أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مناف الحمد - أم حسين














المزيد.....

أم حسين


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 7179 - 2022 / 3 / 3 - 19:42
المحور: الادب والفن
    


ام حسين

عاد من المدرسة باكيًا فقد ضربه المعلم؛ لأنه سأله عن اسم أمه فأجابه أن اسمها أم حسين، فظنه المعلم يهزأ به. لم يكن محمود يقصد السخرية، ولكنه لا يعرف اسمًا لأمه غير هذا، وهو أصلًا لا يجد وقتًا كافيًا للاستفسار عن أمور كهذه، فالشخص الوحيد الذي كان يتواصل معه في عائلته المكونة من ستة عشر نفرًا عدا الأب والأم هي شقيقته ناهد التي تكبره بسنتين، أما جيش الإخوة والأخوات فقد كان لكل منهم شأن يغنيه.
أما والده فهو يقضي اليوم كله في صالون الحلاقة، وبعد أن يأخذ قسطًا من الراحة بعد الغداء ينفق باقي اليوم في لعب الورق في المقهى ليعود منهك القوى في وقت متأخر من الليل.
أخته ناهد تحدب عليه وتعوضه بعض حنان الأم المستنزفة بتلبية طلبات هذا الجمع الغفير، والتي تمضي أيامها متشابهة إلى حد التطابق لا يكسر رتابتها إلا بعض الشجارات مع جارتها حمودة التي كانت تستفزها بسبب قلة اهتمامها بالطهارة كما تتهمها أم حسين. وكانت الشجارات تبدأ ببعض الشتائم ثم تتحول إلى مناظرة حقيقية تجلس فيها السيدتان متقابلتين، وتوجه كل منهما الشتائم المقذعة للأخرى في احترام ملفت لدور كل منهما، وبحضور عدد كبير من أبناء الحي مقسوم إلى فريقين كل فريق يشجع إحدى المتناظرتين.
أول منعطف في حياة محمود كان رحيل ناهد إلى بيت زوجها الموظف في شركة المياه بعد بضع سنوات، وقد كان أمرًا غير مفهوم بالنسبة إليه أن ترحل ناهد مع رجل غريب خصوصًا أنه رجل بارد وثقيل وسليط اللسان.
بمحاولته تعويض الفراغ الذي خلفته ناهد حاول أن يمد جسور تواصل مع ابن حمودة غريمة أمه، ولكن هذا التواصل انقلب وبالًا عليه فقد استغله ابن حمودة جنسيًا في ثأر لكرامة أمه التي أهدرتها أم حسين والدة محمود.
لم يدرك محمود وقتها عظم هذا الخطب، واستمر يمارس طقوس الحياة الرتيبة بعد أن ترك دراسته عقب فشله الذريع في امتحان الإعدادية. استطاع زوج شقيقته ناهد أن يؤمن له وظيفة مستخدم في المؤسسة التي يعمل فيها. اكتشف محمود أن زوج شقيقته موظف فاسد، ولكنه يحظى باحترام كبير من معظم زملائه رؤساء ومرؤوسين، ولكن فساده المالي لم يكن ينعكس نعيمًا على زوجته ناهد، وإنما كان ما يجنيه بفساده يذهب في دروب العربدة والرذيلة.
كان اكتشاف محمود لحقيقة زوج ناهد واكتشافه أنه هو مهتوك العرض أقل أهمية لديه من اكتشافه لاسم أمه التي ظن لفترة طويلة أن اسمها أم حسين. بعد بضع سنوات من العمل في مؤسسة المياه توفي والده الذي لم يترك في حياته أي أثر، ولكنه بكاه بحرقة لسبب لم يتبينه بدقة، ولحقت به والدته التي حزن عليها حزنًا أقل، وتفرق الإخوة، وبقي وحيدًا إلى أن عرضت عليه سيدة عجوز عاملة في مكان عمله أن تزوجه ابنتها فقبل وزُفّت إليه العروس في بيت أهله المتهالك القديم.
اكتشف في ليلة العرس أنه عاجز، وخرجت العروس مولولة إلى بيت أمها وطلبت الطلاق، وقد لبى محمود طلبها على الفور وعاد إلى عزلته في بيت أهله القديم.
محمود الآن في الخامسة والستين يعيش على راتب التقاعد الذي لا يقيم أوده، ومتعته الوحيدة هو كوب الشاي الذي يشربه على باب منزله قبل العشاء، ولا يكر أمامه من شريط الذكريات إلا هزائمه في مدرسته ومع صديقه وأمام عروسه، وذل الحاجة إلى زوج أخته واكتشافه الأبله في وقت متأخر أن لأمه اسًما آخر غير "أم حسين".



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بطرس وخلف
- عودة عواد
- حدث في تلك الليلة الممطرة
- تطور الفكر الإداري بين سياقين
- أنا في اليونان( عالمان وعالمة)
- اخرج منها يا ملعون!
- فلنطلق ثورتنا الآن
- أسئلة مختلفة ومنهج إجابة واحد
- ليبرالية رورتي (مفاهيم يجب أن تصحح وتحفظات)
- في البحث عن جذور الإرهاب
- مبادرة الخطيب
- ذكريات من أجل المكاشفة (لهذا الطباق أطروحته)
- داعش والفوات التاريخي
- الاتفاق النووي الإيراني :آفاقه وتحدياته
- لماذا انخفضت نسبة نجاح بشار الأسد ؟
- مقدمة بحث عن الدولة والقبيلة
- الكتل المتصارعة
- أحزاب الأزمات
- لا ديمقراطية بدون فردية
- الموت إحساساً بالذنب


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مناف الحمد - أم حسين