أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد عبد الكاظم الخزاعي - نوستالوجيا














المزيد.....

نوستالوجيا


رائد عبد الكاظم الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6850 - 2021 / 3 / 26 - 22:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحنين الى الماضي والتوق اليه يكون زاهيا مشرقا بنور امل مبهج حين يظهر ان تلك الايام فيها ما يميزها عن هذه بحيث يتماهى الحزن امام تلك الذكرى.
تتداعى الذكريات بعد لحظة استذكار تستحضر جميع الشواهد السردية عن حقبة لم يزل كثير من الناس يعيش تحت ظلال وجعها القاتم،
في احدى المرات حيث كنت اقف على شواهد القبور في وادي السلام في عام ٢٠٠١ وقت الضحى من يوم السبت،سمعت صوت انين قرب ثلاثة قبور عليها قفص حديدي كبير نسبيا،(هله بيك وبجيتك يوالي)... وحينما وصلت وكانها ترى مع مَن تتحدث !
بدأت تكلم القبرين: يمه فلان صديجك وليده عرس وانه عيني على دربك يمه ودرب اخييك...
يمه ما جيتوا وانه ناطرتكم
يمه والروح يمه رايدتكم)
وقد بدا عليها الوقار وهي تعتمر عمّة جنوبية خيّم عليها الكبر واعوجاج الظهر بيدها عكاز،وحتى العينين لا تكاد تبصر بهما طريقها كما تقول هي :
راحت يمنتي من راح مالح
وچملها باليسرى فراگ عدنان
ما بيّاش حيل هنا يالحنان...يه يمه ثم تصرخ...
المهم قرأت ما مكتوب على شواهد القبور
فلان بن فلان هذا قبر الاب توفي ١٩٨٢ بنفس اليوم والشهر والسنة يشارك احد الابناء!
فلان بن فلان استشهد في معركة الشوش عام ١٩٨٢
والاخر فلان بن فلان استشهد في معركة نهر جاسم...
وبعد ان استفهمت ممن معها اتضح انهم ذخرها للزمان (مالح وعدنان) وابوهما.
غادر أبوهما لحظة مجيء سيارة أجرة تحمل جنازة تسأل عن داره وبمجرد ان سمع بإسم ولده (مالح) صعق في مكانه ووقع ميتا!
وكان المقرر أن يتزوج بمجرد حصوله على استراحة لكن محارق الحروب لا تعي الاعذار مهما بدت قهرية فهي اشد قهرا...
اما الابن الاخر فقد لحقهما بعد مدة خمس سنوات لا غير لانه صُدِم بسبب فاجعة اخيه وابيه وعانى من حالة نفسية تعيسة ادت الى ان يترك الدراسة وبمجرد ان بلغ السن القانونية تم سوقه الى مقصلة التجنيد الالزامي حيث انهى مدة التدريب ورُحِل الى الجبهة مباشرة.
فكان ترحيلهم في فترة معارك نهر جاسم في قاطع البصرة التي استمرت شهرين كاملين كانون الثاني، شباط من عام ١٩٨٧ وقد عزمت امه على ان تخطب له اول إجازة ولكن القدر غالبها وغلبها وصار التحاقه الاول ونزوله الاخير ليودعها الى مقره الابدي.
استمرت تلك الام الثاكلة تزور المقابر بين مدة واخرى وتجلس بين احبتها وتحكي لهم عن احوالها واحوال الاصدقاء وكيف ان الزمان جار عليها،وطحنتها رحاه...
قصة من الاف القصص التي تحرق القلب نتيجة حربٍ رعناء سجرها جنون العظمة لدى الاوغاد تنور احرق الشباب واذاب قلوب الصغار باليتم ورمل الزوجات والهب قلوب الفاقدين
اي ذنبٍ ارتكب الطواغيت وكيف سيكون عذابهم ؟!.
وبعد مرور عدد من السنين كعادتي من التجول في المقابر وقراءة القصص والعبارات المخطوطة على الشواهد
الشاب المخطوف...
والحادث المؤسف..
والطفل المقتول برصاص طائش...
والمرحومة الشابة ...ووو
صار مروري على هذا القفص الكبير الذي يضم الشابين وابيهما ولكن هذه المرة ازدادت القبور قبرا ! ركزت النظر في الاسم واذا هي الام قد لحقت بالركب وجاورت زوجها واولادها...
بادئ ذي بدء اقحم الناس في حرب ضروس ليس لهم فيها ناقة ولا جمل فقتلت صالحا واباه وعدنان وما ان انتهت بعد الثمان
حتى ولج الناس في حرب طاحنة ثم حرب التحرير وحل الهرج والمرج والفوضى...
وليس هناك من يرعى تلك العجوز بقيت وحدها الى ان تسلل احد السرّاق يريد ان يستولي على ما لديها من معاش تقاعدي تتقاضاه عن ابنيها وانتبهت فأزعجه صراخها فاوغل السكين في احشائها وكانت القاضية...
فانصبّت على تلك الاسرة ويلات موت وقتل وطعن تمثلت فيها اطوار حياة اهل العراق من الجنوب الى الشمال لن تُنسى تحملوا الكثير لا لذنب الا لانهم عراقيون...
فماذا تتذكر أنت ؟!
انها نوستالوجيا سوداء



#رائد_عبد_الكاظم_الخزاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن اقباق
- نسق
- تحول نوعي
- كاظم الغيظ
- السرد ديوان العرب
- عبد العزيز عسير
- مغرمون بالكذب
- تحديث المصطلح
- عزف على اوتار من رصاص
- احتكار العنف
- السرد الجديد
- هايكو الناصري مملكة القصب
- غرام بالكذب
- العراقيين كلنا اهل
- تحليل الخطاب
- المشرحة
- معاناتي
- قصة قصيرة
- قراءة اخرى في المعنى
- الترجمة قراءة اخرى


المزيد.....




- كريم محمود عبدالعزيز كما لم ترونه من قبل في -مملكة الحرير-
- متظاهرو البندقية يزعمون انتصارهم في تغيير مكان حفل زفاف جيف ...
- ترامب يرد على طرح أن إيران نقلت اليورانيوم المخصب قبل ضربة أ ...
- ترامب يُشبه ضربات إيران باستخدام النووي في هيروشيما وناغازاك ...
- دبلوماسي ومفاوض إيراني سابق يحذّر عبر CNN: إذا سعت واشنطن إل ...
- ترامب يُشبّه ضربة إيران بـ -هيروشيما- ويؤكد: أخبار جيدة عن غ ...
- الرئيس الإيراني يعلن -نهاية حرب الـ 12 يوما المفروضة على بلا ...
- بقرار إداري.. هبوط أولمبيك ليون بطل فرنسا سبع مرات إلى دوري ...
- افتتاح فندق إسرائيلي فاخر في حي فلسطيني مسلوب غربي القدس
- 10 أشخاص كانوا خلف تطور الذكاء الاصطناعي بشكله اليوم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد عبد الكاظم الخزاعي - نوستالوجيا