أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مظهر محمد صالح - المفكر كاظم حبيب : حوارات في ذاكرة الضمير.















المزيد.....

المفكر كاظم حبيب : حوارات في ذاكرة الضمير.


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 7356 - 2022 / 8 / 30 - 22:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



- [ ] كان صيف العام ١٩٧٥ الفرصة الذهبية التي جمعت طلبة الجامعة المستنصرية باساتذتهم في مهرجان التخرج السنوي الذي ازدان بالأشرطة الملونة وامتزج المكان بالخطب في تشكيل انساني بات هيابا لكل جديد .فالكل قد اخذ مكانه دون عزوف عن الحركة وكانما الحياة قد دبت كي يلبث فيها الجميع ودون ان يفتر الامل في التدبر والتفكير نحو مستقبل البلاد وهي تمسك بميثاق ظل اسمه: ميثاق العمل الوطني . كان الميثاق الوطني بمثابة دستور العمل الايديولوجي الذي تمسك به الشيوعيون باخلاص قبل غيرهم، في بلاد ظلت مكائدها تسير في عالم منطوي على همسة ظالمة هنا وهمهمة قاتلة هناك .
- [ ] افتتح مهرجان التخرج الكبير من احد الزعامات الحكومية النافذة وقت ذاك وقبل ان ياخذ مقعده في المقدمة التفت الزعيم الحكومي بشي من الريبة الى جهة اليمين وحدق نحو الشمال دون ان يفلح احد في فك الغاز جبينه والجميع يتنفس بضيق ليطلق مقولته بصوت عالي : ارى ان قيادة الحزب الشيوعي العراقي قد دقت مسمارًا قويا في صرح هذه الجامعة !!!!!وكان يقصد تحديدا المفكر الراحل الدكتور كاظم حبيب والراحل المفكر الدكتور مهدي الحافظ والشهيد الراحل الدكتور صباح الدرة وعدد من الكوادر التدريسية اليسارية كالعالم الراحل ابراهيم كبة وغيرهم. ثم اخذ ذلك الزعيم الحكومي المتغطرس مجلسه في المقدمة متوسطاً الحفل جمدا كتمثال لا يبتسم كانه في دنيا وحده وليس له من مطارح المجد الا هو نفسه. قلت في سري ماذا يجول في خاطر الضيف الكبير وهو يتفرس في وجوه الحاضرين كانما جاء ليمتحن ندمه بنفسه على صدور ميثاق العمل الوطني في عام ١٩٧١.
- [ ] انتهى حفل التخرج وبلغت رسالة الزعيم الحكومي الى مسامع الدكتور كاظم حبيب بان اركان النظام الحاكم لا يسرهم ذلك الحشد الوطني الاكاديمي اليساري في مكان تعليمي كان اسمه الجامعة المستنصرية .وذكرني الامر بالحركة المكارثية يوم هدد جوزيف مكارثي عضو مجلس الشيوخ الامريكي المفكر الاقتصادي الماركسي الامريكي Paul Sweezy بول سويزي (صاحب كتاب راس المال الاحتكاري والمشرف على تحرير مجلة Monthly Review اليسارية )بخطاب داخل حرم جامعة هارفرد مفاده : ارى رؤوسا حمر قد اينعت وحان قطافها ….!!!!، مما اضطر ادارة الجامعة وقتها من طرد جوزيف مكارثي ذلك في حادث جرى في خمسينيات القرن الماضي . فالمكارثّية McCarthyism هيَ اتجاه سياسي رجعي ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1950 يهدف إلى تشديد الرقابة على الشيوعيين الذين يعملون في الدولة. و ينسب هذا الاتجاه إلى عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي واسمه جوزيف مكارثي وكان رئيسا لإحدى اللجان الفرعية بالمجلس و اتهم عددا من موظفي الحكومة و بخاصة في وزارة الخارجية, و قاد إلى حبس بعضهم بتهمة أنهم شيوعيون يعملون لمصلحة روسيا.
- [ ] ادرك المفكر الراحل الدكتور كاظم حبيب حينها وفي تلك اللحظات التي حدثني عنها لاحقا بشي من القلق، بان فرص السلام والتقدم والاستقرار في بلادنا لا تقوى الا بالركون الى ميثاق العمل الوطني ومبادئه قبل ان تغط الامة في سبات الدكتاتورية وفردية الحزب الواحد لكي تزج الحركة التقدمية في غلبة الغيظ او البحث عن السعادة بلا كرامة ويجهض مشروعها الوطني في التواءات نظام الحكم وتفرده المطلق .
- [ ] ثم مضت الايام والاسابيع انشغل فيها الراحل بتحليل الميثاق الوطني والايديولوجيا الاقتصادية للبلاد ، مسطراً بقلمه ديباجة بناء التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق بكتاب كان عنوانه ((الميثاق والتنمية)). وهي المتلازمة syndrome التي خاطب فيها كاظم حبيب الامة بابتسامته الوطنية العريضة ونظرته الفاحصة مستقبل البلاد التي نوه فيها انه مالم تمسك بالميثاق الوطني بكونه فلسفة تؤازرها جبهة وطنية عريضة تشترك في بناء الانسان ،فلا يمكن لاحد الامساك في مسارب التنمية في العراق .وهكذا كانت موازين القوى السياسية داخل العراق وقت ذاك هي بامس الحاجة الى معرفة ما يجب ان تكون عليه تركيبة الجبهة الوطنية وأهمية الحفاظ عليها ، وديمومتها والاهم من كل ذلك تحديد برنامجها ومهماتها كما يقول الدكتور ابراهيم العلاف في اطروحته في تقييم ميثاق العمل الوطني ، ومن ثم تحديد البرنامج الكلي الذي كان لابد ان يتم الاتفاق عليه بما فيه البرنامج الوطني للتنمية.
وهكذا انتهت ((متلازمة ))كاظم حبيب بين الميثاق الوطني والتنمية بالفناء بعد عشر سنوت من الكفاح بغية انقاذ مشروع الميثاق الوطني نفسه من التطبيقات الهشة وضياعه دون ان ينجو باية اعجوبه يوم موته نهائياً في حمام اسمه : الدم قبل العام ١٩٨٠ بقليل!!! . اذ باتت البلاد كلها أسيرة الدكتاتورية والاحساس العنيف الذي تلهف خوفاً على الغلبة والقهر والتحول الى مجاهيل جعلت من الانسان في بلاده يبكي اساريره بعد موت الجبهة الوطنية التي سحقت اعلامها ورجالاتها واجهض ميثاقها في دهاليز ضللها النسيان في حروب غدت موروثة التقاليد كبديل لمتلازمة ((كاظم حبيب ))في بناء اديولوجياً التنمية في ميثاق السلام والانسان.
ختاما ً، فارقتُ المفكر الدكتور كاظم حبيب قبل ان يغادر البلاد الى منفاه وتصادر الجبهة الوطنية تطلعاتها في الديمقراطية ، عندما اوصلني بسيارته الشخصية الصغيرة الى جمعية الاقتصاديين العراقيين في حي المنصور لحضوري اجتماع اللجنة الثقافية التي كنت عضواً فيها وقت ذاك وهو يحدثني باسى عن عدم قدرته في تحصيل المجموعة الفلسفية والفكرية الكاملة للزعيم الشيوعي لينين الصادرة عن دار التقدم باللغة العربية والتي وزعت مجانا وقتها بسبب نفادها بين كوادر الشيوعيين العراقيين وقت ذاك .ومرت العقود ولم يجمعنِ بالمفكر الراحل كاظم حبيبب بعد مرور اربعين عاما الا مقالة نقدية رصينة رد فيها على دراستي حول تطور الراسمالية المركزية مابعد COVID19 والتي نشرتها جريدة طريق الشعب بعددها الصادر في ٢٤ نيسان/ابريل ٢٠٢٠ وكان عنوانها: النظام الراسمالي مابعد (كورونا )هل من جديد؟
وقد ختم المفكر الراحل كاظم حبيب مقاله النقدي على دراستي بالقول:
((إن الاستنتاج الذي خلص إليه الدكتور مظهر يشير إلى تفاؤل كبير في أن يترك الصراع الطبقي مكانه للرأسمالية الاجتماعية، إذ يقول “وهنا تأتي التسوية التاريخية بغية استقرار التكاليف في القطاعات الاخرى المنتجة والقضاء على مظاهر الركود التضخمي وتحويل فوائض القطاع الصحي واعادة توزيعها الى مشاركة انتاجية في القطاعات الاخرى وهي بداية النهاية للنظام الرأسمالي الامبريالي الراهن برمته ونشوء الرأسمالية الاجتماعية social capitalism الاكثر استقراراً وازدهارا”ً. لا شك في أن الدكتور مظهر يشير إلى الرأسمالية على المستوى العالمي. إذ على مستوى الدول فالأمر لن يكون بالضرورة كذلك، كما أنه على الصعيد العالمي ما يزال بعيداً نسبياً، رغم العلل المريعة التي يعاني منها الاقتصاد الرأسمالي العالمي، لاسيما اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، إذ ترتبط المسألة بمجموعة من العوامل المهمة، ومنها
الوعي الاجتماعي والسياسي لا في الدول النامية، بل وفي الدول الرأسمالية الأكثر تطوراً، ومنها العديد من الدول الأوروبية واليابان إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فعلى سبيل المثال لا الحصر بدأت ألمانيا الاتحادية بالعمل على وفق نهج الرأسمالية الاجتماعية منذ أن تسلم الدكتور لودفيغ أيرهاد (1897-1977) مستشارية المانيا الاتحادية في عام 1963 تحدث عن هذا النهج وتحقق ما أُطلق عليه بالازدهار الاقتصادي وبدعم من مشروع مارشال قبل ذاك. ومنذ منتصف الثمانينيات من القرن العشرين بدأت المانيا وفي عهد هلموت كول (1933-2017)، الذي بدأ في عام 1982 الأخذ تدريجياً بنهج النيولبرالية وتفاقم في نهاية العقد التاسع وما زال مستمراً حتى اليوم. وبعد الوحدة الألمانية تخلت حكومتها عن المساومة النسبية بين العمل ورأس المال التي حصلت في فترة وجود الاتحاد السوفييتي وألمانيا الديمقراطية. ولم يترك الصراع الطبقي مكانه لتعايش سلمي، بل قاد إلى مسألتين بارزتين هما: تفاقم النهج النيولبرالي في السياستين الاقتصادية والاجتماعية الألمانية والذي يتجلى في تنامي عدد أصحاب المليارات والملايين من جهة، وتنامي عدد الفقراء والمعدمين وتفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتنامي البرودة في العلاقات الاجتماعية، إضافة إلى إضعاف دور وقدرات الطبقة العاملة ونقاباتها على خوض النضال لانتزاع حقوقها والدفاع عن مصالحها ومكاسبها. إن الدول التي ربما قد تأخذ بنظام اقتصاد السوق الاجتماعي لا يعني أوتوماتيكياً تراجع الصراع الطبقي فيها، بل سيبقى قائماً ما دامت الرأسمالية سائدة أولاً، وما دامت سياسات الدولة تسير على وفق النهج الاحتكاري النيولبرالي ثانياً. إن إمكانية الحصول على مكاسب لصالح المجتمع يتم من خلال تصعيد النضال الطبقي لانتزاع المزيد من الحقوق وإضعاف النهج النيولبرالي في سياسات النظم الرأسمالية وعلى الصعيد العالمي.
اعتقد إن الاستنتاج الأخير فيه كثير من التفاؤل، ولكن هل يتطابق مع احتمالات التطور بهذا الاتجاه؟ الرأسمالية الإمبريالية السائدة حالياً، والصراعات التي تعيشها تضعفها دوماً، لاسيما وأنها خلال العقود الثلاثة الأخيرة قد تلقت ضربات موجعة وفشل ملموس لسياساتها. ومع ذلك فهي، كما يبدو، ما تزال قادرة على المقاومة، وأنها يمكن أن تتجاوز الصيغة التي يجري التعامل بها الآن صوب الإعلان عن الرأسمالية الاجتماعية من جهة، مع ممارسة الرأسمالية النيولبرالية من جهة أخرى، كما يجري اليوم في ألمانيا وعدد آخر من البلدان الرأسمالية المتقدمة. إن من الضروري في التحليل الاقتصادي أخذ العامل السياسي وموازين القوى الاجتماعية والوعي الاجتماعي والسياسي بنظر الاعتبار، فهي الخلفية التي يفترض أن يستند إليها التحليل الاقتصادي.)) انتهى

2022 / 1 / 6



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التناثر الديمقراطي والاغتراب الرأسمالي .
- الذاكرة مدينة لاتنام في العصر الرقمي.
- الخصومة في جدل البنية الفوقية السياسية:العراق انموذجاً.
- شهداء خالدون ( الدكتور صفاء الحافظ )
- الخطاب في الاجتماع السياسي في العراق : حوار الحكماء.
- اليسار واليمين : تأملات في رؤى عراقية معاصرة.
- الإنسان رواية
- وعاء الخوص السومري
- هموم العقل العراقي.
- الواقعية في الفكر العراقي المعاصر: شجون وتأملات .
- ومضات في محراب سيد الاحرار.
- الطرق الناعم على جدران العصر الرقمي.
- عندما تفر الجند ببطونها ....!
- خرائط اعالي الشرق السياسية
- الفرهود في الفلوجة سنة 1941
- الذكرى الخمسون في معتقل شرق المتوسط: قصر النهاية.
- اليَقَظَة والغفلة : مَرارات الاضداد وصراعاتها
- المسيرة الديمقراطية على مفترق طرق: العراق انموذجاً
- العقل الشرقي المعتقل : أكذوبة حرب الكويت
- الكراسي الموسيقية


المزيد.....




- م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..
- ربيع کوردستان، تلاحم المأساة والهبات الثورية
- لماذا لا يثق العمال بقوتهم؟ حركة سلم الرواتب نموذجا
- الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، مسرحية إجرامية عُرضتْ فوق ...
- سياسيون بحزب العمال البريطاني يدعون لتعجيل موعد الانتخابات ا ...
- بمناسبة اليوم العالمي للسلامة في أماكن العمل
- حزب العمال البريطاني يدعو لانتخابات تشريعية بعد تفوقه في الم ...
- خسائر كبيرة للمحافظين في انتخابات المجالس المحلية وموقف حزب ...
- أول فوز انتخابي لحزب العمال البريطاني قبل صدور نتائج مصيرية ...
- سوناك يترنح ..حزب العمال يسقط المحافظين في بلاكبول ساوث


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مظهر محمد صالح - المفكر كاظم حبيب : حوارات في ذاكرة الضمير.