أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - جان دمّو روحكَ مرفرفة فوقَ جبهةِ الشعرِ















المزيد.....

جان دمّو روحكَ مرفرفة فوقَ جبهةِ الشعرِ


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 489 - 2003 / 5 / 16 - 07:37
المحور: الادب والفن
    


          

مقاطع من أنشودة الحياة*

ـ الجزء الثالث ـ
( نصّ مفتوح)

.... ..... ....
جان دمّو
روحكَ مرفرفة
     فوق جبهةِ الشعر
أيّها المتمرّدُ في وجه الريح
أيّها المفهرس
     فوق أوجاعِ الوطن المذبوح
أيها الجامح
     فوق عذابات الروح

كم من مرّةٍ حلمتَ
    أن ترخي جسدكَ المثقل بالجراحات
          فوق الشواطئ الناعمة

آهٍ .. لماذا تهرب منّا شواطئنا
     نخاف أن نرخي أجسادنا
     المعفرّة بالأنين
          فوق رمالنا

 .. أين فرّت رمالنا
مَنْ أحرق خاصرات النخيل
ومَنْ رمى جان دمّو
     فوق رصيف المنافي؟

أيتها الصولجانات المتكلّسة
     بضجر الموت
أيّتها الأقبية الغافية
     فوق صدور الشعراء
زلزلي يا أرضُ زلزلي
ربّما تعبرُ بين أحشائكِ
     رعشة أملٍ إلى قلوبٍ متآكلة جوعاً
     شوقاً إلى الهواءِ العليل

مَنْ مِنَ البشر يعبرُ المنافي
تاركاً خلفه عظام الآباء والأجداد؟

آهٍ .. تفتَّت عظام الحضارة

مَنْ مِنَ الشعراء عبر المنافي
     حبّاً في المنافي

تشرُّدٌ في أزقة الوطن
دموعٌ تصبُّ بإشتعالٍ
     فوقَ قِبَابِ الحلمِ

وجنةُ طفلةٍ تنتظرُ كعكةَ العيد
يأتي عيدٌ ..
وقبلَ حلول الآباء
     بين أحضانِ الطفولة
تزمجر طائرات الشبح
ثعالبٌ تنمو من كلِّ الجهات

عيدٌ يتلوه عيد
وأزيزُ الرصاص ينهمر
     على أسمالِ جان دمّو
تتمزّقُ قصيدةً من لونِ التوجِّعِ
حسرةٌ تنمو في جبهةِ النهار

غبارٌ يعلو عباءة الليل ..
الشمسُ تغدقُ دفئها
     على جراحِ المكان

يأتي عيدٌ
ولعلعات الصواريخ
     جاثمة فوقَ بسمةِ الطفولة
     فوقَ وجعِ الإنتظار

عيدٌ مسربلٌ بكل أنواع الإنكسار
عيدٌ يعبر صحارى القلب ..
قلبٌ غارقٌ بأنينِ الحنينِ
أنين الحرمان من بهجةِ العيد
     من نكهةِ العيد

تضيقُ الدنيا في وجهِ الشعراء
فيحترفوا التسكّعَ تارةً
     والتشرّدَ طوراً

إنّه زمنُ العبورِ في وهادِ الإنشطار
إنشطارُ الشوق إلى هلالات قمرٍ
     إلى روحٍ ترغب أن تغفو
          فوقَ أعشابِ البراري

.. وبقدرةِ قادرٍ
تعبرُ يا جان
      الحدود المفخّخة بالآهات

كم ليلةٍ بائسة نامَت فوقَ ركبتيكَ
وأنتَ تحدّقُ في الفراغِ .. الفراغ؟

كم شاعرٍ آواكَ ..
كم مرّةً صرخَت
    في وجه سعدي يوسف
هذا البيتُ ليسَ بيتَكَ
إنّه بيتنا
بيتُ المتسكعين
بيتٌ يأوي التشرّد
يأوي جان دمّو بأسماله اليتيمة

كم مرّةٍ بصقت
     على قباحات هذا الزمان
كم مرّةٍ سخرت
     من أوباش هذا الزمان

كم مرّة رحّبتَ بفرحٍ
     وأنتَ تعبر ( مشفى المجاذيب!)
تهمس
إنها نعمةُ النعمِ مقارنةً بخنادقٍ
     مكتنـزة بالعناكب والموت المؤجّلِ

أنْ يرحّبَ شاعرٌ في مشفى (المجانين!)
معتبراً هذا النـزول نعمةً
     ولا كلّ النعمِ
أن يرحّب شاعرٌ في أزقّة هذا الزمان
بعيداً عن أحضانِ الأحبّة
هرباً من جلاوزة العصر

أن يفرحَ شاعرٌ لا يملكُ درهماً مبخوشاً
موجّهاً أنظاره
     إلى شعراءٍ من لونِ المحبّة
      من لونِ خصوبة الشعر
مرتمياً بين إنكساراتِ الشفقِ

أن يفرحَ شاعرٌ
     تاركاً خلفَ ظهره حقائب العمر
عابراً بهجة المسافات
تاركاً خلفه عظام الحضارة
      تطحن ما تبقى من لجينِ العمرِ
 
صارخاً في وجهِ الشعراء
أين قنينة الكونياك
ما هذا البخل ..

يحذِّرونه أن لا يشتم أحداً منهم
     أن يكون هادئاً
         طبيعياً
يُجحظُ عينيه
مشترطاً عليهم بعنجهيةٍ غارقة
     في بهجةِ التسكُّعِ
أريدُ كاساً من النبيذِ المسكّر أولاً
أريدُ أن أخرجَ أحزان العراق
     من هذا القفص العلويّ
واضعاً سبابته على صدغه
     الطافح بأوجاعِ النخيل

آهٍ .. إنّه زمن الإنزلاقِ
إنزلاقُ أسوار الحضارة
     نحوَ أبراجِ الجنِّ!

يختفي طوال النهار
هارباً من الخدمة الإلزامية
ساخراً من فكرةٍ الجيشِ
     فكرةِ الحروب

من فرقعاتِ الشعراء

يقهقه ملء فمه
عندما يسأله أحدهم عن شاعرٍ
تتعالى قهقهاته
ساخراً من شعراء
يحلمون بعطاءات الصحف الصفراء
     بكمشاتِ الزبيبِ

جان دمّو بين أيدي العسكر
يُقتَادُ إلى الخدمة
عابراً دون وجلٍ 
     دهاليز السجن

في ليلة قمراء
يسكر من عبث الحياة
     من تورّمِ أحشاء الوطنِ
يهمس بعبثيتهِ الجامحة
     في جوفِ التمرّدِِ
منادياً حارس الزنزانة ..
" هل لنا أن نستنشقَ رائحة البحر
     وفي الليل نسامرُ نجومَ السماءِ"
ذُهِلَ الحارس ..
أحلامٌ منشطرة من شقوقِ الزنازينِ
وجعٌ هائجٌ كأمواجِ الغابات

بعبثيّةٍ ساخرة إلى حدِّ الإندهاش
     يقلب صفحات الحربِ ..
يلملمُ شظاياها ثم يرمها
     في برازخِ البحر
 
نقلوه من أعماقِ الخنادقِ ..
أسندوا إليه آرشيف صحيفة البلاد
الحرب تغلي ..
قائمة فوقاني تحتاني
     مع جبهاتِ الفرسِ
يسأله مدير التحرير عن صورِ الحربِ
يجيبه بشطحةٍ إندهاشيّة
     صورُ أين حرب تريدُ؟

هل ذُهِلَ مدير التحرير
     من تفاقمِ سماكةِ الزنازين
          فوق أقداحِ الكونياكِ
أم أنه تاه هو الآخر
     في بؤرةِ شطحاتِ         
          أبو الأسمالِ؟

ذاتٌ متشظيّة
هاربة من لعلعات الحروب
عابثة في وجه الرماحِ

وجهٌ طافحٌ بالتمرُّدِ
     على سلطةِ الأبواطِ

يتلقّى حفنة قليلة من المالِ
من أختٍ
أرسلته من خلفِ البحار

ينظرُ بابتسامة ساخرة
     إلى حفنتهِ القليلة
يتذكّر شاعراً مقصوص الجناحين
يغدقُ عليه قميصاً
     من لون البحر
ثمَّ يشتري بما تبقّى
     ليتراً من الكونياكِ
يشربُ نخبَ الإنشطار
إنشطارُ الشعراء
إنشطارُ آبار الذهب الأحمق
إنشطار الروح في قبلةِ الأحزان

ثمَّ تعبر يا جان حدودَ التهميشِ
تحلُّ ضيفاً كثيف التسكُّعِ
     على صديقِكَ سعدي
آهٍ .. كم من التلظّي
     حتّى هاجَتِ البحار

كم نصٍّ كتبتَ في بيروت مقابل
     وجبة غذاءٍ أو عشاءٍ 
كم منـزلٍ عبرتَ دونَ تحفّظٍ
فارضاً تسكّعكَ على مائدة الشعرِ
كم دمعة  ذرفَ الأصدقاء
كم شهقة ألمٍ شهقَ الشعراء
كم مرّة صعدْتَ
     إلى سطوحِ منازلٍ
مرتمياً على صحفِ النهارِ
غافياً على أركانِ القصائد

أسمالُكَ يا دمّو في ذاكرتنا
     تسطعُ كالنيازكِ
          فوقَ قبابِ الغربة
     قباب الصداقة
     قباب فاضل العزّاوي

قصائدُكَ يا جان مفروشة
     على حافاتِ الشوقِ إلى ضفافِ دجلة
أسمالُكَ مسترخية بهدوء عميق
     بين أحضانِ الأب يوسف سعيد
شهقةٌ منبعثة من وجعِ القصائد
من وهجِ المسافات
من الشواطئ المتاخمة لأشجارِ النخيلِ

دمعةٌ من لونِ الطفولةِ طفحت
     من الأب يوسف سعيد
لااااااااااااااااااااه! .. قالها بغصّةٍ حارقة ..
ماتَ جان دمّو! ..
أيوه أبونا ماتَ صديق الشعر
ماتَ أبو التسكّع
ماتَ صاحبُ الأسمالِ
ماتَ في أعماقِ المنافي!

ترقرقت دموعٌ تشبه حبيات الشعر
     من براءةِ الكهولةِ
     من مصداقيةِ الشعرِ

أرجحُ الظنِّ
سيلقي الأب يوسف سعيد
     على روحكَ كلمة التأبين
كما ألقى على روح الجواهري

آهٍ .. ويصرخ العراق
بعد أن تنفّستِ الجبال
وتبرعمَ في عمقِ الوهادِ
     عشبة الخلاص
 ماتَ جان دمّو على قارعةِ المنافي
وحيداً في غرفةٍ مليئة
     بأحلامِ الشعرِ
جان دمّو قصيدةُ شعرٍ نازفة
     على وجنةِ العراقِ ..
...... ..... ..... .....


* أنشودة الحياة: نص مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء كلّ جزء بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء الثالث، حمل عنواناً فرعياً، "جان دمّو، روحكَ مرفرفة فوق جبهة الشعر"!

ستوكهولم: 9 . 5 . 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
 


 


 



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفل والأفعى ................. قصة قصيرة
- أنشودة ـ 2 ـ ص 149 ـ 150
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 146 ـ 148
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 143 ـ 145
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 140 ـ 142
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 137 ـ 139
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 134 ـ 136
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 131 ـ 133
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 128 ـ 130
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 125 ـ 127
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 122 ـ 124
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 119 ـ 121
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 116 ـ 118
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 113 ـ 115
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 110 ـ 112
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 107 ـ 109
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 104 ـ 106
- أنشودة الحياة ـ 2 ـ ص 101 ـ 103
- أنشودة الحياة ـ 1 ـ ص 87 ـ 100
- أنشودة الحياة ـ 1 ـ ص 94 ـ 96


المزيد.....




- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - جان دمّو روحكَ مرفرفة فوقَ جبهةِ الشعرِ