أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصعب قاسم عزاوي - وعي الإنسان المظلوم














المزيد.....

وعي الإنسان المظلوم


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 7086 - 2021 / 11 / 24 - 15:05
المحور: سيرة ذاتية
    


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: ما هو الحدث الأهم في حياتك والذي تعتقد أنه قد ساهم في تشكيل نهجك الفكري ومنظارك لمقاربة العالم؟

مصعب قاسم عزاوي: الإنسان وخاصة الدماغ البشري منظومة معقدة ومتداخلة وغير ناجزة تقوم بتعديل منظارها وآلية تفسيرها للعالم والأحداث التي تجري معها بشكل مستمر بالاستناد إلى آليات تصنيفية معقدة يشترك فيها كل أجزاء الدماغ القديم الذي يشترك به البشر مع كل أسلافهم من الحيوانات، بالتعاضد مع الدماغ الجديد الذي يتفوق بقشرته الدماغية المتطورة بنيوياً ووظيفياً البشر عن أسلافهم من الحيوانات الأخرى بشكل كبير.
وتمثل اللوزة والحصين في الدماغ القديم لبني البشر مخزن الذكريات ومستودع تسجيل الرضوض النفسية في محاولة من الدماغ لعدم الوقوع بها مرة أخرى، وهو ما يستدعي دوام تفعيل تينك البنيتين التشريحيتين من الدماغ بشكل دائم في حال كان الرض النفسي شديداً، كما لو أن الدماغ يريد من صاحبه عدم نسيان الرض النفسي العنيف الذي تعرض له لكي يبقى متيقظاً ومتنبهاً دائماً لمحاولة تجنب الأسباب التي أدت لتشكل ذلك الرض النفسي في الأساس.
وللأسف فإن تلك الآليات الدفاعية الدماغية لا تفلح في الكثير من أحياز حيواتنا المعاصرة التي يصعب على الإنسان المقهور فيها التحكم بمفاصل ومآلات حياته والمسارب التي سوف تسري فيها، وهو ما ينتج عنه شيوع وقوع اضطرابات الشدة ما بعد الرض Post Traumatic Stress Disorders (PTSD) لدى الكثير من البشر بأشكال ودرجات مختلفة تتراوح بين الطفيفة التي يمكن لصاحبها التكيف معها، وبين الشديدة المعقدة التي تحول حياة الإنسان إلى كابوس مقيم لا يستطيع الخروج منه في ليله أو نهاره. وقد يستقيم القول بأن كل المقهورين المظلومين المستضعفين في العالم العربي الذين خبروا معنى تغول الدولة الأمنية وآلياتها على كل مفاصل حيواتهم قوتاً وعملاً وأحلاماً ومستقبلاً لا بد أن يعانوا بدرجة ما من متلازمة الشدة ما بعد الرض PTSD حتى لو تكيفوا معها واستبطنوها واعتبروها جزءاً عضوياً من طبائع الأمور وعلائق حياة القهر والاستبداد والاستعباد التي يعيشونها.
وعلى المستوى الشخصي فإن تجربتي لا تختلف كثيراً عن أي مقهور مستضعف مظلوم في العالم العربي خبر على جلده معنى عسف الأنظمة الشمولية وأجهزتها الأمنية بشكل عميق من الصعب إمحاء ندباته مع مرور السنين والعقود. وأظن أن ملمة اعتقال والدي في مطلع ثمانينات القرن المنصرم، وأنا طفل لم أكمل العام الحادي عشر من عمري في أعتى فروع الاستخبارات العسكرية لنظام الاستبداد الأسدي في سورية الصغرى، والذي أرغمني على التحول بين عشية وضحاها إلى رجل بقوة الضرورة مسؤول عن تأمين متطلبات حياة أخوته بعد أن انفض كل الأقربين والأبعدين خوفاً على أنفسهم من الاقتراب من عائلة معتقل سياسي قد يعني الاقتراب منه تواطؤاً مضمراً أو مشهراً أعقابه الويل والثبور في القاموس الأمني لدولة الاستبداد والاستعباد. وأظن أن تلك المعاناة لم تختلف عن معاناة كل المظلومين في سورية بعد انقلاب البعثيين الأول في العام 1967، وانقلاب حافظ الأسد على رفاقه من البعثيين لاحقاً في العام 1970 وتأسيسه لدولة شمولية أقرب ما تكون إلى ملكية مطلقة لعائلة الأسد على طريقة الملكيات المطلقة في العصور الوسطى. وتلك المعاناة التي كابدتها في طفولتي توطدت في وجداني عبر ما من تعرضت له لاحقاً من اعتقالات وتحقيقات متكررة على امتداد حياتي في «مملكة النظام الأسدي» مررت فيها على سلسلة طويلة من أفرع الاستخبارات العسكرية و الأمن السياسي وأمن الدولة وحتى الأمن الجوي التي كان عددها يفوق أعداد المشافي و المدارس في سورية الصغرى؛ متهماً بأي من التهم الجاهزة لتكميم الأفواه و العقول من قبيل شتم رئيس الدولة، واستشراب الأفكار اليمينية العفنة، والنيل من هيبة الدولة، ومقاومة النظام الاشتراكي، وإضعاف الثقة بالاقتصاد القومي، ووهن عزيمة الأمة، و جميعها معد للاستخدام الآلي في منظومات الدول الأمنية الفاشية مع كل من لم ينظر إليه بأنه «شاة لا تهش و لا تنش» من قطيع العبيد المقهورين الذين لا خيار لهم سوى بالتسبيح بحمد «القائد المفدى»، و الانخراط في حزبه البعثي «التلفيقي» المفرغ من كل مضامين شعاراته الرنانة، و هو الحزب «قائد الدولة و المجتمع» الذي أصبح الانضمام إليه بمثابة الشرط اللازم للانخراط في عديد قطيع «الشياه البشرية» التي لا خيار لها «سوى المشي بجانب الحائط و الدعوة بالستر»، و الذي كان يعني عملياً الدعاء بتأخر دورهم في الحضور إلى مسالخ الدولة الأمنية وسراديب قمعها وأدوات تعذيبها الذي لا حدود لوحشيته، و هو الشرط الذي لم أخضع له مدفوعاً بشكل من «الكبرياء الدونكيشوتية» التي دفعت ثمنها غالياً بلحمي ودمي و صحتي في الدهاليز و المعتقلات الأمنية، و هو الثمن الذي كان لا بد من دفعه بعد أن أصبحت «شاة شاردة ضالة» في أوقات متعددة من حياتي الدراسية في سورية «الأسدية» خاصة حينما أصبحت الطالب الوحيد في المدرسة الثانوية، و الطالب الوحيد في كلية الطب التي كنت أدرس بها، و الذي لم يكن عضواً في حزب البعث العربي الاشتراكي، و الذي لم يكن من اشتراكية فيه سوى مبدأ التشارك بنفس المستوى من الاستبداد و القهر و الإذلال بين كل «المواطنين الشياه» الخاضعين لسلطته و دولته الأمنية.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسببات البيئية لاعتلالات الغدد الصماء والاضطرابات التناسلي ...
- عن الاتساق الفكري وحق تقرير المصير
- كيف يَدْرِسُ العلماء وظائف الدماغ البشري
- مسألة الشعب الكردي المظلوم
- هل من ترياقات صالحة لعكس مفاعيل الشيخوخة؟
- الدور السلبي للبرجوازية الدمشقية في سياق الثورة السورية
- كيف تتفاعل مورثات وخلايا البدن مع المؤثرات البيئية؟
- إرهاصات ومفاعيل حرب الخليج الأولى
- مفاعيل الضغط والتوتر النفسي على الصحة العقلية والبدنية
- عوار الأمم المتحدة والقانون الدولي
- مفاتيح جوهرية لترقية الصحة
- جرائم الإبادة الجماعية
- الميل الطبيعي للسَّلْمِ والسلام
- هل الأدمغة الأكبر حجماً أكثر ذكاءً؟
- الحروب والخلافات البينية العربية
- سبل التكيف المثلى مع شيخوخة الجسد
- مفاعيل النظام العالمي الأشوه
- دور السموم البيئية في سُعَارِ الوباء الكوني لبدانة الأطفال
- العرب ولعنة النفط
- آفاق الإعلام البديل


المزيد.....




- حفل -ميت غالا- 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمر ...
- خارجية الصين تدعو إسرائيل إلى وقف الهجوم على رفح: نشعر بقلق ...
- أول تعليق من خارجية مصر بعد سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطي ...
- -سأعمل كل ما بوسعي للدفاع عن الوطن بكل إخلاص-.. مراسم تنصيب ...
- ذروة النشاط الشمسي تنتج شفقا غير مسبوق على الكوكب الأحمر
- مينسك تعرب عن قلقها إزاء خطاب الغرب العدائي
- وسائل إعلام: زوارق مسيرة أوكرانية تسلّح بصواريخ -جو – جو- (ف ...
- الأمن الروسي: إسقاط ما يقرب من 500 طائرة مسيرة أوكرانية في د ...
- أنطونوف: روسيا تضطر للرد على سياسات الغرب الوقحة بإجراء مناو ...
- قتلى وجرحى خلال هجوم طعن جنوب غرب الصين


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصعب قاسم عزاوي - وعي الإنسان المظلوم