أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علي أحماد - أمي رقية ...رقة عفراء معطاء














المزيد.....

أمي رقية ...رقة عفراء معطاء


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 7169 - 2022 / 2 / 21 - 08:59
المحور: سيرة ذاتية
    


دكالية المنبت والأصل ، طيبة قولا وفعلا .. قلبا و قالبا. كريمة ..لن ينال باللمز والغمز من سيرتها من يتهمها - من أهل الدوار - بالبخل والحرص الشديد وباليد المغلولة الى عنقها . أمي رقية ( هنا تنتفي كلمة خالتي وتعوض ب " أمي " ) امرأة طاعنة في السن شديدة بياض البشرة، ربعة القوام تبدو أكبر سنا من بعلها. بوشعيب ( يحب دكالة هذا الإسم تيمنا بالولي الصالح دفين أزمور أبو شعيب الدكالي الملقب بالسارية ) رجل قصير القامة وقمحي اللون تشع عيونه السوداء ذكاء متقدا . كساب وتاجر مواشي يجوب الأسواق المجاورة ، والتي تسمى بأسماء الأيام التي تقام فيها ( ثلاثاء سيدي بنور،أحد أولاد فرج ، أربعاء العونات ، سبت سايس ، خميس الزمامرة وإثنين بن إيفو ). أسر الي ذات يوم وهو في حالة صفاء في حديث ودي ( كنت خماسا عند أبيها وقد كان رجلا / فلاحا ثريا ورثت عنه أمك رقية اطيانا بدكالة والشاوية ...كان يصعد على ظهري وانا جاث على ركبتاي ويداي ليمتطي صهوة جواده ...وشاءت الأقدار أن أتزوجها ). الحقيقة أن امي رقية تجود علي كل صباح بما تراه كافيا من حليب البقرة الطازج والفوار يتصاعد من الإناء لقهوة الفطور مما فضل على الدار بعد بيعه لرجل يجمعه في براميل كبيرة يحملها على متن عربة هيكلها من حديد يجرها حصانين قويين . يأخذه الى " تعاونية الحليب " على جانب الطريق الإسفلتية بين زاوية سيدي اسماعيل وخميس الزمامرة . يمد القرويين الذين لا يملكون بقرة حلوبا بقسط من الحليب. لأمر أجهله كان هذا الرجل يكرهني ولا يجود علي بالحليب كما يفعل مع معلم آخر – من الدار البيضاء - يسكن منزلا كبيرا على حافة الساقية الكبيرة. يمر الرجل بعربته أمام باب بيتي كل صباح حوالي الساعة السابعة صباحا، والحق أن بعض السكان طلبوا مني أن أعترض سبيله ليمنحني حليبا وأكدوا علي في ذلك، وهو لن يبخل علي. ولكني اصطدمت برعونته وتركت سؤاله.
أتوجه الى المنزل كل صباح وبيدي إناء بلاستيكي شفاف يسع لترا من السوائل . تملأه أمي رقية بأصابع مرتعشة ولم تتجاوز أبدا القدر المعلوم ولا تنظر قط الى حجم الماعون . وأنا لا أطلب المزيد وأرى فعلها كرما فهي لا تنتظر منا جزاء ولا شكورا. يكفيها أجرا و ثوابا أنها لم تتأفف أبدا ولم ينقطع عطاؤها. أجدها متأهبة تستقبلني وهي تمتم بالدعاء لي بشفاه متدلية فقدت السيطرة عليها. احتجت يوما عسلا لزوم دواء السعال ففيه شفاء للناس. أخذت قدحا زجاجيا وسرت الى أمي رقية ، وأنا أعلم أنها لن تردني خائبا خاوي الوفاض وكما يجري على لسان العامة ( إذا قصدت فاقصد الدار الكبيرة ). وجدتها كما عهدتها تلبي طلبي. سرت الى داري فرحا بما غنمت . سمعت صوتا ينادي علي فالتفت فرأيت بوشعيب ممدا فوق كومة تبن يتعرض للشمس بجلباب صوفي وعلى رأسه عمامة بيضاء اعوج وضعها على رأسه الحليق . بوشعيب هذا كريم محفظة نقوده مفتوحة لمساعدة المحتاج ولكن الناس هنا لجهلهم يتهمونه – حسدا من أنفسهم - بالرياء . عرجت عليه و بعد التحية والسلام سألني عن حاجتي بالمنزل ؟ أجبته أني طلبت عسلا من أمي رقية فأمرني أن أريه الكأس . تأمله بين يديه وهو يهمهم بكلمات غير مفهومة تشي بأنه يعلم طبع زوجته ويندهش من عطائها. رد علي الكأس وهو يردد ( لقد أعطتك ...لقد أعطتك أيها الفقيه ) وأضاف وانا أهم بمغادرة المكان ( أعاني من ألم في الظهر وطلبت منها عسلا ولكنها لم تستجب لطلبي ).
نعم الأسرة طيبوبة وكرما حاتميا.. بجوارها لقينا التقدير والاعتبار وكأننا من الأقارب . للأسرة طبيب شاب يعمل بمستشفى الجديدة يزورها بين الحين والأخر يشاركنا مائدة الطعام – بمنزلهم - دون تكبر على ضوء شموع كبيرة فوق شمعدان طويل من نحاس أصفر بديع الصنع .



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- | أمي ( حبيبة ) الهيفاء وضرب النساء
- ريان من إغران بشفشاون وملحمة تضامن عبرت حدود الأوطان والأديا ...
- قبس ضياء ومقبرة ظلماء
- الجزع من الجرعة الأولى من اللقاح ضد كوفيد سارس2
- ليلة القدر....قبل نور مصباح أديسون
- العكاز وأزيز الدراجة النارية من يوميات معلم|تازناخت | إزناكن ...
- من كراس محبس الفيروس
- نعيمة - زهرية - ... قربان فقهاء الكنوز بأكدز
- أستاذ الإنجليزية ...وقميص يوسف
- من يوميات كورونا
- اسمي كورونا
- أبي...الميت الحي
- كورونا ... الحتف المنيف
- كورونا ...حتى لا تتحجر قلوبنا
- كوفيد ...سواد تتلبد منه البلاد ويرتعد منه العباد
- اليهودية الحسناء
- الأرجوحة
- المعلم العسكري
- حسناء ورحلة البحث عن الماء بفرس دهماء .
- - مهيدو - أو رحلة البحث عن الماء ب - البيدو -


المزيد.....




- بأشكال مغرية للأطفال.. ضبط مستودع يستخدم كـ-مركز توزيع- للحش ...
- سامح شكري يطلق تحذيرًا بشأن عملية رفح وينتقد سيطرة إسرائيل ع ...
- إصابة 12 مسافرا نصفهم من طاقم الخطوط القطرية بسبب اضطرابات ج ...
- شاهد: لحظة دوي صفارات الإنذار في تل أبيب الكبرى إثر رشقة صار ...
- كاليدونيا الجديدة: الشرطة الفرنسية تستعيد تأمين الوصول إلى أ ...
- بدون نوير.. المنتخب الألماني يبدأ استعداداته ليورو 2024
- دونيتسك.. الذكرى العاشرة لمعركة المطار
- غزة.. مستشفى ناصر يستغيث
- -حزب الله- يعلن إطلاق عشرات الصواريخ نحو شمال إسرائيل
- الجيش الإسرائيلي يعتقل فلسطينيين بجنين


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علي أحماد - أمي رقية ...رقة عفراء معطاء