أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - الهويات المتخندقة مسؤولية من ؟














المزيد.....

الهويات المتخندقة مسؤولية من ؟


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 01:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




ماذا يعني أن تتطوع فتاة شابة وعلى قدر وافر من الجمال في صفوف قوات النظام السوري، وتندفع بكل عزيمة وإصرار إلى ميدان الاشتباك، ثم تلقى حتفها وتشيّع من قبل أيناء منطقتها تشييعا مهيباً على اعتبار أنها كما يعتقد مشيّعوها بكل اقتناع شهيدة بطلة ؟
ينطوي الانتماء إلى جماعة مرجعية على افتراضات غير منطوق بها تشكّلها الظروف التاريخية والجغرافية، وهي تضم نظماً مختلفة للمعاني والدلالات،وطرقاً خاصة للنظر إلى العالم، وعلى درجة من الولاء تميّز قوة الانتماء ويتحدّد نوعه بدلالتها. فدرجة الولاء العالية تميّز انتماء يدعى الانتماء النضالي،ودرجة الولاء الأقل من تلك تميّز انتماء يعوزه النضال ولكنّه ينطوي على مقدار من المشاركة،ودرجة الولاء الضعيفة تميّز الانتماء الاضطراري الذي لا يدفع صاحبه إلى مشاركة الجماعة في معتقداتها وممارساتها فضلاً عن المشاركة النضالية . والافتراضات غير المنطوق بها تمثل وعاءً حاوياً على جزء من مدّخرات الجماعة الرمزية التي تتمظهر وتفرض على أصحاب درجتي الولاء الأوليتين في حالات تعرّض الجماعة للتهديد أو الاستغلال تآزراً غير معهود في حالات أخرى، كما تساهم في خلق هويّة جماعيّة لم تكن لتأخذ شكلها المتبلور في غير ظروف الإحساس بالخطر.
لا يكفي وجود سرديّة مختلفة عند أبناء الطائفة العلوية عموماً للنظام السوري لتفسير مشاركة معظمهم في جرائمه، إن لم يكن بالفعل فبالصمت المريب، وعدم تحرّك ضمائرهم لما يشاهدونه من ولوغه في دماء الأبرياء . فهم بلا شك يمتلكون سرديّة مختلفة فحواها أن هذا النظام قد انتشلهم من واقع الفقر والبؤس والتهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي عانوا منه طويلاً ،وهي مغايرة للسردية التي تملكها الأكثرية والتي تعتبره نظاماً مستبدّاً صادر الدولة والمجتمع وجعل البلاد نهباً مستباحاً لأركانه وزبانيته،ومارس أقصى درجات القهر ضدها ولكنّ هذا في اعتقادنا لا يفسّر إقدام فتاة كميرفت التي نعاها النظام السوري واصفاً إيّاها بالشهيدة البطلة على التضحية بشبابها الذي لم تنعّم به بعد، وتذهب إلى القتال في صفوف النظام وتطالب هي بأن تكون في الميدان لولا عقيدة متمكّنة من عقلها ووجدانها . قد يمثّل هذا النموذج درجة الولاء التي تميز نوع الانتماء النضالي الذي يصبح فيه الدين المدني _ على حد تعبير روسو - والذي أحد ميزاته تحول الرئيس إلى ربّ يطاع هو المهيمن على فكر وسلوك من يحمله.
الإحساس العالي بالخطر الذي يتهدد الأقلية هو الذي ينفخ الروح في الافتراضات غير المنطوق بها ويحوّلها من جزء من مدّخرات الفرد الأقلويّ الرمزية إلى مصدر من مصادرخلق هويّة جماعيّة تملي على المصطبغين بها ضرورة الاستقتال في الدفاع عنها.
إن وصول الطائفة إلى هذه الدرجة من الإحساس بالخطر مع كل ما يتبعه من نتائج مسؤولية مشتركة يتحمّل وزرها أكثر من طرف.
بالطبع أول من يتحمل وزرها النظام الطائفي لما كرّسه لدى الطائفة من اعتقاد بإمكانية ابتلاع الأكثرية لها في حال سقوطه على اعتباره حاميها ،ولكنّ تحمّل النظام للمسؤلية الأكبر لا يعفي الأطراف الأخرى . فعدا عن حملة الفكر الظلامي من غلاة تيارات الإسلام السياسي الذين لا ينتظر أن يفعلوا غير ما فعلوه ويفعلونه من نفث السمّ في الجسد السوري،وتكريس الانقسام الطائفي فإن الملام الذي يجب عليه الاعتراف بضلوعه فيما وصلت إليه حال النزاع في سوريا هو التيار العلماني الديمقراطي الذي لم يفلح عبر سنوات نضاله في اجتراح حقل تداولي مشترك عبر العمل الثقافي وليس السياسي الذي يعذر في ضعف دوره فيه بسبب بنية النظام التسلطية، أي أنه لم يستطع تكريس مصطلحات ومفاهيم المواطنة والحرية والحقوق إلى آخر قاموس هذا الحقل الذي ظلوا يقاربونه في معظم الحالات إما لاستخدامه في هجاء النظام،أو من أجل ممارسة نخبوية على مجتمعهم .
هذا الحقل التداولي المشترك الذي كان كفيلاً بتحوير الافتراضات التي تنغلق كل جماعة أقلوية عليها ،وخلق مجموعة من افتراضات بديلة تحمل سمة عبورها للاختلافات العقدية، وغيرها من الاختلافات التي يعتبر وجودها ظاهرة طبيعية، والتي يعتبر استيلاد مشتركات من رحمها واجباً وطنياً.
لقد وصل الصراع إلى أقصى أشكاله بشاعة في ظل تخندق الهويات واستماتتها في الدفاع عن وجودها بكل اقتناع وإيمان،ولا مناص من اختراع أدوات جديدة للتعامل مع هذا الواقع وإلا فإن البلاد مندفعة نحو مجهول لا يستطيع أحد التنبؤ بملامحه.
ميرفت ومثيلاتها ممن لم يمتلكن وعياً وطنياً وانغلقن على وعيهن الطائفي لا يصلحن إلا أن يكنّ موضع شفقة ،لأنهن ضحية تجهيل مارسه نظام الاستبداد، وانشغال باستيراد المفاهيم ذات العمق الايديولوجي المفارق بدون بذل الجهد الجاد لاستنباتها وتبيئتها، وجعلها جزءاً من حقل تداولي مشترك يحقق درجة من الانسجام الوطني العابر للتباينات الايديولوجية والعقدية من قبل النخب المثقفة العلمانية الديمقراطية. والطرفان بما اقترفه الأول من جريمة، وبما ارتكبه الثاني من خطأ التعاطي غير المسؤول مع قضية وطنه أفسحا المجال لأفعى التطرف الديني لكي تفحّ فحيحها الذي فاقم خوف الأقلية، وزاد انغلاقها، ودفعها إلى تطرف مشابه.



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقوق الطبيعية
- بؤساء النظام لا يصلحون لجسر الهوة
- تهافت مفهوم الوصاية
- المجتمع الليبرالي كما نفهمه
- الأدلجة والذات المهيضة
- رحيل الغزالي الصغير
- أبو صخر
- هل فصل الدين عن الدولة ضرورة منطقية ؟
- العلمانية والدين :مقاربة من منظور مختلف
- العلمانية والدين : مقاربة من منظور مختلف
- الهروب من الحرية
- حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله
- خواطر في ذكرى الثامن من آذار
- قدسية الأنثى وقدسية النصوص
- الدفع نحو المجهول
- هل تملك جواز سفر صالحا
- موقف الناصريين من التدخل العسكري الغربي في سوريا
- الصفعة
- هل يعقل أن يكون الله قاسياً إلى هذا الحد ؟
- لقاء مع أستاذي القديم


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - الهويات المتخندقة مسؤولية من ؟