبال على صناديق الاقتراع يفسره موقف واضح من قبل شعوب هذه الدول اتجاه حكوماتها الغير قادرة على تنفيد برامجها الانتخابية ، إذ اثناء الحملة الانتخابية تقدم وعود ا متعددة لهذه الشعوب ، وبعد تحمل المسؤوليات تتعذر على هذه الحكومات تنفيذها،
وكما يجد الاحباط ،والتذمر تفسيرهما في التمثيل السياسي ، والمشاركة السياسية ، نجد هذين المعطيين يفسرهما عاملين اساسيين ، عامل داخلي ويتعلق الأمر بالفساد ، ونهب خيرات هذه الشعوب ، ومنعها من بناء اقتصادات وطنية ، وعامل خارجي ويتعلق الامر بمختلف أشكال التبعية التي توجه السياسات العامة لهذه الدول ، وتمنعها من الاستقلال في عملية صنع القرار، على هذا الاساس يكتسي المزيد من النضال ، وتعبئة المواطنين أهمية قصوى من أجل الديموقراطية .
إن هذا التذمر، والاحباط يفسران أيضا نتيجة بعض الاشكال النضالية التي كثيرا ما تنتهي بعدم تحقيق بعض المطالب ، وبالتالي عدم عودة بعض فئات المجتمع للشارع من أجل الاستمرار في إطار انعدام مقومات الصمود ، بسبب ضعف التعبئة التي تتلقاها ، وبالتالي ما يمنعها من وضع الثقة ليس فقط في العمل النقابي ، ولكن أيضا في العمل السياسي ، ولهذا من أجل تعزيز بصيص الأمل عند هذه الفئات أعتقد أنه حان الوقت لوضع حد للتشرذم النقابي ، والعمل على خلق شرط الوحدة النقابية كقوة تمكن هذه الفئات من تعزيز الصمود عندها ، ودفعها للمزيد من النضال بهدف تحقيق مطالبها في اطار النضال الديموقراطي ، كأرضية لضمان الانتقال الديموقراطي المنشود .
ومن أجل تجاوز فشل بعض فئات المجتمع في تحقيق مطالبها ، اعتقد بان كافة مكونات المجتمع ملزمة بفتح نقاش ، لتمكين شعوب هذه الدول من المزيد من النضال ، على اعتبار أنه هو الكفيل بالحد من تدخل السلطة 6، والشطط في استعمالها ، في التعامل مع بعض الأشكال النضالية بقمعها ، ودفعها للتراجع عن مطالبها .
ضمن نفس الإطار هناك أساس اعتقد أنه مهم في إطار رصد الأزمة التي تمر بها هذه الدول ، ويتعلق الأمر بضعف دور المجتمع المدني ، وعدم قدرته على الانخراط شريكا في التنمية الى جانب الدولة ، وسبب ذلك بتقديري راجع الى عدم تمكينه ماديا ، ومعرفيا للقيام بهذا الدور بسبب الأزمة التي تمر بها هذه الدول ، وبالتالي فالأزمة التي تمر بها هذه المجتمعات ، مست المجتمع المدني ، ومنعته من العمل بفاعلية ، انها أزمة عدم القدرة على تحقيق الديموقراطية ، وعدم قدرتها على بناء اقتصادات وطنية يستفيد منها الجميع .
إن تحقيق الديموقراطية بهذه الدول رهين بوعي المجتمعين السياسي ، والمدني بها ، وبالتالي رهين بتغيير الارادة السياسية عند حكوماتها ،كل ذلك لن يتأتى إلا بتعزيز ثقة هذه الشعوب بدورها بغية تحقيق انتقال ديموقراطي سلس بهذه الدول على اعتبار أنه المدخل لبناء مشروع مجتمع حداثي ، أسسه المساواة ، المواطنة ، والعدالة الاجتماعية .
المراجع
1 معوقات الديموقراطية في العالم الثالث عبد الجبار أحمد عبد الله ص 15
2 نفسه ص 15
3 نفسه ص 15
4 الديموقراطية جان ميشال دو كنت ترجمة علي عيسى ص 23
5 الديموقراطية تشارلز تيليلي ترجمة محمد فاضل صباح ص 57
6 ما هي الديموقراطية حكم الأكثرية أم ضمانات الأقلية آلان تورين ترجمة حسن قبيسي ص 7



#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زراعة رائحة عطر في شهية التاريخ .
- طهو السراب .
- قضية المرأة العربية من خلال المجموعة القصصية الموسومة قرار أ ...
- وظيفة المكان برواية تحت عنوان قيامة آلهة لابتهال خلف الخي ...
- عبث بمَسَد الجراد .
- اخرج من الرمح ليكتمل دمي .
- جشع جمع المال ،وتوجيهه للعلاقات السائدة بالمجتمع الروسي من خ ...
- الشعر العربي من سلطة القبيلة الى سلطة الدولة عبر التاريخ .
- موسيقى لغموض الثلج .
- قطعة ليل توزع الغروب .
- هلع دلاٌع يغذي مكر جبروت .
- صحصح يبني المرارة بحليب دمية .
- احتفاء بتليسة لحبات رهاب .
- الوطن وجع لم يصح بالمرآة .
- استقامة المستحيل بمنغلق رصاصة .
- فضح الفساد من خلال رواية تحت عنوان شباب امرأة لألبرتو مورافي ...
- رتق بريش يمامة .
- دبوس في نعل زوبعة .
- كسور في نشوة رمل .
- قطرة دم في نجمة عجماء .


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسن ابراهيمي - مطلب الديموقراطية وأسسها بالدول العربية .