أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاكلين سلام - يوميات مهاجرة وقصص انتحار في نهايات كل عام














المزيد.....

يوميات مهاجرة وقصص انتحار في نهايات كل عام


جاكلين سلام
كاتبة صحفية، شاعرة، مترجمة سورية-كندية

(Jacqueline Salam)


الحوار المتمدن-العدد: 7113 - 2021 / 12 / 21 - 20:26
المحور: الادب والفن
    


يوميات مهاجرة وقصص انتحار وشتات

انتحاريون على قيد الحياة، سرد ويوميات
حين تقترب الأعياد الشتوية ونهايات السنة يتوافد بعض الإنتحاريين إلى عتبات العالم السفلي، وإلى قاع الموت يغزون الرؤى والخطوات. يتحدثون عن لا جدوى الحياة والإقامة العسيرة تحت هذه السموات الداكنة. يتحدثون عن ألم خفي يحفّ بالأعصاب كما المبرد في الحديد. يتحدثون عن شهوة الموت، وشهوات الحياة التي لم تنقض. بل إنهم لا يتحدثون ولا صوت لهم ولا صدى على ما أعتقد. أنهم يكتمون ما بهم وما يجول في أرواحهم من عذابات.
يخافون بعضهم وأصوتهم الداخلية وانهيار سقف آمالهم العاجزة. ينتحرون ولا يكملون الطريق. يحاولون ويفشلون، ويصابون بالجبن أحيانا، وبعضهم ينجح للأسف تاركاً غصة في قلب من يعرفهم.
*
"روني" رجل في الستينات من العمر أقدم على المحاولة ونجح كما خطط، وكما لم ينجح في أي شيء آخر في حياته. روني الذي فشل في الحب وفي بناء الأسرة، في العلاقات العائلية وفي العمل، نجح في الإدمان على الكحول والإحباط والقلق. كان نجاحه باهراً وأخذه إلى ساحة الموت، إلى ما بعد عتبة العالم السفلي. انتهى العالم بالنسبة لهذا الرجل، ولم تنته معضلة الشرق الأوسط، وسلسلة الموت الكاسح في سوريا ودول عربية أخرى. الموت يحصد رأس العالم وأبنائه بالف صورة ولا يرحم الذين تركوا في البلاد أهلاً وأشقاء، ولا يرأف بالذين خرجوا لوحدهم إلى أصقاع العالم طالبين النجاة.
*
انتهى مؤسم الاكتئاب يا روني وذهبت دون أن تأخذ معك قبعتك وجديلة شعرك الفضي وتركت في البيت رائحة عفنة ودخان وزجاجات فارغة، كما أخبرني مالك العقار الذي كنت تعيش فيه.
في تلك الغرفة الفقيرة التي يملكها رجل سوري كريم يعمل ساعات طويلة كل يوم، قضيت آخر أيامك قبل حلول العيد. كان السوري يتحدث البارحة عنك بعينين دامعتين أيها الغريب المحبط. وكان أول من افتقدك حين غبت عن المطعم أكثر من المعتاد.
أيها الغريب، السوريون أخوة العالم وأنت شاهد. الصديق السوري أعطاك ( بطانية ومخدة ) كي تنام في غرفة صغيرة مقابل أجرة معقولة. فهلا ستبلغ الله أن يمد يده إليه وأسرته وبلده بعين الرحمة والخير؟ ويعيد الفرج والفرح لأهل البيت السوري قبل أن ينتهي العام أو ينتهي العالم في سوريا الذبيحة بكل الأيادي القريبة والغريبة؟!
الميلاد قادم يا روني، وسيفتقدك رواد المطعم الذي كنت تزوره. رواد المقهى يبكون بسهولة حين يتذكرون ماضيهم، ويحتضنون الغرباء مثلهم ويتكلمون بلا انقطاع. رواد من كل العالم، غرباء ولكنهم يتقاسمون الهموم والغربة والشتات.
واحدا بعد آخر، ينتحرون حين يعجزون عن الفرح ودون أن يتركوا رسالة وداع لأحد.
ثمة في القلب وردة معلقة على كتف الزمان. وردة بيضاء للبيت الذي هناك. وردة للعالم الذي ينقلب ولا يعرف الطريق إلى الخلاص من القهر والبؤس والعزلة والحروب.
*
تورنتو، واحدة من أكبر المدن الكندية وأشدها تنوعا أثنيا وعرقيا. يجتمع في المكان الواحد، أقليات وأعراق من كل العالم، سواء في مواقع العمل، التسوق، المراكز الثقافية، المطاعم، والمكتبات.
فصل الشتاء طويل في كندا، وبعضهم يصاب ( بالزرقة والإحباط).
روني اسم مستعار، ولكن القصة حقيقية، وجرت في منطقة في الجوار.
*
في سنة 2020 ومع انتشار وباء كورونا وانسداد الأفق في عيون البعض، لجأت امرأة مصرية-كندية إلى الانتحار في بيتها، شنقا. تركت رسالة للعالم ولأهلها تطلب منهم السماح والمغفرة ذلك لأنها لم تستطع أن تحتمل هذه الحياة الصعبة. وقال أصدقاء لها، بأنها حاولت الانتحار قبل ذلك ولم تفلح.
هذا يدعونا للتفكير قليلا في مسألة الرحمة والتعاضد والإلتفات إلى الأصدقاء والأهل والمعارف في الجوار. الطبيعة البشرية تقتضي المساندة والتفهم والاجتماع بالاخرين لتخفيف حدة العزلة.
*
قبل سنة وفي مثل هذا الوقت أيضا، 2020، قرأت عن انتحار امرأة من ( مسقط – عُمان) في بلدها ووسط أهلها. كانت قد تركت رسالة مطولة تم تداولها عبر صفحات الميديا الاجتماعية. أحيانا يكون المرض النفسي مستفحلا لدى البعض ويعجزون عن الشفاء وتقبل أنفسهم والعالم المحيط، وهذا بحث يطول.
في مدينة تورنتو- كندا يعلنون عن أرقام هواتف لطلب النجدة حين يشعر الفرد بالحزن الشديد ويفكر أن يؤذي نفسه (هو-هي) أو ينتحر. هذه الأرقام تجدها في محطات المترو، في مراكز اجتماعية مختلفة، وأحيانا في لوحات الإعلانات الخاصة بالسكن.
*
الحياة نعمة وهبة تستحق أن تعاش بكرامة وسلام. والإنسان بحاجة إلى أخيه الإنسان في كل الأمكنة والأزمنة. فليكن هناك نور لكل العالم وسلام على المعمورة في السنة الجديدة.

www.jacquelinesalamwritings.blogspot.com
جاكلين سلام، شاعرة، صحفية، مترجمة سورية كندية. لها خمس مجموعات شعرية منشورة ورقيا، وعدد كبير من المقالات المنشورة في صحف العالم العربي والمهجر، والمجلات الأدبية في المشرق.
في المدونة تجدون بعضا من مقالاتها وكتاباتها.



#جاكلين_سلام (هاشتاغ)       Jacqueline_Salam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا والهنود الحمر
- عقوبة حلاقة الشعر على الصفر للنساء والرجال. الفرق بين شيرين ...
- مشاركات مهجرية في المهرجان الشعري الذي تقيمه مؤسسة العويس ال ...
- دليل الهجرة. نص شعري
- يوميات ترجمانة صحفية مهاجرة
- حوار سوريان مهاجران إلى اللغة والمخيلة في البحث عن أسرار الك ...
- جائزة سلطان العويس الثقافية. إشكالية التقييم الثقافي بين الم ...
- عن كتابة المرأة والجسد. ليس الجسد غرفة مغلقة...
- أنقاض وعيون. قصيدة
- انطباعات حول مستودعات الكتب المستعملة في كندا ومعارص الكتب ف ...
- خصومات حول جائزة نوبل وجوائز أخرى. واقع المترجم العربي مقارن ...
- العقلية العربية وجائزة نوبل، متعة الفوز أم متعة الرحلة! اليس ...
- حوار جاكلين سلام مع الحقوقية والروائية العراقية الكندية نيرا ...
- حوار جاكلين سلام مع الدكتور وليد الخشاب في أعماق التجربة الإ ...
- الأمل والبهجة في أعمال الفنان التشكيلي هاشم حنون
- يوميات مهاجرة مع السنجاب والكتاب
- يوميات مهاجرة
- يوميات مهاجرة. رسائل الى الله
- مجموعة نصوص خريف يذرف أوراق التوت
- رسالة إلى غادة السمان


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاكلين سلام - يوميات مهاجرة وقصص انتحار في نهايات كل عام