أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - يا الله ما لنا غيرك يا الله














المزيد.....

يا الله ما لنا غيرك يا الله


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4403 - 2014 / 3 / 24 - 17:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمثل الشعارات التي ترفعها الثورات تكثيفاَ رمزياَ للمطالب التي تعتلج الرغبة في نفوس الثوار لتحقيقها ، فهي تتخلّق في رحم الظروف والسياقات التي يعيشونها ، ويتم استيلادها من جوف المعاناة التي تدفعهم للثورة لدفع ألمها .
ولأن الواقع تناقضيّ وجدليّ واحتماليّ ، فإن وظيفة المفاهيم والشعارات التي تجسّدها هي محاولة القبض عليه وقولبته وتثبيته في زمان ومكان معينين بقصد فهمه وخلق إمكانية للتعاطي معه ، وهو بدوره في تفاعله الجدلي معها يأبى أن يحاط به من كل جوانبه من قبل المفاهيم التي هي البنى النظرية والشعارات التي هي رموز تكثيفية لضبط شموليتها واتساعها .

كان شعار الثورة الفرنسية " حرية إخاء مساواة " منبثقاً من مكوّنات الثورة التي يمكن حصرها في المكوّنين البرجوازي و الراديكالي.

أما المكوّن البرجوازي فقد قام باجتراح شعار الحرية مدفوعا بالرغبة في رفع السقف الواطئ الذي كان يرزح تحت ظلّه بسبب الاستبداد الملكي الذي استطاع صبغ البرجوازية بالصبغة الارستقراطية عندما حدّ من حركتها وروّج حصولها على المناصب عن طريق بيعها لهم ، الأمر الذي جعل البرجوازيين كطبقة محكومين وهم بصددالحصول على امتيازاتهم بآلية شراء المناصب من الجهاز الملكي ورشوة القضاء ، وهو ما منحهم بالمقابل إحساسا بالهوية الجمعية ووعيا بمكانتهم جعلهم يقاتلون لأجلها عندما حاول لويس الرابع عشر إلغاء بيع المناصب وهم في محاربتهم لمسعى الملك تمترسوا بشعار حرية الفرد والحقوق الطبيعية فكانت المفارقة في رفع هذه الطبقة الرجعية لشعارات تقدمية .
أما المكوّن الراديكالي المتمثل باللامتسرولين والفلاحين الفقراء الذين طحنهم الفقر والتهميش فقد صبوا إلى الارتقاء إلى مستوى البشر برفعهم لشعار المساواة والإخاء ولكنّ هذا الطموح تضافر مع الاحتجاج على سياسات الوزير تورغو التي هدفت إلى تحرير التجارة مما أدى إلى رفع الأسعار فجعلهم يطالبون بعودة أساليب الحياة التقليدية التي كان رفعهم لشعار المساواة والإخاء ناتجا عن رغبتهم في التخلص من قسوتها .
في الثورة الأمريكية طغى شعار الحرية على غيره منبثقا من معاناة المهاجرين إلى العالم الجديد في أطول واقسى رحلة في التاريخ مواجهين ضرورتين طبيعتين هما الطبيعة القاسية من جهة والهنود الحمر من جهة أخرى مما كرّس لديهم الإحساس بالفردية وإثبات الذات .
من رحم مواجهة الضرورة ولد ت الرغبة العارمة بالحرية . وهي التي قام أسلافهم بحرمان السكان الأصليين من حق امتلاكها والتمتع بها .
في ضوء هذي المثالين يصبح التساؤل عن سبب هيمنة شعار الثورة السورية " يا الله ما لنا غيرك يا الله " تساؤلا مطروحا ومشروعا.
لم يواجه السوريون استبدادا يدّعي أنه وكيل لله أو ممثّل له كما ادعت أنظمة الاستبداد في أقصى حالات تطرفها ، وإنما نظاما يدّعي أتباعه أن رأسه بديل عن الله وهو مستفرد بهم بعد تخلّي العالم عنهم .
إنه أرضي يلبس لبوس المطلق ويريد أن ينسلخ عن ماهيّته العرضيّة الزائلة وهو يفصح عن ذلك عندما يقول إنه لا يتمسّك بكرسيّ أو منصب أو سلطة منسجما مع نفسه في ذلك – على عكس ما يظن ّ البعض- لأن لهذه الدوالّ مدلولات تستبطن قابلية الزوال والفناء وتقبل الاستحالة من حال إلى حال أما هو فهو إله لا يقبل إلا عرشا خالدا لا يحول ولا يزول .
لجأ السوريون إلى ما هو مركوز في وعيهم ووجدانهم الجمعيين على أنه المطلق الوحيد ، إلى الله لواذا من النسبي الذي يريد أن يناظر مطلقهم ويلغيه ليحلّ محلّه .
لم يعد ينفع في مواجهتهم له رفع شعارات أرضية فكان لا بد من كائن متسام غير محايث للطبيعة كما تقر عقيدة عموم السوريين . فلا مهرب من القسوة المطلقة إلا إلى الرحمة المطلقة ، ولا مفر من الشرّ المطلق إلا إلى الخير المطلق ، ولا ملاذ من الجور المطلق إلا إلى العدل المطلق .
ولم تتكرر صيغة النداء في الشعار مرتين الا تحت وطأة الاحساس المرير باليتم في المواجهة مع هذا المتأله الجبار .
لأجل هذا صدحت حناجر منشدي الثورة السورية - وردّد وراءهم الملايين - بالشعار الأثير إلى نفوسهم والأكثر مطابقة لمقتضى حالهم " يا الله ما لنا غيرك يا الله "



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوك والحق الطبيعي
- الهويات المتخندقة مسؤولية من ؟
- الحقوق الطبيعية
- بؤساء النظام لا يصلحون لجسر الهوة
- تهافت مفهوم الوصاية
- المجتمع الليبرالي كما نفهمه
- الأدلجة والذات المهيضة
- رحيل الغزالي الصغير
- أبو صخر
- هل فصل الدين عن الدولة ضرورة منطقية ؟
- العلمانية والدين :مقاربة من منظور مختلف
- العلمانية والدين : مقاربة من منظور مختلف
- الهروب من الحرية
- حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله
- خواطر في ذكرى الثامن من آذار
- قدسية الأنثى وقدسية النصوص
- الدفع نحو المجهول
- هل تملك جواز سفر صالحا
- موقف الناصريين من التدخل العسكري الغربي في سوريا
- الصفعة


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - يا الله ما لنا غيرك يا الله