أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إدريس - ما اضطُررت لفعله قبل فترة في سعيي لكي ينتصر التنوير















المزيد.....

ما اضطُررت لفعله قبل فترة في سعيي لكي ينتصر التنوير


أحمد إدريس

الحوار المتمدن-العدد: 7180 - 2022 / 3 / 4 - 19:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


و ما نَيْلُ المطالب بالتمني *** و لكن تُؤخذ الدنيا غلاباً
(أحمد شوقي)

إذا أردنا حقاً أن ينتصر التنوير *** فَعَنْ ساعد الجِد علينا بالتشمير
(أحمد إدريس)


التنوير المحمود المُحترَم عندي هو الذي يعمل و يسعى و يهدف - بصدق و إخلاص و بحكمة - إلى تحقيق مطلب ضروري لخصه مفكِّر أصيل في هذه الكلمات : « لا بد من إعادة تقديم الدين في أصوله النقية، و بلغة عالَمية عصرية تخاطب الكل في كل مكان، و ليس بلغة طائفية مُنغلقة متعصِّبة. لا بد من تقديم الدين في روحه و جَوهرِيَّته و ليس في شكليَّاته : الدين كتوحيد و خُلق و مسؤولية و عمل بالدرجة الأولى، الدين كحب و وعي كَوني و علم و تقديس للخير و الجمال. » (مصطفى محمود، "نار تحت الرماد"، 1979)

أعلم أن كثيراً و رُبما أغلب مشايخنا التقليديين ينظُرون بعين الريبة إلى التنويريين الجُدد و رُبما يُحذِّرون منهم العامة. لِذا أود لفت انتباه هؤلاء السادة الكِرام إلى أننا من جهتنا نبتهج و نطرب عندما نرى باحثاً غربياً يستخدم الفكر النقدي في تعامله مع المَوروث الثقافي و الروحي لأمته، و ننبري لمدحه و إطرائه و نُضفي عليه أجمل و أحسن النُّعوت إذ نَصِفُه بالشجاعة الفكرية و النزاهة العقلية و بأنه يعمل بإخلاص على رد بني قومه إلى جادة الصواب !

شخص على موقع فايسبوك يستخدم بكثرة لفظة "الكفار" في حديثه عن غيرنا فخاطبتُه كتابياً بالكلام الآتي : « أنت عاجز عن القيام بأدنى مراجعة أو إعادة نظر عميقة و جريئة في قناعاتك الدينية و لَكِنك تريد من جميع المختلفين عنك بهذا الصدد تطليقَ قناعاتهم الدينية في الحال و اعتناقَ معتقداتك المَوروثة عاجلاً غير آجل بل على الفور. و إلاَّ فلن تتوقف - ما دُمت على قيد الحياة - عن نعتهم بالكفار : ذكَّرتُك فقط بما يقتضيه و يستلزمه بالضرورة منطقُك. أيها الواهم عندما يتَّسع أُفقك و يرتقي و يكبر وعيُك فإنك ستقبل الآخَر المختلف عنك بإمتنان لأنك سترى فيه هدية سماوية أي كائناً يُكمِّلك و يُعلِّمك الكثير، بدل الإكتفاء بنظرتك التقليدية المَوروثة التي تعتبِرُه مجرد كافرٍ ليس أمامه إلاَّ أن يُردِّد مقولاتك و يُؤدي طقوسك التعبُّدية لِيَنجو من الخلود في عذاب السعير… »


لَيت هذا الشخص و أمثاله و كل المُتذمِّرين المُتطيِّرين من حركة التنوير الحالية، التي ما ادَّعى أصحابُها العِصمة لأنفسهم و لا لإجتهاداتهم بأي حال، لَيتهم يتدبرون و يُطبِّقون المقولة الآتية فهي من أبلغ و أعمق ما قرأت في حياتي : « لا تستعجل الحكم على ما لم تعرف كُنهه و حقيقته، فليس كل غريب على عقلك خاطئاً ! فالدواء المُر غريب على لسانك، لكنَّ جسدك لا يصح إلاَّ به. » (نور الدين أبو لحية)


ما الذي فعلتُه إذاً في سعيي المحموم لكي ينتصر التنوير ؟ قبل حوالي شهرين أرسلت عبر البريد التقليدي مقالاً لي إلى باحث مُتميِّز في الفكر الإسلامي. و أرفقت برسالتي إليه مقداراً مُتواضعاً من المال (50 أورو) كتعويض عن الوقت الذي تأخذه منه قراءةُ المقال. ما تلقَّيت منه أي رد حتى هذه اللحظة. لقد بذلت المستحيل يشهد الله، لكي يصل المقال إليه و إلى باحثين آخَرين كُثر عبر الإنترنت، لكن دون جدوى مع الأسف. و الأفراد القلائل الذين ردوا علي التحية، ما وصلني منهم شيء بخصوص المقال.

المقال قرأه و استحسنه أشخاص "عاديون" من كل أقطار و أرجاء المعمورة. و لو كنتُ ميسور الحال لأرسلت النسخة الورقية لهذا المقال (مع مبلغ 50 أورو) إلى مجموعة معتبرة من مفكري و مشايخ و مثقفي هذه الأمة. المقال منشور على "الحوار المُتمدِّن" على الرابط الآتي :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725956
(عُنوانه : "يجب أن تتغيَّر نظرتُنا للعالَم، لِنُسهم فِعلاً في خلاص العالَم").


يا مَن تقرأ بجدية تامة أي بتجرُّد و اهتمام حقيقي و تركيز مِن عنوان المقال إلى نقطة النهاية، أعدُك بأنك ستكسب و ستجني ارتقاء نوعياً في سُلم الفهم المستقيم و الوعي الصحيح الأصيل. إصلاح التفكير و تصحيح التصورات هو أساس البناء الحضاري السليم للأمة. هكذا يُبنى الإنسان السَّوي المستقيم، الذي يَبني حضارة الرحمة الشاملة : « و ما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالَمين » (قرآن).

« الجهل رفيق مُلازم للتعصُّب يعيشان و يموتان معاً. » (سليمان خطار البستاني)
« من المفيد في كل الشؤون أن تقوم، من حين لآخَر، بِوَضع علامة استفهام على الأشياء التي طالما اعتبرتها من المُسلَّمات. » (برتراند راسل)
« مُحال أن يتحرَّر جسم يحمِل عقلاً عبداً. » (محمد البشير الابراهيمي)


فلا يَردعنكم طول المقال عن قراءته كُلِّياً و باهتمام فعلي، و نشرِه على أوسع نطاق مُمكن، هذا ليس أمراً بل هو رجاء من إنسان مُعذب في الأرض. الصبر على القراءة الجادة المُتأنية الواعية لمقال طويل، و الله إن ذلك لَمِن عزم الأمور في زمننا الرَّديء الأغبر. الأُمم ترتقي و يعلو قدرها بين الأنام بالمعرفة التي هي ثمرة القراءة الحقيقية، لا بثقافة المساكين التي استعذبناها و تكاد تغرق في براثنها بالكامل هذه الأُمة :

« لم يَعُد لدينا وقت لنقرأ كتاباً، بل لم تعُد لدينا رغبة في ذلك، رُبما لأننا في السابق كُنا نقرأ لأنها كانت الوسيلة الوحيدة لِحَشو فراغنا البليد لا أكثر، حتى جاء العالَم الإفتراضي فمنحناه شيكاً على بياض نُسرف فيه في هدر أنفسنا. لم تعُد للمعرفة قيمة. هذه الفوضى المعلوماتية العارمة حولنا ليست من المعرفة في شيء، فَمِن أصول المعرفة أن تكون ذات مصداقية و هدف و تنظيم واضح يجعلها شيئاً محدَّداً و مميَّزاً عن بقية غُثاء الكلام. هؤلاء الذين يُنصِّبون أنفسهم كُتاباً و مثقَّفين تراهم يركبون كل موجة و يركضون برفقة الضجيج و يتزاحمون تحت أضواء الحدث، حتى لو كان هذا "الحدث" تغريدة تافهة من شخص تافه ! ما يَحدُث اليوم هو أننا نعيش زخماً هائلاً من ثقافة الظواهر، ثم نجد الناس بما فيهم المثقف و الكاتب يتحدثون عن كل ظاهرة و يجعلونها مشكلة مستقلة و يصنعون لها الفروع، فَيَضيع نِصفُ وقتك و أنت تُتابع ظواهر كثيرة سببُها واحد لا يلتفت إليه أحد ؛ لأن الدافع أصلاً للحديث عن هذه الظواهر كان "الأكشن الكتابي" أو الترفيه الإجتماعي، أو أي شيء لا علاقة له بالمعرفة الأصيلة ذات الإلتزام الثقافي العلمي الصحيح. »
(مُقتبس من مقال صدر في 2018، تحت عنوان "ثقافة المساكين"، للأستاذ جميل الرويلي)


لا يُمكن لأسرى و مُدمني "ثقافة المساكين" أن يُحقِّقوا رُقياً أو حضارة. فسُحقاً لِمُعظم هذه الثرثرة اللامُنقطعة المُتعالمة (بدون طائل في الغالب) التي ألهتنا و أبعدتنا عن الأصول و الأساسيات ! سُحقاً لكُل ما قد يُفقدنا إنسانيتَنا : و لو كان التنوير، و لو كان حتى الدين… لا معنى لأي شيء إذا ماتت الإنسانية.

« الإنسانية ليست نُصحاً نُوَجِّهه و لا شعاراً نرفعه و لا هي صفحة من كتاب نطالعه : الإنسانية قِيَم نبنيها معاً، مسار نُصحِّحه معاً، مجهود نَبذُله معاً، عطاء نتشارك فيه معاً، طريق نَسلُكها معاً، تضحيات نُقدِّمها معاً. » (أسماء هاني)


يا إلهي اهدِنا سُبل الرشاد في كل الأمور، لا سِيَّما تلك التي تملأنا حيرة و تساؤلات. و ألهِمنا الصَّوَاب في القول و العمل.



#أحمد_إدريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و لَسَوف تعرفون الحقيقة…
- من الأَوْلى بِوَصف كافر : الذي ينكر غيبيات أم الذي ينكر مرئي ...
- أنا موجوع يا الله !
- هذه هي قِصتي
- جريمة عُظمى ارتُكِبتْ بحق الإسلام : تشريع فُقهائه السابقين ل ...
- المسلمون سيظلُّون على وضعهم الحالي المُؤسف ما داموا ينعَتون ...
- يجب أن تتغيَّر نظرتُنا للعالَم، لِنُسهم فِعلاً في خلاص العال ...
- خلاصة القول
- بدون الحقيقة لا خلاص للبشرية
- حتى نكون رحمة للعالَم، أو حتميَّة إعادة بِناء مفهوم الكفر في ...
- أغبى أمة أُخرجت للناس
- ضرورة تمجيد و تفعيل ثقافة التسامح و المحبة
- لا بد من ثورة فكرية يحمل لواءَها رجال دين !
- الخطوة الأولى على طريق الإصلاح
- مَن هو المُتديِّن الحق ؟
- تشغيل العقل فريضة دينية
- المنبع الأول للإرهاب التكفيري
- ألا قاتل الله هذا الفكر !
- المعتقد الذي عليه ألقى الله…
- فلسفة المخلِّص المنتظَر أو المأمول كما أراها


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إدريس - ما اضطُررت لفعله قبل فترة في سعيي لكي ينتصر التنوير