أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - عندما تكونُ دكتوراً في العراق العظيم














المزيد.....

عندما تكونُ دكتوراً في العراق العظيم


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 7057 - 2021 / 10 / 25 - 15:09
المحور: كتابات ساخرة
    


بلدٌ يعاني من الفوضى، في الكثيرِ من التفاصيل.
بلدٌ يشبهُ المزبلة، في أكثرِ من مكانٍ، وعلى أكثر من صعيد.
بلدٌ لا يحترِمٌ فيهِ أحدٌ "القانون"، ولم يسمع الكثيرون من "سكّانِه" بشيءِ يُدعى "القانون".. وعندما تؤكّد لهم وجود شيءٍ كهذا، يضحكون عليك، ويهزّون أيديهم ساخرينَ من "جمهوريتّك الفاضلة"، التي لا توجدُ إلاّ في عقلكَ الذي عفا عليه الزمن.
بلدٌ يفتقرُ إلى أبسط مقوّمات العيش الكريم، والسلوك اللائق، وإلى الحد الأدنى من الذوق العام.
ومع ذلك، حين يتمّ حشرك في الزحام، فلا يمكن لك أن تتقدّم خطوةً واحدة، ولا أن تتراجعَ خطوتين، فتحاولُ أن تستدير بسيارتكَ عشرين متراً للوصول إلى حيث تعمل(وأمامك طابورٌ من السيارات يُحاولُ فعل الشيء نفسه للخلاص من هذا الكابوس).. يُسمَحُ لهذا "الطابور" كلّهِ بالمرور .. عداك .. و تظهرُ أمامكَ فجاةً "دولةُ" العراق"الغائبة"بكامل زينتها.. وتقفُ في وجهكَ في تلكَ اللحظةِ السخيفة كلّ"المؤسّسات": شرطيُّ النجدة، وكادر"الهمر" المُتقدّم، و رجلٌ سكرانٌ يتمدّدُ بحبورٍ في"الجزرة الوسطيّة"، و"يعفِطُ" لك .. وسائق التك تك، وحُرّاس البوّابات، وصاحب "جوبة الطليان" المحاذيةِ للكليّة.
كلّ هؤلاء يصرخونَ ، ويهتفون في وجهكَ بأعلى ما في حناجرهم من صياح: هاي شنو .. هاي وين رايح .. مو إنتَ "دكتور" !!
هناك كائنٌ وحيد ستفتقدهُ في هذا "العُرس"، وتتمنّى لو كان موجوداً ليصرخ بدورهِ في وجهك، وهو شرطيّ المرور، الذي سيكون الغائبَ الرئيس عن هذه المعمعة(حيث تختفي شرطة المرور عادةً عندما تحتاجُ إليها الناس"الهائجة"، في أوضاعٍ "كسيفةٍ" كهذه).
لماذا أنا وحدي أكونُ "دكتوراً" في "زفّةٍ" كهذه .. وكيف عرف هؤلاء جميعاً أنّني "دكتور"؟
وكيف يُمكنُ لي أن أتصرّفَ كـ "دكتور"، و"أستاذ"، بينما تُحاصرني الرثاثة من الجهات الأربع؟
لماذا يجبُ عليّ أن أتصرّف وحدي كـ"دكتور"، و"أستاذ" دون جميع الناس، وأن أدفعَ وحدي ثمناً فادحاً لهذه"الدكترة" التي لاهيبة لها ولا قيمةَ، ولم يعُد الناس يحترمونها، ولا يشتروننَ "حاملها" بـ"فِلسَين"؟
وقفتُ مرّةً في "طابورٍ" لإنجاز معاملةٍ عاديّةٍ في"دائرةٍ" خدميّة، في درجة حرارة بلغت ستّين مئوي تحت شمسِ العراق العموديّةِ "الساطعة".. وبقيتُ واقفاً هناك كالبغل لساعات، وأنتهى دوام الموظفين، وعُدتُ الى البيتِ خائباً دونَ أن أحصلَ على أيّ شيء، وتكادُ الدمعةُ تطفرُ من عيني، لأنّ لا أحدَ كان يحترمُ ذلكَ الطابورَ"الخامسَ" سواي.
إمْنَحني بلداً يحترِمُ نفسهُ و"مواطنيه" ، ولا ينتَقِصُ من كرامتي ، ولا يُعرّضُني إلى الإذلال ، وسأكونُ عندها "دكتوراً" ، و "اُستاذا" ، و "مُربيّاً للأجيال".
أنا لا أستطيعُ أن "أُرَبّي الأجيالَ"،في بيئةٍ خسيسةٍ كهذه.
إنّ أقصى ما يمكنُ لي تقديمهُ لطلبتي (وأنا أقفُ أمامهم مُنهكاً وذليلاً و مُحبطاً ومكسور الخاطر)، هو أنْ أُعلّمهُم كيف يُمكِنُ لهم أن يكونوا قادرينً على التكيُّفِ مع ما تفرضهُ عليهم هذه البيئة السامّةِ والمسمومة من هموم، وكيفُ يُمكِنُ لهم تضميدَ ما يمكنُ أن تلحقهُ بأرواحهم من ندوب.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كما يقولونَ في الإقتصاد
- تارا التي لا تُحِبُ الجنود
- الفائز في الإنتخابات والحكومة القادمة والتعافي الإقتصادي في ...
- جدل الإنتخابات.. جدل الضرورات.. جدل التغيير
- صوِّتوا لاُمّي .. صوِّتوا لسيّداتِ الهموم
- أهمُّ الإنتخابات الشائِنة ، و آخرُ الإنتخابات المُشينة
- إنتخابات و تصويت خاص و طائرات مقاتِلة .. وجمعة مُبارَكة
- عن مستوى الخطاب السياسي الراهن في العراق
- تصريحات بوريس جونسون-الإفتراضيّة-حول-العيد الوطني- للعراق
- الموتُ أهونُ من -خَطِيّة-
- البكاءُ أقدمُ من التمر
- الولايات المتحدة الأمريكيّة وأفعالها المُدهشة في أفغانستان و ...
- الأيادي البيضاء في ايطاليا، والأصابع السوداء في العراق
- تقلبّات أسعار خام برنت و تحوّلات الإقتصاد والسياسة في العراق
- عن ظاهرة القَشْمَرَة وبُنية التَقَشْمُر في العراق
- الدولة التقليدية والدولة المُوازية: ترتيبات وتنظيمات المرحلة ...
- التنمية والنمو والناتج بين زعماء المافيا وزعماء العصابات
- يعرفني في بغدادَ الليلُ فقط
- ليس لهذا تحدثُ الأشياءُ لي
- الفيسبوك و أبو جهل .. و حبلٌ من مسَد


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - عندما تكونُ دكتوراً في العراق العظيم