أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - عرفات الرمز: كل شيء مكرّس من أجل فلسطين














المزيد.....

عرفات الرمز: كل شيء مكرّس من أجل فلسطين


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7074 - 2021 / 11 / 11 - 12:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


نهاد أبو غوش
في ذكرى استشهاده، نتذكر القائد الرمز بكل ما يليق به من محبة وتوقير كان أهلا لهما في حياته وبعد رحيله، فهو القائد الذي لم يختلف على قيادته أحد حتى أولئك الذين اختلفوا معه حول مواقفه وسياساته أو قراراته وإجراءاته، وهو الرمز الذي اندمجت ذاته الفردية والإنسانية بقضية شعبه حتى تخال أن هذا القائد لم تكن له حياة شخصية، فكل شيء لديه مكرس من أجل فلسطين. وهو الشهيد الذي كان للشهادة ويتوقعها في كل حين، ولم يكن ليتردد قيد أنملة بما كان يدفعه دفعا إلى هذا المصير المأساوي على المستوى الشخصي، والأكثر سموّا ورفعة على المستوى العام.
من المؤكد ان مئات الآلاف، بل ملايين الفلسطينيين والفلسطينيات يرتبطون بذكرى خاصة وشخصية ما مع ياسر عرفات، "أحد اسماء فلسطين الجديدة"، و"الفصل الأطول في حياتنا" كما قال شاعرنا العظيم محمود درويش. فمنهم مع حارب معه، أو التقى به وسلّم عليه، أو صمد خلال التحقيق وضباط الاحتلال يساومونه للتبرؤ من هذا القائد، أو استمع لخطابه، أو لوّح له إذ صادف موكبه في الطريق، أو هبّ لنجدته حين حاصرته دبابات الاحتلال، أو بكى عليه حين رحل، أو ما زال يفتقده في الليالي الظلماء وما أكثرها عددا وظلمة، وذلك أضعف الإيمان.
ياسر عرفات نفسه كان جزءا من حياتنا اليومية، ليس لأنه تسلم موقع المسؤولية الأول لسنوات طويلة، بل لأنه كان جزءا حميميا من مكونات شخصيتنا وثقافتنا، كان أحد مركبات هويتنا، وقد اعتقدنا أنه معطى ثابت من معطيات حياتنا، ولذلك تعاملنا معه بتلقائية فناضلنا تحت قيادته وانتقدناه أحيانا، بل كان بعضنا يحمله مسؤولية كل السلبيات، ولم ندرك مدى رمزية هذا الرجل واستثنائيته إلا بعد رحيله الموجع.
من الطبيعي أننا كلما ابتعدنا عن زمنه وعن تاريخ وفاته، كلما أحطنا شخصيته بهالات من الرمزية التي هي أقرب للأساطير والقداسة، يحصل ذلك مع كثير من الشخصيات التاريخية المؤثرة مثل الزعيم جمال عبد الناصر. لذلك فإن الجيل الذي نشأ أو كبر في غياب ياسر عرفات والذي لم يشتبك مع تفاصيل السياسة اليومية في عهده، هو أكثر من يؤسطر شخصيته، بينما من عايشوه وعملوا معه يظهرون واقعية أكثر، فبعضهم يحمله مسؤولية ما وقع في عهده وما جرى بعد وفاته وما آلت إليه الأوضاع، أما البعض الآخر وهم الأغلبية على ما أظن فما زالوا وسوف يواصلون إحاطة شخصية ياسر عرفات بكل مظاهر التبجيل المقترنة بالحب والتفجع على فقدانه.
من حق الشعب الفلسطيني، وبعد أن برد ألم الرحيل قليلا، أن يقيّم مرحلة عرفات وشخصيته بكل موضوعية، ليس من أجل الحكم على هذه الشخصية الفذة، فهذا حاصل ومتحقق وقد تبوأ عرفات مكانته المرموقة في وجدان شعبه بجدارة وامتياز، بل من أجل الاستفادة من التقييم في مواجهة التحديات الكبرى التي تقف في مواجهتنا. فابو عمار في نهاية المطاف إنسان يصيب ويخطىء، وسياسي أدار الشأن الوطني والداخلي وكانت له علاقات إقليمية ودولية متشابكة ومعقدة مع الأشقاء ومع الحلفاء وحتى مع الأعداء، وأحاط عرفات نفسه بمجموعات متنوعة ومتنافرة ومختلفة من المساعدين والمستشارين، ولكن مثل هذا الحكم، وتحديدا عند الحديث عن الأخطاء والسلبيات، ينبغي أن يخضع لمعايير علمية وتاريخية صارمة وليس لأحكام انطباعية واعتباطية، وأحسب أن أي تقييم مهما كان لن ينال من مكانة ياسر عرفات في قلوب أبناء وبنات شعبه.
في ذكرياتنا عن ياسر عرفات سوف نتذكر أنه إنسان حاضر البديهة في كل وقت، لا في القضايا الحياتية والشخصية، بل بكل ما يتعلق بفلسطين وقضيتها وشعبها، تسأله عن صحته فيجيبك عن فلسطين، تسأله عن سلامته فيجيبك عن شعبه. وكان مشدودا إلى الناس العاديين، يخاطبهم ويستنهض روحهم الوطنية وهممهم الكفاحية، حتى وهو يجالس النخب والقيادات، فكان كأنما يتحدث بلغتين في وقت واحد: لغة لمن يجالسونه ولغة لأولئك المنتشرين في الساحات والشوارع والقرى والمدن والمنافي ينتظرون إشارة من قائدهم، وهي ميزة فريدة تجدها ايضا في معاني ودلالات كلامه حين يتحدث، عليك أن تسمع لما يقول مباشرة، ولما هو كامن بين سطور كلامه. وكان يقدس الشراكة الوطنية، يحرص على البحث عن القواسم المشتركة وتعظيمها، بارعا في تدوير زوايا الخلافات.وعلى الرغم من مكانته وعظمته، فقد كان متواضعا على اشد ما يكون التواضع، يحب ان يعظّم من شأن من هم حوله، جاهزا على الدوام للمبادرة بالمصالحة وطي الخلافات، وفتح صفحة جديدة لعمل مشترك من أجل فلسطينن ربما كان شديدا على المقربين من القادة والمسؤولين ولكنه كان أرق من النسيم مع الأطفال والجرحى وأهالي الشهداء ومع عموم المواطنين العاديين والبسطاء .



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعود كلامية للفلسطينيين وانحياز عملي لإسرائيل
- تنمية التحرر وتعزيز الصمود في فلسطين
- المجتمع المدني الفلسطيني والانقسام
- إسرائيل وإدارة الجريمة في الداخل
- الحركة الوطنية الأسيرة (2)
- الحركة الوطنية الأسيرة (1)
- وعد بلفور الاستعماري في الذكرى 104
- الدولة المارقة
- المصالحة وإنهاء الانقسام أولا
- الأبارتهايد كحل للمعضلة الديمغرافية
- وداعا للفلسطيني الجميل سعيد عياد
- اسرائيل والدولة الفلسطينية: من الرفض إلى الأبارتهايد (2)
- إسرائيل والدولة الفلسطينية: من الإقرار الظاهري للرفض القاطع( ...
- هجمة إرهابية على المجتمع الفلسطيني
- القدس ومخططات دولة الاحتلال
- القدس بؤرة دائمة وملتهبة للصراع
- زمن الارتجال والخفّة
- 26 تشرين الأول: اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية
- اسرائيل وجرائم الإبادة
- تداعيات قضية الأسرى الستة


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - عرفات الرمز: كل شيء مكرّس من أجل فلسطين