أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - أَقْتَلُ الحُرُوبِ... حُرُوبُ الأَزْوَاجِ!!














المزيد.....

أَقْتَلُ الحُرُوبِ... حُرُوبُ الأَزْوَاجِ!!


كريمة مكي

الحوار المتمدن-العدد: 7052 - 2021 / 10 / 20 - 17:37
المحور: الادب والفن
    


قبل عام إلاّ قليل، تداولَ الإعلام التونسي خبر انتحار زوجة شابّة لسياسي و رجل أعمال تونسي معروف.
اليوم و قبل أن تَحِلَّ ذكراها الأولى، تَحِلُّ اللّعنة على زوجها الذي لم تفارقه الأقاويل و الاتهامات منذ صعوده لعالم السياسة.
اليوم يحاصَر منزله بالقوات الأمنية و يُحال إلى التحقيق في الثكنة العسكرية و يُصاب بنكسة صحيّة يُنقل على إثرها إلى المستشفى لتتم إعادته إلى التحقيق الذي يتواصل معه - كما قال فريق دفاعه- إلى أكثر من عشر ساعات متواصلة.
قد تَثْبُت عليه التُّهم الموجّهة إليه أو لا تثبت و لكن الثابت عندي أنّ لعنة زوجة طيّبة مظلومة لابدّ و أن تحلّ على كلّ زوج يُبالغ في أذيّة من ارتبط بها بميثاق غليظ حتى اندفعت بنفسها إلى الهاوية.
هذا ما كنت متأكّدة منه و أنا أكتب، ذات يوم من العام الفائت، ما أكتب عن تلك الفاجعة... لعلّ في الرّجال من هو مُتّعِظ،،، و لعلّ فيهم من غِلاظ الأزواج من يترفّق بالرّقيق من الزّوجات!!
تونس في شهر ديسمبر 2020:

لأنّها شابّة و طبيبة و زوجة سياسي و رجل أعمال معروف، حظي انتحارها بما يجب من اهتمام المنصّات المتاجرة بآلام المشاهير و التي تلقى لدى عموم الجماهير رواجا منقطع النّظير.
و ما طلع الخبر إلاّ و النّاس أقساما حوله يتجادلون.
أعداء زوجها بانتحارها يشمتون و يزيدون في الأحداث و لا ينقصون أو يكتفون.
أقرباء زوجها و المتقرّبين يُدينون الشماتة في الموت و يستغربون...!!!
و النّاس البعيدة و الحالمة أبدا بالمال و الشهرة حائرون يتساءلون:
أمِثلها ينتحر؟
أتنتحر من كان لديها...كلّ ما كان لديها؟!
كيف تترك ما تترك! كيف تترك المال و الزوج و الولد و ترحل؟
كانوا يرونها في صُوَر التسويق السّياسي فَرِحة و ضاحكة للدّنيا الغَرورة و بنفسها و بما لديها ممتنّة و فخورة!
لا أحدا تصوّر مُعاناتها الدّفينة...لا أحدا مَرَّ بِبَالِهِ أيّامها و لياليها الحزينة و كأنّها لأنّها طبيبة و زوجة سياسي ثري لا يُمكنها أن تحزن و أن تيأس و أن تعجز...بل لأنّها طبيبة- و هل أشقى منها مهنة- و لأنّها زوجة رجل معروف دخلت بزواجها منه عالم الشهرة الذي لا يرحم، فإنها رفعت الرّاية البيضاء عجزا عن مواجهة قسوة عالم كريه يطلب منها صلابة لا يتحمّلها الحديد فما بالك بقلب امرأة شابّة و أمّ لولد صغير.
كان مطلوبا منها أن تكون طبيبة ناجحة و أمّ صالحة و زوجة صابرة لسياسي و رجل أعمال تتقاذفه معارك و فضائح عالم السُّلطة و المال.
و في لحظة من الوحدة و الخوف و اليأس و العجز، فضّلت الانسحاب بنفسها خارج هذه الحياة و الدوّامة المريرة.
لم تنفعها دراسة الطب لِتُطَبِّبَ نفسها العليلة...
عجزت و أعجزت المهنة النبيلة !
قبل سنوات- و كأنّها البارحة- رحلت بنفس الطريقة و بأكثر مشهدية، طبيبة أخرى كانت زوجة لسياسي تونسي عيّنه صديقه الرئيسʺزين العابدين بن عليʺ على رأس ديوان المطارات.
كانت امرأة جميلة محترمة و الجميع يُشيد بخصالها، خاصة و أنها كثيرا ما كانت تقوم بفحوصات مجانية لضعاف الحال في العيادة التي فتحتها في أحد الأحياء الشعبية.
و ذات يوم و بعد أن بلغت خصوماتها مع زوجها مداها و فشلت الأدوية المهدّئة في تهدئة نفسيّتها المتعَبة قرّرت أن تنتحر في مكان عمله كما لتُسبّب له فضيحة برحيلها عندما عجزت عن ذلك بحياتها.
دخلت يومها إلى مطار تونس قرطاج في جبّة ʺحاجّةʺ و بدأت بالصّياح و التفوّه ضدّه و ضدّ الرّئيس ʺبن عليʺ (الذي كان يستقوي به عليها) بكلام جارح ثمّ، و قبل أن تمسك بها يد رجال الأمن، ألقت بنفسها من الطابق العلوي لتسقط على المدرج الحديدي في مشهد تراجيدي مريع.
بعد العزاء، قال بعض النّاس في أسفٍ: مسكينة تلك الطبيبة، ضحّت بحياتها لتفضحه و يخسر منصبه فجاءه ʺبن عليʺ إلى بيته مُعَزِّيا إيّاه فيها!!!
و بعد فترة جد قصيرة من رحيلها حلّت لعنتها عليه كما يجب و انقلب ʺبن عليʺ على صاحبه ابن النّقابي الكبير و دبّر له مكيدة لائقة أدخله بها السجن بعد أن بلغ إلى مسامع ʺالرّئيسʺ أن ذلك الصّاحب قد خان الودّ و استولى لنفسه على أموال صفقة كبيرة كانت في طريقها إلى خزينة ʺليلى و إخوانهاʺ!
كانت تلك نهاية حرب زوجية مدمّرة انتهت بالزّوجة منتحرة و بالزّوج إلى الخُسران المُبين.
الحروب الزّوجية هي أسوأ الحروب و أطول الحروب و أقتل الحروب...
حروب لم تتوقف يوما منذ بدء الخليقة...
حروب يؤججها العناد و الغرور و حبّ السّيطرة...
هي حروب لو تضع أوزارها فسيكون البيت مكانا آمنا يطيب فيه العيش أمّا إن استمرّت في الاشتعال نيرانها فقد تؤدّي بالنّساء الرّقيقات إلى ارتكاب مجازر و فظاعات ، ( و لكم في أفلام من نوع ʺالمرأة و السّاطورʺ مشطرة معبّرة) أمّا الطيّبات من النّساء فيُحاربن بقلوبهن و بأعصابهن و بأوقاتهن و بكلّ ما أوتي لهنّ... فإذا ما حلّ اليأس و استشرى في كلّ خلايا النّفس فإنهنّ يرحلن إلى الموت بلا أسف لا فرق في ذلك بين الطّبيبة و غير الطّبيبة.
إنّ النّساء سواء كُنّ طبيبات أو غير ذلك هُنّ قطعا طبيبات البيت و مَشْفَاه، بأرواحهنّ الدافئة يصحّ أهل البيت و تتعافى نفوسهم فإن يئست الطّبيبة و حزنت و فاض حزنها... غرق البيت بما فيه: زوجا و عيالا و أثاثا و جدرانا.
فرفقا بالطّبيبات...
رفقا، أيا رجال، بالزّوجات اليائسات.



#كريمة_مكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كان رئيسا لتونس بحق..!!!
- تونس المسروقة...لنا تعود
- و تشقى النّاسُ…بالنّاسْ!!
- لستُ إمرأة!!
- يَوْمَ التقى القلبان...
- للرّجعية في تونس اليوم... عنوان: عبير موسي و شيخ الإخوان!
- الرَّئِيس يَلْتَجِئ إِلَى ʺالمَعَرِّيʺ... وَ مَنْ ...
- ابشروا...إنه الربيع البشري
- بركات الوباء
- لا في الفناء...و لا في البقاء
- مرحبا بالوباء
- حضارة طالت ...و اليوم إلى زوال
- أحبّ أدوارهم...
- نحن المطلوبون...للموت
- الكوكب الأجرب !!!
- لِتَفْهَمُوا...لماذا أَتَى!
- النّاس، بالخوف، ميّتون...
- ظَلَمُوا الكوكب البديع!
- النّهضة اللّعُوب التي أوقعت وطن
- فلسطين...أيا جرحنا الغائر


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - أَقْتَلُ الحُرُوبِ... حُرُوبُ الأَزْوَاجِ!!