أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - الموت إحساساً بالذنب














المزيد.....

الموت إحساساً بالذنب


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4432 - 2014 / 4 / 23 - 17:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاءني منذ أيام خبر وفاة واحد من أعز أصدقائي، وكانت صداقتنا غير آبهة لفرق السن الكبير الذي يقارب الأربعين عاماً.
كان حزني كبيراً لأنني كنت أتمنى العودة إلى سوريا يوماً ما ورؤيته والاحتفال معه بسوريا الجديدة الحرة.
هذا الرجل كان رقيق الحاشية رومانسياً وعلى قدر معقول من الثقافة والأهم أنه كان مثالاً في الشرف والنزاهة والخلق الرفيع .
استهلك معظم عمره موظفاً وتدرج في وظيفته حتى أصبح موظفاً كبيراً تحت السقف الذي يسمح ببلوغه للموظفين الشرفاء في نظام البعث.
الموت بحدّ ذاته ليس كفيلاً -بالنسبة لي- بإدخالي في حالة اكتئاب طويل الأمد، ربما بسبب هجاسي المستمر بقصر الحياة وتوقعيالدائم له كلما خلدت إلى النوم ،وربما بسبب التربية الدينية التي تلقيتها في سني شبابي الباكرة ،ولكن حالة صديقي أبي عبود لم تكن حالة موت عادية.
هذا الشخص الذي انتسب لحزب البعث في سن مبكرة متأثراً بأستاذه جلال السيد الذي كان حاضراً دائماً في حديثه وتعرض للاعتقال والهروب مراراً في ظل نظام البعث قبل حركة حافظ الأسد التصحيحيةيمثل حالة خاصة جديرة بالتأمل.
هو من أبناء مدينة دير الزور الذي لم يكن يأبه بسبب بساطة أهله وقلة عديدهم إلى اهتمام معظمهم المحوري بالأصول والانتماء العشائري حتى سمع محمد عيد العشاوي وزير الداخلية البعثي في واحدةمن جلسات التحقيق معه ينعته بالكردي فانتظر حتى أخلي سبيله وسأل أباه عن حقيقة انتمائهم وهل هم عرب أم كرد أو حتى -على حد تعبيره- رحمه الله قرباط.
قال له أهله إن انشغالهم بلقمة العيش لم يتح لهم فرصة لتقصي الحقيقة ولكنهم يعرفون أن لهم أقارب في قرية تركية يعرفون من أجدادهم أنهم تحدروا منها .
روى لي قصة رحلة طويلة وشاقة قام بها يبحث عن أصوله حتى وصل إلى أقاربه في تركيا وتحقق من أصوله العربية وبرّر هذا الشغف وبذل الجهد في تحري أصوله بأن هذا شأن العربي الأصيل عندما تجرح مشاعره وأن نعت عشاوي له بالكردي سبب له جرحاً عميقاً كان كافياً لاستفراغ كل ذاك الجهد في درك حقيقة انتمائه القومي و القبلي.
كان صاحبي قد غادر البعث باكراً بعد تحوله إلى مطية لعائلة الأسد والانتهازيين الذين يلعقون فتات موائدهم.
ولكنه حسب ما وصف لي مرة أدرك اشتعال الحرائق في حزب البعث منذ أن قام ياسين الحافظ بتلقيح الفكر القومي بالماركسية وهو ما يعبر عن حالة معظم أبناء جيله الذين لم يحسنوا فهم ما قدمه ياسين ولم يتمكنوا من اطّراح شعاراتهم العريضة ورومانسية صوفي البعث الأول عفلق وعدم قدرتهم على الانسلاخ كلياً عن الحالة التقليدية التي جسدتها رحلته الشاقة بحثاً عن أصوله.
خبر موت أبي عبود الذي كان من أحب الناس إلى قلبي لم يكن خبراً عادياً لأنني قدرت رأساً سبب الوفاة غير المباشر .
هو حالة معبرة عن نموذج عقائدي مبدئي متمثل إلى أقصى ما يمكن القيم الخلقية ومسقوف بشعارات وعناوين لا يستطيع مجاوزتها ويشعر شعوراً عميقاً بتأنيب الضمير لأنه شارك في تجربة استلام البعث للسلطة وما جره هذا على سوريا من ويلات .
الفرح بانتفاضة السوريين ثم تلاشي الأمل بانتصارهم النصر الذي منوا به نفوسهم بادي الرأي بعد مرور كل هذه السنوات والشعور بالذنب الذي فاقمه رؤية مجازر نظام الأسد والإحساس بالعجز عن فعل أي شيء ذي أثر حقيقي كانت أسبابأ كافية لانقضاض الموت على صديقي الشريف على حين غرّة.
إلى اللقاء صديقي الغالي أبا عبود.



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقي (س)
- في ذكرى السابع من نيسان
- لا تستخدموا الإسلام كأداة تسويق واسترضاء للأكثرية
- شبكات الثقة والتحول الديمقراطي
- الطاغية وعنف اللغة
- فتح صفحة جديدة
- أين انتم من الضحية؟
- التشكل الكاذب
- التعسف في التعامل مع النص المطلق
- من الذي يشرعن التدخل الخارجي؟
- يا الله ما لنا غيرك يا الله
- لوك والحق الطبيعي
- الهويات المتخندقة مسؤولية من ؟
- الحقوق الطبيعية
- بؤساء النظام لا يصلحون لجسر الهوة
- تهافت مفهوم الوصاية
- المجتمع الليبرالي كما نفهمه
- الأدلجة والذات المهيضة
- رحيل الغزالي الصغير
- أبو صخر


المزيد.....




- التشيك: أرسلنا نصف مليون قذيفة مدفعية من العيار الثقيل إلى أ ...
- بلجيكا: أكبر معرض من نوعه في أوروبا يجمع عشاق ألعاب الفيديو ...
- أعمال العنف في مناطق الدروز في سوريا.. ما الذي حدث؟
- إلقاء قنبلة دخانية باتجاه منصة رئيسي وزراء هولندا وبولندا (ف ...
- السماء تتزين بعرض سماوي ساحر فجر الثلاثاء
- أصبح بإمكان الزوار صرف الدرهم في موسكو!
- محافظ السويداء يوجه رسالة لأهالي المدينة السورية
- -نبي الغضب-: جبهة إسرائيل الداخلية تتفكك وحماس لم تُهزم
- حرائق قرب بورتسودان وقصف يستهدف مخيمات للنازحين بالفاشر
- جيش الاحتلال: مقتل رقيب في دهس عملياتي بغلاف غزة


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - الموت إحساساً بالذنب