|
|
يوسف - 4
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 7144 - 2022 / 1 / 24 - 22:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان يعقوب وأبنائه يقطنون المناطق الصحراوية الواقعة بين فلسطين ومصر فاغلب سكان تلك المناطق يلجؤون سنويا أو موسميا الى المدن للتبضع حيث يبيعون بعض من منتجاتهم الحيوانية ثم يشترون الأقمشة وبعض العدد الحديدية والحبوب وغيرها من ألأطعمة التي تقام التغيرات المناخية لفترة أطول – ومع بداية سنوات العجاف عيًّن يوسف على الميرة – والميرة نظام اقتصادي يحدد كمية استهلاك الفرد من الطعام في الوجبة الواحدة وعلى موجب تلك الكمية تحدد حصة الأسرة في اليوم أو في السنة – كالمعتاد سنويا جاء أخوة يوسف الى مركز الميرة في مصر لمقايضة ما عندهم بما يحتاجونه من حبوب - فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون – منكرون –التظاهر بالإنكار المتعمد – ولما جهزهم بجهازهم أي زودهم بالحصة المخصصة لهم - امتنع يوسف عن تسليمها لهم - بشرط – قال لإخوته – أتوني باخ لكم من أبيكم إلا ترون إني أوفي الكيل- اي يحدد الكمية وأمر بصرفها - وانأ خير المنزلين –وأنا في أفضل منصب في الدولة
وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ{58} وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ{59}
حذر يوسف إخوته - قائلا - فان لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي - فلا حصة لكم عندي ولا تقربون – قالوا سنراود- أي سنحاور- عنه – أي عن أخاهم - أباه وأنا لفاعلون – شك يوسف بعدم عودتهم مرة أخرى في حالة ان زودهم بالحصة المخصصة لهم - ولكي يضمن عودتهم مرة أخرى- قال لفتيانه - أي الأشخاص المكلفون بتعبئة الحصص ووزنها ورزمها وتحميلها على الراحلة – اجعلوا بضاعتهم أي البضاعة التي جاءوا بها للمقايضة في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا الى أهلهم لعلهم يرجعون –يرجعون الي مرة أخرى – فلما رجعوا الى أبيهم – قالوا - يا أبانا منع منا الكيل أي لم نزود بالحصة المقررة لنا فأرسل معنا أخنا نكتل- نكتل –نحصل على كيلنا - وبدونه لا كيل لنا - وأنا له لحافظون --
فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ{60} قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ{61} وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{62} فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{63}
قال يعقوب هل أمنكم اي أثق بكم مرة أخرى إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل -- فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين – ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم – هنا أصبحوا ملزمون بالعودة مرة أخرى لان يوسف لم يستلم منهم البضاعة - ولم يزودهم بحصتهم - قالوا يا أبانا ما نبغي ما ذا سنفعل هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا نزود أهلنا بالطعام ونحفظ أخنا - ونزداد كيل بعير – اي سنحصل على حصة إضافية كيل بعير في حالة موافقتك عليه - ذلك كيل يسير- سهل المنال – قال يعقوب – لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا ان يحاط بكم –إلا أمرا خارج عن سيطرتكم - فلما أتوه موثقهم – قال يعقوب - الله على ما نقول وكيل
قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ{64} وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ{65} قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ{66}
أوصى يعقوب بنيه - قائلا - يا بني لا تدخلوا الى مصر من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة – وما اغني عنكم من الله من شيء –لا تنفعكم وصيتي إذا حكم الله فيكم أمرا - ان الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون – ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء - إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها –حسابات في داخله بعيدة الأمد أوصى بها من باب الحذر - وانه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون – ولما دخلوا على يوسف اوي إليه أخاه - قال - إني انأ أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ{67} وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ{68} وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{69}
فلما جهزهم بجهازهم أي زودهم بحصصهم مع حصة إضافية للأخ الأخير- جعل يوسف السقاية أي أوعية خزن الماء في رحل أخيه - ثم أذن مؤذن صرخ احدهم بأعلى صوته أيتها العير أنكم لسارقون – قالوا وقبلوا إخوة يوسف عليهم ماذا تفقدون –قالوا نفقد صواع الملك – صواع الملك هو كأس من مادة ثمينة لا يشرب منه إلا الملك - لمن جاء به حمل بعير – لمن عثر عليه مكافئة حمل بعير من الحبوب - وأنا به زعيم- زعيم أي كفيل بالمكافئة – قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين – قالوا فما جزاءه ان كنتم من الكاذبين – قالوا جزاءه من وجد في رحله فهو جزاءه كذلك نجزي الظالمين
فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ{70} قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ{71} قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ{72} قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ{73} قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ{74} قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ{75}
قام يوسف بتفتيش العير - فبدا بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجه من وعاء أخيه -- كذلك كدنا ليوسف أي علمناه مكيدة - ما كان ليأخذه في دين الملك - أي يخضعه تحت دين وقوانين الملك - إلا ان يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم هو يوسف - عليم - هو الله –قالوا ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل –المقصود هو يوسف - بمعنى ان يوسف هو من سرق صواع الملك وان أخيه هو من أخفاه في راحلته - فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم – اي لم يعترف لهم بالمكيدة - لأنها باتفاق بين يوسف وصاحب الحاجة المسروقة أي الملك – قال – انتم اشر مكنا والله اعلم بما تصفون – بوصفكم لي ولأخي بالسراق - قالوا يا أيها العزيز ان له أبا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه أنا نراك من المحسنين – قال معاذ الله ان نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده أنا إذا لظالمون
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ{76} قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ{77} قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{78} قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـا إِذاً لَّظَالِمُونَ{79}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوسف - 3
-
يوسف - 2
-
حاضرة البحر – وتجارة يوم السبت
-
الطواغيت وتجارة الخمور
-
دور الكتب الصفراء في طغونت المجتمعات
-
طواغيت الشعوب
-
مكافحة الإرهاب والسرقات في الإسلام
-
بومبيو ومحمد في الحوار الإستراتيجي بين العراق وامريكا
-
كورونا – والموت المقدس
-
كورونا في قوم نوح - 3
-
كورونا في قوم نوح - 2
-
كورونا في قوم نوح
-
الديانة الإبراهيمية والمخطط الغربي
-
رد على مقالة مصطفى راشد -- حكم المسيحية التي أسلمت وتزوجت عل
...
-
الصهيونية بين حبل الله وحبل الناس
-
المغرر بهم سياسيا في يوم الرب
-
إستراتيجية رب الجنود الصهيوني في تدمير الشعوب بول بريمر نبوخ
...
-
أورشليم منطلق رب الجنود الصهيوني للهيمنة على العالم--
-
التزيين العقائدي والقومي للأديان السياسية
-
تناقضات التوراة بين ارميا اليهودي وارميا الصهيوني
المزيد.....
-
ترامب يهدد نيجيريا عسكرياً بذريعة حماية المسيحيين
-
ترامب يطلب من الجيش الاستعداد لـ -تحرك- ضد مسلحين إسلاميين ف
...
-
بعد 10 أشهر على اعتقاله.. دعوات للتحقيق في دور لبنان بتسليم
...
-
وعد بإقامة وطن لليهود.. كيف غيّر بلفور وجه الشرق الأوسط؟
-
السودان.. -الإخوان- يواجهون زخم السلام بتحشيد جديد للحرب
-
غارديان: جماعات إسلامية تقترب من باماكو فهل تنجح في تحويل ما
...
-
لماذا ينقلب مسيحيو أميركا ضد إسرائيل؟
-
ترامب يهدد بإرسال قوات أمريكية إلى نيجيريا بسبب -قتل المسيحي
...
-
ترامب يهدد نيجيريا بعمل عسكري بعد اتهامها بالتقاعس عن حماية
...
-
مصرع مواطن إثر حادث سير ذاتي في سلفيت
المزيد.....
-
الفقه الوعظى : الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
نشوء الظاهرة الإسلاموية
/ فارس إيغو
-
كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان
/ تاج السر عثمان
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
المزيد.....
|