أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد النعماني - قراءة في المشهد السياسي-الانتخابي الراهن في اليمن















المزيد.....


قراءة في المشهد السياسي-الانتخابي الراهن في اليمن


محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)


الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 09:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


قراءة في المشهد السياسي-الانتخابي الراهن اشبه بدراسه قام باعدادها صديقي د محمد صالح القباطي القيادي الاشتراكي في اليمن والاستاذ الجامعي وعضوء مجلس النواب ونشرتها الاشتراكي نت وتناول فيها عدد من القضايا الهامة في اليمن حيت يبشر صد يقي برياح التغيير في اليمن

"رياح التغيير تهب على اليمن"

مما لا شك فيه ان المتغيرات المستجدة في المشهد السياسي - الانتخابي الراهن، والحالة

الاقتصادية الاجتماعية المتردية التي أوصلت البلاد الى حافة الانهيار، ستجعل من الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة حدثاً استثنائيا بامتياز، يختلف كلياً عن تلك الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها اليمن خلال السنوات المنصرمة.

فرياح التغيير التي تهب على اليمن من الداخل والخارج معاً، لم تترك هامشاً للمناورة، بعد التضييق على الخيارات المتاحة الى الحد الذي جعل من مطلب التغيير والإصلاح الشامل مطلباً وطنياً عاماً، فإما التغيير والإصلاح، وإما الإصلاح والتغيير، ولم يعد ممكناً أو مقبولاً اليوم بقاء الحال على ما هو عليه، وسقط كخيار سياسي بالنظر الى المخاطر الكارثية التي يمكن ان يفضي اليها استمرار حالة التردي للوضع القائم في هكذا خيار، عدا عن كونه من أسوأ الخيارات المرفوضة شعبياً واجتماعياً. الأمر الذي أكسب الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة أهمية استثنائىة فائقة، كبوابة للإصلاح والتغيير المنشود، فتبلورت على خلفياتها وتداعيات الموقف منها في الساحة السياسية عشية الانتخابات إرادتان سياسيتان متناقضتان: إرادة المعارضة المؤتلفة في تكتل أحزاب اللقاء المشترك، وارادة السلطة الحاكمة.


أولاً : إرادة المعارضة المؤتلفة في تكتل أحزاب اللقاء المشترك:


وتستهدف ضمان إنجاز الإصلاحات السياسية النوعية المتضمنة في مشروعها للإصلاح السياسي والوطني، بما يفضي الي معالجة الاختلالات البنيوية القائمة في النظام السياسي، وكسر احتكار السلطة والثروة والقوة في يد واحدة، وضمان شروط الحد الأدني لانتخابات حرة ونزيهة وعادلة، تمهد الطريق للتداول السلمي للسلطة. ولتحقيق هذه الغاية فإنها تستخدم كل امكانياتها المتاحة، وعمقها الاجتماعي والسياسي بالعمل مع الناس، ومنظمات المجتمع المدني لخلق رأي عام ضاغط باتجاه تلك الإصلاحات النوعية، وتعمل في ذات الوقت على مقاومة ضغوط السلطة المكرسة لشق وحدتها وكسر ارادتها. وفي هذا الصدد عمدت أحزاب اللقاء المشترك الى حصر خياراتها الانتخابية بخيارين جادين لا ثالث لهما:



الأول: وهو الاصل ويتمثل في المشاركة الفاعلة والمنافسة الجادة على طريق الفوز في هذه الانتخابات.



والثاني: وهو الاستثناء ويتمثل في خيار المقاطعة الإيجابية الفاعلة المشروطة بحالة عدم تحقيق مطالب الحد الأدني لضمان انتخابات حرة ونزيهة وعادلة، كخيار مفتوح على كل الاحتمالات.



وفي هذا السياق تستهدف احزاب اللقاء المشترك من المشاركة الفاعلة والمنافسة الجادة في الانتخابات القادمة الفوز في هذه الانتخابات والانتصار لمطلب التغيير والإصلاح الشامل، واكسابه مضموناً شعبياً عاماً، والتفافاً جماهيرياً يرتقي الى مستوى اقرب ما يكون الى صيغة الخيار الوطني، من خلال الانتخابات المقبلة، والتي ستدخلها مسلحة بحزمة نوعية من أوراق وعناصر القوة التي انتجتها المتغيرات المستجدة في المشهد السياسي الانتخابي الراهن، من أهمها:



1 - نشأة المشترك كمشروع سياسي بديل للسلطة:






ان الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة ستشهد ولأول مرة - خلافاً للانتخابات السابقة - منافسة انتخابية جادة، غير معهودة بين السلطة والمعارضة، فالمعارضة المؤتلفة في تكتل أحزاب اللقاء المشترك، والتي اضحت بوحدتها وامتداداتها السياسية والاجتماعية والتاريخية، وبتياراتها اليسارية والقومية والاسلامية والراديكالية المتعددة، تشكل قوة اجتماعية وسياسية فاعلة، تمتلك وزناً وحضوراً وطنياً وتاريخياً نوعياً، وثقلاً جماهيرياً متعاظماً، سيما بعد ان غدت رقماً هاماً يصعب تجاوزه، وبعد ان اصبحت قوة مؤثرة في صناعة القرار الوطني، وطرفاً مبادراً في الساحة اليمنية مقابل السلطة، وكمشروع بديل لها، وتمكنت كتكتل سياسي للمعارضة اليمنية من صياغة تجربة تحالفية جديدة بكل المقاييس، بدلالاتها السياسية والاجتماعية، كأنموذج متميز جذب اهتمام الداخل والخارج على المستويين العربي والعالمي معاً.



إن نشأة المشترك وصموده وتماسكه قد غير قواعد اللعبة السياسية والانتخابية في البلاد، وأحدث قدراً من التوازن السياسي والاجتماعي الذي ظل مختلاً لصالح السلطة والحزب الحاكم طوال المراحل السابقة، وخلق في ذات الوقت الممكنات الحقيقية السياسية والاجتماعية التي ارتقت بالمشترك الى مستوى البديل السياسي للسلطة، سيما بعد طرح مشروعه للإصلاح السياسي والوطني الشامل، بمضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية النوعية المتقدمة، كمشروع سلطة عصرية حديثة يتجاوز السلطة القائمة بتكويناتها وآلياتها التقليدية العتيقة، المثقلة بالفساد والاستبداد، والتي أوصلت البلاد الى الحالة الكارثية المأزومة القائمة اليوم.









2 - قوة المشترك في وحدة مواقفه من الانتخابات:



تدخل المعارضة اليمنية المؤتلفة في اللقاء المشترك - ولأول مرة - موحدة قوية للمنافسة الفاعلة وللفوز في الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة، سيما بعد حسم موقفها لخوض الانتخابات الرئاسية بمرشح واحد وبرمز انتخابي واحد وببرنامج واحد، والانتخابات الملحية بقائمة مرشحين واحدة وبادارة انتخابية موحدة، وببرنامج انتخابي واحد متفق عليه، يستهدف الإصلاح والتغيير السلمي - الديمقراطي، وفي مقدمة أولوياته إصلاح النظام السياسي كمدخل للإصلاح الشامل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المختلة في البلاد.






3 - اتفاق المبادىء يعزز موقف المشترك:






عززت وثيقة اتفاق المبادىء من موقف وقوة أحزاب اللقاء المشترك، والتي ستخوض الانتخابات الرئاسية والمحلية مسلحة بنصر سياسي ومعنوي هام، بعد ان أجبرت السلطة على توقيع الوثيقة بينها وبين احزاب اللقاء المشترك بما تضمنته من ضمانات واجراءات ملزمة التنفيذ للسلطة والحزب الحاكم واللجنة العليا للانتخابات، وبما حملته من دلالات سياسية تؤكد مصداقية المشترك وجديته في التعاطي مع الانتخابات المقبلة كانتخابات نوعية أكثر رقياً وتطوراً، لن تقبل بأقل من توافر الحد الأدنى لها من معايير النزاهة والشفافية والعدالة المنصوص عليها في اتفاق المبادىء. وعلاوة على ذلك فان توقيع الاتفاق بين السلطة واحزاب اللقاء المشترك يحمل في معناه اعترافاً ضمنياً بصواب رؤية المشترك بشأن اختلالات الادارة الانتخابية والنظام الانتخابي، والمخالفات والخروقات المنسوبة للسلطة والحزب الحاكم، فيما يتعلق بالسجل الانتخابي والاجراءات الانتخابية السا بقة، وحيادية الاعلام العام والوظيفة العامة والمال العام والمؤسسات العسكرية والأمنية، والاختلالات السياسية التي سبق أن فندها المشترك في رؤيته المعلنة لضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة.



إن أهمية اتفاق المبادىء بمضامينه ودلالاته السياسية ودوره في الانتخابات المقبلة تكمن في مشروعيته وقوته القانونية الملزمة التنفيذ التي يستمدها مما نص عليه من مضامين وآليات تنفيذية لأحكام دستورية وقانونية نافذة أصلاً، هذا من ناحية، كما يستمد مشروعيته وقوته القانونية الملزمة - من ناحية أخرى - من صيرورته وثيقة اجماع وطني بعد توقيع جميع الأطراف السياسية في الساحة اليمنية عليه، وبعد ان حظيت هذه الوثيقة بمباركة وتأييد الدول المانحة والمنظمات الدولية المهتمة بالعملية الديمقراطية في اليمن، سيما بعد ان اضفت عليها بعداً دولياً واعتمادها - كوثيقة دولية - معياراً خاصاً لنزاهة الانتخابات المقبلة، وزُوِّد بها المراقبون الدوليون لهذه الانتخابات.



4 - المرشح الرئاسي المتميز للمشترك إضافة نوعية لعناصر قوته الانتخابية:



لقد وفقت أحزاب اللقاء المشترك في تقديم مرشح رئاسي متميز، باختيارها للشخصية الوطنية المستقلة الاستاذ فيصل بن شملان مرشحاً لها لرئاسة الجمهورية، والذي تسبقه سمعته العطرة بالشرف والنزاهة، كعملة نادرة يتطلع اليها الناخبون اليمنيون اليوم، عدا عن كونها أهم ميزة جوهرية يتفرد بها بين اقرانه المنافسين له، اضافة الى المزايا الإيجابية الأخرى التي يتمتع بها دون سواه من المنافسين، والتي من أهمها أنه سيخوض المنافسة الانتخابية لأول مرة رئيساً للمستقبل، خفيفاً من اعباء واثقال الماضي، متحرراً من قيود وعصبيات وخصومات وثارات الانتماءات السياسية والايديولوجية الضيقة، مرشحاً وطنياً جامعاً لقوى وتيارات سياسية نوعية فاعلة، اضافة الى الغالبية المستقلة، يرتقي الى مرتبة مرشح الوفاق الوطني، علاوة على كونه رجل الادارة والخبرة والمواقف المشهودة في مناهضة الفساد والاستبداد، فقد فضل الاستقالة من الوزارة على مداراة الفساد، مقدماً مصلحة الشعب والوطن على مصالحه الشخصية، كما استقال من البرلمان الذي عدل الدستور بتمديد فترة المجلس الى سبع سنوات، احتراماً لارادة الناخبين الذين فوضوه لأربع سنوات فقط. كا ان سمعته وعلاقته الطيبة والنزيهة مع المستثمرين في الداخل والخارج ستكسبه ولاشك ثقة المنظمات الدولية والدول المانحة، وستمكنه من استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال الوطنية المهاجرة، بما في ذلك العربية والدولية الأخرى.



إن مرشح اللقاء المشترك الاستاذ فيصل بن شملان بقدراته وامكانياته الذاتية المتميزة ستجعل منه اذا ما وفق بالفوز في الانتخابات المقبلة أول رئىس يمني يصل الى السلطة سلمياً وديمقراطياً، وبأصوات الناخبين وارادتهم الحرة والصادقة، كما سيغدو أول رئيس يمني كفؤ ومتميز باجادة ثلاث لغات حية (العربية، والانجليزية، والفرنسية) كتابة ونطقاً، كبديل جدير بهذا الموقع الرفيع في السلطة، رئىساً من أجل اليمن، وعنواناً لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن المعاصر، تحمل بشارات المستقبل الأفضل لجيمع اليمنيين.



5 - الشروط الموضوعية - الاجتماعية بيئة انتخابية مواتية للمشترك:






وأخيراً تخوض أحزاب اللقاء المشترك الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة في ظل أوضاع وشروط موضوعية - اجتماعية واقتصادية، مهيأة في الغالب لصالحها، مستندة الى قاعدة اجتماعية واسعة مناصرة لها وسط الغالبية العظمى من السكان الذين طالتهم اجراءات السلطة المثقلة بالفساد والاستبداد، وعصفت بأوضاعهم المعيشية الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ حرب صيف 94، وأفضت بهم الى حالة غير مسبوقة من البؤس والظلم والفقر والبطالة والعوز، تصاعدت على اثرها حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي، وتنامت معها مظاهر السخط الشعبي العام تجاه السياسات السعرية الافقارية الفاشلة التي اتخذتها السلطة، الأمر الذي دفع بالعديد من الفئات الاجتماعية المتضررة الى التعبير عن سخطها علناً، عبر الاحتجاجات والنضالات المطلبية المنظمة منها والعفوية، والتي تكررت بصورة شبه دائمة خلال الفترة المنصرمة، على شكل اضرابات واعتصامات وتظاهرات مختلفة، شارك فيها منتسبو الأنشطة الاجتماعية المختلفة، كأساتذة الجامعات، والتربويين، والمعلمين والأطباء والصيادلة، والصحفيين، والإعلاميين، والمهندسين والطيارين والمحامين، وعمال مصانع القطاع العام ومؤسسات الدولة، وعمال الموانىء والشحن والتفريغ، وعمال النقل والمواصلات، والعمالة الموقوفة، وسائقي الباصات والدراجات النارية، وطلاب الجامعات والخريجين، وطالبي التوظيف، والتجنيد. وشاركت المرأة في هذه الاحتجاجات المطلبية، وفئة التجار، والعسكريون من مناضلي الثورة اليمنية وأسر الشهداء ومناضلي حرب التحرير، وضباط القوات المسلحة والأمن، والجنود المسرحين والمقصيين عن أعمالهم، والمتقاعدين، والمقاعدين قسرياً، ومنتسبي المنظمات الشعبية في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، إضافة الى التظاهرات والاعتصامات والمهرجانات واللقاءات االشعبية الاحتجاجية في العديد من مدن وارياف محافظات الجمهورية، علاوة على المهرجانات واللقاءات الجماهيرية العامة التي نظمتها ودعت اليها احزاب اللقاء المشترك في الاشهر الاخيرة، وفي مختلف محافظات الجمهورية.






لقد بلغت هذه الاحتجاجات الشعبية أوجها فيما سمي مجازاً (بانتفاضة الجياع) في يوليو 2005 حين نزلت الجموع الشعبية الغاضبة الى الشوارع في مختلف مدن ومحافظات الجمهورية احتجاجاً على الجرعة السعرية التي فرضتها الحكومة على اسعار المشتقات النفطية، والتي لم تفلح معها كل الاستعدادات والخطوات الاستباقية التي أقدمت عليها السلطة، بما في ذلك إعلان رئيس الجمهورية عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.






ورغم كل ما سبق فإن الأمر يزداد سوءاً بالنسبة للسلطة، بسبب الآليات التي اعتمدتها في مواجهة هذه الاحتجاجات الشعبية والتصدي لها بأشكال مختلفة من الترهيب والعنف، واستخدام القوة في أغلب الحالات، والتي بلغت ذروتها باستخدام الذخيرة الحية وانزال الدبابات والأسلحة الثقيلة الى الشوارع العامة في مواجهة المحتجين، والتي أسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين. كما شهدت البلاد عدداً من الاحتجاجات العنيفة الأخرى تمثلت في المواجهات المسلحة في عدد من محافظات الجمهورية، واستخدمت في كثير منها الأسلحة الثقيلة والطائرات لقصف المناطق والقرى المستهدفة، كان أشهرها وأكثرها مأساوية حربا صعدة الأولى والثانية 2005-2004، والتي لا تزال تداعياتها ماثلة حتى اليوم.






واستخلاصاً لما سبق يمكن القول أن السياسات والإجراءات الحكومية التي طالت الفئات الاجتماعية المختلفة في البلاد وولَّدت مزاجاً شعبياً عاماً ساخطاً ضد السلطة، ستشكل ولا شك بيئة اجتماعية مواتية لأحزاب اللقاء المشترك، ستضمن الى جانب عناصر القوة الأخرى المميزة للمشترك، اذا ما أحسن استغلالها في المنافسة الانتخابية المقبلة فوزاً كاسحاً للمشترك في الانتخابات المحلية والرئاسية معاً، اذا ما سارت الانتخابات بصورة طبيعية وتوفر لها الحد الأدنى من معايير الحرية والنزاهة والشفافية، وما لم يتم تزوير ارادة الناخبين أو سرقة نتائج الانتخابات.






ان المتغيرات المستجدة في المشهد السياسي - الانتخابي الراهن، والحالة الاقتصادية - الاجتماعية المتردية التي أوصلت البلاد الى حافة الانهيار، تجعل من الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة حدثاً استثنائيا بامتياز.






فرياح التغيير التي تهب على اليمن، لم تترك هامشاً للمناورة، بعد التضييق على الخيارات المتاحة الى الحد الذي جعل من مطلب التغيير والإصلاح الشامل مطلباً وطنياً عاماً، فإما التغيير والإصلاح، وإما الإصلاح والتغيير، ولم يعد ممكناً أو مقبولاً اليوم بقاء الحال على ما هو عليه.






وعلى خلفية وتداعيات الموقف من هذه المستجدات تبلورت في الساحة السياسية عشية الانتخابات ارادتان سياسيتان متناقضتان: إرادة المعارضة المؤتلفة في تكتل أحزاب اللقاء المشترك «موضوع الحلقة السابقة (1)». وإرادة السلطة الحاكمة.






ثانياً : إرادة السلطة الحاكمة:



وتنزع إلى رفض الإصلاحات السياسية النوعية للنظام السياسي القائم ، ورفض إرادة التغيير والتداول السلمي للسلطة. وتعتمد استراتيجية خاصة لمقاومة الضغوط الداخلية والخارجية عبر اصلاحات شكلية ديكورية، تكرس الهيمنة على السلطة والثروة والقوة في إطار الجماعة الحاكمة في أضيق حلقاتها، وتعمل على استغلال كل القدرات والإمكانيات، المتاحة للدولة، وبكل الوسائل لإعادة انتاج النظام السياسي القائم، من خلال استنساخ التجارب الانتخابية الصورية السابقة، لإطالة أمد احتكار السلطة والاستبداد بها وتوريثها.



وتجسيداً لهذه الإرادة السياسية جاءت خيارات وأهداف السلطة في التعاطي مع الأوضاع المأزومة في البلاد، والاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والمحلية المقبلة، متسقة مع السقف المحدد سلفاً، مكرساً للإرادة السياسية للسلطة وعلى مقاساتها، وهو ما تبلور بوضوح فيما خلص اليه المؤتمر السابع للحزب الحاكم في دورتيه الأولى والثانية من مقررات وتوجهات، تكشف محدودية وهامشية الإصلاحات المستهدفة، والتي لم تتجاوز سقف الوضع القائم، مع قدر ملحوظ من القلق والارتباك، استشعاراً بوطأة الضغوط الداخلية والخارجية، الدافعة بمطلب التغيير، والإصلاحات النوعية للنظام السياسي، على طريق التداول السلمي للسلطة. واستناداً الى تلك المقررات والتوجهات جاء الأداء اللاحق للسلطة والحزب الحاكم - عشية الانتخابات - مثقلاً بحمولة الفساد والاستبداد، والحالة الاقتصادية، الاجتماعية المتردية في البلاد، لتشكل في مجملها محددات حقيقية للأداء الانتخابي للحزب الحاكم، وهو يلج غمار المنافسة الانتخابية غير المسبوقة على أهم وأعلى موقع في السلطة (رئاسة الجمهورية) خلال الانتخابات الرئاسية والمحلية المقبلة، الأمر الذي سينعكس سلباً على الموقف الانتخابي للحزب الحاكم باعتباره المسؤول الأول عن أخطاء وتبعات السياسات الرسمية المنتجة لحالة التردي الشديد للأوضاع الاقتصادية - الاجتماعية، وطالت الحياة المعيشية للمواطنين، والتي تتجلى بملامحها ومؤشراتها العامة على النحو التالي:






أ - ملامح التردي في الوضع الاقتصادي:



لعلها المرة الأولى في تاريخه السياسي التي يخوض فيها الحزب الحاكم الانتخابات الرئاسية ،المحلية المقبلة وحيداً، كطرف منافس للمعارضة اليمنية المؤتلفة في اللقاء المشترك، كما أنها المرة الأولى التي يخوض فيها غمار المعركة الانتخابية مثقلاً بكم هائل من ملفات الفساد والاستبداد، وبسجل متضخم بالسخط الشعبي العام، وبحصاد مر لأداء اقتصادي هزيل شديد التردي، كنتاج طبيعي للسياسات الاقتصادية الافقارية الفاسدة التي تدار بها البلاد، والتي أفضت الى ما يلي:






1 - تفاقم الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصاد الوطني القائم على أسس اقتصادية هشة، شديدة الحساسية لعوامل الخارج، وتفتقد الى الديناميكية الذاتية الدافعة لتطوره.






2 - سيادة البيئة الطاردة للاستثمار، مع استشراء مظاهر الفساد والإفساد ونهب المال العام، وتردي خدمات البنية التحتية والعجز المريع في انتاج مصادر الطاقة، والكهرباء والمياه، الأمر الذي كرس بيئة اقتصادية بديلة - غير تنافسية، متحيزة لمظاهر الاقتصاد الطفيلي المستند على دعم قوى الفساد في السلطة.






3 - تعاظم صفقات الفساد والسمسرة التي طالت الموارد المالية من القروض الخارجية ومخصصات المشاريع الاستثمارية عبر الآليات الفاسدة والعقيمة السائدة فيما يسمى بالمناقصات والمزايدات، والخصخصة وبيع القطاع العام وأراضي وعقارات الدولة ومناطق الأنشطة الاقتصادية الواعدة، كالمناطق الحرة وقطاعات انتاج الثروة الوطنية والنفط والغاز، التي تكشفت فضائحها تباعاً خلال الفترة المنصرمة.






4 - تراجع معدلات النمو الاقتصادي الذي طال الغالبية العظمى من قطاعات الاقتصاد الوطني.






5 - فشل السياسات الافقارية الرسمية المعتمدة على الجبايات والجرع السعرية المتتالية، والتي أفضت الى نتائج كارثية طالت الحياة المعيشية للغالبية العظمى من السكان.






6 - الفشل الذريع للخطط والاستراتيجيات والبرامج التنموية في تحقيق أهدافها المعلنة بما في ذلك الخطط الخمسية للتنمية، واستراتيجيات مكافحة الفقر والاستراتيجية السكانية والصحية... الخ، بسبب ارتباط الأداء الاقتصادي الهزيل بالاختلالات البنيوية للنظام السياسي القائم، وبآليات أدائه المثقلة بالفساد والاستبداد، والتي لم تجد معها تلك الإصلاحات الجزئية المفروضة من المنظمات الدولية والدول المانحة، والتي لم تؤد إلا إلى إطالة أمد الأزمة وشمولها لمختلف مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية.






7 - تنامي مظاهر السفه والإسراف في الإنفاق الحكومي البذخي لما هو متاح من حصة الدولة في الموارد النفطية، وفوارق أسعار النفط على المظاهر الاستهلاكية الدعائية، وعلى شراء الذمم والولاءات الشخصية وتفريخ الأحزاب والصحف الحزبية والمستقلة ومنظمات المجتمع المدني، وعلى إفساد الحياة السياسية والاستحقاقات الانتخابية.






إن الفساد والاستبداد الممسك بمفاصل النظام السياسي القائم، والمتحكم بمصادر الثروة والقوة، يتولى عملية النهب المنظم للموارد الوطنية المتاحة أولاً بأول، المقدرة سنوياً بثروة وطنية طائلة، الأمر الذي تؤكده البيانات والمؤشرات المتاحة لبعض هذه الموارد على النحو التالي:






* يقدر الفارق السنوي لأسعار النفط خلال السنوات الخمس المنصرمة 2005-2000 بحوالي (1,043) تريليون وثلاثة واربعين مليار ريال، تعادل حوالي 5,7 مليارات دولار، استنزفت سنوياً ...... عبر الاعتمادات الإضافية، بعيداً عن التنمية والموازنة العامة للدولة.






* وصل إجمالي القروض الخارجية حتى عام 2003 الى حوالي (9,2) مليارات دولار، المسحوب منها (7,3) مليارات دولار، لم يستفد منها بصورة رشيدة، وذهبت في الغالب لغير الأغراض الاستثمارية المخصصة لها.






* تُصَدّر سنوياً كمية غير محددة من حصة الدولة من النفط، خارج نطاق الموازنة العامة للدولة، ولا تدخل في حساباتها السنوية، نظراً لغياب الشفافية، والسرية الشديدة المعتمدة رسمياً في التعاطي مع الموارد النفطية. بلغت هذه الكمية وفقاً لتقديرات عام 2006 ووفقاً للمتوسط الشهري للكمية المصدرة المقدرة بـ(5,935) خمسة ملايين وتسعمائة وثلاثين ألف برميل، الى حوالي (34) مليون برميل عام 2006 (بدون الكمية المحددة في الموازنة العامة المقدرة بـ(37) مليون برميل)، يقدر سعرها بحوالي (2,38) مليارين وثلاثمائة وثمانين مليون دولار، بمتوسط سعر (70) دولاراً للبرميل، وتعادل حوالي (448,860) اربعمائة وثمانية واربعين ملياراً وثمانمائة وستين مليون ريال، بسعر صرف (197) ريالاً للدولار.






* يتوقع أن يبلغ إجمالي الفارق في أسعار النفط لعام 2006 عن ما تم تقديره في الموازنة العامة للدولة، الي حوالي (1,107) مليار ومائة وسبعة ملايين دولار، وفقاً لمؤشرات الربع الأول من العام 2006، ويعادل حوالي (235,791) مائتين وخمسة وثلاثين ملياراً وسبعمائة وواحد وتسعين مليون ريال.






* تتضمن الموازنات السنوية للدولة اعتمادات مالية طائلة لبنود وهمية، بلغت في موازنة عام 2006 - على سبيل المثال - حوالي (320) مليار ريال، بما نسبته %27 من الموازنة العامة للدولة.



* يقدر الفاقد السنوي من الطاقة الضريبية بحوالي (70) مليار ريال سنوياً وبما نسبته %56 من الطاقة



#محمد_النعماني (هاشتاغ)       Mohammed__Al_Nommany#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقلاعن صحيفة الثوري اليمن بالوقائع ووالأرقام..نهب ثروات البل ...
- حزب الله انتصر على إسرائيل
- الخطاب الانتخابي لمرشح ال(28سنة حكم) للرئيس علي عبداللة صالح ...
- الاتتخابات الرئاسيه اليمنيه لعبه( شبدالو ) والحزب الحاكم في ...
- العرب شعروا بقوتهم
- فنجان قهوة!! لكن قلبي أسخن
- عدن
- حزب الله سيناريو قادم و نصر الله بطل عربي جديد
- جين نوفاك كاتبة ومحللة سياسية أميركية ، خبيرة بالشؤون اليمني ...
- جردوني هيا من الحب و الحنين!!
- هل ستصل نيران نزاع الشرق الأوسط إلى منطقة القوقاز؟
- القرار رقم 1701 لا يحل المشاكل ولا يجعل أحدا يحتفل بالنصر ال ...
- اليمن ثقافة الحصانة و«نظرية الإذلال
- ماهي المفاجات في نهايه الحرب في لبنان
- حان وقت التغير وحان ايضا وقت تقرير المصير 28عام من حكم الرئي ...
- كل الطرق تفضي إلى دمشق؟
- أطفال الشوارع في اليمن
- هل يقدر المجتمع الدولي على تسوية الأزمة الإسرائيلية اللبناني ...
- الرئيس الإيراني يصرح بأن على المجتمع الدولي ان يأخذ بالحسبان ...
- , الاستاذ/ عبدالله سلام الحكيمي! فضل الانسحاب،إذ لا قيمة للع ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد النعماني - قراءة في المشهد السياسي-الانتخابي الراهن في اليمن