أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - الجزء الثاني / احتلال العراق من قبل بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى















المزيد.....

الجزء الثاني / احتلال العراق من قبل بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 11:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان النفوذ الغربي وعلى الأخص البريطاني على العراق قد تسرب سلمياً وبتزايد مطرد منذ القرن الثامن عشر عن طريق الشركات التجارية وشركات الملاحة والمقيمين والجواسيس وكان هذا النفوذ يستحكم كلما اشتدت قبضة بريطانيا على سلاطين آل عثمان المسيطرين على العراق .. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر ظهرت ألمانيا الحليفة للدولة العثمانية على المسرح منافس لبريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية وقد استطاعت أن تفوز بامتياز هو الأخطر في مشاريع ذلك العهد هو امتياز سكة حديد بغداد الذي يشكل تهديداً جدياً للمصالح البريطانية ورغم الاتفاقات السرية والعلنية ورغم كل الطبخات فإن التسوية العملية لأطماع الدول الاستعمارية اقتضت خوض حرب استعمارية ضروس هي الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918.
وفي الوقت الذي كان فيه النضال يشتد ضد ظلم الحكم العثماني كانت الدول الاستعمارية المتنافسة ترسم الخطط لابتلاع ممتلكات الحكم العثماني التي كانت البلاد العربية تشكل شطرها الأكبر .. وما أن نشبت الحرب العالمية الأولى عام/ 1914 التي كان من أهدافها الرئيسية الاستيلاء على تركة الدولة العثمانية المتداعية حتى أصبحت الشعوب العربية وكان العراق من ضمنها أمام عدو جديد هو الاستعمار البريطاني الذي كان العراق من نصيبه بموجب القسمة التي قررها اللصوص الكبار فيما بينهم وخصوصاً اتفاق (سايكس بيكو) في سنة 1916 وأخيراً معاهدة (سان ريمو) في سنة 1920 وكان قد مهد لذلك زهاء قرن من التوغل السلمي للاستعمار البريطاني.
لقد حاول المستعمرون رسم مقدرات العراق بضمن نفس الخطة التي رسمت للبلدان العربية الأخرى فكانت اتفاقية (سايكس بيكو) السرية عام/ 1916 بين بريطانيا وفرنسا واتفاق بريطانيا مع شريف مكة حسين مكماهون عام/ 1916 كذلك ويشار هنا بصورة خاصة إلى وعد بلفور الذي أعطى باعتباره جزءاً من مؤامرة استعمارية واسعة تهدف إلى إقامة (دولة صهيونية) ركيزة ثابتة ضد حركة التحرر العربي.
ووفقاً للاتفاق البريطاني مع الشريف حسين اعتبر العرب حلفاء لبريطانيا في حربها ضد الأتراك المتحالفين مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وفقاً لاتفاق (سايكس بيكو) وكان العراق من ضمن بريطانيا وتنفيذاً لأطماعهم القديمة أنزل الغزاة الانكليز قواتهم في مدينة الفاو في 6/ تشرين ثاني/ 1914 وانتهوا من احتلال العراق في سنة/ 1918 وأصبحت أرض العراق طوال تلك السنوات ساحة حرب بين الأتراك والانكليز وقد حاولت كل جهة من المحتلين جر العراق لخوض الحرب إلى جانبهم فكانت تركيا تعمل تحت شعار (الجهاد) و (الأخوة الإسلامية) وكانت بريطانيا تحت شعار (التحرير من الأتراك) و (الفتح) كما زعم الجنرال مود وسائر المحتلين الانكليز والفرنسيين في البلاد العربية المحتلة وقد استطاع الانكليز الاعتماد على الشريف حسين لمساعدتهم في حمل شعارهم اعتماداً على وعودهم كما سار آخرون في العمل مع الأتراك ولكن إلى حين تحت شعار (الأخوة الإسلامية) وسرعان ما اضطرت بعض المدن والمناطق العراقية إلى اتخاذ موقف الموقف الحازم والصريح تجاه العدوين المتطاحنين واتخذت بعض تلك المواقف شكل كفاح مسلح .. فقد ثارت مدينة النجف على الأتراك بعد ستة أشهر من إعلان الحرب وطردتهم من المدينة وأقامت حكومة محلية استمرت لمدة عامين وعندما ظهرت طلائع الغزاة الانكليزي رفضت مدينة النجف الاستسلام وقاتلت لمنع الاحتلال الجديد ومثل النجف فعلت مدينة الكوفة ومدينة أبو صخير ... وأخيراً أعلن في حزيران/ 1920 فرض الانتداب على العراق وفقاً لمعاهدة الصلح بين الدول الاستعمارية لإصباغ الشرعية على الحكم الاستعماري الغاصب .. وأراد المستعمرون إيجاد ركيزة رجعية محلية كسند لنظام الاحتلال ولتعويق حركة التحرر فكان الإقطاع أفضل الركائز الرجعية فعمدوا إلى سياسة شراء وتأييد بعض كبار الإقطاعيين وإنعاش الحياة القبلية وشرعت سلطات الاحتلال بنظام دعاوي العشائر المدني والجزائي وسارت على سياسة دعم مركز نفوذ شيوخ العشائر الذين أبدوا استعدادهم للتعاون مع سلطات الاحتلال وتحويلهم إلى ملاكين للأرض بعد أن كانت الأرض ملكاً للقبيلة وتطبيق قانون التسوية هذا فضلاً عن بذل الهبات والعطاءات الجسيمة وإعفائهم من الضرائب وغض النظر عن جرائمهم وجشعهم في سحق واستغلال الفلاحين كما أن هذه السياسة الاستعمارية لم تلبث أن أوقدت نار التذمر لدى الشيوخ الصغار والفلاحين فضلاً عن باقي الشيوخ الذين رفضوا التخلي عن كرامتهم.
كانت ثورة الشعب العراقي تدق الأبواب بشدة وتندفع في المدن والأرياف وكانت في الفرات الأوسط على أشده ضد الاحتلال البريطاني وكانت الطلقة الأولى للشعب العراقي التي أذنت ببدء ثورة العشرين في الثلاثين من حزيران/ 1920 في الرميثة لتخليص شعلان أبو الجون من قبضة الانكليز الذين اعتقلوه للتنكيل به وقد امتدت نيران الثورة إلى معظم أنحاء العراق وساهمت فيها كل القوميات والعناصر التي تأثرت بالعوامل وردود الفعل التي تقدم ذكرها واشترك فيها رجال الدين إلى جانب بعض شيوخ العشائر وعلى نطاق واسع صغار الشيوخ فضلاً عن التجار والمثقفين والملاك المتنورين والجماهير الشعبية الواسعة من أبناء المدن وكانت القاعدة الكبيرة للثورة هي جماهير الفلاحين .. وبعد خمسة أشهر من الحرب الدموية استطاع المستعمرون إخماد الثورة للشعب العراقي المناضل في سبيل حقه في تقرير المصير وكان عدم التكافؤ بين الأطراف المتحاربة في النواحي الاقتصادية والتكتيكية والعسكرية من الأسباب المهمة لفشل الثورة وبالرغم من ذلك فقد استطاع الوطنيون العراقيون بفصائلهم الثائرة المجهزة بأبسط الأسلحة وبقيادة لا تمتلك خبرة في قواعد الحرب الحديثة أن يقارعوا جيشاً نظامياً مدججاً بالسلاح حتى أخمص قدميه ويمرغوا وجه أقوى دولة استعمارية في ذلك الحين .. لقد أتاحت سحق الثورة بالقوة العسكرية الاستعمارية الغاشمة مرحلة جديدة وإتباع سياسة جديدة حيث وجدت الدوائر الاستعمارية أنها فرصة أحد وأيسر لتحقيق أغراضها وأهدافها السياسية التي تهدف إلى الانتقام من الشعب وإخضاعه عن طريق عملاء يحكمون كما لو كانوا ممثلي الثورة والشعب. فإعلان الحكم الوطني آنئذ لم يقصد به إنهاء السيطرة الاستعمارية والاستغلال الاستعماري بل إدامتهما وتوطيدهما فمن المعلوم أن قواعد هذا النظام وكثيراً من تفاصيله حتى اختيار شخص الملك وتعيين دوره قد وضعت في وزارة المستعمرات البريطانية وتم إقرارها في مؤتمر القاهرة .. بالرغم من كل الظروف التي هيأها المستعمرون الانكليز لتنصيب فيصل ملكاً على العراق إلا أن عميلهم استقبل ببرود عند قدومه إلى العراق .. ففي عدد من الاجتماعات الجماهيرية التي عقدت في بغداد رفعت شعارات تدعو إلى عدم الاعتراف بفيصل ملكاً على العراق إلا في حالة إنهاء الإدارة الأجنبية ودعوة الهيئة التأسيسية .. ومن أجل تحرير مشروعهم الاستعماري أجروا استفتاء في اجتماع للشخصيات العراقية صودق فيه على قرار المجلس الإداري في تنصيب فيصل على عرش العراق في 11/تموز/1921 ومع أن المجلس الإداري كان يتكون من الإقطاعيين والتجار الموالين للإنكليز ومع ذلك لم يوافق المجلس بالإجماع على تنصيب فيصل وارتفعت أصوات تعارض ذلك كما أن مجلس الوجهاء في كركوك أصدر قراراً ضد ترشيح فيصل وفي السليمانية لم يجر التصويت مطلقاً حول الموضوع بينما طالب الكثيرون في مجلس المدن الأخرى بإعلان العراق دولة جهورية .. وفي الثالث والعشرين من شهر آب/ 1921 نصب فيصل ملكاً على العراق في حماية حراب الانكليز متحدين بذلك رغبات الشعب العراقي وحقه في تقرير مصيره بنفسه .. وقد أعطي للعناصر والمؤسسات القديمة ذاتها اسم الحكومة الوطنية بإضافة الملك فيصل إليها، ولم يجمع المجلس التأسيسي ويقر الدستور العراقي إلا بعد استعادة قوة نفوذ بريطانيا (1924 – 1925) وقد أوجبت بريطانيا أن يصدق المجلس على ما يناقض المعاهدة ولا اتفاقية النفط واستهدف الدستور العراقي نقطتان داخليتان جوهريتان عززتهما ما ألحق به من قوانين ومراسيم وأنظمة :-
1) تعزيز وتحصين مركز البيروقراطية الحاكمة وحرمان الشعب من كل سلطة حقيقية حيث وضعت السلطة الحقيقية بيد الملك ووزرائه بدلاً من البرلمان وحددت حقوق الانتخاب وحرية الرأي والاجتماع بقوانين شاذة وجعلت الحقوق القومية وعوداً موهومة والقضاء أداة لسيطرة البيروقراطية .. الخ.
2) تثبيت وتقوية سلطة الإقطاع ومركزه عن طريق قانون التسوية وقانون حقوق وواجبات الزراع وقانوني العشائر الجزئي والمدني.
أما المعاهدة التي فرضت أول الأمر في عام/ 1922 ثم عدلت في عام/ 1924 ثم في عام/ 1926 فقد كانت سلاحاً لحماية المصالح البريطانية وتستمد قوتها من الأساس الذي برزه الدستور العراقي والقوانين الأخرى لقد تألفت الحكومات العراقية باسمها الوطني الجديد وظلت تحت الانتداب عشرة أعوام عرفت في تاريخ العراق بفترة الحكم المزدوج وبالوضع الشاذ سجل خلالها الشعب أحداثاً مجيدة في تاريخ النضال التحرري للشعب العراقي حيث توالت انتفاضاته ضد الحكم الأجنبي ومعاهداته وتعديلاته في الأعوام/ 1922، 1924، 1926، 1927، 1928 فاضطر الاستعمار إلى إنهاء الانتداب على العراق عام/ 1932.
إن الاستعمار البريطاني لم يلغ الانتداب إلا بعد ضمان توطيد بعيد المدى لسيطرته على العراق من خلال فرض معاهدة/ 1930 وتوطيد وتأمين الزمر الموالية للاستعمار وعملائهم ووضعهم على كراسي الحكم وبناء طبقة حاكمة من الموالين الكبار من الملاكين والإقطاعيين والمتمولين الذين ترتبط مصالحهم بمصالح الاستعمار من مصالح هيئات ملحقة بها ومعتمدة عليها وفي هذه المرحلة أخذ الذين تعاونوا مع العدو الاستعماري يتحولون بالتدريج من أفراد مأجورين مارقين إلى طبقة خائنة متحالفة مع الاستعمار بحكم مصالحها الأنانية ..



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصبحت الآن مهمة إصلاح الاقتصاد العراقي ضرورة واجبة وملحة
- مرحلة التغيير والإصلاح يجب أن تقودها قوى التغيير والإصلاح
- ماذا يعني الإصلاح الذي يطالب به الشعب ؟
- إن التأخر في إنجاز الإيجابيات تؤدي إلى إفراز السلبيات
- الديمقراطية والظاهرة العراقية أسبابها ونتائجها
- المؤسسة الكهربائية جزء من مؤسسة الدولة الفاسدة
- ذكريات من الماضي ربما يستفاد منها لبناء الحاضر والمستقبل
- الشعب هو القوى المحركة في التاريخ نحو التقدم والتطور
- بمناسبة مرور ثمانية وتسعون عاماً على رحيل القائد العظيم ليني ...
- ظاهرة البطالة جزء من المشكلة العراقية
- ضعف الدعم للتعليم يهدد الأسس التربوية في العراق
- على جميع القوى السياسية العراقية الاستفادة من التجربة السابق ...
- العراق الآن يعيش مرحلة صراع وتناقض بين القديم والجديد
- العراق يدخل مرحلة جديدة نحو مستقبله
- الديمقراطية والتوافقية ونظام الحكم في العراق
- من يحمي حيتان الفساد الإداري شريك معهم في الجريمة
- لماذا السيد مقتدى الصدر اختار حكومة من الأكثرية ؟
- الأدباء والفنانين المبدعون من أبناء مدينة النفط (البصرة الفي ...
- لماذا تعتبر من الأولويات الموجبة على المصلح قبل البدء بعمليت ...
- النواب المستقلون من خلال فوضى السياسة العراقية


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - الجزء الثاني / احتلال العراق من قبل بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى