أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - الطبيعة الكونية














المزيد.....

الطبيعة الكونية


اتريس سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7121 - 2021 / 12 / 29 - 13:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل يبدو الكون على هيئته التي نراها؟ هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟ هل هذه السماء زرقاء فعلا ؟ وهل فعلا الحقول خضراء ؟ وهل الماء سائل والجليد صلب ؟ وهل الزجاج شفاف كما يبدو لنا؟ والجدران صماء ؟ وهل يمكننا أن نقطع في يقين أن جسما ما من الأجسام يتحرك ؟ وأن جسما آخر لا يتحرك ؟ لا، ليست هذه هي الحقيقة؟ هذا ما نراه بالفعل وما نحسه، ولكنه ليس كل الحقيقة. فالنور الأبيض الذي نراه إذا مررناه خلال منشور زجاجي يتحلل إلى سبعة ألوان هي ألون الطيف المعروفة، فإذا حاولنا أن ندرس ماهية هذه الألوان لم نجد أنها ألوان، وإنما وجدناها موجات لا تختلف في شيء إلا في طولها الموجي، ذبذبات متفاوتة في ترددها، وهذه كل الحكاية، ولكن أعيننا لا تستطيع أن ترى هذه الأمواج كأمواج ولا تستطيع أن تحس بهذه الذبذبات كذبذبات، وإنما كل ما يحدث أن الخلايا العصبية في قاع العين تتأثر بكل نوع من هذه الذبذبات بطريقة مختلفة ومراكز البصر في المخ تترجم هذا التأثر العصبي على شكل ألوان، ولكن هذه المؤثرات الضوئية ليست ألوانا وإنما هي محض موجات وإهتزازات والمخ بلغته الإصطلاحية لكي يميزها عن بعضها يطلق عليها هذه التعريفات التي هي عبارة عن الألوان، وهذه هي حكاية الألوان. والحقول التي نراها خضراء ليست خضراء، وإنما كل ما يحدث أن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ماعدا تلك الموجة ذات الطول المعين التي تدخل أعيننا وتؤثر في خلاياها فيكون لها هذا التأثير الذي هو في إصطلاح المخ ( اللون الأخضر ). أما الماء والبخار والجليد فهم مادة كيميائية تركيبها الكيميائي واحد : ذرتين هيدروجين وذرة أوكسجين، وما بينهم من إختلاف هو إختلاف في كيفيتها وليس إختلاف في حقيقتها، فعندما نعطي الماء طاقة (حرارة) تزداد حركة جزيئاته وبالتالي تتفرق نتيجة لإندفاعها الشديد في كل إتجاه وتكون النتيجة الغاز (بخار الماء) وعندما يفقد الماء هذه الطاقة الكامنة تبدأ الجزيئات في إبطاء حركتها وتتقارب من بعضها إلى الدرجة التي نترجمها نحن بحواسنا بحالة السيولة، فإذا سحبنا منها حرارة وبردناها أكثر فأكثر فإنها تبطيء أكثر وأكثر وتتقارب حتى تصل إلى درجو من التقارب نترجمها بحواسنا على أنها الصلابة (الثلج) وشفافية الماء ترجع إلى أن جزيئات الماء متباعدة تسمح لنا بالرؤية من خلالها، وهذا لا يعني أن جزيئات الثلج متلاصقة وإنما هي متباعدة أيضا ولكن بدرجة أقل، بل إن جميع جزيئات المواد الصلبة مخلخلة ومنفصلة عن بعضها، كل المواد الصلبة عبارة عن خلاء منثور فيه ذرات ولو أن حسنا البصري مكتمل لأمكننا أن نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلخل كنسيج الغربال، إذن فرؤيتنا العاجزة هي التي تجعل الجدران صماء وهي ليست بصماء. إذن العالم الذي نراه ليس هو العالم الحقيقي وإنما هو عالم إصطلاحي بحت نعيش فيه معتقلين في الرموز التي يختلقها عقلنا ليدلنا على الأشياء التي لا يعرف لها ماهية أو كنها. فنحن أحيانا نرى أشياء لا وجود لها، فبعض النجوم التي نراها بالتليسكوب في أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية، أي أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى 500 مليون سنة ضوئية ليصل إلى عيوننا، وبالتالي فالضوء الذي نلمحها به هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين، فنحن لا نراها في الحقيقة وإنما نرى ماضيها السحيق الموغل في القدم، أما ماهيتها الآن فالله وحده أعلم بها، وربما تكون قد إنفجرت وإختفت أو إنطفأت أو إرتحلت بعيدا في أطراف ذلك الخلاء الأبدي وخرجت من مجال الرؤية بكل وسائلها. إذن دعنا نقول أن كل الألوان التي نشاهدها في الأشياء لا وجود لها أصلا في الأشياء، وإنما هي إصطلاحات جهازنا العصبي وشفرته التي يترجم بها أطوال الموجات الضوئية المختلفة التي تنعكس عليه، إنها كآلام الوخز التي نشعر بها من الإبر، ليست هي الصورة الحقيقية للإبر وإنما هي صورة تأثرنا بالإبر، وبالمثل طعم الأشياء ورائحتها وملمسها وصلابتها وليونتها وشكلها الهندسي وحجمها هي مجرد الطريقة التي نتأثر بها بهذه الأشياء، كل ما نراه ونتصوره خيالات مترجمة لا وجود لها في الأصل وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة وطبيعتنا العاجزة وما نراه دائما ينقل إلينا مشوها وناقصا ومبتورا.



#اتريس_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي الذات العليا
- على قدر حلمك تتسع الأرض
- إشراقات من أقداس الملكوت
- كيف يتأثر الإنسان بالسحر
- ما الطاقة الكونية
- الموت الطقسي
- الترددات بين المؤثر و الطبيعي
- فلسفة الماتريكس! الرؤيا من خلف الظلال
- مواعظ الحكمة من أقوال أبي مرة
- ثرثرة مع صديقي العجوز
- إستمع إلى قلبك الذي سيرشدك إلى ما تريد
- إيحاء الضمير الحر
- السحر الأسود من وجهة نظر العلم
- تأملات في علم طاقة و الوعي الروحي
- أصناف العلوم الروحانية وفق التراث العربي إسلامي
- ما الحاسة السادسة
- تكوين الإنسان الروحي
- معالم على طريق الإستنارة
- ماذا ستقول لو سكت العالم دقيقة ليسمعك؟
- ما مفهوم الطاقة السلبية


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - الطبيعة الكونية