أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيع نعيم مهدي - أمالي عبد الحميد مصطفى - 2-















المزيد.....

أمالي عبد الحميد مصطفى - 2-


ربيع نعيم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 7125 - 2022 / 1 / 3 - 18:21
المحور: الادب والفن
    


"7"
بعد ان كان لي حضور في درسٍ سَبق، حصلت على موعدٍ لحضور درسٍ آخر مع صاحب هذه الأمالي، توجهت إليه مُبَكراً لمعرفتي بزحمة الطرقات، وسرت فيها كباقي خلق الله قاصداً وجهتي، لكني كُنتُ أفكر في حديث للفنان الرحل نور الشريف عن معاني ودلالة التفاصيل الصغيرة التي نشاهدها في حياتنا.
تلك التفاصيل المتناثرة التي لو تفحصنا فيها لأخبرتنا الكثير عن الماضي الذي صنع لنا حاضراً ثقافياً يشكل في مجمله معالم وسِمات الهوية العربية، والتي يمثل فيها الحرف العربي إحدى الركائز التي تحدد هذه المعالم.
"8"
وأخيراً وصلت رحلتي الى مقصدها، ووجدت صاحب الأمالي على استعدادٍ لبدء درسه، فسارعت الى إخراج عُدة الكتابة وانتظرت المُعلم الذي بدأ درسه بالحديث عن إشكالية شاعت بين الناس بالرغم من ان الحقيقة تختلف!!.
"عندما نستمع الى بعض اهل العلم نلاحظ وجود إشكالية تتعلق بحقيقة الكتابة عند العرب، وللأسف ان الكثير منهم يغض الطرف عنها لأسباب أجهلها، ربما لأنهم لم يفكروا فيما تتضمنه الآثار من تفاصيل ذات دلالات كبيرة، فالبعض من أهل العلم يصف العرب بأنهم - أمة رواية – أيّ ان العرب اعتمدوا الرواية الشفوية بديلاً عن الوثيقة المكتوبة، وهذه نقطة بحاجة الى بحثٍ ونظر"
"قد لا يختلف اثنان في ان العرب كانوا ولا زالوا أصحاب لُغة وبلاغة، وقد ساهم القرآن الكريم في حفظهما لأنه استخدم اللغة ذاتها وأضاف عليها من بلاغته ما لم يكُن مألوفاً لدى العرب، حتى قيل إن فيه إعجاز، وهنا نقف قليلاً.. المصاحف الأولى قد تم تدوينها على وسائل توثيق مختلفة كالرقاع وجريد النخل وغيره، والسؤال هنا من اين أتى الحرف الذي دوّن به القرآن الكريم؟.. ومن أين بدأ؟"
"9"
"إذا فكرنا في عملية الخلق بمجملها – وانا هنا أتحدث من منظور إسلامي بحت – سندرك ان الله سبحانه قد قدر للإنسان ان يستعين باللغة لتحقيق التواصل مع أبناء جلدته، وهذا يدفعنا للاعتقاد بأن اللغة أُعِدّتْ من قبل الخالق قبل وجود الخلق، أي ان لها مرجعيات مقدرة بدأت مع آدم (ع)، واتخذت أشكال مختلفة مع انتشار أبناء نوح (ع) في المعمورة، حيث أخذ هؤلاء الابناء الثلاثة اللغة من مصدر واحد لكن الأجيال التي نشأت عنهم طورت لها منظومات لغوية للتواصل، وبالتالي صنعت للغة مفردات صوتية مختلفة وأشكال تدوين مختلفة، وأحد هذه الأشكال هي اللغة العربية، والتي تجاوزت حدود التواصل بين افراد المجتمع العربي واكتسبت أبعاداً ذات طابع روحاني من خلال ارتباطها بالقرآن الكريم ومجمل المنظومة الدينية الاسلامية"
"أما حال العرب مع التدوين قبل الاسلام فكان متأثراً بالبيئة التي عاشوا فيها، والتي حددت وحصرت معرفة القراءة والكتابة بنخبة من المجتمع المبني على قواعد ومعالم الحياة القبلية، لكن مع انتشار الاسلام توسعت المعرفة بالقراءة والكتابة بين العرب وغير هم ممن اعتنق الاسلام"
"وهنا سنلاحظ ان الحرف العربي - باعتباره جزءاً من المنظومة اللغوية - في ظل انتشار الاسلام وما تبعه من تكوين الدولة وتعريب دواوينها، قد حقق نقلة على مستوى الرقعة الجغرافية للانتشار والاستخدام، حتى ان بعض اللغات استخدمت الحرف العربي في أبجديتها كالفارسية والتركية (العثمانية) والكردية والأوردو وغيرها، وهذا يدل على قوة الحرف العربي التكوينية والوظيفية والتي جعلت منه بديلاً للحروف التي كانت تستخدمها تلك اللغات التي تبلغ في أعمارها آلاف السنين"
"10"
"وبالعودة في التاريخ وتحديداً الى أيام الدولة الأموية، سنلاحظ ان طبيعة التغيير الذي انتجه الدين الاسلامي في المجتمع العربي، والمتمثل بالانتقال من حياة الصحراء الى التحضر، وتأسيس المجتمعات المدنية، وما تبعه من انشاء مفردات حضارية عمرانية كالقصور والدواوين والمساجد، كل هذه المتغيرات أثرت على طبيعة استخدام الحرف، إذ تجاوزت استخداماته حدود التواصل والتدوين، وتحول الحرف الى مفردة من مفردات الهوية الحضارية، ووسيلة لصناعة نسق جمالي لهذه الحضارة، والسبب هنا يعود الى ان المنظومة العقائدية للإسلام كَرِهت استخدام تصوير الكائنات الحية في تزيين المعالم العمرانية سواء أكانت قصوراً أو مساجد، أو شواهد قبور أو أسبلة (وهي الأماكن المخصصة لتوفير المياه في الطرقات لسقاية المارة من عامة الناس) ولم يكن أمام أهل الفن سوى اللجوء الى الحرف العربي"
" وقبل ان نكمل حديثنا اريد ان اتوقف عند المعاني والدلالات التي يحملها السبيل، فنحن نعرف ان سقاية الماء عند العرب من الأشياء التي كانت ولا زالت تمتلك قيمة عالية، والسبب يعود الى تأثر العرب بمعطيات البيئة الصحراوية التي صنعت للماء القيمة التي نقصدها، ويضاف اليها البعد الديني المرتبط بالسقاية والمتمثل بالرغبة في الحصول على الأجر والثواب في الآخرة، وإذا دققنا النظر في المعالم العمرانية للأسبلة التراثية سنلاحظ بوضوح مدى الرُقيّ والفخامة الهندسية المعمارية التي تناسب قيمة الماء وقيمة الأجر المرجو من تقديمه، وهي ايضاً تمثل انعكاساً للمنظومة الجمالية في الدولة والمجتمع، فبالرغم من كون السبيل شاخص عمراني محدد الوظيفة بالسقاية إلا انه حمل نمطاً جمالياً يمكن تشخيصه في البناء والزخرفة والخطوط التي استخدمت في كتابة آيات من القرآن الكريم"
"11"
"في المحصلة أضيفت الى الحرف العربي وظيفة فنية جمالية غايتها إظهار معالم الحضارة الاسلامية في أفضل صورة ممكنة، والتي بدأت مع الدولة الأموية كما أشرنا سابقاً، واستمرت في زمن الدولة العباسية، والتي تطور في أروقتها الحرف العربي، واتخذ اشكال مبتكرة، لم تكن متداولة فيما مضى، والقصد هنا محدد بطرق رسم الحرف لا جوهر تكوينه، ففي زمن العباسيين بدأت عمليات تجويد أشكال الخط وطرق رسمه، وهذا باعتقادي نتيجة للانفتاح الثقافي الذي تميزت به تلك الفترة، والتي ضهر فيها خط الثلث وخط الثلثين، تزامن معهما ظهور انماط مختلفة لرسم الخط كانت تعتمد في مرجعيتها على الموروث الثقافي للمجتمعات التي دخلت في حاضنة الدولة الاسلامية، كالخط الفارسي"
"تبع ذلك ظهور نمط جديد مبسط لكتابة الخط العربي وهو النسخ، كانت الغاية منه تسهيل وتسريع آليات التوثيق والكتابة بما يتلاءم مع متطلبات العصر في ذلك الوقت، والتي انتجت لاحقاً نوعاً ونمطاً للخط يُعرف بخط الرقعة، ففي الحقيقة كان ظهور خط الرقعة استجابة لحاجة، تمثلت في ضرورة ايجاد نمط من الخط يناسب في الكتابة حجم ومساحة رقاع صغيرة، وبالتالي امتلك الخط العربي أشكال وانماط متعددة للرسم والكتابة في مضمون واحد "
وللدرس بقية..



#ربيع_نعيم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمالي عبد الحميد مصطفى
- أسماء الرئيس الحسنى
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام – 2 -
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام - 1 -
- دكانة الشطري - شيخ الوراقين
- تشرين
- اقتصاديات الجنس
- رسالة في أخبار الجنّ عند العرب
- من غرائب الأخبار في تاريخ العرب
- دكانة الشطري – 6 -
- شامٌ بلا بعضِ الشام
- البغاء الرقمي
- بتكوين لله
- يجب ان يرحل!!
- بين العجم والروم..
- خطوة تبحث عن ثقة
- أزمة الشعارات
- دكانة الشطري -5-
- دكانة الشطري -4-
- دكانة الشطري -3-


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيع نعيم مهدي - أمالي عبد الحميد مصطفى - 2-