محمد علي حسين - البحرين
الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 12:06
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
من أخطر الظواهر اللعب بالمصطلحات والمفاهيم لأهداف فئوية أو مذهبية أو طائفية ودينية بما ينحرف بالمصطلح ويخرج بالمفهوم عن فضائه المدني أو الحديث ويعود به القهقرى إلى عصور ما قبل الدولة الوطنية والدولة الحديثة التي صاغت مصطلحاتها، ووضعت مفاهيمها بأهداف تبتعد وتناقض دولة الطائفة أو دولة الفئة بكل ما تحمله في أحشائها من أخطار تمزيق وتفتيت واحتراب.
في السنوات الأخيرة تلاعب مثقفون وأكاديميون مؤدلجون بالمصطلحات والمفاهيم المدنية واشتغلوا عليها بهمةٍ مدفوعين بنوازع فئوية ومسكونين بأحلام / أوهام الدولة الطائفية أو دولة الطائفة.
وكان مفهوم ومصطلح المواطنة واحدًا من أهم المصطلحات التي قدموها قربانًا على مذبح نوازعهم الطائفية التي فاضت لأسباب ليست خافية على أحد.
والاشتغال على إفراغ مصطلح المواطنة ومفهومه من شحنته المدنية ودلالاتها وأبعادها الحضارية بوصفها مواطنة جامعة لكل الأطياف والتلاوين وجرها قسرًا إلى زاوية مختنقة بوعيها الطائفي المقيت من خلال خطابات أكاديميين ومثقفين هو ليس تضليلاً ثقافيًا وفكريًا ولكنه يؤشر لصناعة وصياغة وعي جمعي مطأفن بخلطة «حداثية» لمفهوم الطائفية.
ونقول «خلطة»؛ لأنها تقوم على سعي وعمل هذه المجموعة الأكاديمية المثقفة لإنتاج الطائفية في لباس أو لبوس حداثي القشرة والسطح الخارجي بمفردات وصياغات وعبارات وكلمات «حداثية» لمضمون في أعماقه يستحضر الادلوجة الطائفية بكل أدرانها واحمالها الماضوية.
واختيار طرح المواطنة من منظور طائفي بغية تكريسه وتجذيره من جديد أو إحيائه من جديد، ليس صدفة جمعت هؤلاء الأكاديميين والمثقفين عن بُعدٍ بعيد او عن قربٍ قريب، بقدر ما هو انعكاس لظاهرة الخطابات الطائفية في عالمنا العربي منذ أربعة عقودٍ أو أكثر برزت فيها الموجة الطائفية التي كانت ساكنةً في مجتمع عربي مزقته حروب الطوائف ومعاركها لعقود وعقود.
وصعود موجات التأسلم السياسي بكل تلاوينه وأشكاله وأطيافه واحتلالها في مركز الصدارة في المشهد العربي العام مقابل حالة تراجع سريع لتيارات مدنية مختلفة قومية او يسارية او ليبرالية أو ديمقراطية أو غيرها أشاع مناخًا عامًا متقبلاً ومقبلاً بشكل محموم على الخطابات الطائفية والاندماج فيها والسير في ركابها إلى آخر الشوط.
وزاد الطين بلةً إن اليسار العربي والقومي وقطاع مدني ليبرالي واسع رفع الراية البيضاء مستسلمًا في جزئه الأعم والأكبر أو حاملاً لراية الطأفنة حسب موقعه في لعبة انتهازية فاقعة وواضحة للجميع.
وهنا شمّر فرسان الزمن الطائفي عن سواعدهم وأمطرونا بسيل من الإنتاج «كتب + ميديا + ندوات + مقابلات وغيرها من الوسائل» لتكريس مفهوم المواطنة على أساسٍ طائفي خطير، يقوم بشحن شبابه الجديد بمظلومية تاريخيةٍ وقعت على أجدادهم وأسلافهم وآبائهم وعليهم أيضًا.
وأصبح مصطلح المواطنة في أبعاده الطائفية المتمذهبة بديلاً لمصطلح شعبوي مستهلك «المظلومية» لكنه في جوهر ومضمون خطاب هؤلاء الأكاديميين والمثقفين الطائفيين مطابق تمامًا في تفاصيله ولا يختلف عن مضمون «المظلومية» وخطاباتها ومعانيها وأبعادها ودلالاتها.
فيديو.. أغنية عبر الزمن - VIVA البحرين
أغاني تحمل الكثير من الذكريات في طياتها - غناء: الفنان القدير أحمد الجميري، محمد أسيري، محمد ربيعة، هند ديتو، وعلي يوسف - بمشاركة الشاعرة القديرة فتحية عجلان.
https://www.youtube.com/watch?v=7Ka4tIIT-X0
للبحرين ذاكرتها فكُفّوا عن تصنيع ذاكرة بديلة لها
الجمعة 29 اكتوبر 2021
لشعبنا في البحرين ذاكرته المنسجمة مع طبيعة تعدّد مكوناته وأطيافه، وافتعال صراع «ذاكرات» بهدف تصنيع ذاكرة بديلة موضوع خطير كونه يفتح على نوافذ جهنّمية تدخلنا في فتنةٍ يُعاد إنتاجها على خفية حرب «الذاكرات».
لم نعهد لا في تاريخنا القديم ولا في تاريخنا الحديث ولا في سرديّاته وكتاباته ومرويّاته مشاهد تقود فيما تقود إليه إلى صدام أو توتر بين ذاكرات فئاته ومكوناته ولا نغمات نشاز عصبوية أو مناطقية.
الذاكرة البحرينية لم تتلوث بأحقاد العصبيات وأمراض الطائفية والفئوية؛ لأنها متأسّسة على قاعدة يمكن أن نسمّيها ذاكرة الوطن.
وذاكرة الوطن ذاكرة جامعة دائمًا، وهو ما حرصت عليه الذاكرة البحرينية في سيرتها بين الناس، فذاكرة تأسيس الدولة الحديثة من ذاكرة الميجرديلي أو المعتمد ديكسون البريطانيين ولدينا ذاكرة المؤسسين ومن شاركوا وصاغوا معًا الذاكرة البحرينية العربية في مراحل صعبةٍ وشاقة في تأسيس وإنشاء الدولة الحديثة وتطويرها الإداري المشهود.
والجدليات التي فتح لها البعض وأفرد لها مساحات حول أسلوب ديلي وأسلوب ديكسون جدليات تكاد تنسب لهم الفضل كل الفضل في إنشاء الدولة البحرينية الحديثة.
أما القراءة لذاكرتنا بعيون انتقائية فهو الآخر مصيدة لذاكرة جيل جديد يدفعه إلى تأسيس ذاكرة انتقائية وليس ذاكرة وطنية بحرينية تجمع الجميع تحت مظلة ذاكرة واحدة.
تعدّد الذاكرات المنتقاة واستبعاد التاريخ وإلغاء ذاكرة الوطن لا يمكن أن يكون عفويًا بهذه الصورة ولا يمكن أن يكون عن جهل.
البحرين لا تحتاج إلى ذاكرة فئوية بات البعض يركز عليها نشاطه في الندوات والملتقيات وتأسيس المنصات في السوشال ميديا والمحاضرات الموجهة إلى نوعية خاصة ومنتقاة هي الأخرى يجر ويجرجر أطرافًا أخرى مقابلة إلى الاستغراق أيضًا في صناعة ذاكرة فئوية أخرى لتبدأ حرب «الذاكرات».
منذ العشرينات من القرن الماضي مرورًا بثلاثينيّاته وأربعينيّاته وخمسينيّاته وستينيّاته إلى فترة قريبة من الآن، لم تكن ذاكرتنا فئوية أو مناطقية مشوهة، فمن خرجت علينا ظاهرة صناعة أو تصنيع هكذا ذاكرات فئوية فاقعة شوهت ذاكرة الوطن.
باختصار العبث بالذاكرة الوطنية الجامعة مقدمة للعبث بتاريخ الوطن كلّه، وكما سبق وإن كتبنا التاريخ ليس وجهة نظر، هو حقائق ووقائع غائرة في وجدان شعبٍ واحد، فلمصلحة مَنْ يخرج علينا عابثون يسردون التاريخ بنزعات عصبوية ويؤسّسون لتاريخ آخر قائم على ما ذكرنا من نزعات تفتح لخصومات متعمدة.
كُفّوا عن ذلك الأمر الذي أنتم فيه مستغرقون وحكّموا فيكم ضمير وطن تاريخه جمعه بروح الوطن والوطنية، واقرؤا التجربة البحرينية الحديثة بروحها هذه من الوطنية والوفاء الحقيقي للتاريخ، فالطارئ الذي أنتم فيه غارقون لن يترك لكم بصمة وطن.
القفز مع كل موجة لعبة لا يستحملها تاريخنا الذي لا يستحق أبدًا النبش بنزعة الفتنة.
فيديو.. اغنية بحرين يا شمس النهار
https://www.youtube.com/watch?v=QdX7_WFsOH8
محاولة تصعيد الهوية الطائفية في كتابة التاريخ
الجمعة 1 اكتوبر 2021
الباحث والمفكر الماركسي العراقي فالح عبدالجبار رحمه الله، تحدث في إحدى محاضراته عن صعود الهوية الطائفية في العراق، ولاحظ أنها كانت موجودة منذ تسعينات القرن الماضي، ولكنها أسفرت عن وجودها وأعلنت عن نفسها بشكل سافر بعد انهيار الدولة حسب تعبيره.
وبالفعل بعد سقوط الدولة العراقية بغض النظر عن موقفنا العام منها، لاحظنا أن طائفة حزب الدعوة التي استلمت رئاسة الوزراء في سنوات مبكرة وهيمنت على المناصب راح مثقفوها وكتابها ومنظروها يعيدون كتابة تاريخ الحركة الوطنية في العراق على خلفيات الهوية الطائفية لتلك الجماعة مع التشكيك أو التقليل من دور الحركة الوطنية العراقية بمختلف تجلياتها وتلاوينها الأخرى المغايرة والمختلفة.
بل إنهم في سرديات قادتهم السياسيين والمثقفين منهم تجاوزوا بشكل لا يمكن أن يكون عفو الخاطر كل الأدوار الفاعلة في الثمانينات والتسعينات واحتكروا مروياتهم وسردياتهم عن جماعتهم «الدعوية» في شكل من أشكال ما يمكن أن اختطاف التاريخ الوطني واحتكاره على فئة واحدة, والامتداد البحريني لحزب الدعوة ممثلاً بالوفاق «قبل أن تسمي الوفاق نفسها وفي سنوات السبعينات وما تلاها كان قادتها من عيسى قاسم مرورًا بالشهابي وصولاً إلى علي سلمان ينتمون إلى حزب الدعوة» راجع مقابلات سعيد الشهابي يتذكر في برنامج وحلقات تلفزيونية من قناة نبأ الشيرازية لصاحبها فؤاد ابراهيم».
نقول خطاب الوفاق منذ 2001 قفز كما حزب الدعوة العراقي على كل تاريخ الحركة الوطنية البحرينية ونضالاتها ونسب وصولنا إلى مرحلة ميثاق العمل الوطني لحركة التسعينات متجاهلاً عن عمد دور الحركات الوطنية الأسبق ولم يفهم ايضًا دور الفرد في التاريخ من ناحية أساسية ومهمة وهي التي جاء دور ومبادرة جلالة الملك حفظه الله بطرح مشروع الميثاق نقلةً ريادية واعدة هي الأساس، وهي القاعدة التي انطلقت منها البحرين لمرحلة أخرى تتشوق لها الجماهير.
وبعد فشل وهزيمة مشروع تصعيد الهوية الطائفية في مؤامرة دوار العار، تسللت أقلام مثقفين ومنظرين منهم وتصدوا لمشروع تصعيد الهوية الطائفية في الذاكرة المحلية من خلال إعادة كتابة وقراءة التاريخ الوطني العام للبحرين بمنظور طائفي يشتعل على تصعيد وتكريس الهوية الطائفية لتاريخنا.
وبأسلوب مكر المثقف اشتغلوا على المشروع بنفسه الطائفي الماكر، لكن دخول متحمسين للمشروع وتناولهم وطرحهم الفاقع في تصعيد الهوية الطائفية لتاريخنا الوطني البحريني العام فضح اللعبة الماكرة مبكرًا وكشف الغطاء على المشروع الفئوي.
وإذا كانت كتابة التاريخ ليست وجهة نظر، فإن قيامهم بعملية قيصرية بدائية ومتعسفة لكتابة تاريخنا بعقلية مسكونة بالانحياز الطائفي وبايديولوجية الطائفة محكوم عليها بالفشل حتى وإن حاولوا فيها التمويه أو اللعب بتقية المثقف الأكاديمي أو الباحث السوسيولوجي كعناوين غواية.
إننا أمام تاريخ، والتاريخ وثيقة أو شاهد أو مشاهد، واعتماد وثيقة أو شهادة أو شاهدًا بانتقاء وفرز لتعزيز وجهة نظر، ليس كتابة للتاريخ ولا إعادة لقراءة التاريخ بشكل علمي وموضوعي أمين.
مجموعة مقالات الكاتب الصحفي والإعلامي البحريني سعيد الحمد
المصدر صحيفة الأيام
فيديو.. معلومات عن مملكة البحرين 2021
https://www.youtube.com/watch?v=BwOEVuddPUg
#محمد_علي_حسين_-_البحرين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟