أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد عبد الكاظم الخزاعي - غواية القراءة في غواية السرد















المزيد.....

غواية القراءة في غواية السرد


رائد عبد الكاظم الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 7035 - 2021 / 10 / 1 - 15:20
المحور: الادب والفن
    


القسم الثاني.
في مبحث الحديث عن (ابن المقفع) الذي ينبه القارئ الى سذاجة سطح الحكاية ويحذره من الوقوع في شباك السذاجة،ويطالب من يقرأ كتابه (كليلة ودمنة)أن يعرف الوجوه التي وُضعت له،ويريد كسر النص للوصول الى دلالته،مثل كسر الجوز للحصول على اللب،يتخفى وراء الحيوان الناطق ويبين الى ان القراءة لن تكون مفيدة إذا أكتفت بالوقوف على السطح الساذج،وتمسكه بالسذاجة ،ليؤمن حياته خوفاً من الخليفة،فلابد من افتضاض السطح الساذج للنص.
ثم ينتقل الكاتب الى (الجاحظ)الذي كان يقضي اوقاته في المساجد والمربد ومواطن التعلم،وبكره امه لسلوكه الغبي الذي لا يعود عليه بثمر،فعمله القراءة فقط!وتاتيه امه بالطبق المغطى ويزيحه ويجد الكتب يؤوَل فعل الأم بانها تريد من ابنها ان يخرج من قوقعة القراءة الى عالم الكتابة والتأليف،لا تريده ان ييقى ظرفاً للمكتوبات،فتضع امامه حقيقة ما تريده وتطالبه ان يزيح السطح .
فهم الدرس وصاريأتي بالدنانير،وحين سالته اجابها انها من الكراريس! تمثل المضمون وخرج من سذاجة القارئ الى احتيال المؤلف،ولم يبق ضحية لما يقرأ وتوصل الى أن المؤلف صانع حمقى.
حتى يتميز السارد لابد ان يعمل على إغواء القارئ وتغبيته،مثل احتيال (شهرزاد)التي افلتت من الموت ،من خلال استفادتها من سذاجة المستمع(شهريار) الذي كان يقتل كل يوم امرأة.
و يسلط الضوء على الوراقين،واشتغالهم على الاسم وتكراره لغرض الإشهار(الإعلان)،ليروج لعمله الذي يصبح مرهوناً بشيوعه،وهذا ما يبرر تخلي الجاحظ عن نسبة كتبه اليه كي يرى ما يكتبه منسوخاً ومقروءاً،وهذه امنية كل مؤلف لما يكتبه.
يتناول الكاتب تشكلات مستوى القول المصّرح به والمضمر،فيسمي كتبه باسماء مؤلفين مشهورين،لغواية القراء وايقاعهم في مصيدة لن يتمكن القارئ من الفرار منها بسهولة،ولن يطيق مقاومة سحر حكايته,ثم تلتف على الجاحظ احابيل غوايته وينتهي تحت رفوف الكتب التي تسقط عليه،جزاءا على خيانة القارئ وتغيير نسبة الكتب التي كان الجاحظ يفعلها حينما يكتري دكاكين الوراقين،وهي نهاية موحية انه لا احد يستطيع ان ينجو من غواية الحكي مهما بلغ من الذكاء .
ثم يتأول نصاً للشاعر امرئ القيس،اقتطعه من حادثة له مع احدى عشيقاته،التي خرجت معه وتجر وراءها طرف ثوبها الطويل فيعمل على اخفاء اثرهما من تتبع الاعين والرقباء،والوشاة،ليغيب الاثر وتحل غوايةالمعنى!
والأثر علامة لغوية،دالة على تصور ذهني،معين في الواقع هو المدلول،والدال والمدلول يقودان الى المعنى ويشكلان دلالة,في النص اشارات مقيدة,وحرة،المقيدة بمدلول واحد،والحرة للقارئ حرية كاملة في اقتراح معانٍ لها،والاشارات الحرة تكثر في النص الشعري وتقل في الكلام.
ويفكك الصمت ويقرأ لغة العيون كما فعل النابغة حين نظر الى عيني الشاعر لبيد،واخبر (عيناه عينا شاعر)مع انه لم يكلمه ،تحدث الكاتب عن الموجه الثقافي في السكون والاعلان مع التسليم ان الثقافة اسلوب في التمويه يراد منه تجميل الحقيقة وتزيينها،يشيد الكاتب باهمية الصمت وقيمته النقدية،يعده خبراً مركزياً في مثل لحظة نظر النابغة عند خروجه من قصر النعمان بن المنذر.
وفي موقف (لبيد) بعد ان ارسل اليه الخليفة:انشدني ما قلت في الاسلام.
فكتب سورة البقرة واتى بها وقال:ابدلني الله هذا في الاسلام مكان الشعر ونتيجة هذا الفعل زاد عطاءه من الخليفة،موقف لبيد وصمته عن قوله الشعر هذه اللحظة تمخض عنه الزيادة والامان.
وافق لبيد الاتجاه الجديد في ان يكون صامتاًومع ذلك حصل على العطاء،مثل موقف الجاحظ حينما ارسل اليه المتوكل ليعلم ابنائه ولما نظر الى قبح وجهه اكرمه وارجعه من حيث اتى والتزم الجاحظ الصمت ولم يعترض في تلك اللحظة،ويثبت الكاتب ما للصمت من قيمة نقدية عالية شأنه شأن النطق بل كان انفذ في الطلب وهو الصمت المحمود الذي عبر عنه بعضهم بإنه من ذهب.
الاثر إشارة توصل الى المعنى،فاذا كان بارزا يعني ان النص واضحاً وان المعنى محدداً ولذلك دورٌ في في تقدير مكانة الشاعر واحترام شعره،والاحتفاء به من النقاد،اما اذا كان الاثر ممحواً فأن النص سيكون متعدد المعاني لا يظهر كل شيء،وسيكون لهذا الامر تأثيراً على على سمعة الشاعر وصفاء شعره شعره من تداخل الانواع فيه.
يتناول الكاتب لثغ واصل بن عطاء وان الجاحظ اخرجه من دائرة البلغاء لأنه ناقص الآلة وهو اقرب الى العي وكيف احتال واصل بن عطاء بعد ان علم انه الثغ، فاحش اللثغ،فصار يخطب الخطبة الطويلة من غير ان يحتاج الى لفظ الاحرف التي لا يحسن لفظها (الراء)ولديه القدرة على استدعاء مترادفات الالفاظ التي تحمل المعنى ذاته.
شانه في ذلك شأن ابي تمام الذي كان (يتمتم)، الذي كان ناقض الالة ايضا،فكان يعد القصيدة ويكلف غلامه يقرأها ويجلس في صفوف المستمعين والناقدين،يختار واصل الكلمات الخالية من الراء في خطبه فيعجب الناس بكلامه ولا يشعر احد بأنه يعاني من نقص في نطق حرف الراء.
فحافظ على موقعه بليغاً ومهيمناً وناطقاً بين الاخرون الذين يعانون من خلل في آلة النطق يصمتون ويعجبون ببلاغة واصل.
ولانهما يعانيان من نقص آلة النطق عن واصل ونقص في آلة الشعر عند ابي تمام يريدان ان يتجاوزاه ولا يشعرا القارئ به،فقد اجمع النقاد على انه لم يجتمع في اختيار المقطعات انقى مما جمعه ابو تمام وكذلك ادهش واصل المستمعين كما يعبر الجاحظ عنه (الا تريان كيف تجنب الراء في كلامه).
ما خلصت اليه ان الكاتب استطاع ان يعيد هذه النصوص السردية القديمة وان يستدر منها معانٍ أخر،وبين ان هناك اسراراً تقبع خلف النصوص،كشفها للمتلقي وجعلها في متناول تفكيره،
صور الغواية خدعة واحالها الى متعة،تجبر القارئ الى إعمال الفكر فيما يقرأ من نصوص وكيفية التحايل عليها لاخراج جوهرها او ربما توليد سرد فني جديد من نفس النصوص القديمة فهو مخترق للسياقات السردية بمعرفة ودراية.
هذه خطوة نحو قراءة التراث السردي الغني قراءة وقراءات اخرى تأخذ بنظر الاعتبار السياقات الاجتماعية والتأريخية التي تعد المدخل لفهم الواقع من خلال السرد القديم لانه عصارة تجمل هوية اجتماعية وثقافية،فالنماذج التي ذكرها الكاتب كلها عملت على الاغواء والاحتيال ولكنه كشف هذه الخدع واشار اليها وفضحها وربما برر لها .
ركز الكاتب على حقيقة الغواية السردية بموضوعية فهو يلج من مظهر اللغة وينتهي بإحكام النص لغايته عن طريق تشابك خطوط واضحة الاثار للبعدين الاجتماعي والتاريخي،فاظهر العديد من التفاصيل التي تجاوزت مفهوم المتعة السطحية،وحول النص السردي القديم الى خطاب إدانة تمثل من خلال مفهوم الغواية الذ ينطوي على صراع بين طرفين احدهما يروي والاخر يتلقى،استطاع الكاتب من خلال خطاب السرد القديم ان ينزع الاقنعةويفضح الواقع فالعقل النقدي ليس دائماً قادراً على معرفة الحقيقة ولكنه على الاقل قادر على كشف زيفها .



#رائد_عبد_الكاظم_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملخص رواية الحب في زمن الكوليرا
- حصتي من الوطن
- لماذا زحل؟
- قراءة نقدية في المجموعة القصصية(حبرٌ لا ينضب)للكاتبة خيرة ال ...
- O2
- مشانق من الرصاص
- على ضفة الفرات
- ظاهرة الوردي
- نوستالوجيا
- البحث عن اقباق
- نسق
- تحول نوعي
- كاظم الغيظ
- السرد ديوان العرب
- عبد العزيز عسير
- مغرمون بالكذب
- تحديث المصطلح
- عزف على اوتار من رصاص
- احتكار العنف
- السرد الجديد


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد عبد الكاظم الخزاعي - غواية القراءة في غواية السرد