أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - الكوخ














المزيد.....

الكوخ


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 7091 - 2021 / 11 / 29 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


{في بلاد بعيدة تقع على حدود تلال جرداء كانت تعيش عائلة أبو مرعي . أم مرعي لا تتذمر من زوجها ففي تلك البلاد توجد مساواة بين الرجل و المرأة ، حيث يعملان من طلوع الفجر حتى المساء . كان أبو مرعي يملك غرفة ترابية يسميها " الكوخ " نطراً لصغرها ، مساحتها لا تتجاوز ستة متر مربع مصفوف على جنباتها الفرش حيث ينام الجميع ويسهرون .
لا يوجد أعمال كثيرة في الشتاء ، فهم بأوون إلى الغرفة باكراً يشعلون المدفأة قليلاً حتى تدفأ الغرفة ، ويسترخون على فرشهم ،وأم مرعي تجلب بعض ماخبأته في الجدران فهي ماهرة ملآت الجدران بالكوات بعضها للملح وبعضها للبزر ، كما أنها تضع إبريق الشاي على المدفأة تضيف له السكر ، وتأتي بالخبز ، و بقايا الغداء فربما يكون من المحاصيل التي جففتها ويبسمل أبو مرعي ويتقدم من طبق القش كما يتقدم أولاده الستة بمنهى الأدب ، ويبقى الطفل الرضيع ، تصع له الوالدة قطعة راحة في قطعة من شاشية رأسها ويمص سعيداً. يستمر العشاء طويلاً حيث يفمس الأولاد الخبز بالشاي الحلو ، وعندما ينتهون من الطعام يشكر أبو مرعي الله أنه منّ عليهم بالعشاء ، وتفسل أم مرعي الكؤوس في عتبة المنزل حيث جهّز لها أبو مرعي سطلين من الماء من أجل الحاجة في الليل كي لا تخرج إلى البرد، ثم تحفّض الطفل وتضع تحته قليلاً من التراب الذي حمصته ، فينام نوماً هانئاً ، تعطي لكل طفل كمشة زبيب ، وقبل أن ينهونها تكون أجفانهم قد ذبلت .
كانت أم مرعي سعيدة بزوجها و أولادها وغرفتها وجنيها من الأرض ، وكبر الأولاد ، وكان أبو مرعي يحب العلم فأرسل مرعي إلى المدينة ، وكان يعتقد أن كل شيء سوف يسير على مايرام ، لكن الابن كان مبذراً ، ولا يهتم لأمر أبيه فأفقره وفيما بعد أرغمه على الهجرة إلى المدينة حيث عمل أبو مرعي أجيراً في أرض زراعية وربت أم مرعي عدة أغنام من أجل الحليب فهما لا يجيدان مهارات أخرى . في المساء كانا يتحدثان عن أيام البيت الترابي وطعم الشاي اللذيذ ، وكبر جميع الأولاد ، وفقد الأم والأب السيطرة عليهم ، فأصبحا يعيشان منفصلين، ولم يعد بينهما رائحة الآرض ودبّ الخلاف بينهما من أجل الأولاد ، وحينما بلغ أبو مرعي الستين أرغمه أولاده على إعطاءهم الأرض ، و أرسلوه لها مرّة أخرى ، لكنهم كانوا يأخذون المحصول ولا يتركون له سوى القليل ، إلى أن مرضت الأم ولم يكن حولها أحد من أبنائها ، ولم تذهب إلى الطبيب فماتت ، قال لها أبو مرعي عند خروجها من المنزل إلى الجهة الأخرى من العالم. هذه الغرفة الترابية أنت من صنعها ، وهذا المكان العامر فرغ إلى الأبد . توفي أبو مرعي بعد وفاة زوجته بعام واحد ، وبقي الأولاد يتفاخرون بأنهم رعوا أمهم و أباهم حتى الموت وعاملوهم أحسن معاملة . ذلك الكوخ الترابي بقي شاهداً ، لكن الحياة مستمرة و للأولاد مشاغلهم ، هجروا القرية ، و أصبح الكوخ مهدّماً بفعل الزمن ، ونسي الجميع قصّة أم مرعي وزوجها الذي كان يحبها ويفتخر بطعامها وخبزها فبعد موتها ل يستطع تذوّقِ} طعم الخبز . قال : هربت منا السعادة يوم تركنا الكوخ .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس للفقراء انتماء
- ليلتي
- انتهاء الصلاحية -9-
- انتماء النساء
- بعضهن نسويات
- تعدد الزوجات هو مؤسسة دعارة مجانية
- الجماهير غير قادرة على التّغيير في السودان
- كلنا شركاء في الجريمة
- هل سوف يتوقف نشاط حماس
- سيف الإسلام القذافي
- كلما جنّ الليل أجًن به
- انتهاء الصلاحية -8-
- غار عمري
- الانتحار الجماعي على الحدود البولندية
- مابعد غلاسكو
- نساء أمل -12-
- انتهاء الصلاحية-7-
- هل أنت مع السّنة ، أم مع الشيعة
- وهم الحبّ
- انتهاء الصلاحية -6*


المزيد.....




- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - الكوخ