أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - ما هي الرسالة التي أراد ايصالها دوستويفسكي في (المقامر)














المزيد.....

ما هي الرسالة التي أراد ايصالها دوستويفسكي في (المقامر)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7011 - 2021 / 9 / 6 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


يعالج الكاتب في هذه الرواية "المقامر" قضية اجتماعية اخلاقية، ربما ما هي من اعقد القضايا التي تصب في هذا الاطار؛ الا وهي قضية القمار. المشكلة هذه، تسبب ضياع محدق بالإنسان المقامر، وذلك يتمثل في ادمانه على القمار الذي لا يقل شأنا عن ادمان الحشيشة او غير ذلك، وبالتالي يفضي هذا الادمان الى ضياع مستقبل المدمن و هدر ممتلكاته ونقوده في لمحة البصر. وليس من السهولة واليسر أن يتخلص المدمن من هذه الظاهرة المقيتة، الا بالإصرار وشق الانفس.
ثم أن دوستويفسكي يريد أن يقول - في روايته هذه - أن القمار وادمانه ليس مختصًا لدى معاشر الرجال فحسب، بل تعداه الى النساء ايضًا حيث بلغنّ شأوا ملحوظًا في هذا المضمار، فهذه السيدة أنطونين فاسيليفنا، الملقبة بالجدة قد ادمنت القمار هي الاخرى وقامرت بمبالغ كثيرة، حتى خسرتها في ليلة وضحاها، وذلك بانتقام من ابن زوجها من امرأة أخرى، حتى بالتالي لا يرثها، وهي الاخرى ندمت على ذلك الفعل بعد الخسارة التي منيت بها، واستغفرت ذنبها، لكن بعد فوات الاوان، حتى تركت المدينة وسافرت الى فرنسا،
دوستويفسكي، يعالجها اخلاقيا، قبل كل شيء، كونه فيلسوف اخلاق علاوة على أنه اديب، كما نوهنا اكثر من مرة، فهو لا يقل أهمية عن اسبينوزا وكانت أو شوبنهور.
يقول دوستويفسكي: "لعل نفس الانسان، بعد أن تعاني مثل هذا العدد الكبير من إحساسات، لا تنتهي من الشبع منها، بل تحتاج وتطلب المزيد من إحساسات جديدة ما تنفك تعنف، الى أن تصل الى درجة الانهاك". (المقامر: ص 165)
المقامر مريض نفسيًا يحتاج لمن يعالجه ويخلصه من هذا المرض الى اوصله الى الادمان والضياع معًا. و دوستويفسكي هو المعالج الحقيقي لهذا المريض، لأنه محلل نفسي، كما صرح فرويد موجد علم التحليل النفسي. فصور هذا الروائي حالات شخوصه في هذه الرواية، فدخل في اعماقهم النفسية، واظهر حالة المقامر وهو يقامر بنقوده وممتلكاته، وكيف تظهر حالته النفسية من شد اعصاب ومن انقباض وسرعة دقات قلبه وهو يقوم بعملية اللعب والمقامرة.
ويظهر من خلال السرد والاجواء التي تحيط بأحداث الرواية، إن في هذه الرواية ثمة جانب كبير من حياة دوستويفسكي موجودة داخل هذه الاحداث، وقد كان الكاتب يصف جانب مهم من جوانب حياته، لأن دوستويفسكي كان مدمن على القمار، حتى خسر مبالغ طائلة مما كان يمتلك، وبعد جهد جهيد استطاع أن يتخلص من القمار، ويعيش حياته الطبيعية.
"رب خاطر هو أقرب الى الخواطر منها الى الجنون، وادناها الى الاستحالة، يبلغ من قوة رسوخه في الفكر أن المرء يخاله ممكن التحقيق، حتى اذا كان هذا الخاطر مرتبطا برغبة قوية ملتهبة جامحة اعتقد المرء اخيرا أنه امر حتمي، ضروري، فرضه القدر منذ الازل، امر لا يمكن الا أن يكون، ولا يمكن الا أن يحدث! وربما كان ههنا شيء اكثر من ذلك: ربما كان ههنا مزيج من نبوءات يسنها المرء، من جهد خارق تبذله الارادة، ومن خيال سمم المرء به نفسه بنفسه، ومن اشياء أخرى". (المقامر: ص 159)
الرواية تقع في 206 صفحات من القطع المتوسط، وقام بالترجمة سامي الدروبي. فالمقامر رواية ممتعة تستحق القراءة والتضحية بالوقت، وقد قرأتها للمرة الثانية.
فثمة رسالة أراد الكاتب أن يصلها الى القراء، وهي أن ادمان القمار حالة ليست بالإنسانية، ولا هي في شيء من الاخلاق، وقد وصلت رسالته.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاخلاق عند دوستويفسكي2/ 3
- تجربتي مع كورونا- مقال ذاتي لا يخلو من فلسفة1 /2
- تجربتي مع كورونا- مقال ذاتي لا يخلو من فلسفة2 /2
- (دعِ النّارَ) نص الشاعر أمير الحلاج.. والنتيجة الابيقورية
- الاخلاق عند دوستويفسكي1/ 3
- اسبغ وضوء القصيدة
- (ليلة اغتيال محسن المجنون) للقاص أحمد السلمان.. وميشيل فوكو
- (أحوال الزهرة) نصوص طالب حسن.. وفلسفة الجمال الكانتية
- قصة (الحصاوي) للقاص سعدي عوض الزيدي خطوب بطعم الالم
- (كم مضى من الوقت؟) لوليد حسين وفلسفة التاريخ
- قصيدة (غذّ سيّرك) للشاعر سرحان الربيعي ومبدأ الشك الديكارتي ...
- في (وصايا العائد) عمر السراي ماذا قال للطلقة التي قتلت حُلمن ...
- في قصيدته - قرب حانة (المرايا)- عبد الحُرّ يؤرخ للجنون وللذك ...
- الشعور النفسي اللامجدي في (ليل وشباك) للشاعر كاظم الميزري
- القلق الوجودي في (أيُّها الترابيُّ) للشاعر جبار الكواز
- في (أصنام أم نعوش) قاسم وداي الربيعي يتمرّد على الواقع المري ...
- مأساة شعب في (للمفتاح وجوه عدّة) للروائي مهدي علي ازبيّن
- (البهلوان) لأحمد خلف سردية تغتال السأم
- (أنين الضفدعة) ل عبد الامير المجر نهاية بطعم الرحيل
- تجلي المعنى في (للآن ألتمسُ بريقاً) للشاعر وليد حسين


المزيد.....




- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟
- -كأنه فيلم خيال علمي-: ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاماً
- قمر عبد الرحمن لـ -منتدى البيادر للشعر والأدب-: حرب الوجود ا ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - ما هي الرسالة التي أراد ايصالها دوستويفسكي في (المقامر)