أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد عبد اللطيف سالم - سياسات وسلوكيّات وسيّارات وخرابٌ شامل














المزيد.....

سياسات وسلوكيّات وسيّارات وخرابٌ شامل


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 7077 - 2021 / 11 / 14 - 14:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نحنُ بأمسّ الحاجة الآن إلى دراسة "اجتماعية – سايكولوجية" تعمل على تحليل وتفسير سلوك العراقيّين في رغبتهم "الجامحة" لحيازة سيّارة"صالون" لكل فرد من أفراد العائلة.
للأمّ سيّارة ، وللأبّ سيّارة ، ولكل إبنٍ وبنتٍ سيّارة .. و للكنّاتِ أيضاً سيّارات.
فلو كانت لدينا أسرة تتألّف من خمسة أشخاص يسكنون في بيتٍ واحد، سيكونُ لدينا خمس سيّارات .. وإذا افترضنا أنّ هؤلاء جميعاً يعملون (ويدرسون) في مكان واحد ، أو في أماكن متقاربة ، فإنّ خمس سيّارات ستغادر البيت صباحاً ، لتذهب إلى ذلك المكان، أو تلك الأمكنة ، وليس سيّارة واحدة فقط ، تتسّع لخمسة أشخاص ، وتستطيع إيصالهم إلى حيث يريدون بسهولة.
ولهذا "تتناطَحُ"(وليس "تتزاحم") في "العاصمة" بغداد وحدها حوالي ثلاثة ملايين سيّارة ، تسيرُ فوق شوارع لا تتسّع لأكثر من 300 ألف سيّارة .. شوارع يعود أحدثها الى بداية الثمانينيات من القرن الماضي .. شوارع لا تصلح حتّى لسير العربات الرومانيّة والفرعونيّة "المُقاتلة".. شوارع تُحاذيك عند سيركَ فيها عربات الحمير والأحصنة ، وعشرات الآلآف من "التكاتك" و "الستّوتات" و "السايبات" و"الكيّات" ، والدرّاجات الناريّة و "النفّاثة"، وناقلات الجنود المُدرّعة ، و"الهمرات" ، وشاحنات "قاطرة ومقطورة" تتسابق معك على سلوك الجانب الأيسر من الطريق ، بحمولتها الشاسعة ، وإطاراتها المخيفة ، وأبواقها المرعبة ، والويل لك إذا فكّرت بتجاوزها ، أو سوّلتْ لك نفسكَ تنبيه سائقها إلى سلوك الجانب الأيمن من الطريق.
شوارعَ يقفُ فيها من يُريدُ الوقوف بسيّارتهِ ، أينما أراد الوقوف .. لا حسيبَ ولا رقيبَ ولا رادع .. شوارعَ تتناثرُ الأنقاضُ من سيّارات الحمل فيها وسط الشارع ، وتبقى تتطاير في الطريق "العامّ" على امتداد عدّة كيلومترات، بينما شرطيّ المرور المسكين باتَ يخاف من جميع "السوّاق" ، أو يتظاهرُ بأنّهُ غير موجود ، كتجسيدٍ صارخ لغيابِ "دولتهِ" الهشّة ، وقانونها المُلتَبِس ، وضعفها في بسط سلطتها (غير العادلة) بين الناس.
شوارع يرمي عليكَ "قادة" السيارات فيها ، أعقاب سجائرهم ، وقناني ماءهم ، وأكياس"جبسهم" ، و "قواطي" بيرتهم ، و بقايا "لفّاتهم" ، و"كلينكس" مخاطهم ، بل ويبصقون عليكَ أحياناً .. فيلتصقُ كلّ ذلك بزجاج سيّاراتك الأمامي ، وما عليك إزاء ذلك ، سوى أن "تبلعَ" و تسكت .. والويل لك إذا أبديتَ مجرّد سخطكَ على تصرّفاتٍ "قياديّة" مُشينةٍ كهذه.
شوارع تنامُ (وترعى) على ضفافها "الطليان" في "جوباتها"المُنيفة ، ويخترقُ "البعرور" برائحته الباذخة ، أنفكَ "المتروس" غباراً وصوفاً و"عوالقَ" أخرى .. بينما سلع الدكاكين تُغطّي الأرصفة، وسكّان العراق جميعهم يتمايلون وسطَ الشارع (كالزومبيّات)، ويُبحلِقونَ مُتجَهّمين، في وجهكَ الباسم.
شوارعَ تصُبُّ فيها عشرات الآلآف من سيّارات المحافظات يوميّا ، وكأنّ كلّ هذه المحافظات تعيشُ وتعملُ وتدرسُ في بغداد .. و حيثُ لا يوجد أيُّ منفذٍ غير شارعٍ "رئيسٍ" واحدٍ للوصول، وحيث لاتوجد لا جسور"حوليّة"، ولا مترو ، ولا قطارات "زاحفة" أو "مُعلّقة" ، ولا باصات للنقل العام .. والكلّ يتجّه الى مركز العاصمة، وكأنّهُ الثقب الأسود للكون.
ونحنُ أيضاً بحاجةٍ ماسّة لدراسةٍ اقتصاديّة ، توضّحُ لنا دور وزارة التخطيط في التحسّب لذلك .. وسلوك وزارة النقل لفشلها الذريع في التقليل من الضرر الجسيم المترتّب على ذلك .. و"تواطؤ" وزارة التجارة من خلال سماحها باستيراد هذا العدد الهائل من سيّارات الصالون .. وإيضاح الدوافع والمبررات التي تجعل البنك المركزي العراقي "يغضّ النظر"عن سلوك المصارف التجارية(الحكومية والأهلية)وهي تقوم بتسليف الأفراد على نطاق واسع لشراء السيّارات الخاصّة ، وكأنّ لا وجود لأي تسهيلات مصرفيّة إلاّ لتمويل هذا"النشاط" حصراً، ولا وجود لسياسة تقوم على تحديد "سقوف إئتمانيّة" مُلزِمة للمصارف ، وضابطة لعملها في حقل اختصاصها الرئيس ، وهو تقديم"الإئتمان" بهدف الإستثمار في فروع النشاط الإنتاجي الرئيسة ، وفي الخدمات المرتبطة بهذا النشاط ، في بلدٍ يُعاني من خرابٍ شبه تام ، وشبه شامل.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبز الفقراء وكعكة الفئة الغاشمة
- وزارة للتعاسة الوطنية في العراق
- مدرسة الطين الرديء و الدشاديش الصديقة
- تعويضات العراق الشقيق لدولة الكويت الشقيقة
- نماذجَ العَيْشِ والحُكم في عراق الرماد
- ورطتنا و ورطة جورج قرداحي و ورطة لبنان
- الشِيّاح - عين الرُمّانة .. الرشاد - نهر الإمام
- عندما تكونُ دكتوراً في العراق العظيم
- كما يقولونَ في الإقتصاد
- تارا التي لا تُحِبُ الجنود
- الفائز في الإنتخابات والحكومة القادمة والتعافي الإقتصادي في ...
- جدل الإنتخابات.. جدل الضرورات.. جدل التغيير
- صوِّتوا لاُمّي .. صوِّتوا لسيّداتِ الهموم
- أهمُّ الإنتخابات الشائِنة ، و آخرُ الإنتخابات المُشينة
- إنتخابات و تصويت خاص و طائرات مقاتِلة .. وجمعة مُبارَكة
- عن مستوى الخطاب السياسي الراهن في العراق
- تصريحات بوريس جونسون-الإفتراضيّة-حول-العيد الوطني- للعراق
- الموتُ أهونُ من -خَطِيّة-
- البكاءُ أقدمُ من التمر
- الولايات المتحدة الأمريكيّة وأفعالها المُدهشة في أفغانستان و ...


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد عبد اللطيف سالم - سياسات وسلوكيّات وسيّارات وخرابٌ شامل