أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فُتوح - العلمانية صمام أمن للمجتمع وشرط للتقدم















المزيد.....

العلمانية صمام أمن للمجتمع وشرط للتقدم


محمد فُتوح

الحوار المتمدن-العدد: 7084 - 2021 / 11 / 22 - 00:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلمانية صمام لأمن الوطن ...
وشرط للتقدم
من الأخطاء الشائعة التى اعتاد عليها أغلب الناس ، أن العلمانية هى بالضرورة ضد الدين ، وهذا الفهم الشعبى السائد هو ما يقف حجر عثرة ، ضد انتشار الفكر العلمانى .
أما حقيقة الأمر فإن قيام نظام علمانى فى دولة ما ، يعنى أن تسير كل أمور الدولة بقوانين إنسانية نسبية وضعية قابلة للصواب والخطأ ، وفى حالة الخطأ يقوم واضعو هذه القوانين بتعديلها لما فيه مصلحة كل مواطن ومواطنة ، من تحقيق للعدل والمساواة والحرية ، ويكون ذلك عن طريق الديمقراطية.
فإذا كانت الدولة دينها الإسلام ، فهذا لا يعوق العلمانية ولا يضير الإسلام فى شىء.
فالفكر العلمانى يرى أنه يجب الفصل بين دين الدولة والنظام السياسى ، فالإسلام كدين يتصف بأنه مطلق ولا يجوز له الدخول فى السياسة التى تتصف بالنسبى ، أما إذا دخل الدين فى السياسة فسوف يحدث تعارض منطقى وجوهرى ، إذ كيف نطبق ما هو مطلق على ما هو نسبى متغير.
إن الدين كعقيدة مطلقة ، يصبح علاقة خاصة جداً بين الإنسان وربه ، والعلمانية تبقى نظاماً للقوانين الوضعية تتصف بالنسبية والتغير.
نحن هنا لا نتحدث عن ظاهرة جديدة ، أو بدعة من البدع ، فأغلب الدول المتحضرة والمتقدمة قد أخذت بالنظام العلمانى .
لقد سيطرت الكنيسة على الفكر السياسى فى أوروبا لقرون عديدة ، فى ظل هذه السيطرة والتزاوج بين الكنيسة والملوك وأمراء الاقطاع ، حيكت المؤامرات وانتشر الظلم والفقر وفسدت الحياة السياسية وعمت الفوضى . ولم ينتشل أوروبا من هذه الأحوال البائسة ، إلا تحجيم شئون الكنيسة ، وفصل الدين عن الدولة.
إن أكثر الأمثلة التى تبرهن على التزاوج والتعايش بين الإسلامى ، كعقيدة وبين العلمانية كنظام للحكم هو تركيا . فهى دولة مسلمة أما دستورها فهو علمانى . وفى الفترة الأخيرة نجد أنها تتصدى وتدافع عن هذا النظام العلمانى بضراوة ، تدافع عن كل ما ينال من هذا النظام ، ضد الأحداث الصغيرة قبل الكبيرة . فقد رفعت بعض المحجبات دعاوى بسبب منعهما من دخول الامتحان ، وهن يرتدين الحجاب وحكم القضاء التركى بعدم أحقيتهما فى دعواهما ، لأن هذا يعد انتهاكاً للدستور العلمانى ويتعارض معه .
أما هنا فى مصر فالمنقبات وليس المحجبات ، يرتدين هذا الزى الأسود ويعملن فى المصالح الحكومية والمؤسسات العامة ويقدن السيارة ، ولا أحد يعترض . بل هناك منْ يرى أنه الزى الشرعى الاسلامى الواجب فرضه . ولا يخفى على أحد أن هناك جرائم بشعة ، تحدث بسبب التخفى وراء هذا النقاب.
إن الفكر العلمانى ، هو الوحيد الذى يتكفل بحماية الإنسان من التعصب على أساس الدين والعرق والجنس والطائفة ، أما منْ يستندون على المرجعية الدينية ، فهنا أرض خصبة ينتعش فيها التعصب ، وينفى الآخر المخالف فى الرأى وفى العقيدة.
ولنا أن نتأمل ما يحدث موخرا فى بعض البلاد العربية ، حيث المرجعيات الدينية المختلفة والتى تلقى بالزيت على النار فتشتعل الحرائق وتشن حرب المساجد ويتساقط الضحايا بحجة الدفاع عن الدين ، وتتزايد شلالات وبحور الدم التى يغرق فيها أهل البلد الواحد سنة وشيعة ، الكل يذبح بسكين واحدة ، داخل البلد الواحد .
أصبح التعصب ناراً تشتعل فى القلوب والعقول. كل صبح وكل مساء ، يتولد طوفان من الحقد والغل والضغينة ، من أجل الصراع على السلطة . الكل قد أصيب بالعمى ، لا يرى أى شىء إلا لون الدم ، وبقايا الأشلاء البشرية المتناثرة.
الدين الذى يفترض أنه يجمعهم قد فرقهم ، بل شتتهم إلى أحزاب متنافرة يصرع كل منهم الآخر على مذبح السياسة ، والنتيجة الفادحة المأساوية ، هى آلاف الضحايا التى تروح هدرا ، فى مشاهد حروب أهلية .
وقد أرى مع البعض ، أن أمريكا وبريطانيا وراء الكثير من عوامل التفرقة هذه . ولكن هذا ليس مبرراً لأن ينساق المسلمون إلى التقاتل بسبب الدين والمذهب والطائفة . فالعيب ليس فى الجهات الأجنبية المحرضة ، بقدر ما هو فى المسلمين الذين أصبحوا طمعاً سائغاً و أوراقاً مكشوفة تقرأ بسهولة ، وبنى هشة وضعيفة يسهل كسرها وهدمها ، بل وتحطيمها على محك المبدأ الميكافيللى " فرق تسد ".
إن العلمانية هى صمام الأمن والأمان ، فهى التى تحول دون حدوث هذه الأحداث الدموية ، لأن هناك قانوناً يحكم الكل ، على اختلاف مشاربهم وطوائفهم ، فلا مجال للفتن الدينية والمذهبية والطائفية ، والاختلافات العرقية والجنسية.
فى مصر إذا كنا نريد لهذا البلد أن يتخلص من الإرهاب بأسم الدين وأن يتقدم بخطى واثقة نحو المستقبل ، فلا مناص إلا من الأخذ بالنظام العلمانى ولكى نخطو خطوات حقيقية فى هذا الاتجاه ، فلابد أن تمحى الديانة من البطاقة الشخصية والإبقاء فقط على الجنسية المصرية. فنحن نتساوى فى المواطنة ، مهما اختلفت عقائدنا مسيحية كانت أم مسلمة أم يهودية ، أو غير ذلك من المعتقدات الأخرى ، أو منْ ينتمى الى اللادينية .
إن أغلب الناس عندما يدركون أن العلمانية ليست ضد معتقداتهم الدينية ، بل هى مع مصلحتهم وحريتهم ، فلن يرفضوها بل سيرحبون بها . ولكن منْ يعارض الفكر العلمانى هم من يريدون أن يستخدموا الدين للوصول إلى السلطة وكرسى الحكم.
لقد حاولت الدولة الترويج للفكر الدينى فى وسائل الإعلام المختلفة على حساب الفكر العلمانى . الأمر الذى أفرز صنوفاً من العنف الجسدى والفكرى ، عانى منها المصريون ومازلنا نعانى منها حتى الان.
من هنا لابد أن تسلك الدولة بطريقة مغايرة لإبراز إيجابيات الفكر العلمانى . ولا يكفى الدور الذى سوف يقوم به الإعلام الرسمى ، بل يجب البحث عن آليات جديدة من خلالها يمكن تفعيل الفكر العلمانى بحيث يدخل فى النسيج الفكرى والثقافى للإنسان المصرى البسيط ، بانشاء صحف ومطبوعات من أجل هذا الغرض ، ويا حبذا لو تحمس بعض رجال الأعمال المستنيرين وقام بإنشاء قناة تليفزيونية تنشر هذا الفكر ، وذلك على غرار القنوات الدينية التى انتشرت فى الآونة الأخيرة ، وذلك بالإضافة إلى تنشيط وتفعيل المنظمات والجمعيات الأهلية المهتمة بهذا الغرض والترويج للمجتمع المدنى.
وكلك التواجد بجانب الناس فى وقت الأزمات ، والبحث عن حلول تخفف من معاناتهم المادية كالفقر والبطالة ومشكلات السكن . فإلى جانب التركيز على نشر الفكر العلمانى ، يجب التركيز أيضاً على أقوات الناس ، حتى يصدقوا ويؤمنوا بما يقال ، وهنا أتذكر مقولة غاندى الشهيرة " إذا كان الله يريد أن يؤمن به الناس فى الهند فليظهر على شكل رغيف من الخبز ".
إن حديث البعض عن إنشاء دولة دينية ، هو فى حقيقة الأمر ليس إلا اجتراراً للماضى الذى أثبتت كل التجارب فشله .
لم يعد لدينا وقت نضيعه ، أكثر مما ضاع ، فى الجدل العقيم ، والعالم من حولنا ، يقفز قفزات هائلة ومتسارعة نحو التقدم العلمى فى شتى المجالات .
نحن نجلس على قارعة التاريخ ، لا نمتلك غير الحناجر المتعصبة ، نتراشق بالكلمات ، وننثر دماء الذبائح البشرية ، ونلعن الغرب فى كل صباح ومساء ، ونعلق عليه شماعة فشلنا وتخلفنا وتأخرنا.
من كتاب " أمركة العالم .. أسلمة العالم منْ الضحية ؟ " 2007
------------------------------------------------------------------------



#محمد_فُتوح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لولا ثورة 23 يوليو 1952 ما كنت تعلمت
- امامة المرأة للصلاة ... نساء تستعذبن الصفوف الخلفية
- الاسلاميون فى تركيا وتعريض المكتسبات العلمانية للخطر
- حفيدات حسن البنا
- الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى
- الجماعات الاسلامية والصيد فى الماء العكر
- ثقافة الحجاب والوعى الزائف للمرأة
- - ثقافة القبح - تفسد حقوق المواطنة
- متى ندفع الثمن لنستحق الديمقراطية أو العدالة أو الحرية ؟؟
- مروجو الفتاوى واحتلال الاسلام الشكلى الخليجى والأفغانى لمسلم ...
- مجهولو النسب .. ضحايا غياب العدالة
- للزوجات فقط .. نصائح للسعادة الزوجية منتهية الصلاحية
- تطبيق الشريعة الاسلامية فى بلاد الأمريكان
- الشرط الأوسط .. الشرع الأوسط .. الشرخ الأوسط الجديد ؟؟!!
- النقاب أهو معركتنا الجديدة ؟؟؟؟.
- اختلاف الفقهاء ليس رحمة ولكن تخبط
- تنويعات على لحن الصمت العربى
- الفكر الوهًابى الارهابى يجتاح مدارسنا
- - أمى - وأنا فى مجتمع ذكورى
- لهذه الأسباب يكرهون ويقهرون


المزيد.....




- فلسطين.. ملثمون يعتدون بالضرب على رئيس بلدية الخليل أثناء خر ...
- سوريا: وزيرا الداخلية والعدل يتعهدان بمحاسبة المتورطين في حا ...
- وفاة شاب داخل المسجد الأموي بدمشق.. والداخلية السورية تعلّق ...
- اعتقال حاخامات يهود خلال احتجاجات في واشنطن ونيويورك للمطالب ...
- زياد الرحباني.. خاطب الوعي وانتقد الطائفية بأعماله الفنية
- وزير التراث الإسرائيلي يدعو لاحتلال قطاع غزة كاملا والتخلي ع ...
- خارج الحدود.. الإخوان يعيدون تشغيل -ماكينة التحريض- ضد مصر
- قصة النفوذ اليهودي في بنما
- موقع أميركي: الكنيسة العالمية فشلت بواجبها إزاء الإبادة في غ ...
- منذ “الربيع العربي”.. هل تمكنت دول الخليج من تحييد الإسلام ا ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فُتوح - العلمانية صمام أمن للمجتمع وشرط للتقدم