أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - الصفعة














المزيد.....

الصفعة


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 08:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصفعة

في إحدى زيارات التبشير بأفكار البعث في الخمسينيات لواحد من شيوخ القبائل في المنظقة الشرقية لقيت الأفكار التي يحملها البعثيون صدى جيداً لدى شيخ القبيلة ووجهاء قبيلته ، ولكنهم أفصحوا عن عائق واحد أمام قبولهم الانخراط في صفوف الحزب وقد عبروا عنه بلهجتهم البدوية :
"والله احنا معاكم بس لو مو صاحبكم المو مطهر "
أي الذي لم تجر له عملية الختان ، وكان المقصود ميشيل عفلق المسيحي .
فالبدوي لا يعرف العروبة إلا متناسجة مع الإسلام ، وهو يجد صعوبة كبيرة في تقبّل أن يحمل الدعوة للعروبة مسيحي .
وقد كانت مسيحية ميشيل تشكّل له عقدة عبّر عنها حازم صاغية بقوله إن الفكر السياسي العربي لم يعرف اقلياً مهجوساً بأقليته كهذا الرجل ، وقد فكر مرة أن يتنحى عن قيادة الحزب لأنه يدرك أن المجتمع المسلم في أغلبيته لن يقبل به كزعيم لتيار قومي اشتراكي واعد كحزب البعث وأن قيادته له ستشكل عائقاً أمام انتساب كثير من الراغبين في الانتساب إليه .
ويحكى أن جلال السيد قد استطاع ان يثنيه عن هذا القرار .
ولست واثقاً من الربط السببي بين هذا الهجاس بالأقلية وبين الضعف البنيوي الذي كان يعاني منه الأستاذ كما كان يلقبه أتباعه ولكن يمكن افتراض وجود علاقة بينهما من تتبّع سيرته الشخصية ، وتقلّباته ، وانهيار عزيمته أمام حسني الزعيم في البدايات ، ورضوخه لجبروت صدام حسين في الخواتيم .
في إحدى قصصه القصيرة التي كتبها قبل أن يستغرق العمل السياسي وقته وتفكيره والتي عنونها بعنوان "الصفعة " يصف حالة زوج خاضع لزوجته خضوعاً شبه مطلق يوصله إلى حالة الشلل الكامل وتلقّّي الصفعة منها بدون أدنى ارتكاس .
ربما كان الزوج المسلوب الإرادة هذا شخصه القابع في لا وعيه ، والذي كان يتمظهر بصورة فنية مجمّلة تعكسها رومانسيته التي عرف بها .
أنا لا أعرف لماذا تذكرت قصة ميشيل القصيرة " الصفعة " والتي قرأتها منذ أكثر من عشرين عاماً ولا أعرف سرّ التداعي الذي حصل في ذهني عندما عاصرت الصفعة التي وجهها الجربا للمقداد منذ بضعة أيام .
كما استنكر البدوي في الخمسينيات ان يقوده مسيحي ، استعلى البدوي اليوم على هذا الشاب الوسيم الناعم الذي يعتبره وفق سلم التفضيلات البدوية شخصاً خارج الدائرة التي يمكن الاعتداد بها .
وكما صدّر الحزب شخصاً لا يستطيع المجتمع المسلم أن يقبل قيادته له صدّر الجناح العسكري للثورة شاباً لا يمكن أبداً أن يصلح إلا لتقديم برامج فنية أو برامج مسابقات شعرية .
المهم أن خللاً بنيوياً يكمن في التمثيل هنا وهناك ، ولكنّ الفرق أن ذاك الرجل كان مدركاً لعدم صلاحيته للتمثيل أما هذا الشاب الوسيم فغافل عن ذلك .
وهناك كان لدى البدوي سبب للاستعلاء مفهوم وفق السياق التاريخي آنذاك ، أما هنا فاستعلاء البدوي مرتبط بشعور قوة مكتسب وليس أصلياً وليس مبرراً .
هناك تلقّى الصفعة بدلاً عن الإنسان الضعيف الذي يدرك عدم صلاحيته للتمثيل شخص في قصة قصيرة ، وهنا تلقّى الصفعة الغافل عن عدم صلاحيته للتمثيل في الواقع .
هناك عبّر البدوي عن استعلائه بعبارة بسيطة من ثقافته وهنا عبّر البدوي عن استعلائه ورفضه بسلوك لا يمت للياقة بصلة .
خرج النقص والاستعلاء من القوة الى الفعل ، خرج الفشل والجهل من الكمون إلى الظهور .
هذا ما تمخضت عنه المسافة الزمنية بين الخمسينيات وبين اللحظة الحالية .



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يعقل أن يكون الله قاسياً إلى هذا الحد ؟
- لقاء مع أستاذي القديم
- توحيد الله والتوحيد السياسي
- انفصال المعارضة السورية عن معاناة الشعب
- الدولة الدينية
- لماذا الديمقراطية ؟


المزيد.....




- وزير الدفاع الأمريكي: ترامب هيأ الظروف لإنهاء الحرب الإسرائي ...
- مرشح ليكون أول مسلم يُصبح عمدة نيويورك.. من هو زهران ممداني ...
- مبابي يتهم باريس سان جيرمان بـ-الاعتداء الأخلاقي- في شكوى جن ...
- هل تناول تفاحة في اليوم مفيد حقّاً لصحتك؟
- بين جنون الارتياب والقمع الجماعي... ما تداعيات -حرب الاثني ع ...
- لماذا شددت إسرائيل حصار غزة بعد الحرب مع إيران؟ مغردون يتفاع ...
- سائل ذهبي بلا فوائد.. إليك أشهر طرق غش العسل في المصانع غير ...
- شاهد أحدث الابتكارات الصينية.. مسيّرة تجسس بحجم بعوضة
- هل دفع العدوان الإسرائيلي المعارضة الإيرانية إلى -حضن- النظا ...
- لماذا تركز المقاومة بغزة عملياتها ضد ناقلات الجند والفرق اله ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - الصفعة