أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود الرشيدي - الخواطر بين العقل والخيال














المزيد.....

الخواطر بين العقل والخيال


محمود الرشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7097 - 2021 / 12 / 5 - 03:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شيء من الخواطر يراودني بإلحاح، أعمل على تغييبه في كل مرة فيرتد ، ربما جرأتي لم تنضج بعد لتتحمل انعكاس نسيج افتراضاتي الشقية/البئيسة مِنِّي عليَّ ، وعلى المتلقي. ذاك الذي تأتيني شبه نبوءات  على ردود أفعاله عما يخطر ببالي من أفكار وهي لازالت في حضن السرية، أتقول بيني وبين نفسي على الغير ما لم يقله عني بعد ، وأسرح في الظنون الذاتية والغيرية وكذا الموضوعية الهلامية .
هذه في واقع أمري كالهواجس أثناء نومي ، لا أخرج منها إلا بالإستيقاظ والتنبيه العنيف ، [..........]
في هذه الأثناء بالضبط وأنا أحاول بناء هذا النص غمرتني فرحة المنتشي بالنصر وأنا أستكمل فقرة أحسبها من أروع ماأنتجته أفكاري ضمن هذه الخاطرة عندما لست أدري كيف انزلق أحد أصابعي فوق لوحة الكتابة وعلى أي زر تم الضغط لتغور الفقرة الجميلة ، وانطمست في ذهني ، كما ابتلعها المجهول من أمامي ، ولم أعد أتذكر لا شكلها ، ولا مضمونها ، ولاحتى كلماتها . والأغرب أنني أجهدت نفسي لإسترجاعها ، واجتررت أفكاري اجتراراً ، أو ما أتذكره منها على الأقل ، كما يجتر الحيوان العاشب علفه من معدته ، لكن مسعاي لاجدوى له .
الحادث هذا ، غَيَّبَ عني شحنة أحسستها بهجة ، انشرح لها أو بها حالي ، وانجلت تلك الغيوم الداكنة من صفحة سمائي ، إلا من نتف قليلة ناصعة البياض ، وكأنها رُتِّبَتْ للزينة . كل هذا  وأنا أنسج إشراقاتي في أفكار ، لِأَنْثُرَها كأريج يلامس عبقه أعماق أمثالي ، ممن أرهقهم نصيبهم من المكتسبات المعرفية ، والعرفانية ، والتجارب الحياتية   والإنسانية ؛ من احتمالات وافتراضات وأشباه حقائق ، لايقين لهم عليها ، إلا من صراعات داخلية وذاتية ،  لمْ تَسْتَوِ بَعْدُ إلى رجحان .
إنه بَوْحٌ مات قبل أن يحيى، لمْ يُكْتَبْ له أن يُسْعِدَ أحداً ، أو على الأقل لم تَتَحَسَّسْه سُخُونَةُ الإنتعاش كما تَحَسَّسَتني ،  عندما راودتني تلك الأفكار ، وزَرَعْتُها بذوراً من مداد ، ساح والْتَهَم ما حوله من ألوان زاهية ثم انطفأت .
أفكاري ، أخالها في أحايين كثيرة نتاجا من مخلفات الزمن الجائر ، وهو يغتصب الحيوات،شَديدُ الولع أو البغض ربما للجميل منها ، سواء بطبيعته ، أو على الأقل ما نُجَمِّلُه نحن بدافع الإدمان .
لا أخجل من تناقضاتي ، لأنني لست الوحيد في صنعها ؛ ذلك أنني أعلم أن لي فيها شركاء ومساهمين، وحتى فيما لا أبوح به ، لهم في كتمي له نصيب  .
قد تأتي الخواطر مُجَزَّأَةً ، تتراقص سابحةً ، مُتَناثِرةً ، مُتَلَحِّفةً في ظلام الليل ، كما لو أنها مَدعورةٌ مُرتبكةٌ هاربة . وقد تكون زيارتُها على ضوء النهار  تُسابقُ زمنَها ؛ كأنها نُدَفٌ من الثلج ، تَدْرُوها الرياح على صراط قوس قزح ،  تَتَكَوَّمُ في فوضى بأشكالها وألوانها ، لا يلم شتاتها إلا طفل أو فيلسوف ، لأن الأجزاء  والجزيئات فيها تتطلب دِقَّةَ الفنّان ، وحِنْكَة الحكيم في تركيب إبْداعٍ تَعَدَّدَتْ معانيه وتَرامَى فيه وعلى جوانبه المفهوم ، والمرموز ، والسريالي والمعقد ؛ كأنه نتاج فوضى اللامعنى ، أو نِيَّةٌ شبحيةٌ شَكْلُها هلامي ،  وملامحها خَطٌّ يَنْتَظِر ميلاد من يَفُكُّ رموزه ، ويجوز لمن يَعْبُرُ الرؤى أن يدلو بدلوه .
اللامعنى في قاموسي المُبَطَّن هو أنني غالبا ما أَجِدُنِي مُتَسَلِّلاً ، أو أُرْغِمُ نفْسي على التلصص بعقلي في متاهات خيالي ، ذاك العالم المغلف الأجوف المتعدد الأبعاد : أبعاده لا تستقر على حال ، من المتناهي إلى اللامتناهي ، ومن المعقول إلى اللامعقول ، قَعْرُهُ طحينٌ رمادي ، شديد النعومة في ملمسه ، يُعيقُ التنقل عليه . اللون القرمزي المتدرج يؤثث فضاءه من الأسفل في اتجاه الأعلى ، لست أدري متى تَعلمتُ السباحة فيه بخفة وانسياب ، وبدون عناء . المَشَاهِـدُ فيه أنا من يحاول بناءها ، ولا أتحكم في استقرارها ، هناك تسريع في صور الشريط ، أو تحكمات أخرى لا أُدرِكها ، هل القصور في طاقاتي؟ أم هو ثقب قرمزي على غرار الأسْوَد ؟ يَلْتَهِم داخِلَهُ وكل من يقترب منه بطريقته القرمزية؟
هذا كذلك يُضاف في سلة الجهل التي تؤثث ثرائي .
نادراً جداً ما أنجح في سرقة أو اصطياد لمحة من مخلفات من لا أُبَرِّئُه في أنه هو في واقع الأمر مَن يَستدرجُني لشَلَّالِه المنهمر الفَوَّار ، فقط لِأُسْقِط في بَحْره وفي غفلة مني ما أشعر به ، كما حصل إبان اختفاء الفقرة المفقودة من هذا النص. وصفي هذا يكاد يوحي بأننا نبني بعقلنا ما يشاء في خيالنا، ثم نخفي ما يشاء ونبوح بما نشاء، والعكس ممكن ، وكذلك جميع الإحتمالات .
معادلة المقابلة في هذا البناء  تفرض بقوة المنطق الإستنتاج الحتمي الآخر وهو أننا نبني بخيالنا ما يشاء في عقلنا كذلك .
بناء العقل في الخيال أفكار تبقى في مجملها أقرب إلى البوح والإفصاح. أما بناء الخيال في العقل فحصاده وإن أمكن لا سبيل بعد ولا وسيلة لفهم مجمله ولربما كله ؛ على غرار قصور إدراك العين للمشاهد بسبب وتيرة السرعة عند تدفق الصور ، ليبقى التشوه ميزة الكائن  أو الخاطرة ، إن لم يكن فقط لجانب من شَكْلِهِما أو طَيْفهما ؛ وهو الأصح في اعتقادي .



#محمود_الرشيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمزية اللاشعور على واقع المستقبل[قصة قصيرة]
- أعيادنا ربما أصولها مأساوية.
- مستقبل بوساطة الماضي عند الحاضر.
- من الفلسفة إلى الفلسفة عبر الأدب والفن
- اليُتم
- الحياة تؤثث نفسها وسط عبقرية الغموض
- الجَمال
- حال الحال
- ويستمر مشعل المعاناة
- رفقا بهذا الإنسان
- تقاطع الروح و الكلمة
- الموت : قبل الموت وبعد الموت
- نفَس واحد وفضاءات .
- شرارات بدون نار
- من أين أتيت ؟
- كلام في علب سوداء .
- حكايات وردة .
- قصيدة بعنوان : أقول ....
- قصيدة بعنوان: شيء من رماد ذاكرة .
- سبع نغمات لسبعة أجراس .


المزيد.....




- ردا على بايدن.. نتنياهو: مستعدون لوقوف بمفردنا.. وغانتس: شرا ...
- بوتين يحذر الغرب ويؤكد أن بلاده في حالة تأهب نووي دائم
- أول جامعة أوروبية تستجيب للحراك الطلابي وتعلق شراكتها مع مؤ ...
- إعلام عبري يكشف: إسرائيل أنهت بناء 4 قواعد عسكرية تتيح إقامة ...
- رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا يتسلم جائزة شارلمان لعام 2024
- -أعمارهم تزيد عن 40 عاما-..الجيش الإسرائيلي ينشئ كتيبة احتيا ...
- دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية تكشف عن عدد السكان
- مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟
- خبير عسكري: توغل الاحتلال برفح هدفه الحصول على موطئ قدم للتو ...
- صحيفة روسية: هل حقا تشتبه إيران في تواطؤ الأسد مع الغرب؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود الرشيدي - الخواطر بين العقل والخيال