أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 3/ 4














المزيد.....

قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 3/ 4


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7028 - 2021 / 9 / 23 - 19:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(3) فلسفة الاخلاق
أهتم الفلاسفة اهتمامًا منقطع النظير في المبادئ الخُلقية، ابتداءً من فلاسفة اليونانية الى قتنا الحاضر، واعتبر جميع الفلاسفة أنَّ مبادئ الاخلاق هي من اعظم الاسس التي تُبنى عليها المجتمعات، علاوة على الفرد، وأنّ المجتمعات من دون اخلاق تُعد مجتمعات ميتة، ولا يمكن أن تقوم لها قائمة إن فقدت هذا المبدأ العظيم. لذلك أن جميع الاديان ركزت على الاخلاق، بل أنَّ الفيلسوف الالماني ايمانويل كانت اعتبر الاخلاق أفضل من الدين، وعليه دعا الى دين جديد هو دين الاخلاق، فالأمم لا بدون أخلاق لا تصلح أن تعيش تعايش سلمي يُبنى على اسس التسامح ونكران الذات، إذ بالأخلاق يمكن أن نصلح كل شيء بل ونقضي على العادات السيئة، وبالتالي سنعيش متحابين لا تفرقنا الانانية ولا الاحقاد الاحُن.
ومن هذا المنطلق يرى لوبون أنًّ الدِّيانةُ هي أهمُّ أُسُس الأخلاق المَعْزُوَّة، وكثيرٌ من الناس في الوقت الحاضر يَعُدُّون الدِّيانة النَّاظِمَ الرئيسَ للسلوك. يقول وقَلَّمَا كانت الديانات القديمة تُعْنَى بالتعاليم الخُلُقِيَّة، وكان سلوك الناس فيما بينهم يَدَعُ الآلهةَ غيرَ مكترثة، وكان أمرُ مصرَ شاذًّا من هذه الناحية مع ذلك، فأعمالُ الأحياء في مصر كانت تُوزَنُ بعد مماتهم بدِقَّة، فيُذَكِّرُنا حُكم أُوزِبرِس بيوم الفصل لدى النصارى.
لوبون يعتبر من الخطأ بأنه لا تزال الصِّلَةُ بين الأخلاق والدِّيانة في النصرانية تَحْمِلُ كثيرًا من الناس على الاعتقاد بإمكان قيام الأخلاق على الدين فقط، ومصدرُ هذا الخطأ الذي لا يزال شائعًا هو الخَلْط بين الشعور الدينيِّ والشعور الخلقيِّ على العموم، مع أنهما مختلفان منشأً، وإن أَثَّرَ أحدُهما في الآخر، أي إن كلًّا منهما ملائمٌ لاحتياجاتٍ في النفس مخالفةٍ لاحتياجاتٍ أخرى فيها.
ويعلل لوبون أنَّ الشعور الدينيَّ هو وجه من الروح الدينية في الإنسان، وأن الشعور الخُلُقيَّ هو ملاءمةٌ لمقتضيات البِيئة، والمنطقُ الدينيُّ هو الذي يهيمن على الدِّيانة، والمنطقُ العاطفيُّ هو الذي يهيمن على الأخلاق.
وعليه، كان لوبون يطالب بعزل الدين عن الاخلاق، ويوعز ذلك الى إنَّ علماء الحقوق الجزائية أبصروا، منذ طويلِ زمنٍ، وجودَ جُنَاةٍ قُسَاة أتقياءَ معًا، فمزاجُ هؤلاء النفسيُّ مماثلٌ لنفسية أولئك اللصوص الإسبان – كنموذج - الذين يَشْحَذُون خناجرَهم وهم يستمعون إلى بعض الأدْعِيَة حول هيكل بعض القِدِّيسين طمعًا في نَيْل عَوْنهم، وأُتِيح للوبون أن يزور في نوڨِي تارْغ الواقعةِ في جبال تَتْرَة كنيسةً صغيرة أقامها، على ما يُرْوَى، لصوصٌ لمريمَ العذراء شُكْرًا؛ وذلك لحمايتها إياهم في أثناء مغازيهم.
ثم أنَّ لوبون يثبت على ما للدِّيانة والأخلاق من مصادرَ مختلفةٍ يمكن إحداهما أن تُؤَثِّر في الأخرى عندما يكون الإيمان قويًّا، ولكن هذا التأثير ظاهريٌّ أكثر من أن يكون حقيقيًّا.
وبعد، وكلُّ ما يقال بِوثُوقٍ في أمر الأخلاق ذاتِ الأساس الدينيِّ هو أن لهذه الأخلاق قُوَّةَ العادات التقليدية التي يدوم عملها حتى عند عجز العقل عن الدفاع عنها، فللأمم، إذَنْ، كلُّ الحقِّ في المحافظة على آلهتها التي آلَتْ إليها من الأجداد. كما يقول لوبون في كتابه "حياة الحقائق".
ومن ناحية أخرى يضعّف لوبون قيمة الأخلاق القائمة على العقل والعِلم، بمعنى أن لوبون لا يقرر بوجود صلة مباشرة او غير مباشرة بين العقل والعلم من جهة، وبين الاخلاق من جهة أخرى.
ويزيد لوبون على أنَّ الفلاسفة تساءلوا عن إمكان إقامة أخلاق على أُسُس عقلية، وذلك عندما لاح أنه لا يمكن الدفاع عن الافتراض القائل بوجود ربٍّ حاكم يكافئُ المُحْسِنَ ويُجازِي المُسِيء، والعقلُ قد أَدَّى إلى إقامة صَرْح المعارف الرائع، فصار من المأمول أن يُشَاد به صَرْحٌ للأخلاق بسهولة، فهذا وَهْمٌ من آخر أوهام الفلسفة، كما يرى لوبون.
ويضيف موضحًا: ومصدرُ الاعتقاد بأن الإنسان يستطيع أن يَجِد في العقل جميعَ عوامل السَّيْر هو الخطأ النفسيُّ الذي بحثنا فيه غيرَ مرة، والقائلُ بأن من الواجب أن يكون المنطقُ العقليُّ وحدَه دليلَ المجتمعات والأفراد. وظلَّ كثيرٌ من الفلاسفة والمُرَبِّين والسياسيين المعاصرين قانعين بأن العقل وحدَه هو مصدر الأخلاق، ويَسِير هؤلاء مع الأستاذ بُوتْرُو فَيُعَرِّفون الأخلاقَ، مختارين، بأنها «مجموعة القواعد العقلية لسلوك الإنسان».
إذن لوبون لا يقرّ بأن العقل هو المصدر القوي الذي نقيس به جميع الاشياء، ومنها الاخلاق، وهنا يقف بصف ايمانويل كانت، من هذه الناحية، ويخالف لابينتس ونيتشة وماركس وسواهم.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 2/ 4
- قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 1/ 4
- الاخلاق عند دوستويفسكي3/ 3
- ما هي الرسالة التي أراد ايصالها دوستويفسكي في (المقامر)
- الاخلاق عند دوستويفسكي2/ 3
- تجربتي مع كورونا- مقال ذاتي لا يخلو من فلسفة1 /2
- تجربتي مع كورونا- مقال ذاتي لا يخلو من فلسفة2 /2
- (دعِ النّارَ) نص الشاعر أمير الحلاج.. والنتيجة الابيقورية
- الاخلاق عند دوستويفسكي1/ 3
- اسبغ وضوء القصيدة
- (ليلة اغتيال محسن المجنون) للقاص أحمد السلمان.. وميشيل فوكو
- (أحوال الزهرة) نصوص طالب حسن.. وفلسفة الجمال الكانتية
- قصة (الحصاوي) للقاص سعدي عوض الزيدي خطوب بطعم الالم
- (كم مضى من الوقت؟) لوليد حسين وفلسفة التاريخ
- قصيدة (غذّ سيّرك) للشاعر سرحان الربيعي ومبدأ الشك الديكارتي ...
- في (وصايا العائد) عمر السراي ماذا قال للطلقة التي قتلت حُلمن ...
- في قصيدته - قرب حانة (المرايا)- عبد الحُرّ يؤرخ للجنون وللذك ...
- الشعور النفسي اللامجدي في (ليل وشباك) للشاعر كاظم الميزري
- القلق الوجودي في (أيُّها الترابيُّ) للشاعر جبار الكواز
- في (أصنام أم نعوش) قاسم وداي الربيعي يتمرّد على الواقع المري ...


المزيد.....




- رجل يتنكّر كطائر ويسير 85 كيلومترًا في بريطانيا.. ما السبب؟ ...
- مشاهد تحبس الأنفاس لمغامر يقف على حافة شاهقة في جبل جيس بالإ ...
- مقتل شخصين وإصابة آخرين في غارتين إسرائيليتين على جنوب لبنان ...
- أوكرانيا: مقتل شخصين وإصابة 15 في غارات روسية على مدينتيْ أو ...
- إسرائيل تعيد فتح طرق رئيسية أغلقتها الحرائق ودول تمد يد العو ...
- بيان صادر عن المنبر العمالي العربي المناهض للإمبريالية والصه ...
- برلماني أوكراني: اتفاقية المعادن بين كييف وواشنطن فوق القوان ...
- نتنياهو يستعد لتوسيع العمليات القتالية بغزة
- القوات الأوكرانية تستهدف سوقا في مدينة أليوشكي في خيرسون
- موسكو.. شجار جماعي عنيف في مباراة دوري الهوكي الوطني للشباب ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - قراءة اولية في فكر جوستاف لوبون 3/ 4