الاتحاد العام التونسي للشغل- مؤتمر 25 مؤتمر غير شرعي

محمد علي الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7170 - 2022 / 2 / 22 - 13:34
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

الاتحاد العام التونسي للشغل
مؤتمر 25 مؤتمر غير شرعي
(البيروقراطية النقابية جزء من النظام الفاسد)


"لقد خانت النقابات ,وهي لاتضم سوى العمال الاختصاصيين الحاصلين على افضل الاجور من ارباب العمل,ويكبلها جهاز بيروقراطي غريب كليا عن الجماهير المخدوعة من قبل زعمائها الانتهازيين,ليس فقط قضية الثورة الاجتماعية بل ايضا قضية النضال من اجل تحسين ظروف معيشية العمال الذين قاموا بتنظيمها.
فقد تخلت (النقابات)عن حلبة النضال المهني ضد ارباب العمل واستبدلتها ببرنامج صفقات مع الراسماليين....وتحاول البيروقراطية النقابية الهرمة استبدال الحركة الاضرابية التي ترتدي أكثر فاكثر ,كل يوم,طابع صراع ثوري بسياسة عقود الى اجل طويل فقدت اي دلالة امام التغييرات الهائلة في الاسعار"
(الحركة النقابية ولجان الفبارك والمصانع-المؤتمر الثاني للاممية الشيوعية)



انعقد المؤتمر ال25 لللاتحاد العام التونسي للشغل ايام 16-17-18 فيفري 2022في مدينة صفاقس بحضور 620 نائبا تحت شعار " متمسكون باستقلالية قرارنا منتصرون لتونس الحرية
الديمقراطية والعدالة الاجتماعية" ويتنافس خلال هذا المؤتمر -غير شرعي حسب البعض- 37 مترشحا على عضوية المكتب التنفيذي (15 مقعدا) و11 مترشحا على عضوية الهيئة الوطنية للنظام الداخلي (5 مقاعد) و14 مترشحا على عضوية الهيئة الوطنية للمراقبة المالية (5 مقاعد).
واعتبرت "المعارضة الديمقراطية" صلب الاتحاد هذا المؤتمر انقلابيا وباطلا بما انه انبنى على التنكر للقانون الاساسي في مؤتمر استثنائي غير انتخابي التأم في جويلية 2021 عدّل خلاله القانون الاساسي (فصل 20) وسمح لأعضاء المكتب التنفيذي بالترشّح اكثر من دورتين واوضح سامي الطاهري الناطق باسم الاتحاد-وهو يساري مرتد وانتهازي-
ان اقلية لايتجاوز عددها 60 نائبا صوتت ضد التعديل وتناسى هذا البيدق ان جل القواعد ضد التعديل وضد التمديد وان هذه الاقلية تمثل القواعد المناضلة وهو في الحقيقة الذي يمثل الاقلية المنقلبة أي البيروقراطية النقابية الممثل الرسمي للسلطة والذي يتصرف في الاتحاد وكأنه ملكه الخاص فيجرّد المناضلين المعارضين له ويعنف "الاقلية" التي احتجت على بعد كلم من مكان المؤتمر ويأمر لمليشياته بترهيب المعارضين وتمزيق لافتاتهم
افضى هذا المؤتمر الانقلابي الى النتيجة المتوقعة فقنن سلطة البيروقراطية على الاتحاد
وافتضحت سياسة حبك الدسائس والمؤامرات التي اتبعتها البيروقراطية منذ عقود في اعداد الانتخابات واختيار النواب واحدا واحدا بعد التثبت من الولاء التام –نواب لادين ولا ملة لهم سوى الموقع والتمعش و"الطمع" في الفتات.
در وس من التجربة النقابية
الاتحاد مؤسسة ادارية ومالية ضخمة

يملك الاتحاد وكالة اسفار وجمعية تعاونية في قطاع الصيد البحري وشركة تامين مشتركة ويقوم بكراء فندق اميلكار ...كما يحظى بدعم من الدولة(20 مليار ما بين 2010 و2017)ويتمتع بمنح من منظمات دولية ولا احد يعرف حساباته المالية التي يرفض الكشف عنها.
ينشط الاتحاد أساسا في القطاع العام :أكثر من 750 الف منخرطا(جلهم من الوظيفة العمومية) وله 24 اتحادا جهويا و19 منظمة قطاعية والعديد من النقابات الاساسية ومئات من المحترفين تحت غطاء "التفرغ النقابي" وبفعل وضعه المتميز وتاريخ القواعد النضالي تحول الى سلطة وقوة مادية قادرة على التأثير في مجرى صراع الكتل الرجعية فهي(البيروقراطية) تقترح الوزراء والمديرين العامين وتعزل كل من يقف ضد مصالحها الخ...
الانتخابات صورية هدفها ضمان الولاء للبيروقراطية
كشفت المِؤتمرات الاخيرة انه لا وجود لاية ديمقراطية في الاتحاد وان العملية الانتخابية هي عملية تقنية يقع التحضير اليها مسبقا وتتم بمعزل عن مطالب القطاعات وطموحات الشغالين فلا صراع برامج وافكار ولانقاشات بل الولاء للبيروقراطية النقابية هو المحدد ولا يهم إن كان العنصر اخوانجي او قومجي أويساري بل المهم ان يزكي السلوك البيروقراطي ويعمل على عزل المناضلين الوطنيين والنقابيين الصادقين

ارتداد العناصر "اليسارية"

ان العديد من العناصر"اليسارية" التي انتمت للمعارضة النقابية سابقا وكانت تعتبر نفسها شيوعية تفسخت واستوعبها جهاز البيروقراطية فاصبحت جزءا منه بفعل توجهاتها الاقتصادوية ولهثها وراء المصالح الشخصية والامتيازات العديدة: (السيارات والنزل الفخمة والسفر الى الخارج والمفاوضات مع الاعراف-افهم الصفقات تحت الطاولة والامتيازات المهنية والرشوة عند تقديم الخدمات وابتزاز اصوات الشغالين).
استفادت البيروقراطية النقابية التقليدية اذا من نشاط هذه العناصر المنهارة والمرتدة والتي رغم تفسخها واصلت الحديث باسم الشغيلة كما واصلت المزايدة بالخطاب اليساري باعتباره اصل تجاري تعتمده لمغالطة المنخرطين في الاتحاد العام التونسي للشغل.
لكن رغم انتعاش الاتحاد خاصة بعد انتفاضة 17 ديسمبر 2010 ومشاركته الفعالة في ترميم النظام فلن تعرف البيروقراطية النقابية الاستقرار وستواصل القوى الثورية فضح سياسة المساومة والمساهمة صلب القواعد حتى لاتبقى ضحية الدعاية البيروقراطية وذلك من خلال اعادة الاعتبار لمفهوم النقابة المناضلة وفضح "النقابة المساهمة"والمهرولة دوما نحو انقاذ النظام ومساعدته على ترميم صفوفه


العمل النقابي في اشباه المستعمرات

إن العمل النقابي في أشباه المستعمرات مثل تونس له حدوده نظرا لطبيعة المجتمع التي تتميز بالضعف العددي للطبقة العاملة مقابل تطور اليد العاملة في قطاع الفلاحة والخدمات.ويرجع ذلك إلى سيطرة الملكية الصغيرة في الأرياف وتعدد المؤسسات الصناعية الصغرى والورشات التي تشغل ما بين 5 و 10 عاملا وهي تظل خارج العمل النقابي أما المؤسسات الصناعية الكبرى فتظل تحت سيطرة النظام.وإلى جانب هذا الواقع الاجتماعي فان الواقع السياسي يتميز بسيطرة الحزب او الاحزاب الحاكمة على النشاط السياسي ورفض كل نشاط يشتم من خلاله نفس المعارضة مهما كان نوعها.وبذلك يتم إبعاد البعض عن النشاط النقابي واستمالة البعض الآخر والتحكم نسبيا في تركيبة الاتحاد العام التونسي للشغل على مستوى الهياكل وفي القرارات التي يقع اتخاذها بما أن البيروقراطية النقابية مرتبطة سياسيا واقتصاديا بكتل في السلطة وهي تلعب في الحقيقة دور وزارة الشؤون النقابية وتسهر على استتباب السلم الاجتماعية لصالح السماسرة وهي مهما حاولت التلون فإنها في الحقيقة عدوة الطبقة العاملة-
مهمة النقابي المناضل
إن المطروح على كل العناصر الشيوعية والوطنية المناضلة والمناهضة لمفهوم النقابة المساهمة التمسك بكل المواقف الايجابية المنبثقة عن القواعد في العديد من المؤتمرات وتحويلها إلى أرضية عمل يقع من خلالها تجنيد القواعد حول المطالب الأساسية التي وقع التفريط فيها من جهة ومحاججة العناصر البيروقراطية والانتهازية وخوض الصراع المبدئي ضدها من جهة أخرى خاصة وان العناصر الانتهازية تحاول اعداد القوائم في الكواليس ثم فرض مؤتمرات جنائزية تتحول الى عملية تصويت شكلية يقع من خلالها عزل المعارضين والمناهضين لمفهوم النقابة الصفراء المساهمة.
كما انه من الضروري ربط الحركة النقابية بالحركة العمالية من جهة والحركة الشعبية من جهة اخرى وذلك من اجل مواجهة المشاريع الامبريالية في القطر بصفة جماعية وموحدة مع الحركة الشعبية التي رغم ضعفها حاليا تجاوزت الأطر النقابية في العديد من المناسبات ونزلت إلى الشارع لتعبر عن رفضها أو نظمت العديد من الاعتصامات بمعزل عن القرار النقابي الرسمي بل إن الأطر النقابية تلتحق فيما بعد عندما يفرض الحدث نفسه..
-ان الاتحاد حاليا ليس هو اتحاد الخمسينات او السبعينات فهو يفتقر الى الانخراط العمالي وتظل الشغيلة خارج الاتحاد لذلك فان خط الاتحاد نابع اساسا من التركيبة الطبقية التي تحكمه وهي تركيبة برجوازية صغيرة في الغالب ما تكون متذبذبة تترنح يمينا ويسارا بل انها تميل الى اليمين في ظل موازين القوى الحالية هذا فضلا عن ان البيروقراطية النقابية منحازة كليا الى الائتلاف الحاكم وهي جزء من السلطة.وسيبقى الاتحاد في قطيعة مع الطبقة العاملة طالما ظلت تركيبته الطبقية برجوازية صغيرة:اعوان الوظيفة العمومية اساسا: تعليم وصحة وبريد وبنوك...-وتظل قوى التغيير الحقيقية خارج الاتحاد وهو ما يفسر ظاهرة اندلاع الانتفاضات والتحركات دون علم الاتحاد ودون مشاركة حتى العناصر التي تدعي اليسارية او مساندة قضايا الجماهير .وستشهد البلاد في المستقبل القريب العديد من التحركات للشرائح الشعبية المهمشة والمنسية والتي تظل ضحية خيانة العناصر النقابية الفاسدة على كل المستويات .وتنظّر هذه العناصر الى ضرورة المصالحة الوطنية والوفاق الطبقي وتحاول دوما فرض اختيارات الاستعمار الجديد وتهميش مطالب العمال والتشكيك في طموحاتهم المشروعة نحو العدالة الاجتماعية والتحرر الوطني ..

اصبحت البيروقراطية النقابية التي خانت الشغالين وجمدت المناضلين وامضت الاتفاقات مع الحكومات المتعاقبة اصبحت رقما سياسيا في الخارطة الحالية في تونس وتساهم في اقتراح الوزراء وتعيين الولاة الخ
وقد سقطت الاطراف الانتهازية التي تلهث وراء المواقع في فخ البيروقراطية النقابية التي هي في الحقيقة امتداد للنظام القائم
واثبتت الاحداث ان البيروقراطية النقابية تلعب دور وزارة الشؤون النقابية وتعتمد على التيارات الانتهازية مثل التروتسكية والتحريفية والوطنية الديمقراطية المنهارة من اجل استعمال القواعد في صراعات لا علاقة لها بالتحرر الوطني الديمقراطي
وستثبت الايام القادمة ان البيروقراطية الجديدة المنتخبة بالاغلبية تقريبا ستزكي كالعادة املاءات صندوق النقد الدولي التي تتظاهر برفضه وستنخرط في مشروع السلطة دون تحفظ
تونس: 19 فيفري 2022

#محمد_علي_الماوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات