أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - كارثة وضع الحديث في الفكر الإسلامي هل تتكرر؟















المزيد.....

كارثة وضع الحديث في الفكر الإسلامي هل تتكرر؟


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7163 - 2022 / 2 / 15 - 14:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمكن اعتبار أن ظاهرة وضع الحديث في التاريخ الإسلامي هي من أسوأ الكوارث العقلية والحضارية على الإسلام والمسلمين، وتأثيرها السلبي لا يزال حاضرا في المجتمع الإسلامي إلى اليوم بانشقاقات وحروب طائفية وجرائم دموية وعنصرية وخطاب كراهية عام لا يميز، بل لا أبالغ إذا قلت أنها أسوأ كارثة على الإطلاق أدت لكل ما سبق إضافة لتخلف عقلي عام وانتشار للخرافة والتواكل بشكل مفزع..

بدأت هذه الظاهرة بشكل شفهي منذ القرن الأول الهجري بوسائل منها "حدثنا وأخبرنا" وتعني وجود اتصال مباشر بين الرواة أو من ينوب عنهم، ووسيلة أخرى وهي الأكثر مُشاعا هي "العنعنة" وتعني النقل دون اتصال مؤكد، مما وضع هذه الوسيلة موضع شك لاحقا بين فقهاء الحديث حتى وضعوا لها شروطا لتأكيد الاتصال من بينها وجوب ثقة الراوي وثبوت اتصاله بمن نقل عنه ولو مرة، وهذه مشكلة منهجية داخل مصطلح الحديث بين مدرستين شهيرتين هما، مدرسة البخاري التي تفرض لقاء الراويين ببعضهما للحكم باتصال السند، ومدرسة الإمام مسلم التي لا تفرض هذا اللقاء وتقول باتصال السند إذا حُكِم على الراوي ببراءته من الكذب والتدليس والضعف.

لكن على المستوى السياسي والاجتماعي حصل فقهاء الحديث على مناصب عليا في الدولة وحظوة اجتماعية كبيرة ونفوذ سياسي أحيانا جعلهم زعماء ومؤثرين في التاريخ الإسلامي، ولولا رواج بضاعتهم وشهرة رواياتهم وقبولها شعبيا ما حصلوا على هذه القوة، مما يعني أن المعيار الذي كان يحكم فقهاء الحديث والمجتمع الإسلامي عامة لم يكن التحقق من صدقية الخبر أكثر من قبول الرواه نفسيا وماديا وسياسيا واجتماعيا ودينيا، وهذه هي المركزية التي خدمت هؤلاء الفقهاء في تأسيس شعبيتهم..فكلما كانت وسيلتهم في نشر الحديث مقبولة كالخطابة مثلا ولغة الجسد والعواطف أو اختيار السياق المناسب في الزمان والمكان (المعروف حاليا باسم التريند/ الرأي العام) كلما نجحوا في نشر أقوالهم لتصبح دينا ومذهبا وأيدلوجيا مكتملة الأركان..

ظاهرة اجتماعية مثيرة فعلا ولم تتكرر في أي مجتمع آخر سوى في بدايات العصر المسيحي، الذين قاوموا تلك الظاهرة بمجامع مسكونية أمرت باستبعاد مئات الأناجيل والرسائل والكتب والاعتراف فقط ببضع وعشرين منها 4 أناجيل رئيسية ليصبح (العهد الجديد) ولولا نجاح المسيحيين في هذا الضبط لتكررت مشكلة الحديث والوضع في الثقافة المسيحية التي لم تكن لتسمح بظهور مذاهب جديدة لها شعبية كالمذهب البروتستانتي، أو ينجح المسيحون في هضم الحداثة والتنوير منذ 400 عام، فلولا هذا الضبط لصعبت جدا عمليات الإصلاح وصار ظهور أي مذهب ديني جديد هو عملية انتحارية لن تجازف في سبيله أي سلطة ، ولنظر المسيحيون لكل خصوم الكنيسة والمتشددين من رجال الدين على أنهم هراطقة وبالتالي لن يكون هناك فولتير أو روسو أو ديكارت ..باعتبار أن هؤلاء حصلوا على شعبيتهم ورواج بضاعتهم العقلية بناء على قابلية الدين المسيحي للتنوير والتحديث بشكل أساسي..

نعم حدثت مصاعب في أوروبا ولم يحصل المجتمع المسيحي على حريته الدينية والسياسية دون خسائر لكنهم في الأخير حصلوا في وقت كان العالم كله ينظر لرجال الدين والسياسة بشكل مقدس..فهم آلهة تمشي على الأرض ومعارضتهم شئ من الكفر إن لم يكن كفرا مكتمل الأركان، بينما ومنذ أن غزت الحداثة مجتمع المسلمين قبل 200 عام منذ بدء إصلاحات الباشا "محمد علي" في مصر لم يزل المسلمون يواجهون الصعاب والنكبات ومستقبلا محفوف بالمخاطر..حتى وصلت النتيجة الآن لمجتمع فاسد مُهلهل تسوده الخرافة والعنف وقدسية رجل الدين حتى لو كان سفيها، ففي أي مقابلة بين رجل دين ومثقف لا ينحاز الجمهور للمثقف تحت أي وضع بل لرجل الدين حتى لو كان عديم الحُجة والمنطق، فبمجرد حدوث تلك المقابلة سوف تكون الدلالة التضمنية فورا هي أنها مواجهة بين "الإيمان والكُفر"

ملف شائك ظاهرة الحديث والرواية والسند..فهي التي أنتجت هذا الانحراف وجعل من فرصة ظهور مذهب جديد واجتهاد جديد عملية انتحارية أدت لقتل آلاف المفكرين وتهديد مثلهم في الماضي والحاضر، وبرغم الاعتراف بضرورة فتح باب الاجتهاد لكنه لا يزال مغلقا بشكل عملي..فهذا الباب المفتوح سوف يسمح بظهور مذاهب فقهية جديدة لكن الوعي الديني وخطابه الرسمي المؤسسي لا زال يرفض ذلك بدعوى قدسية السلف وثقته في من حملوا مشاعل الدعوة في بداياتها، رغم أنه لا تلازم بين الأمرين..فليس معنى السماح بالاجتهاد وصياغة مذاهب فقهية جديدة هو إهانة السلف..فلكل عصرٍ ظروفه وأعرافه ومثلما اجتهد السابقون فيجتهد خلفائهم بنفس الدرجة ، لكن الاعتقاد بقدسية وعصمة السلف والأئمة حال دون الاجتهاد بشكل عملي..مما جعل المواجهة تحدث بين فريقين هما :

أولا: الشيوخ ومعهم مؤسسات الدين الرسمية
ثانيا: المفكرين ومعهم مؤسسات الدولة الرسمية

والسر في انحسار تلك المواجهة بهذا الشكل أن طبيعة الدين الذي يرفض الشيوخ تجديده قائمة على معايير ماضوية قبل 1000 عام لم يعد لها وجود، فقد تغير العالم بشكل جذري ولم تعد قدسية البشر والحكومة مقبولة، وصار معيار الدولة الحديثة قائما على مفاهيم (الدستور والحريات وحقوق الإنسان) وهذه مفاهيم مصادمة لشريعة السلف بشكل أساسي التي تعتقد بدلا منها بمفاهيم (الشريعة والخلافة والجهاد) وتغيرت صورة الآخر في الدولة الحديثة بناء على ذلك..فقد صار الآخر مواطنا كامل الحقوق له حق الوجود والاعتقاد والثروة والسلطة..إلخ، بينما الآخر في شريعة السلف هو كافر يستحق القتل أو خاضع يدفع الجزية وليس له حق في السلطة والوظائف العامة وفرص حصوله على الثروة مقيدة ومرصودة نظرا لخطورة ذلك على الحكومة الدينية..

ظاهرة الحديث في الحقيقة لم تتوقف منذ القرون الوسطى فهي تتغير وتظهر بأشكال مختلفة، فلم يجد الوضّاعون أي مشكلة في ترويج أحاديثهم حتى بالعصر الذي نعيش فيه، وقد استبدلوا كلمة " حدثنا وعن فلان" بأخرى مثلما يخرج البعض منهم الآن بكلمة (جاء في الأثر) وهذا الخبر الموضوع لا علاقة له بكتب الحديث المشهورة والمغمورة – وهي بالمئات – لكنها من اختراعه هو أو من أحد يعرفه جيدا..لكن كلمة (جاء في الأثر) لها بريق اجتماعي يوازي كلمة "حدثنا وأخبرنا وعن فلان " التي شاعت في زمن وضع الحديث الأول، فضلا عن اختفاء وضعف وانعدام (فضيلة التحقق) التي هي سمة عامة للجمهور الذي يميل لتصديق الخطباء إذا أجادوا في توصيل معلوماتهم، فكلما كان الخطيب بارعا في الخطابة ولغة الجسد والعواطف كلما كان أكثر وصولا لقلب الجمهور..وكلما كان مدعوما من الأعيان والحكام يخضع العامة إليه دون تردد، فيُصدق الناس بضاعته المغشوشة دون تحقق حتى لو كانت تلك البضاعة المغشوشة تمس أبرياء أو تؤدي للظلم والقهر والحرب والكراهية فلا ينظر الناس في صدقيتها أبدا ويكتفون بثقتهم في الراوي.

ويمكن اعتبار أن ظاهرة وضع الحديث وصلت لأحدث تجلياتها الآن في (اليوتيوب) فهو المنصة الأبرز في إشاعة الأكاذيب والفبركات الصحفية ونسب أقوال وهمية لشخصيات حقيقية ، ويساعد على رواج هذا الوضع طبيعة المنصة نفسها التي لا تراقب المحتوى العلمي المنشور وترصد مكافآت مالية لأصحاب المحتوى وفقا لعدد المشاهدات وظهور أكثر المحتويات شهرة في بند الاقتراحات لتصل لأكبر عدد من الجمهور، فصار كل من يبغي الحصول على الثروة بشكل سريع يدخل هذه المنصة بعناوين مثيرة تخاطب غرائز الناس ولا يحتاج ذلك منه سوى جهد بسيط جدا يتلخص في الآتي:

1- بانر أو بوستر مصنوع فوتوشوب يتم تثبيته في الصورة الخلفية للفيديو والتي تعبر عن محتواه في المنصة، ويكون هذا البوستر بمعنى مثير وصادم وبسيط في نفس الوقت ليسهل فهمه من طرف العامة، فتلك القنوات مهمتها خطاب الناس بلسان شعبي غوغائي مختلف عن الطريقة العلمية، كون الجماهير البسيطة لا تفهم لسان المشايخ التكفيري المتخصص بالغالب، لكنها تفهم جيدا هذا المحتوى المقدم لها من تلك القناة بلسان بسيط وصور معبرة لا أكثر..

2- محتوى ديني تكفيري يخاطب غرائز الناس ويكون هذا المحتوى موجها بشكل كامل ضد المشاهير والفنانين والإعلاميين والمثقفين، فهو لا يوجه ضد المشايخ كونه يتبنى نفس موقفهم من الثقافة والفنون والفكر والحداثة بشكل عام، وآثار ذلك ظهرت تباعا بزيادة حدة التكفير والعنف اللفظي بالأعوام الأخيرة ورفع مستوى التصلّب السلفي شعبيا مما أدى لرفع جمهور المشايخ ورجال الدين مرة أخرى بعد هبوطه أعقاب ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013، ويمكن ملاحظة ذلك من اهتمامات الرأي العام وشعبية برامج الفتوى بالتلفزيون التي عادت باهتماماتها لما كان عليه الوضع قبل ثورة يناير من الاهتمام بالصغائر والبحث عن الحكم الديني والفتاوى وقضايا الحجاب والمرأة والفنون وتراجع الاهتمام تماما بقضايا الإصلاح والانفتاح بشكل ملحوظ..

3- مواكبة التريند بشكل دائم فلا يمر أي تريند شعبي دون فيديو، وهي نفس الوسيلة التي كانت تساعد في نشر الأحاديث والإشاعات قديما، فالكذبة عندما تخرج في ظرف مواتي لها ومناسب في الزمان والمكان والنفسية تجد لها قبولا مباشرا دون تمحيص، بينما لو ذكرت في ظرف غير مواتي لا تحصل على الاهتمام الكافي لشيوعها فتموت مع الزمن، وما تفعله هذه القنوات من مواكبة التريند بشكل دائم عن طريق البوستر هو الثقافة البديلة التي تغرس الأكاذيب وتنشر الإشاعات خارج سيطرة الدولة ودون إمكانية تصحيح ذلك من المثقفين والإعلاميين، فحتى مع حملات التصحيح لكن الكذبة ترسخ في الذهن مباشرة فور دخولها الأول، حتى إذا جاء التصحيح لا يجد الفرصة والمساحة المناسبة لعودة الذهن إلى ما كان عليه، والإنسان دائما يعلق في ذهنه الصورة الأولى للأشياء فلا تفارقه حتى يموت بالغالب..

إن تأثير ما يحدث على اليوتيوب شبيه بما كان يحدث قديما في زمن وضع الحديث، فبدايات كلٍ منهم متشابهة..ومثلما كان الموالي والفقراء هم من بدأوا في هذه البضاعة أملا في حصد الثروة والسلطة تنشغل الآن نفس الفئة الاجتماعية على اليوتيوب لتحصيل المال، ويمكن المرور على قنوات الإشاعات في المنصة وعمل دراسة اجتماعية لأصحابها نرى أن هؤلاء في الغالب فقراء يهدفون للربح والشهرة والظهور الاجتماعي، فهم شباب مغمورين بالمئات عاطلين عن العمل ليست لديهم مشاريع حياتية أو برامج فكرية أو ثقافة شخصية، وكل ما يملكوه هو اللعب على وتر الدين لخطاب الجمهور وأن تحصل قنواتهم على الشهرة السريعة.

ولكي لا أكون متشائما هناك عدة فوارق ينبغي ذكرها:

أولا: وضع الحديث قديما كان يحدث بأمر السلطة السياسية التي نجحت في توظيف المحدثين لصالحها، فالعلاقة حينها كانت بين منتفعين كل منهم يساعد الآخر في تثبيت نفسه والحفاظ على مكاسبه، لكن الوضع الآن لا يحدث بأمر السلطة السياسية ..لأن السلطات تعتمد على المؤسسات الدينية القديمة والمعتمدة هي الأخرى على مادة الحديث الموروثة، علما بأن هذه المادة الحديثية الموروثة صارت عبئا على الحُكام وفقا للصراع الذي طرحناه منذ قليل بين الدولة ورجال الدين، لكن الحاكم ولكي لا يفقد إيمانه الشعبي يعتمد على مؤسسات الدين الرسمية وهي كما قلنا ليست مستعدة لقبول الإشاعات لظروف الرقابة الشديدة عليها والترصد الذي يحدث من جانب المثقفين..

ثانيا: وضع الحديث قديما ظل أكثر من 500 عام دون تحقق وفرز الضعيف من الصحيح والصادق من الكاذب، فأولى محاولات التصنيف في ذكر الموضوعات وأشهرها كانت من ابن الجوزي البغدادي المتوفي عام 597 هـ ،والتحقق لم يكن بهذا الشكل قبله..مثلما ذكر البخاري أنه صحح كتابه الجامع من 600 ألف حديث لم يذكرهم، وعدم ذكر البخاري هذا الكمّ الضخم من الموضوعات ساهم في التلبيس على العوام والجمهور، وصار كل من يؤلف في الحديث لديه الحصانة من النقد والتتبع حتى من بين أقرانه في زملاء المهنة، أستثني بعض ردود النسائي على مسلم والداراقطني على البخاري، وهي محاولات طفيفة للتحقق لم تسهم في إحداث عملية تغيير أو مراقبة الوضّاعين بشكل جاد..

ربما للبخاري عذره..فقد كان دبلوماسيا لا يريد الصدام مع خصومه، فلو صرّح الرجل بضعف أحاديث مسلم وابن حنبل ومالك مثلا سوف يؤدي ذلك ربما لتكفيره نظرا لأن الحديث وقتها كان مقدسا..وقد ذكرنا في مقالات سابقة أن خلافا بسيطا بين البخاري ومسلم في قبول العنعنة أدي لتشنيع مسلم عليه..وروايته القول بخلق اللفظ أدى لتشنيع كبار المحدثين في عصره أيضا عليه كأبي حاتم الرازي وأبو زرعة الرازي..وغيرهم..

الآن الوضع اختلف، فالتحقق صار ميسورا وسهلا..وبضغطة رز تكشف أكاذيب وإشاعات لا حصر لها وعن طريق قنوات يوتيوب أيضا وحسابات سوشال ميديا أخرى اشتهرت منذ سنوات تحت عنوان (صحيح كذا) أو (تصحيح كذا) وهي المبادرة التي قدمها شباب محترفين ذوي علم جيد كماً وكيفا تحت عنوان (دا بجد ؟) لكن هذا التصحيح يجد صعوبات منها كما قلنا صعوبة علاج الصورة الأولى للكذبة التي أنتجها الذهن، وثانيها :غياب تمويل هذه المبادرات ماليا ودعمها إعلاميا ومؤسسيا فما زالت تعمل بجهود فردية، وثالثها:غياب الرقابة عن قنوات الإشاعات أكبر محفز على تضخمها ودخول العشرات فيها يوميا للتربح السريع على حساب جهل الناس وفقدان ثقتهم في الدولة والإعلام الرسمي، وبرأيي لو تم تفعيل قانون الصحافة لتتبع ومحاسبة هؤلاء الوضّاعين إضافة لعقد حملات قومية وتوعوية رسمية وشعبية بخطورة هذه الفئة على المجتمع لتم تقييد مصادرها ودفع المنصة نفسها – اليوتيوب – لمراقبة المحتوى.

ثالثا: الحديث قديما وحديثا تمت ترجمته للغات أجنبية ودخل الوضّاعون بثقافتهم أذهان وتقاليد الشعوب الأخرى مع الزمن، لذا فكارثته كانت متسعة لم تترك كل من يؤمن بالقرآن إلا وقدّمت هذا الوضع وتلك الأكاذيب عليه..بينما الظرف الآن مختلف..فتلك القنوات على يوتيوب مع بوستراتها المزيفة وتلاعبها بالمشاعر الدينية لم تُترجم لشعوب وأقوام أخرى، ولا زال محتواها ضيقا مخصوص فقط للمجتمعات العربية أو الوطنية المحلية..وبالتالي لا زال تأثيرها محدودا وسيظل كذلك لو لم تصبح ظاهرة عامة، وإن كانت قنوات الإشاعات موجودة في كل دول العالم على يوتيوب..لكن تورطها في الجانب الديني أو الحض على كراهية الطوائف قليل وعليه رقابة شديدة لمدنية الدولة وحساسية مؤسسات الغرب ضد أي خطاب عنصري أو طائفي أو أي خطاب كراهية على أساس الانتماء، بينما هذا غير متوفر لدينا، وبعض مؤسساتنا مخترقة من العنصريين تجاه المرأة والأقليات الدينية والعرقية، بينما الدولة لم تتخذ قرار المواجهة الحاسمة بعد مع هذا الاختراق ولا زالت تتعامل معه بيد مرتعشة..

وبرغم هذا الاطمئنان والتفاؤل لكن الارتكان إلى طبيعة العصر في سهولة القضاء على هذه الظاهرة غير صحي، خصوصا وأن الثقافة بالتاريخ ليست ثابتة بل تصعد وتهبط حسب الأحداث، ومثلما يوجد تيار تنويري قوي يوجد آخر ظلامي هو أكثر منه قوة وانتشارا، وعلاج ذلك كما قلنا دوما هو (قرار السلطة) فبغياب القرار الحكومي والرغبة الدولية والمؤسسية في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة يعني استفحالها لتمس عمل الدولة نفسه، ولأن تلك القنوات تمثل حاليا وفي المستقبل ثروة إعلامية واجتماعية صخمة لصالح الإسلام السياسي المستفيد الأول من تلك الأكاذيب..ومن واجبي كمكفر التنويه على ضرورة دعم مبادرات التصحيح وتفاعل المثقفين معها والتركيز أكثر على طرق المكافحة ووقف سيل التضليل الذي يمس عقول الشباب والبسطاء بفعل فاعل..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالجوا التطرف بالسعادة والترفيه
- عشرة أدلة على قُبح وفساد ضرب الزوجات
- ضرورة الفصل بين العلم والدين
- الجانب التنويري في صفات الله
- الفن المصري في رياح الوهابية وقيم الريف
- هل الخمار والنقاب لباس عربي أم إسلامي؟
- لماذا يكتم السلفيون هذا العلم؟
- معركة هر مجدون وتحدي الاستنارة
- فضيلة الرجوع إلى المصدر وقراءة الكتب القديمة
- رؤية التاريخ بين الفهم والعرض
- الدور الأناني في صناعة الآلهة والأديان
- حقيقة الإصلاح الديني في الإسلام
- هل الإسلام يدعو لتحطيم المعابد والأصنام؟
- هل اقتربت الحرب الأمريكية الإسرائيلية على إيران؟
- مستقبل الهوية المصرية في مجتمع سلفي
- لمحات أوّلية عن فلسفة التاريخ
- مشكلة الفقيه الأناني
- الفلسفة كوسيلة فهم للتاريخ
- عن تاريخانية الأنبياء
- العجل أبيس وقصة السامريّ


المزيد.....




- مسئولان فلسطينيان: إسرائيل تسعى لتغيير الوضع القائم بالمسجد ...
- الحكومة العراقية تؤكد رفضها لاي مساس بمكانة المرجعية الدينية ...
- الاعلام الحربي للمقاومة الاسلامية في لبنان: ترقبوا... جديد ا ...
- جمعة النصر في طهران .. صفعة كبيرة لأعداء الجمهورية الاسلامية ...
- المجتمعات اليهودية والمسلمة في ألمانيا والسعي نحو التضامن
- عسكريون روس يهاجمون الإسلاميين في منطقة الساحل ويستعيدون جثث ...
- حملها لاطفلك.. اليك تردد قناة طيور الجنة على نايل سات وعرب س ...
- دولة إسلامية للطائفة البكتاشية في ألبانيا تسمح بالخمر وتساند ...
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان: مسجد الظاهر بيبرس وجا ...
- مستشار قائد حرس الثورة الإسلامية العميد ابراهيم جباري: سيمنح ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - كارثة وضع الحديث في الفكر الإسلامي هل تتكرر؟