أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منال حميد غانم - النساء الريفيات والعُصاب















المزيد.....

النساء الريفيات والعُصاب


منال حميد غانم

الحوار المتمدن-العدد: 7107 - 2021 / 12 / 15 - 20:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في طفولتي كان من السهل ارعابي ومشاهدة الناس يتألمون كانت الاكثر رعبا ، ولان السياحة محدودة في الجنوب وخاصة للأسر كانت المراقد الدينية هي الوجهة لدى الكثيرين ومنهم عائلتنا .وفي مرات عديدة كنت اشاهد امرأة تجتمع حولها عدد من النسوة داخل الأضرحة أو بالقرب منها محاولات السيطرة على حركاتها الهستيرية او التقليل من غضبها الصامت وهذا ماكان يثير استغرابي ،فكيف يمكن للانسان ان يغضب بجسده فقط دون صراخ ؟ بل فقط حركات جسدية غير ارادية ولم أكن أعلم أن غضب النساء غير مبرر. كانوا الكبار يفسرون لنا ذلك عل انها (مريضة). لكن ظلت تلك المشاهد مرعبة في مخيلتي ولانهم يعتقدون ان الصغار لايستطيعون الفهم اذا شرحوا لهم الحقيقة وحسنا فعلوا لانهم لن يشرحوا الحقيقة بل مايريدون ان يعتبروه حقيقة وهي أنها ( ممسوسة ) اي اضفاء المسحة الماورائية على تصرفات الشخص المريض . وهو تصرف يُفسر بالغالب اما بسبب يأسهم من حالته او عجزهم عن تفسيرها او لردع الاخرين كي لايتصرفوا بمثل ما فعل والا واجه المصير نفسه .
فما لايفسره العقل والمنطق يفسره الدين بالغالب. سواء كان سماويا أو ارضيا وكلما تقدمت نحو جنوب البلاد ستشاهد تلك المناظر اكثر وعند كل مرقد حقيقي او زائف، فهي تجارة رابحة في الاوساط الامية ومتدنية الوعي والتعليم فالناس لايداوّن مرضاهم عند طبيب مختص بسبب سوء الخدمات الصحية او بعدها. بل لد الاضرحة او المشعوذين فما بالك بالامراض النفسية . وغالبا تصرفات النساء غير المبررة أو غير المفهومة من قبيل عدم السيطرة على حركة عضو ما أو الارتعاش أو نفض الجسد أو القلق الدائم او اتخاذ الصمت خيارا او تجاهلها المحيطين بها او ذعرها من احدهم دون غيره او خوفها من مكان ما دون غيره او رفضها طفلها الوليد أو خروجها مذعورة ليلا او رفضها تناول الطعام او التقليل منه حد الاقتيات أو تسارع ضربات القلب ثم الاغماء بدون سبب واضح لايتم ارجاع أسبابها إلى الجانب الطبي أو النفسي، بل الى الغضب الالهي او عدم رضا الاولياء الصالحين وسخطهم وتتعدد الاساليب لنيل رضاهم والتخلص من مس الشياطين والجن فبعضها يحتاج مجرد جنس مجاني، واساليب اخرى تحتاج اموال طائلة يظل المريض أو عائلته يرفدون المشعوذين بها لقاء قسط بسيط من الراحة .فكيف اذن الحال لو كان هذا المريض انثى مطالبة بكم لايعد ولا يحص من الالتزامات المنزلبية والعائلية والاجتماعية وصيانة شرف العائلة والحاق بركب الزواج وانجاب الاطفاتل مبكرا ومسايرة الزوج وغيرها الكثير وبالأخص اذا كانت البيئة غاطسة حتى العنق بالجهل والأمية كالارياف مثلا .والنتيجة فأن عدم فهم المحيطين بما تعيشه النساء أو انعدام قدرتهم على تفسيره أو تجاهل منطقيته لايقود الا إلى تفاقم تلك الحالة وزيادة لوم المرأة كونها لا تقاوم ماتشعر به ويجب أن تكون اقوى أو اعتبارها متمردة أو متكاسلة أو مجنونة وهو الغالب . ومن ثم تتجلى إمكانية استبدالها كقطعة غيار بالية يتم تغييرها بواحدة اصغر سنا وأكثر مرحا وحياة لتدخل في احتمالية أن تتحول هي الأخرى إلى شخص غريب الأطوار كسابقتها وليست مريضة .
في الأرياف نشاهد مرض العصاب ولكن لا احد يشخصه كمرض . ويظهر بوضوح لدى النساء أكثر منه لدى الرجال. وأسبابه عديدة أهمها التعنيف والاهمال وانتكاسات الطفولة ففي العراق تشكل نسبة النساء الريفيات إلى الحضريات ٣٠٪ اي ثلث نساء البلد ريفيات ومع ذلك يتم معاملة الدولة لهن على انهن نسبة ضئيلة وكذلك المنظمات غير الحكومية المعنية بالنساء لا توليهن اهمية . فحياة الريفيات حياة قائمة على التهديد ، التهديد بالقتل اذا عشقت او عاشرت والتهديد بالتزويج جبرا أو دفعها دية عن قاتل أو التهديد بأهانة كرامتها والتزوج عليها أو التهديد بطلاقها وتركها عرضة لكي يُلاك اسمها بين الناس ناهيك عن أساليب التفنن الاخرى لإرهاب النساء وتحجيم تفكيرهن وتمردهن .
ان معاناتهن قانونية وخدمية وعرفية حيث استطاعت الثقافة الذكورية الصرفة لدى الذكور ايهامهن بدونيتهن بل تساعدهم في ذلك من تشربت بتلك الثقافة بترسيخها لدى الأخريات بالاقناع أو بالقوة. وليس لتفوقها او نضجها الفكري تتفوق عليهن بل بسبب نضجها الذكوري فهم لايمنحون سلطتهم لأي كان او لمن يعتقدون انها تزعزع عرشهم .
فوفق الجهاز المركزي للإحصاء هناك ٤٩.٦٪ امرأة ريفية ترى من حق الرجل ضربها إذا كانت قد خرجت من المنزل دون أن تخبره وهي نسبة ليست ضئيلة فحتى من لايتم ضربها تعتقد ان رجل غيرها يملك هذا الحق ومن الجبن وقلة الرجولة عدم استخدامه معززات ذلك باقوال دينية او عرفية قديمة .
و ٣٥.٥٪ امرأة ريفية ترى من حق الزوج ضربها إذا أهملت اطفالها لان مسؤولية الاطفال مسؤولية أحادية تقع على عاتق الام وحدها وكأنها تلد بالانشطار ولايشاركها ذكر في ذلك و ٣٨.٩٪ اذا جادلته و ٣٢٪ اذا رفضت ممارسة الجنس معه اي ان الجنس حق خالص للرجل وواجب على المرأة ومن الممكن أن يتم بدون تراضي مغطى بشرعية دينية وقانونية وعرفية صرفة . و ١٩.٤٪ امرأة ترى أنها اذا حرقت الطعام تستحق الضرب و ٢٩.١٪ اذا بذرت مال زوجها و ٤٦.٥٪ اذا افشت اسرار البيت .
فالعنف عمل مشرعن من الجانبين معا مع لمسة تسامح من السلطة متمثلة بتجاهل الاجرام بحق النساء هذا حتى لاتتصادم مع العشيرة أو الأعراف والتقاليد لتتدخل وتحمي مواطناتها .
ومع أن النساء في الريف تعمل على مدار الساعة سواء داخل المنزل متمثل بالأعمال المنزلية اليومية ورعاية كبار السن و ذوي القدرات و تربية الصغار فعملها هذا كأختها الحضرية لايصنف كعمل. ولا يضاف كقيمة إلى الدخل القومي وحتى عملها بصنع مشتقات الحليب ورعاية الماشية وبيع المنتجات وتوزيعها في المدن وعملها في الأرض كفلاحة لا يضاف إلى الدخل القومي لدرجة أن الجهاز المركزي للإحصاء في دراسته السنوية اعتبر النساء الريفيات العاملات لايشكلن سوى ٨.٦٪ فقط بينما الغالب الأهم منهن يعمل بل واقترح في تقريره العديد من المشاريع لتشغيلهن وتعليمهن الحياكة وصناعة المنسوجات وتطوير المنتجات الحيوانية .
أما عملها الرئيسي في الحياة من منظارا ذكوري هو الحمل والولادة إلى أن يتوقف رحمها عن العمل ليتم استبدالها. فلا يتم وقاية النساء من أضرار الحمل المبكر أو الولادات القريبة من بعضها بوسائل تنظيم الأسرة ف ٤٩.٧٪ من النساء الريفيات يستخدمنها والملاحظة البسيطة توحي بنسبة أقل من ذلك بكثير فأيقاف النسل لايتناسب مع الدين أو الأعراف العشائرية فالإكثار من الأطفال وتحديدا البنين هو عزة للذكور وتدعيم لسلطتهم. فمن تنجب البنات فقط ستظل تحمل وتلد حتى يأتي الذكر ليرفع اسم أبيه ونعشه، واذا كانت تلد ذكورا ستظل تحمل وتلد حتى تكثرهم. فكل ما تقدم يلقى على عاتق بشر وليس حجر صوان ومن الطبيعي أن يعتل نفسيا بسبب القهر والكبت وعدم الرضا فأصواتهن غير مسموعة وان سمعت فلغتهن غير مفهومة عمدا . في مقابلة مع احداهن قالت انا لا اتكلم حتى لو غصبوني على أمر جلل فأنا ملكهم وان تكلمت فما جدوى كلامي وهو لا بلا قيمة . ان العصاب مرض نفسي واعراضه تنبئ بوجود مشكلة تستحق الحل لا أن يتم تجاهلها .
بلا سلطة ،رعايا الدولة من الفئات الهشة والضعيفة هم فرائس سهلة لمن هم أكثر نفوذا وقوة فالحامي الاول لهن والمسؤول عن حل مشاكلهن هو الدولة ففرض القانون هو من يجعل الضرب لأي سبب كان جريمة معاقب عليها والجنس بالاجبار اغتصاب والتزويج بالإكراه جرم والحرمان من الدراسة جرم والحرمان من الخروج اختطاف أو حبس قسري وليست عادات وتقاليد بل جرائم .



#منال_حميد_غانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النساء والعمل في قطاع التعليم الاهلي
- من التالي بعد الافغانيات واليزيديات ؟
- النسوية ليست معقدة
- الحركة النسوية في العراق من عام 2003 الى 2019
- حبيبي على رقعة شطرنج
- نسويتنا الى اين؟
- النساء معلبات بشرية
- نسوي متردد
- سجن الأمومة
- تجارة الصلاة تفضح فقر النساء
- بترول العراق ونسائه
- المؤتمر الدولي لمكافحة الاحزاب
- بيننا طفل وليس غنيمة حرب
- كورونا تفتح شهية الزواج
- القانون المخيف
- الخريجات تمرد نائم
- البرلمانية المغتصبة
- شعار الدولة مكتوب على اجساد النساء
- النسوية والتعري ..


المزيد.....




- مقتل امرأة عراقية مشهورة على مواقع التواصل.. وأجهزة الأمن تح ...
- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منال حميد غانم - النساء الريفيات والعُصاب